عاجل/ بعد الضجة التي أثارتها فيديوات الأطفال في المهرجانات: مندوب حماية الطفولة يفجرها ويحسم..    اللجنة الجهوية للنظافة بولاية تونس توصي بضبط رزنامة وبرنامج عمل للقضاء على النقاط السوداء    عاجل : ثورة رقمية في زرع الأعضاء: تونس تتحرك لإنقاذ الأرواح ...تفاصيل    بطل العالم وفخر تونس أحمد الجوادي يعود بتتويج تاريخي وسط غياب رسمي وصمت حكومي    عاجل/ قرار قضائي بوضع رئيس سابق قيد الاقامة الجبرية..    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب هذه الدولة..#خبر_عاجل    زفيريف ينتفض ليُطيح بحامل اللقب بوبيرين من بطولة كندا المفتوحة للتنس    هام/ وزارة الدفاع تنتدب..    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    تثمين الموقع الأثري بطينة: تعاون علمي تونسي فرنسي وجهود ترميم متقدمة    جامع الزيتونة ضمن سجلّ الألكسو للتراث المعماري والعمراني العربي    شنيا الحكاية؟ باحث أمريكي يحذّر من خطر زلزال يهدد تونس والبلدان اللي بجنبها    رد بالك من ماء البلاستيك! سخانة الصيف تطلق سموم خطيرة    موجة حرّ كبيرة في شرق المتوسط جاية بسبب القبة الحرارية...هل تونس معنية؟    بارفان ب5 د و على الطريق ؟ رد بالك تضر صحتك و هذا شنوا يستنى فيك    ارتفاع درجات الحرارة في تونس: نصائح طبية ضرورية لكبار السن خلال الصيف    ماء الكماين خطر....هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر و تنبه التوانسة    ديوكوفيتش يعلن انسحابه من بطولة سينسيناتي الأمريكية للتنس    وزير الشباب والرياضة يُكرّم الجمعيات الرياضية الصاعدة ويؤكد على دعمها وتحسين ظروف عملها    سوسة: سلاحف بحرية مهددة بالاندثار تخرج إلى شاطئ القنطاوي في مشهد نادر    الثلاثاء: البحر مضطرب بهذه السواحل    البحر مضطرب.. السباحة ممكنة لكن يلزم الحذر!    يهم التوانسة...درجات الحرارة هكا باش تكون اليوم وغدوة    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    بنزرت/ حجز 5,45 طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية..    قناة السويس ترد على طلب ترامب بشأن المرور المجاني للسفن الأمريكية    عاجل : واشنطن تُلزم بعض المسافرين بكفالة مالية ضخمة لدخول أراضيها    غزة: كندا تسقط مساعدات وتتهم دولة الاحتلال بانتهاك القانون الدولي    قيس سعيّد: التعليم الوطني هو السلاح الحقيقي للتحرّر    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    6 فوائد مذهلة للكمون ستجعلك تتناوله يوميا..    سلطات مالي تعلن تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    بلاغ رسمي للملعب التونسي    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    أحمد الجوادي قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لطفي زيتون" ل«التونسية»: من لا يعترف بالدّستور يستثني نفسه من العملية السياسية
نشر في التونسية يوم 31 - 01 - 2014

ربّما قصّرت «النهضة» في تشكيل حكومة وحدة وطنية مباشرة بعد الانتخابات
على «النهضة»
أن تخوض الانتخابات القادمة في إطار تحالف واسع وقويّ
لهذه الأسباب غادرت حكومة الجبالي
«الكتاب الأسود» جاء في غير وقته
حاورته: صباح توجاني
بدا لطفي زيتون القيادي بحركة «النهضة» والمستشار السياسي الأسبق في حكومة حمادي الجبالي، في حديثه ل«التونسية» اكثر هدوءا واطلاعا على الواقع من ذي قبل، وأقرّ بأن هناك تدافعا بين مدارس فكرية وسياسية صلب الحركة لا انشقاقا كما راج في المدة الأخيرة. وفي رده على اسئلة «التونسية» حول ملابسات استقالته من حكومة «الترويكا» الأولى، قال بانه في اواخر شهر جانفي من العام الماضي لم يعد يجد في نفسه الإستعداد للمواصلة في ظل تلك الأوضاع الصعبة حيث طالت مدة المفاوضات حول التعديل الحكومي حتى اصبحت تعطل البلاد وتعطل العملية السياسية. مضيفا انه لم يعد بمقدوره المواصلة في ظل الطريقة التي كانت تنتهجها رئاسة الحكومة في العمل، موضحا انه قد يأتي يوم يتعرض فيه الى كافة التفاصيل مستقبلا. ولم يغب ملف الإعلام عن الحديث مع القيادي في حركة «النهضة»، حيث اعتبر ان صدور «الكتاب الأسود» جاء في غير وقته خاصة في ظل المصادقة على قانون العدالة الإنتقالية.
