ذهاب نهائي ابطال افريقيا.. التشكيلة الاساسية للترجي والاهلي    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    منوبة: الاحتفاظ بصاحب كشك ومزوّده من أجل بيع حلوى تسبّبت في تسمم 11 تلميذا    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى عقد مجلس وطني للمنظمة خلال سبتمبر القادم    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    قابس: نقل 15 من تلاميذ المدرسة الاعدادية ابن رشد بغنوش بعد شعورهم بالاختناق والإغماء    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لطفي زيتون" ل«التونسية»: من لا يعترف بالدّستور يستثني نفسه من العملية السياسية
نشر في التونسية يوم 31 - 01 - 2014

ربّما قصّرت «النهضة» في تشكيل حكومة وحدة وطنية مباشرة بعد الانتخابات
على «النهضة»
أن تخوض الانتخابات القادمة في إطار تحالف واسع وقويّ
لهذه الأسباب غادرت حكومة الجبالي
«الكتاب الأسود» جاء في غير وقته
حاورته: صباح توجاني
بدا لطفي زيتون القيادي بحركة «النهضة» والمستشار السياسي الأسبق في حكومة حمادي الجبالي، في حديثه ل«التونسية» اكثر هدوءا واطلاعا على الواقع من ذي قبل، وأقرّ بأن هناك تدافعا بين مدارس فكرية وسياسية صلب الحركة لا انشقاقا كما راج في المدة الأخيرة. وفي رده على اسئلة «التونسية» حول ملابسات استقالته من حكومة «الترويكا» الأولى، قال بانه في اواخر شهر جانفي من العام الماضي لم يعد يجد في نفسه الإستعداد للمواصلة في ظل تلك الأوضاع الصعبة حيث طالت مدة المفاوضات حول التعديل الحكومي حتى اصبحت تعطل البلاد وتعطل العملية السياسية. مضيفا انه لم يعد بمقدوره المواصلة في ظل الطريقة التي كانت تنتهجها رئاسة الحكومة في العمل، موضحا انه قد يأتي يوم يتعرض فيه الى كافة التفاصيل مستقبلا. ولم يغب ملف الإعلام عن الحديث مع القيادي في حركة «النهضة»، حيث اعتبر ان صدور «الكتاب الأسود» جاء في غير وقته خاصة في ظل المصادقة على قانون العدالة الإنتقالية.
انطباعاتك بعد ختم الدستور؟
الدستور الجديد الذي سمي دستور الجمهورية الثانية ليس الدستور المثالي، فدساتير العالم كلها تعكس أوضاع المجتمعات في وقت من الأوقات، كما يعكس أي دستور ميزان القوى السياسية داخل البلد وفي محيطه . ولكن دستورنا الذي نجحنا في جعله يشتمل على جملة من المبادئ تضع تونس نظريا في مصاف الدول الديمقراطية يحتاج الآن لجهد كبير على واجهتين، تعنى الواجهة الأولى بالتقنين حتى تترجم فصوله الى قوانين ديمقراطية تستجيب الى القيم الكبرى الموجودة بالدستور وتعنى الواجهة الثانية بمستوى الممارسة.
فالمطلوب ان ترسخ الممارسة السياسية للحكام جملة القيم والقوانين التي يتضمنها.
ويتزامن ختم الدستور مع خروج السياسيين من الحكم ( حكومة ومعارضة) بعد ثلاث سنوات من الصراع على السلطة وتسليمها لحكومة مستقلة ومحايدة وهذا مؤشر على ما تعانيه النخب السياسية من تشتت وانفصال عما يريده الشعب وعن المطالب التي رفعها الشباب خلال ثورة الحرية والكرامة.
فكتابة الدستور وهذه الخطوة الى الوراء التي اتخذها السياسيون، تمثل فرصة لهذه الطبقة السياسية حتى تدرس وتعي متطلبات هذه المرحلة في تاريخ تونس لتختار السير في أحد الإتجاهين: إمّا ان ترتقي فكرا وممارسة لنيل ثقة الناس مرة اخرى، والعودة الى الوضع الطبيعي في اي نظام ديمقراطي وأعني ان يحكم السياسيون والتكنوقراط ينفذون، او ان تسير تونس أو بالأحرى تعود الى ما كانت عليه قبل الثورة، من غياب كامل للحريات وللديمقراطية وتغليب لجانب الإستقرار على الحرية.
