كشفت ,في الأيام الأخيرة, بعض المواقع الالكترونية المهتمة بالثقافة على غرار «راديو المسرح» مجموعة من الصور تكشف الحالة التي بات عليها ارشيف الاذاعة الوطنية حيث تآكلت بعض الأشرطة واهترأ بعضها الآخر...في حين تساقطت أجزاء من هذه الأشرطة الحاملة للذاكرة الثقافية على الأرض ,وتناثرت هنا وهناك حلقات من تراثنا في شكل شظايا مكسورة ومشروخة ... وللتأكد من صحة هذه الصور اتصلت «التونسية» بالناقد خميس الخياطي الذي سبق له الاشتغال على الأرشيف السمعي والبصري التونسي وكتب في الموضوع الكثير ,فأفاد أن ّ تلك الصور صحيحة ولكنها قديمة ويعود تاريخها إلى ما قبل الثورة مشددا في المقابل على أن الذاكرة السمعية البصرية هي فعلا في خطر وفي حاجة إلى لفت النظر ! ثلث أرشيفنا ... أتلف! وباعتبار ان التراث السمعي البصري ليس موروثا جامدا من الماضي وأنه جزء هام من الذاكرة الوطنية ومقوم من مقومات الهوية اعتبر الخياطي إن التفريط والتفويت فيه ...كارثة كبرى وجريمة في حق الوطن. وأفاد أنه قبل اندلاع الثورة ,تم رصد 632 ألف دينار لصيانة الأرشيف وحفظه ,وأنه لم تتم رقمنة سوى القليل والقليل ... واعتبر خميس الخياطي أن هناك تقصيرا كبيرا في الاهتمام والعناية بالتراث السمعي والبصري وعدم وعي بقيمة هذا الموروث القيّم مما جعله عرضة للتآكل والاهتراء بسبب غياب المواصفات التقنية المطلوبة. كما أعرب عن أسفه الشديد بسبب عدم المسارعة في نقل الأرشيف من الأشرطة التقليدية إلى المحامل الرقمية المتطوّرة مما جعل نصيبا كبيرا منه عرضة للتلف . وبخصوص درجة الخطورة التي تتهدد الوثائق السمعية البصرية لأرشيف الاذاعة الوطنية, كشف الخياطي أنه وبشهادة أحد المختصين الفرنسيين فإن 30 % من الأرشيف تلفت تماما ! وفي السياق ذاته قال إنّ مختصة في المجال تدعى فايزة الماجري اقترحت صيانة الأرشيف ورقمنته بالاستعانة بمساعدة إحدى الدول الأجنبية إلا أن مبادرتها لم تلق أي صدى لدى أصحاب الشأن بحجة صون الهويّة الوطنية والحدّ من محاولات تسريب وثائق تونسية إلى الخارج ,فبقي حال أرشيفنا على ما هو عليه ! هل من حل ّ؟ «أتحدّى مؤسسة التلفزة الوطنية أن تثبت عكس ما أعرفه جيّدا عن احتفاظها بقائمات جرد ممتلكاتها حتى اليوم على كراسات ورقية والاقتصار على تخزين القليل فحسب بذاكرة الحاسوب ...» هكذا عاب الخيّاطي على أصحاب الشأن تجاهلهم لضرورة حفظ الذاكرة السمعية البصرية التي متى اندثرت لا يمكن أبدا استعادتها من جديد ! وبخصوص الحلول التي يراها كفيلة بحفظ الذاكرة الوطنية وصون التراث السمعي البصري للاذاعة الوطنية دعا الناقد خميس الخيّاطي إلى تكوين مؤسسة وطنية للأرشيف السمعي البصري على غرار ما هو معمول به في فرنسا. كما دعا المؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية سواء كانت عمومية أو خاصة أن تخصص ميزانية كافية للعناية بأرشيفها لأنه عنوان ذاكرتها ومحمل هويتها ...