انطباعاتك بعد ختم الدستور؟
الدستور الجديد الذي سمي دستور الجمهورية الثانية ليس الدستور المثالي، فدساتير العالم كلها تعكس أوضاع المجتمعات في وقت من الأوقات، كما يعكس أي دستور ميزان القوى السياسية داخل البلد وفي محيطه . ولكن دستورنا الذي نجحنا في جعله يشتمل على جملة من المبادئ تضع تونس نظريا في مصاف الدول الديمقراطية يحتاج الآن لجهد كبير على واجهتين، تعنى الواجهة الأولى بالتقنين حتى تترجم فصوله الى قوانين ديمقراطية تستجيب الى القيم الكبرى الموجودة بالدستور وتعنى الواجهة الثانية بمستوى الممارسة.
فالمطلوب ان ترسخ الممارسة السياسية للحكام جملة القيم والقوانين التي يتضمنها.
ويتزامن ختم الدستور مع خروج السياسيين من الحكم ( حكومة ومعارضة) بعد ثلاث سنوات من الصراع على السلطة وتسليمها لحكومة مستقلة ومحايدة وهذا مؤشر على ما تعانيه النخب السياسية من تشتت وانفصال عما يريده الشعب وعن المطالب التي رفعها الشباب خلال ثورة الحرية والكرامة.
فكتابة الدستور وهذه الخطوة الى الوراء التي اتخذها السياسيون، تمثل فرصة لهذه الطبقة السياسية حتى تدرس وتعي متطلبات هذه المرحلة في تاريخ تونس لتختار السير في أحد الإتجاهين: إمّا ان ترتقي فكرا وممارسة لنيل ثقة الناس مرة اخرى، والعودة الى الوضع الطبيعي في اي نظام ديمقراطي وأعني ان يحكم السياسيون والتكنوقراط ينفذون، او ان تسير تونس أو بالأحرى تعود الى ما كانت عليه قبل الثورة، من غياب كامل للحريات وللديمقراطية وتغليب لجانب الإستقرار على الحرية.
كثر الحديث قبيل ختم الدستور عن تصدع داخل «النهضة» على خلفية اختلاف الآراء صلب الكتلة النيابية للحركة بالمجلس التأسيسي، هلاّ تزال مصرا على انه مجرد تباين في افكار ابناء التيار الواحد أم تقر بتعمق الإنشقاق صلب الحركة؟؟؟
أولا كتلة حركة «النهضة» بالمجلس التأسيسي بالرغم من انها هيكل رئيسي من هياكل الحركة ليست الهيكل الذي يعكس حياة الحركة وجملة الصراعات التي تدور داخلها.
وبالتأكيد لا اسمي الإختلاف في وجهات نظر ابناء الحركة انشقاقا، بل اقول بان هناك تدافعا بين مدارس فكرية وسياسية صلب الحركة. ف «النهضة»، فوجئت بالثورة وفوجئت ايضا بسرعة صعودها الى الحكم، ولم تأخذ الوقت الكافي لتبلور رؤية في ما هو اقتصاد وسياسة ومشروع اجتماعي، فبقي نفس التدافع بين المدارس الكبرى التي تكوّن جسم الحركة...ولكنه ابدا لم يصل الى درجة التصدع او الإنشقاق .
فالحركة في تقديري، نجحت في إدارة حوار عميق وطويل للوصول الى هذه النتائج السياسية ولكن هذا لا ينفي هذا التنوع ولم يوقف هذا التدافع.
ماهي العبرة التي تستخلصها «النهضة» من فترة قيادتها ل «الترويكا»، وكيف تقيم اداء «النهضة» في الحكم ؟؟؟
الخلل الذي برز جليا في هذه المرحلة لم يكن متعلقا بالأداء بدرجة أولى بل بتصور وهندسة مرحلة ما بعد الثورة. فالآن يتبين ان هذه المرحلة لم تكن فيها بلادنا ولا شعبنا مهيئين لإنقسام الحكم الى سلطة ومعارضة يتصارعان في غياب المؤطرات القانونية والمؤسساتية الضرورية في أية عملية ديمقراطية ...فاذا كانت «النهضة» مقصّرة في أمر ما، فانها قد قصرت، حسب رأيي، في بذل الجهد الكافي لتشكيل حكومة وحدة وطنية منذ اللحظات الأولى ما بعد انتخابات 23 اكتوبر 2011، وقبولها بسهولة ان تنقسم البلاد الى حكم ومعارضة...اذا افترضنا انها قصرت...
