تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات بحلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها او اختارته . ضيفنا اليوم هو السيد شهاب اليحياوي كاهية مدير ادارة مركزية بوزارة التربية ( مدير المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بالعمران تونس2) وباحث اجتماعي له العديد من المؤلفات العلمية في مجال علم الاجتماع متزوج وأب لولدين. التحق بالجامعة التونسية سنة 1988 وتحصل منها على شهادة الأستاذية سنة 1992 وعلى شهادة الدراسات المعمقة سنة 1995 وعلى الدكتوراه سنة 2001 . عن أجواء الدراسة الجامعية تحدث فقال : «كنّا محظوظين جدا لكوننا عايشنا اجواء الحياة الطالبية والجامعية قبل ان ينفرط عقدها . كانت الجامعة في أيامنا تلك فضاء لا للتعلّم بغية الحصول على شهادة جامعية لغاية الشغل فحسب بل كانت بالأساس عالمنا الفكري والروحي والنفسي الذي مكننا من ادوات معرفية وفكرية وحياتية لبناء الذات والشخصية أثناء نحت المسيرة العلمية . لقد تعلقنا بالعلم والمعرفة لذاتها واعتبرنا كسب المعرفة تحديا ذاتيا وشغفا فكريا بالأساس رغم عدم نكران الطابع النفعي للتعلق بالنجاح الجامعي . كانت العلاقات التي تجمعنا بأساتذتنا تتراوح بين الانبهار والتبني والانخراط في تياراتهم الفكرية أو العلمية أو السياسية أو على خلاف ذلك تتسم بالجدل الفكري والعلمي وأحيانا تصل بالبعض إلى الصراع الإيديولوجي . فلم يكن الرابط الوظيفي هو الغالب على العلاقة بين الطلبة بل كان ما يجمعهم هو الهم المعرفي او العلمي او الفكري او القناعات الإيديولوجية وما أفرزته من حيوية وفعالية للحياة السياسية والفكرية والعلمية داخل أسوار الجامعة وخارجها . وشخصيا لم انخرط اطلاقا اثناء مسيرتي الجامعية في أي تنظيم او حزب سياسي لا داخل اسوار الجامعة ولا خارجها ولم يكن ذلك من باب السلبية او اللامبالاة بالجدل السياسي الطلابي وما رافقه من حراك وصراعات عايشناها يوميا وتابعناها من زاوية لا المتفرج السلبي ولكن كنا نبدي آراءنا ومواقفنا مما يحصل آنذاك في حواراتنا اليومية داخل فضاءات التعلّم ( قاعات الدرس والمكتبات ) او في جلساتنا داخل الجامعة او خارجها . كان شغفنا معرفيا وعلميا ، حيث ان التمكن من مادة علم الاجتماع ومناهجه وتياراته ومدارسه وتحصيل التفوق الدراسي والابداع المعرفي وبلوغ اقصى درجات التفوق والتحصيل هدفنا الأسمى الذي اخترنا وعيا ألّا يرقى اليه أي هدف او اختيار مهما كانت وجاهته . و قد مثّل الشعر وسيلتي الفكرية والفنية للتعبير عن الأراء والمواقف والتصورات والتمثلات الفكرية والعقائدية، حيث انني كنت شاعرا وكنت اقيم واشارك في الأمسيات الشعرية بدور الثقافة ودور الشباب والأحياء الجامعية والملتقيات والمهرجانات الشعرية. ولم تخل هذه الملتقيات من جدل سياسي او تسييس للعمل الشعري او ردود افعال عنيفة احيانا بخلفية ايديولوجية . وعموما تبقى اجواء الدراسة الجامعية بواقعها وأوهامها وأحلامها وما زانها من مباهج او شابها من عراقيل ، ذات طعم خاص وذكرى لا أجمل منها لأنها مثّلت مرحلة النضال سواء الفكري او العلمي او السياسي او الحياتي ولكونها احتضنت هموما واحلاما وسخافات واوهاما ومشاريع مستقبلية واهدافا وشكّلت فضاء بحث وحيرة ودهشة وحلم وبناء الذات والشخصية» . وعن المنحة الجامعية وكيفية انفاقها قال الدكتور شهاب اليحياوي: تمتعت بالمنحة الجامعية التي لم تكن تفي بحاجات الطالب من نسخ للمراجع والمصادر الكثيرة التي يحتاجها ولا يقدر على اقتنائها أصلية . وحتى وان انفق الطالب جزءا منها في تلبية حاجاته اليومية مثل السجائر او القهوة فإن ذلك يكون على حساب القدرة على توفير المراجع عبر النسخ.