كثر الحديث قبيل ختم الدستور عن تصدع داخل «النهضة» على خلفية اختلاف الآراء صلب الكتلة النيابية للحركة بالمجلس التأسيسي، هلاّ تزال مصرا على انه مجرد تباين في افكار ابناء التيار الواحد أم تقر بتعمق الإنشقاق صلب الحركة؟؟؟
أولا كتلة حركة «النهضة» بالمجلس التأسيسي بالرغم من انها هيكل رئيسي من هياكل الحركة ليست الهيكل الذي يعكس حياة الحركة وجملة الصراعات التي تدور داخلها.
وبالتأكيد لا اسمي الإختلاف في وجهات نظر ابناء الحركة انشقاقا، بل اقول بان هناك تدافعا بين مدارس فكرية وسياسية صلب الحركة. ف «النهضة»، فوجئت بالثورة وفوجئت ايضا بسرعة صعودها الى الحكم، ولم تأخذ الوقت الكافي لتبلور رؤية في ما هو اقتصاد وسياسة ومشروع اجتماعي، فبقي نفس التدافع بين المدارس الكبرى التي تكوّن جسم الحركة...ولكنه ابدا لم يصل الى درجة التصدع او الإنشقاق .
فالحركة في تقديري، نجحت في إدارة حوار عميق وطويل للوصول الى هذه النتائج السياسية ولكن هذا لا ينفي هذا التنوع ولم يوقف هذا التدافع.
ماهي العبرة التي تستخلصها «النهضة» من فترة قيادتها ل «الترويكا»، وكيف تقيم اداء «النهضة» في الحكم ؟؟؟
الخلل الذي برز جليا في هذه المرحلة لم يكن متعلقا بالأداء بدرجة أولى بل بتصور وهندسة مرحلة ما بعد الثورة. فالآن يتبين ان هذه المرحلة لم تكن فيها بلادنا ولا شعبنا مهيئين لإنقسام الحكم الى سلطة ومعارضة يتصارعان في غياب المؤطرات القانونية والمؤسساتية الضرورية في أية عملية ديمقراطية ...فاذا كانت «النهضة» مقصّرة في أمر ما، فانها قد قصرت، حسب رأيي، في بذل الجهد الكافي لتشكيل حكومة وحدة وطنية منذ اللحظات الأولى ما بعد انتخابات 23 اكتوبر 2011، وقبولها بسهولة ان تنقسم البلاد الى حكم ومعارضة...اذا افترضنا انها قصرت...
وكل ما وقع بعد ذلك انجر عن هذه النقطة بالذات، فالصراعات التي شقت الطبقة السياسية والتي وصلت في بعض الأحيان الى محاولة كسر عظم بين الأطراف السياسية او تعطيل وارباك العمل الحكومي، جعلت الحياة السياسية ارضا خصبة لبروز الإرهاب ليلعب على التناقضات ويهدد البلاد.
ومما زاد الأوضاع سوءا انه عوض ان يكون رد فعل الطبقة السياسية تجاه الارهاب هو ما ينتظره الشعب من توحد ضد هذا الخطر الداهم، كانت النتيجة ان ساهم في مزيد تقسيم الحركة السياسية في مجملها والمزيد من التنافر حتى وصلنا الى مرحلة كان لا بد فيها من أخذ خطوة الى الوراء حتى ننقذ مسار الإنتقال الديمقراطي وحتى ندفع ثمن مواصلة هذا الإنتقال وكتابة الدستور وانجاز المطالب السياسية للثورة وتجنيب بلادنا شبح الحرب الاهلية التي أطلت برأسها في بقية دول الربيع العربي وكان لابد من التقهقر عن مواقع الحكم.