وكل ما وقع بعد ذلك انجر عن هذه النقطة بالذات، فالصراعات التي شقت الطبقة السياسية والتي وصلت في بعض الأحيان الى محاولة كسر عظم بين الأطراف السياسية او تعطيل وارباك العمل الحكومي، جعلت الحياة السياسية ارضا خصبة لبروز الإرهاب ليلعب على التناقضات ويهدد البلاد.
ومما زاد الأوضاع سوءا انه عوض ان يكون رد فعل الطبقة السياسية تجاه الارهاب هو ما ينتظره الشعب من توحد ضد هذا الخطر الداهم، كانت النتيجة ان ساهم في مزيد تقسيم الحركة السياسية في مجملها والمزيد من التنافر حتى وصلنا الى مرحلة كان لا بد فيها من أخذ خطوة الى الوراء حتى ننقذ مسار الإنتقال الديمقراطي وحتى ندفع ثمن مواصلة هذا الإنتقال وكتابة الدستور وانجاز المطالب السياسية للثورة وتجنيب بلادنا شبح الحرب الاهلية التي أطلت برأسها في بقية دول الربيع العربي وكان لابد من التقهقر عن مواقع الحكم.
اسألك نفس السؤال ولكن بصيغة أوضح: ماذا قدمت «النهضة» ومن ورائها «الترويكا» للشعب بعد اكثر من سنتين من الحكم ؟
حافظت على وحدة الدولة وبذلت جهدا في استتباب الأمن وساهمت بقدر، لم يرتق طبعا الى ما يطمح اليه التونسيون ولكنه قدر محترم، في الإستقرار الإقتصادي والتنمية الإقتصادية.
خروجك من حكومة حمادي الجبالي تم في وقت حرج كان من المنتظر ان تعاضد جهود الفريق الذي تنتمي اليه لا ان تنسحب منه وكأنك غلبت مصلحتك الشخصية ؟؟؟
هذا يعود بنا الى جملة من الملابسات التي حفت بوجودي في السلطة قريبا من رئاسة الحكومة وقتها، لن اقول القطيعة ولكني اقول ان ضعف التواصل بدأ منذ فترة ما قبل الإستقالة ، ولكن في اواخر شهر جانفي 2012 لم أعد أجد في نفسي الإستعداد للمواصلة في ظل تلك الأوضاع الصعبة حيث طالت مدة المفاوضات حول التعديل الحكومي حتى اصبحت تعطل البلاد وتعطل العملية السياسية. ولم يعد بمقدوري المواصلة في ظل الطريقة التي كانت تنتهجها رئاسة الحكومة في العمل ...ولعله يأتي يوم اتعرض فيه الى كافة التفاصيل مستقبلا.
هل يمكن ان نفهم انك كنت وقتها تنتمي الى شق لا ينتمي اليه رئيس الحكومة حمادي الجبالي صلب «النهضة» ؟؟؟
بالعكس نحن كنا ننتمي الى نفس المدرسة الفكرية، الخلاف كان حول منهج العمل وفي ترتيب الأولويات وليس على مستوى الأفكار ولا على مستوى الخلفية السياسية والفكرية.
وقتها قيل ان منهجك في العمل يتسم بالصدامية اكثر منه بالتوافقية ...خاصة في ملف الإعلام حيث كانت لديك علاقات غلب عليها طابع الصدامية ...
من الممكن ان منصب المستشار الذي يتطلب من صاحبه ان يكون ظلا لشخص آخر في حدّ ذاته لم يكن ملائما لي فانا إبن شعب أحس بآلامه وإنتظاراته وفرحه وأحيانا خيبة امله واكره الظلم واريد أن يعيش النّاس في حرّية وعدل وتصالح وطني.
ولتحقيق ذلك كنت ارى ان الحكومة تحتاج ان تعمل وان تنفذ برنامجا بجدية وبنشاط ...وكنت على قناعة بان المحافظة على status-quo بعد الثورة تضر بالبلاد وبالحكومة. وان الفعل باتجاه انجاز مطالب الشباب والمجتمع التي عبر عنها في ثورة الحرية والكرامة كان ضروريا ولم يكن الصدام ضرورة للوصول اليه .
فمثلا في ملف رجال الأعمال، أنا كنت من انصار إقرار المصالحة معهم والبحث عن مخرج يحفظ حق الدولة والشعب ويعيد للرأسمالية الوطنية مكانتها واعتبارها ولكن الى ان غادرت الحكومة ظل المشكل قائما.
