منوبة الصباح: نظم المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية الذي يديره المؤرخ نبيل خلدون قريسة صباح أمس مائدة مستديرة حول موضوع "من إعلان الجمهورية إلى سن الدستور" وتحدث خلالها الأستاذ المولدي بشير (معهد الصحافة وعلوم الإخبار) عن إعلان الجمهورية من خلال الصحافة التونسية وتطرق الأستاذ فيصل الشريف (المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية) إلى موضوع عنوانه "من الملكية إلى إعلان الجمهورية (أفريل 1956 جويلية 1957)"، كما أدلى عدد من المناضلين بشهادات تاريخية عن إعلان النظام الجمهوري.. وتتولى "الصباح" موافاتكم ببعض تفاصيلها في حلقتين تطالعون الأولى في هذه الورقة.. وتحدث الأستاذ بشير عما أوردته بعض الصحف اليومية والأسبوعية حول إعلان الجمهورية وخاصة جريدة "الصباح" لمؤسسها المناضل المرحوم الحبيب شيخ روحه. ولاحظ أنها تحدثت عن إعلان الجمهورية قبل الموعد ولمحت له من خلال الكثير من المقالات على غرار ما كتبه الصحفي الهادي العبيدي سنة 1952 . وقدم الجامعي تفاصيل ضافية عن الإخراج الفني المعتمد في تلك الصحف وعن الصور والمقالات التي نشرتها لتغطية اجتماعات المجلس القومي التأسيسي.. وبعد إعلان الجمهورية نشرت مقالات عن الاحتفالات في الجهات وصورا لممتلكات الباي وما كان يحتويه القصر الملكي من أمتعة ونشرت تفاصيل عن مرتباته قبل الاستقلال وبعده وشبهت العائلة المالكة بالشجرة الميتة ووصفت أفرادها بالجهل وكشفت للقراء تدخلات نواب المجلس القومي التأسيسي وكان أول المتدخلين النائب الرشيد إدريس الذي تحدث عن عيوب البايات.. وعن مواكبة جريدة "الصباح" اليومية لحدث إعلان الجمهورية بين أن هذه الصحيفة التي صدرت في فيفري 1951 غطت حدث إعلان الجمهورية بالبنط العريض وفي صفحاتها الأولى ولكنها رأت أن المهرجانات الجميلة التي كانت تقام بالجهات احتفالا بالحدث لا تحل المشاكل وقالت إن النظام الجمهوري هو انقلاب عظيم لكن يجب أن يشعر به المواطن حقا. وذكر أن الجريدة تعطلت عن الصدور إبان فترة قصيرة من إعلان الجمهورية بدعوى نشرها لمقالات تنتقد رؤساء بعض الدول وتنال منهم ووقف مديرها أمام المحكمة.. ثم عادت إلى الصدور يوم عشرين مارس بمناسبة عيد الاستقلال سنة 1958 ورجعت إلى قرائها بنفس جديد وبلغ عدد مبيعاتها 15 ألف نسخة وهو رقم هام جدا في تلك الفترة.. بورقيبة والبايات وكشف الأستاذ فيصل الشريف كيف نجحت حكومة الاستقلال في فسخ نظام الملكية ولاحظ أن الجمهورية كانت تقريبا معلنة قبل 25 جويلية 1957 وذلك من خلال القوانين والممارسات التي كانت موجودة.. وتحدث عن أهم الأعمال التي قامت بها حكومة بورقيبة ( أفريل 1956) في اتجاه الجمهورية وكانت هذه الحكومة وإلى جانب بورقيبة وهو الوزير الأول ووزير الدفاع ووزير الخارجية في نفس الوقت تتكون من الباهي الأدغم نائب رئيس المجلس والمنجي سليم وزير الدولة والطيب المهيري في الداخلية واحمد المستيري في العدل والهادي نويرة في المالية وفرجاني بالحاج عمار في الاقتصاد الوطني والدكتور محمود الماطري في الصحة العمومية ومصطفى الفيلالي في الفلاحة وعز الدين العباسي في الأشغال العمومية ومحمود الخياري في البريد والبرق والهاتف وأندري باروش في التجهيز والإسكان والأمين الشابي في التربية القومية ومحمد شقرون في الشؤون الاجتماعية والبشير بن يحمد في كتابة الدولة للإعلام وعزوز الرباعي في الشباب والرياضة.. وتمثلت أهم أعمال هذه الحكومة في بعث المحكمة العليا يوم 19 أفريل 1956 التي قامت بأول محاكمة لها في جانفي 1957 وطالت اليوسفيين.. كما سلطت اهتمامها على العائلة المالكة فقلصت مصاريفها من مليار إلى 81 مليون وحلت الأحباس وألغت مناصب القياد لتأسيس الولايات والمعتمديات وبعثت الحرس الوطني وبعد أشهر من الاستقلال عمل بورقيبة على خلق فراغ حول العائلة المالكة على مستوى ممارسة السلطة المباشرة فقد كان الباي يمضى على كل ما كان يسلمه له بورقيبة على غرار تغيير شعار تونس. وبين المؤرخ أن بورقيبة قام بخلع البايات لعدة أسباب لعل أبرزها أن صالح بن يوسف كان على علاقة بالقصر الملكي وخاصة بالشاذلي باي نجل الأمين باي الذي كان يرغب في ترتيب الأمور للوصول إلى العرش لأن الحكم بعد الأمين باي كان سيؤول إلى حسين باي.. وبين المؤرخ أن بورقيبة قد يكون تفطن لهذا الأمر فعمل على ضرب الملكية واليوسفية في وقت واحد. سعيدة بوهلال