اسألك نفس السؤال ولكن بصيغة أوضح: ماذا قدمت «النهضة» ومن ورائها «الترويكا» للشعب بعد اكثر من سنتين من الحكم ؟
حافظت على وحدة الدولة وبذلت جهدا في استتباب الأمن وساهمت بقدر، لم يرتق طبعا الى ما يطمح اليه التونسيون ولكنه قدر محترم، في الإستقرار الإقتصادي والتنمية الإقتصادية.
خروجك من حكومة حمادي الجبالي تم في وقت حرج كان من المنتظر ان تعاضد جهود الفريق الذي تنتمي اليه لا ان تنسحب منه وكأنك غلبت مصلحتك الشخصية ؟؟؟
هذا يعود بنا الى جملة من الملابسات التي حفت بوجودي في السلطة قريبا من رئاسة الحكومة وقتها، لن اقول القطيعة ولكني اقول ان ضعف التواصل بدأ منذ فترة ما قبل الإستقالة ، ولكن في اواخر شهر جانفي 2012 لم أعد أجد في نفسي الإستعداد للمواصلة في ظل تلك الأوضاع الصعبة حيث طالت مدة المفاوضات حول التعديل الحكومي حتى اصبحت تعطل البلاد وتعطل العملية السياسية. ولم يعد بمقدوري المواصلة في ظل الطريقة التي كانت تنتهجها رئاسة الحكومة في العمل ...ولعله يأتي يوم اتعرض فيه الى كافة التفاصيل مستقبلا.
هل يمكن ان نفهم انك كنت وقتها تنتمي الى شق لا ينتمي اليه رئيس الحكومة حمادي الجبالي صلب «النهضة» ؟؟؟
بالعكس نحن كنا ننتمي الى نفس المدرسة الفكرية، الخلاف كان حول منهج العمل وفي ترتيب الأولويات وليس على مستوى الأفكار ولا على مستوى الخلفية السياسية والفكرية.
وقتها قيل ان منهجك في العمل يتسم بالصدامية اكثر منه بالتوافقية ...خاصة في ملف الإعلام حيث كانت لديك علاقات غلب عليها طابع الصدامية ...
من الممكن ان منصب المستشار الذي يتطلب من صاحبه ان يكون ظلا لشخص آخر في حدّ ذاته لم يكن ملائما لي فانا إبن شعب أحس بآلامه وإنتظاراته وفرحه وأحيانا خيبة امله واكره الظلم واريد أن يعيش النّاس في حرّية وعدل وتصالح وطني.
ولتحقيق ذلك كنت ارى ان الحكومة تحتاج ان تعمل وان تنفذ برنامجا بجدية وبنشاط ...وكنت على قناعة بان المحافظة على status-quo بعد الثورة تضر بالبلاد وبالحكومة. وان الفعل باتجاه انجاز مطالب الشباب والمجتمع التي عبر عنها في ثورة الحرية والكرامة كان ضروريا ولم يكن الصدام ضرورة للوصول اليه .
فمثلا في ملف رجال الأعمال، أنا كنت من انصار إقرار المصالحة معهم والبحث عن مخرج يحفظ حق الدولة والشعب ويعيد للرأسمالية الوطنية مكانتها واعتبارها ولكن الى ان غادرت الحكومة ظل المشكل قائما.
أحدثك عن رجال الإعلام فتجيبني عن رجال الأعمال وكأنك تراوغ؟؟؟
( مبتسما) : الإعلام وقتها كان في اتجاه واحد ومكونا اساسا من الإعلام العمومي ممّا جعل من مسؤولية الدولة ان تقوم بعملية الإصلاح... انا اليوم انظر الى المسألة بشكل مغاير بعد ان سمحت الساحة بنشأة إعلام متنوع يعبر عن كل المدارس والتيارات السياسية والفكرية في البلاد ...الآن الأوضاع تغيرت حيث أصبحت هناك امكانية للتنافس.
وعندما تكون هناك امكانية للتنافس بين الفاعلين الإعلاميين، على الدولة ان تنسحب من الموضوع والاّ تتدخل، فأي تدخل منها يجعل تدخلها لا بغاية الإصلاح بل بهدف الإنتصار لطرف على حساب طرف آخر وفي ذلك تعطيل للمنافسة الحرة ..