أحدثك عن رجال الإعلام فتجيبني عن رجال الأعمال وكأنك تراوغ؟؟؟
( مبتسما) : الإعلام وقتها كان في اتجاه واحد ومكونا اساسا من الإعلام العمومي ممّا جعل من مسؤولية الدولة ان تقوم بعملية الإصلاح... انا اليوم انظر الى المسألة بشكل مغاير بعد ان سمحت الساحة بنشأة إعلام متنوع يعبر عن كل المدارس والتيارات السياسية والفكرية في البلاد ...الآن الأوضاع تغيرت حيث أصبحت هناك امكانية للتنافس.
وعندما تكون هناك امكانية للتنافس بين الفاعلين الإعلاميين، على الدولة ان تنسحب من الموضوع والاّ تتدخل، فأي تدخل منها يجعل تدخلها لا بغاية الإصلاح بل بهدف الإنتصار لطرف على حساب طرف آخر وفي ذلك تعطيل للمنافسة الحرة ..
ظللت لمدة تهدّد بنشر القائمة السوداء للصحفيين المورطين مع النظام السابق، ولكنك لم تفعل بالرغم من ان القائمة كانت بين يديك، ثم جاء «الكتاب الأسود»، فهل شعرت بان الكتاب يستجيب لرغبتك في اصدار القائمة ؟؟؟
صدور «الكتاب الأسود» في هذا الظرف بالذات ذكرني ببيت للشاعر المتنبي يقول فيه:
«ووضع الندى في موضع السيف في العلا **** مضر كوضع السيف في موضع الندى» ، واذكرك هنا بأن القائمة السوداء كانت مطلب نقابة الصحفيين وكانت هي الوسيلة لتطهير واصلاح القطاع الإعلامي... وكان آخر ما توصلنا اليه في مفاوضاتنا مع النقابة ان يتم تكوين لجنة مشتركة من رئاسة الحكومة ونقابة الصحفيين للبحث في هذا الموضوع ولكن بخروجي من الحكومة والتغييرات التي حفت لم ير هذا الإتفاق النور.
قلت بانه في الأثناء نشأ مشهد متنوع ، فتم انشاء جملة من الإذاعات والتلفزات تعبر عن الرأي والرأي الآخر وأضحت هناك منافسة حرة في البلاد، فلم يعد الأمر يستوجب تدخل الدولة بأي شكل من الأشكال لأنه إمّا أن تتحمل الدولة مسؤوليتها ليصبح الإعلام الموجود متنوعا أو أن ينشأ الى جانب الإعلام الموجود اعلام يعبر عن الرأي الآخر فيصبح عندئذ المشهد الإعلامي متكاملا...
وحسب رأيي فإن المشهد الإعلامي التونسي متنوع اليوم، فلم يعد هناك داع للحديث عن تدخل الدولة لتطهير الإعلام أو اصلاحه فالقطاع اصبح بعد بعث الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري، يتحمل مسؤولية اصلاح نفسه دون تدخل أطراف خارجية، ولذلك قلت بأن «الكتاب الأسود» جاء في غير وقته.
هذا رأيي الشخصي اضافة الى الهنات والنقائص التي يتضمنها الكتاب، والتحيز والإنتقائية وعدم التعمق وعدم الإستماع الى الذين ذكرت اسماؤهم والتساهل في ذكر اسماء اناس مما يعرض حياتهم للخطر الى جانب الخلط الذي وقع من خلال ادخال اسماء لسياسيين ورجال اعمال وجمعيات رياضية وفنانين وادباء عند الحديث عن اصلاح الإعلام...كل هذا بالإضافة الى النقص الخاص ببعض الوثائق التي كانت موجودة والتي اضرت بسمعة بعض السياسيين وخاصة بعض المتوفين منهم.
فالناظر الى «الكتاب الأسود» لن يعرف بالضبط هل هو كتاب بمثابة وثيقة سياسية والا نتيجة لجنة تحقيق او هو نشر خام لجملة من الوثائق....هذه مؤاخذاتي الرئيسية على الكتاب...
قال زعيم حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي إنّ «النهضة» خرجت من الحكومة ولكنها لم تخرج من الحكم، هل يفهم من هذا الكلام بان الحركة ستظل سيفا مسلطا على الحكومة التي خلفتها من خلال الكتلة الغالبة على المجلس التأسيسي ؟؟؟؟
لا فالشيخ لم يقصد ما ذهبت اليه...اولا كلام الشيخ كان موجها لأبناء «النهضة» بالأساس في معرض اقناعهم بأن يأخذوا هذه الخطوة الى الوراء لإنقاذ المسار الانتقالي الديمقراطي فهم كانوا المخاطب الرئيسي من هذا الكلام. ولكن سلوك الشيخ راشد الغنوشي وسلوك حركة «النهضة» معاكس تماما لما ذكرتيه في سؤالك ...
