توّج فيلم "الصوت الخفي" للمخرج كمال كمال بالجائزة الكبرى للدورة الخامسة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم المغربي بطنجة الذي اختتمت فعالياته مساء يوم السبت الماضي، وتشارك في"الصوت الخفي" الممثلة التونسية ليلى واز التي جسدت بتميّز شخصية "شامة" في فيلم" النخيل الجريح" لعبد اللطيف بن عمار ولكن الحظ العاثر للفيلم لم يتح للجمهور فرصة التعرف على هذه الممثلة أستاذة المسرح فقد عرض الفيلم في القاعات نهاية 2010 حين إندلعت شرارة "الثورة" فطوي ملف الفيلم سريعا، ولكن يبدو أن بعض العاملين في قطاع السينما لم ينسوا أن يرفعوا "ديقاج" في وجه عبد اللطيف بن عمار خلال الملتقى الثالث للمخرجين التونسيين وهو تصرّف غير لائق وإن تدثر برداء الثورية ، ولكنها ثورية متأخرة فمن كان عضوا في جمعية السينمائيين برئاسة علي العبيدي لا يمكنه أن يدّعي اليوم أنه مناضل وثائر. وفي حفل توزيع جوائز المهرجان الوطني للفيلم بطنجة المغربية ، توج فيلم "راي الظلمة"، الناطق بالحسانية، لأحمد بايدو، بجائزة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة التي ترأسها الباحث الجامعي عبد الله ساعف. ومنحت اللجنة جائزة أحسن ممثل لحسن باديدة عن دوره في فيلم "هم الكلاب" لهشام العسري، وقد كان باديدة اقتنص جائزة أفضل ممثل في الدورة الماضية لمهرجان دبي السينمائي فيما فاز الفيلم بجائزة لجنة تحكيم دبي السينمائي، وبالمناسبة فحسن باديدة ممثل مسرحي أساسا و"هم الكلاب" هو فيلمه الثاني ولكنه تمكن من تقديم شخصية 404 بكفاءة يندر مثيلها في السينما العربية ، و404 سجين سياسي إعتقل إبان ثورة الخبز في المغرب سنة 1981 لم يفرج عنه سوى بعد ثورات الربيع العربي والتحركات الإحتجاجية في المغرب التي عرفت بحركة 20فيفري ، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول ركون عدد من مخرجينا لقائمة مغلقة من الممثلين فجل أفلامنا تدور في فلك هشام رستم وفتحي الهداوي ولطفي العبدلي وفاطمة بن سعيدان وجمال المداني... حتى أن المشاهد يظن أحيانا أن هذا الفيلم حلقة ثانية من فيلم سابق شاهده . وفازت بجائزة أفضل دور نسائي كل من مرجانة العلوي ولبنى أزبال ونادين لبكي عن أدوارهن في "روك القصبة" لليلى المراكشي، وتوج الممثل سعيد مرسي بجائزة أحسن دور رجالي ثانوي في فيلم "وداعا كارمن" والممثلة فاطمة هراندي (الشهيرة براوية) بجائزة أحسن دور نسائي ثانوي في فيلم "فورماطاج". وحصل فيلم "وداعا كارمن" لمحمد أمين بنعمراوي على جائزة العمل الأول وعادت جائزة أحسن سيناريو للجيلالي فرحاتي عن فيلمه "سرير الأسرار" المقتبس عن رواية الكاتب المغربي للبشير الدامون. وتوزعت باقي الجوائز بين جائزة أحسن صورة لفيلم "سرير الأسرار" وأحسن موسيقى لكمال كمال في "الصوت الخفي" الذي حاز أيضا جائزة أحسن صوت، بينما عادت جائزة امونتاج لفيلم "يما" لرشيد الوالي. وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي شارك فيها 21 فيلما، توج بالجائزة الكبرى "ريكلاج" لادريس القايدي وهشام الركراكي. وفاز بجائزة أحسن سيناريو فيلم "اليد الثالثة" لهشام اللادقي، بينما عادت جائزة لجنة التحكيم التي ترأسها المنتج المغربي عبدو عشوبة، الى فيلم "بطاقة بريدية" لمحاسن الحشادي. ونوهت لجنة تحكيم الفيلم القصير بفيلم "خلاص" لعبد الإله زيرات و "كنيس" لرضا مصطفى. ومع إحترامنا لاختيارات لجنتي التحكيم فإن النتائج المعلنة وخاصة في مسابقة الأفلام الطويلة تثير أكثر من نقطة إستفهام فحين تتمسك لجان التحكيم العربية بنمط من السينما التقليدية فإنها تحرم التجارب المجددة في مستوى اللغة السينمائية من فرص التطور الطبيعي، فهل بمثل هذه اللجان والخيارات ننتظر ميلاد سينما عربية ثائرة ؟ كما أن برمجة الإنتاج السينمائي لسنة كاملة دون أي إنتقاء مسألة فيها نظر فمستوى بعض الأفلام لم يكن يؤهلها لتكون حاضرة في المهرجان . ومن طنجة المغربية إلى الملتقى الثالث لمخرجي الأفلام الذي ينتظم ببادرة من جمعية مخرجي الأفلام فقد فاز فيلم"بوبرنوس" لبديع شوكة بجائزة افضل عمل اول روائي قصير ونوهت لجنة التحكيم بفيلم"يد اللوح" لكوثر بن هنية وآلت الجائزة الكبرى للطفي محفوظ عن فيلم"حفّيلي" ، أما مسابقة الأفلام الوثائقية فقد نوّهت لجنة التحكيم بأفلام وسيم القربي" أزول" وشيراز البوزيدي "النجاح" وسمير حرباوي "صب الرش" وفاز نصر الدين بن معاطي بجائزة أفضل عمل أول عن فيلم" أولاد عمار" وتوج حمزة العوني بالجائزة الكبرى عن فيلم"القرط". وقد شهد حفل إختتام الملتقى الثالث لمخرجي الأفلام مساء الأحد حضور وزيرين للثقافة أولها وزير أسبق هو الأستاذ رؤوف الباسطي الذي لم يتخل عن عاداته في متابعة العروض الثقافية قبل الوزارة وخلالها وبعدها، ووزير حالي هو الدكتور مراد الصقلي الذي أهدى باقة من الورود للمخرج الطيب الوحيشي الذي خرج من عزلته بفيلم روائي طويل هو"طفل الشمس" الذي عرض في إختتام الملتقى، وكان بوسع المنظمين أن يبرمجوا الأفلام المتوجة في قاعة ثانية بالتوازي مع حفل الختام بقاعة الكوليزي. ومع تقديرنا لبادرة جمعية المخرجين فإن بعض التفاصيل لا يمكن التهاون إزاءها فلا شيء يبرر عدم الإلتزام بتوقيت إنطلاق الحفل ولا شيء يبرر ذلك البؤس في ديكور الركح، مصدح منتصب دون أن يستعمله أحد ومصدح جوال ينتقل من يد لأخرى، وهذا خالد البرصاوي يظهر فجأة ويختفي جيئة وذهابا، وفي الضفة الأخرى فتحي الدغري وفتيات واقفات شبه جامدات امام طاولة مغطاة بخرقة قماش زرقاء ، خلاصة القول إن لم تكن أجمل صورة في حضرة مخرجي الأفلام فاين سنبحث عنها؟ إن إعداد تصور بصري فيه الحد الأدنى من الجمالية لا يتطلب أموالا طائلة، المسألة تتعلق بالإرادة والرغبة في ان نتميز وننجز بإتقان بعيدا عن عقلية "عاد شبيه ". ادرك ان حديثي لن يرضي البعض ولكن ما فائدة الصحافة حين نغمض عيوننا عن النقائص والهنات؟ على القائمين على الملتقى أن يعوا أن لا مستقبل لهذه التظاهرة إن لم تتميز بالإنضباط في كل المستويات، فليس مقبولا ان تتغير لجنة تحكيم خلال المهرجان ولا يقبل أن يسحب مخرج فيلمه بعد دخوله المسابقة بسبب عدم رضاه على لجنة التحكيم؟ ولا يعقل أن تتغيب أفلام أو أن يبرمج فيلم فيحضر المخرج بشريط آخر كما فعلها السنة الماضية ناصر خمير، وعلى القائمين على الملتقى أن ينتبهوا إلى أن السينما ليست شأن السينمائيين دون غيرهم بمعزل عن الحياة الثقافية في البلاد، وعلى المهرجان أن يكون فرصة لتوطيد الصلات مع سائر الفاعلين الثقافيين ونتمنى ان نرى في لجان التحكيم شعراء وروائيين ورسامين واتصاليين لأن السينما كانت وستظل دائما جامعة لكل الفنون ...