ظللت لمدة تهدّد بنشر القائمة السوداء للصحفيين المورطين مع النظام السابق، ولكنك لم تفعل بالرغم من ان القائمة كانت بين يديك، ثم جاء «الكتاب الأسود»، فهل شعرت بان الكتاب يستجيب لرغبتك في اصدار القائمة ؟؟؟
صدور «الكتاب الأسود» في هذا الظرف بالذات ذكرني ببيت للشاعر المتنبي يقول فيه:
«ووضع الندى في موضع السيف في العلا **** مضر كوضع السيف في موضع الندى» ، واذكرك هنا بأن القائمة السوداء كانت مطلب نقابة الصحفيين وكانت هي الوسيلة لتطهير واصلاح القطاع الإعلامي... وكان آخر ما توصلنا اليه في مفاوضاتنا مع النقابة ان يتم تكوين لجنة مشتركة من رئاسة الحكومة ونقابة الصحفيين للبحث في هذا الموضوع ولكن بخروجي من الحكومة والتغييرات التي حفت لم ير هذا الإتفاق النور.
قلت بانه في الأثناء نشأ مشهد متنوع ، فتم انشاء جملة من الإذاعات والتلفزات تعبر عن الرأي والرأي الآخر وأضحت هناك منافسة حرة في البلاد، فلم يعد الأمر يستوجب تدخل الدولة بأي شكل من الأشكال لأنه إمّا أن تتحمل الدولة مسؤوليتها ليصبح الإعلام الموجود متنوعا أو أن ينشأ الى جانب الإعلام الموجود اعلام يعبر عن الرأي الآخر فيصبح عندئذ المشهد الإعلامي متكاملا...
وحسب رأيي فإن المشهد الإعلامي التونسي متنوع اليوم، فلم يعد هناك داع للحديث عن تدخل الدولة لتطهير الإعلام أو اصلاحه فالقطاع اصبح بعد بعث الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري، يتحمل مسؤولية اصلاح نفسه دون تدخل أطراف خارجية، ولذلك قلت بأن «الكتاب الأسود» جاء في غير وقته.
هذا رأيي الشخصي اضافة الى الهنات والنقائص التي يتضمنها الكتاب، والتحيز والإنتقائية وعدم التعمق وعدم الإستماع الى الذين ذكرت اسماؤهم والتساهل في ذكر اسماء اناس مما يعرض حياتهم للخطر الى جانب الخلط الذي وقع من خلال ادخال اسماء لسياسيين ورجال اعمال وجمعيات رياضية وفنانين وادباء عند الحديث عن اصلاح الإعلام...كل هذا بالإضافة الى النقص الخاص ببعض الوثائق التي كانت موجودة والتي اضرت بسمعة بعض السياسيين وخاصة بعض المتوفين منهم.
فالناظر الى «الكتاب الأسود» لن يعرف بالضبط هل هو كتاب بمثابة وثيقة سياسية والا نتيجة لجنة تحقيق او هو نشر خام لجملة من الوثائق....هذه مؤاخذاتي الرئيسية على الكتاب...
قال زعيم حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي إنّ «النهضة» خرجت من الحكومة ولكنها لم تخرج من الحكم، هل يفهم من هذا الكلام بان الحركة ستظل سيفا مسلطا على الحكومة التي خلفتها من خلال الكتلة الغالبة على المجلس التأسيسي ؟؟؟؟
لا فالشيخ لم يقصد ما ذهبت اليه...اولا كلام الشيخ كان موجها لأبناء «النهضة» بالأساس في معرض اقناعهم بأن يأخذوا هذه الخطوة الى الوراء لإنقاذ المسار الانتقالي الديمقراطي فهم كانوا المخاطب الرئيسي من هذا الكلام. ولكن سلوك الشيخ راشد الغنوشي وسلوك حركة «النهضة» معاكس تماما لما ذكرتيه في سؤالك ...
ف«النهضة» اكدت أنها ستستعمل هذا التواجد في الحكم لتوفير ارضية سياسية تحتاجها هذه الحكومة للصمود ولتنفيذ برامجها والوصول بالبلاد الى انتخابات حرة ونزيهة وتعيد السياسة الى سدة الحكم ..