ف«النهضة» اكدت أنها ستستعمل هذا التواجد في الحكم لتوفير ارضية سياسية تحتاجها هذه الحكومة للصمود ولتنفيذ برامجها والوصول بالبلاد الى انتخابات حرة ونزيهة وتعيد السياسة الى سدة الحكم ..
على ذكر الإنتخابات، كيف تتراءى لكم حظوظ الحركة في المحطة الإنتخابية المقبلة خاصة بعد استقالة حكومة العريّض وعزم رئيس الحكومة الجديد اعادة النظر في التعيينات التي اقرتها «الترويكا» في مفاصل الدولة؟؟؟
أولا الهدف الرئيسي لحركة «النهضة» في هذه المرحلة هو الوصول بالبلاد الى انتخابات حرة ونزيهة والهدف الثانوي هو تحقيق نتائج مرضية في هذه المحطة الإنتخابية. اليوم وفي ظل الظروف الجديدة وبعد جملة الخلاصات والنتائج التي وصلت اليها الحركة السياسية في البلاد، على «النهضة» ان تتعمق في ترجمة هذا الهدف الثانوي ، وتحديد ماهي النتائج المرضية.
وحسب رأيي الشخصي، فانه على الحركة أن تخوض الإنتخابات القادمة بطريقة تحقق أعلى مستوى من الإستقرار للبلاد بحيث يجب ان نبحث عن تحالفات قوية عشية الإنتخابات وأن نخوضها في اطار تحالف واسع وقوي او ان نتفق على تكوين جبهة حكومية واسعة وقوية بعد الإنتخابات توفر اوسع ما يمكن من التوافق والإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي للبلاد طيلة الخمس سنوات المقبلة. فالدرس المستخلص من هذه المرحلة هو اننا ما نزال في حاجة خلال الخمس سنوات القادمة إلى توافق اوسع من التوافق الحاصل ، يجب ان يكون توافقا بين السياسيين حتى تستقر البلاد وتصبح بالتالي مهيئة للمنافسة السياسية الديمقراطية.
تحدثت سابقا عن التحالفات بين الأحزاب دون الأخذ بعين الإعتبار للمعطى الجديد المتعلق ببروز التيار الدستوري...خاصة بعد الإستغناء عن مشروع قانون تحصين الثورة، فهل تعني بتوسيع التوافق امكانية التحالف مع الدساترة ؟
أقول إن المصادقة على الدستور يجعلنا كنخبة سياسية، مؤهلين للنظر الى المستقبل والتخلص من اعباء الماضي. فتونس لها اليوم دستور، وكل من يحترم الدستور ويلتزم بأسس الديمقراطية لا يجب استثناؤه. وما تعلق بالأفراد وما قد يكونون ارتكبوه من جرائم فمجاله القضاء ،، وهنا اتحدث عن كيانات سياسية وكل كيان سياسي معترف به وهو ذاته يعترف بالدستور ويلتزم بتطبيق فصوله وبالمبادئ الديمقراطية والتداول على السلطة ، مؤهل ليكون طرفا كامل الحقوق في العملية السياسية، وهذا يجب ان يكون واضحا لكل الأطراف ، ذلك ان الموافقة على الدستور هو اعلان عن بداية مرحلة جديدة في تونس.
يعني انك تستثني «تيار المحبة» باعتبار أن نوّابه صوتوا ضد الدستور الجديد؟
أنا لا اقصد التصويت على الدستور، فالتصويت في المجلس التاسيسي حر، والا لأصبحنا نصادر حق النواب ،،، فالنائب بالمجلس مطالب بتحكيم ضميره في الموافقة على النصوص القانونية، ولكني اتحدث عن الإعتراف بدستور البلاد،
اذا اعلنت احدى الجهات بانها لا تعترف بهذا الدستور،فهي تستثني نفسها من العملية السياسية ومن الإعتراف بها كحزب سياسي.
هذه النظرة للأمور تساعدنا على تصور المرحلة القادمة وتطلق ايدي السياسيين في عقد ما يلزم من تحالفات وائتلافات تحقق وفاقا واسعا ومتينا تحتاجه بلادنا لإصلاح ما افسدته الدكتاتورية وتحقيق مطالب شعبنا في التنمية واشواقه للحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.