بقلم: أبو غسان قرر الاتحاد الأوروبي منح تونس قرضا بشروط ميسرة .. وقبل ذلك وبمجرد حصول حكومة مهدي جمعة على ثقة المجلس الوطني التأسيسي، قام صندوق النقد الدولي بتسريح قسط من قرض كان منحه لتونس بعد تعليقه أشهرا.. والأرجح أن يفعل البنك العالمي نفس الشيء.. أما البنك الإفريقي للتنمية فقد يعود لإقراض تونس بعد أن قرر في وقت سابق وقف تعاونه المالي مع بلادنا .. في حين وعدت العديد من الدول أنها ستساعد تونس خلال هذه المرحلة الانتقالية الأخيرة إما بمنحها هبات أو قروضا أو إعادة جدولة ديونها أو تحويل جزء من هذه الديون إلى استثمارات. قد يكون الوضع الاقتصادي الراهن لبلادنا جعل من التداين بهذا الحجم المزعج حلا لا مفر منه. ولكن مناقشة قضية المديونية بروية وعلى أسس مبدئية، أصبحت أكثر من متأكدة. لأن التداين بشكل أكبر من طاقة البلاد يجب أن يبقى حلا استثنائيا جدا نلجأ إليه في الحالات القصوى. ومن الواضح أننا على أبواب تجاوز الخطوط الحمراء في التعويل على المديونية ، إن لم نكن تجاوزناها بعد، خاصة وأن جزءا من هذه الأموال التي اقترضناها يبدو أنها لن تذهب لتمويل المشاريع التنموية ولخلق الثروة، بل لمعالجة عجز الميزانية ونفقات أخرى لا علاقة لها بالتنمية، وهو ما يحتم التفكير في حلول أخرى حتى لا نجد أنفسنا عاجزين عن سداد هذه الديون، وحتى لا نكبل أجيال المستقبل بحمل ثقيل سيرزحون تحته سنوات وسنوات. إن للتداين ثمنا باهظا ومكلفا جدا خاصة حين يتجاوز حدودا معينة. وقد عانت العديد من البلدان من انعكاساته الكارثية، بل إن المديونية كانت أحد أسباب إفلاس عدد من الدول. والمديونية لا يمكن أن تمثل العلاج الناجع لعلل الاقتصاد. بل هي مجرد مسكنات، يزداد المرض استفحالا، عند انتهاء مفعولها . لذلك فالمديونية ليست الحل .. وعلى الحكومة أن تفكر في حلول أخرى خاصة توفير شروط استعادة الاقتصاد لنسقه الطبيعي وتشجيع الاستثمار وفتح الأبواب أمام الباعثين وتسهيل السبل أمامهم حتى يجسدوا أفكار مشاريعهم. وعليها أيضا ترشيد نفقاتها، وإعطاء المثل في سياسة التقشف، لا مطالبة المواطنين فحسب بضرورة شد الأحزمة. كذلك على جميع التونسيين أن يفهموا اليوم أن طريق الخلاص الوحيد من الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد هي العمل أكثر وأكثر.. وخلق المزيد من الثروات. لأجل ذلك نحن اليوم في أشد الحاجة لإعادة الاعتبار لقيمة العمل. ولنا في التاريخ أمثلة عديدة لبلدان خرجت من تحت الرماد بالاعتماد على العمل والجهد أولا وقبل كل شي.