على ذكر الإنتخابات، كيف تتراءى لكم حظوظ الحركة في المحطة الإنتخابية المقبلة خاصة بعد استقالة حكومة العريّض وعزم رئيس الحكومة الجديد اعادة النظر في التعيينات التي اقرتها «الترويكا» في مفاصل الدولة؟؟؟
أولا الهدف الرئيسي لحركة «النهضة» في هذه المرحلة هو الوصول بالبلاد الى انتخابات حرة ونزيهة والهدف الثانوي هو تحقيق نتائج مرضية في هذه المحطة الإنتخابية. اليوم وفي ظل الظروف الجديدة وبعد جملة الخلاصات والنتائج التي وصلت اليها الحركة السياسية في البلاد، على «النهضة» ان تتعمق في ترجمة هذا الهدف الثانوي ، وتحديد ماهي النتائج المرضية.
وحسب رأيي الشخصي، فانه على الحركة أن تخوض الإنتخابات القادمة بطريقة تحقق أعلى مستوى من الإستقرار للبلاد بحيث يجب ان نبحث عن تحالفات قوية عشية الإنتخابات وأن نخوضها في اطار تحالف واسع وقوي او ان نتفق على تكوين جبهة حكومية واسعة وقوية بعد الإنتخابات توفر اوسع ما يمكن من التوافق والإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي للبلاد طيلة الخمس سنوات المقبلة. فالدرس المستخلص من هذه المرحلة هو اننا ما نزال في حاجة خلال الخمس سنوات القادمة إلى توافق اوسع من التوافق الحاصل ، يجب ان يكون توافقا بين السياسيين حتى تستقر البلاد وتصبح بالتالي مهيئة للمنافسة السياسية الديمقراطية.
تحدثت سابقا عن التحالفات بين الأحزاب دون الأخذ بعين الإعتبار للمعطى الجديد المتعلق ببروز التيار الدستوري...خاصة بعد الإستغناء عن مشروع قانون تحصين الثورة، فهل تعني بتوسيع التوافق امكانية التحالف مع الدساترة ؟
أقول إن المصادقة على الدستور يجعلنا كنخبة سياسية، مؤهلين للنظر الى المستقبل والتخلص من اعباء الماضي. فتونس لها اليوم دستور، وكل من يحترم الدستور ويلتزم بأسس الديمقراطية لا يجب استثناؤه. وما تعلق بالأفراد وما قد يكونون ارتكبوه من جرائم فمجاله القضاء ،، وهنا اتحدث عن كيانات سياسية وكل كيان سياسي معترف به وهو ذاته يعترف بالدستور ويلتزم بتطبيق فصوله وبالمبادئ الديمقراطية والتداول على السلطة ، مؤهل ليكون طرفا كامل الحقوق في العملية السياسية، وهذا يجب ان يكون واضحا لكل الأطراف ، ذلك ان الموافقة على الدستور هو اعلان عن بداية مرحلة جديدة في تونس.
يعني انك تستثني «تيار المحبة» باعتبار أن نوّابه صوتوا ضد الدستور الجديد؟
أنا لا اقصد التصويت على الدستور، فالتصويت في المجلس التاسيسي حر، والا لأصبحنا نصادر حق النواب ،،، فالنائب بالمجلس مطالب بتحكيم ضميره في الموافقة على النصوص القانونية، ولكني اتحدث عن الإعتراف بدستور البلاد،
اذا اعلنت احدى الجهات بانها لا تعترف بهذا الدستور،فهي تستثني نفسها من العملية السياسية ومن الإعتراف بها كحزب سياسي.
هذه النظرة للأمور تساعدنا على تصور المرحلة القادمة وتطلق ايدي السياسيين في عقد ما يلزم من تحالفات وائتلافات تحقق وفاقا واسعا ومتينا تحتاجه بلادنا لإصلاح ما افسدته الدكتاتورية وتحقيق مطالب شعبنا في التنمية واشواقه للحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.