لم يوفّق النادي الصفاقسي في الظفر بكأس السوبر الافريقية بعد هزيمته أمس الاوّل في ملعب القاهرة ضدّ الكبير الاهلي المصري ورغم أنّ صاحب الارض والجمهور كان السبّاق دائما في الوصول الى شباك الحارس رامي الجريدي فإنّ مجريات المباراة كان يمكن ان تكون لصالح فريق عاصمة الجنوب لو آمن بطل تونس أكثر بإمكانياته وتخلّص من عقدة الاهلي التي سيطرت على أذهان لاعبيه وكبّلت أقدامهم على امتداد التسعين الدقيقة... الاهلي لم يكن تلك النسخة البراقة العصيّة على الانكسار وكان بالامكان تجاوزه بشهادة كلّ الفنيين والملاحظين الذين اعتبروا فريق النادي الصفاقسي أفضل على جميع المستويات لكن بعض الاخطاء البدائية خاصة على مستوى الخطّ الخلفي حالت دون تحقيق حلم السوبر والثأر كرويا من فريق الاهلي المصري الذي شكّل الدابة السوداء للنادي الصفاقسي في كلّ المواجهات التي خلت والتي جمعت الفريقين في المباريات النهائية والتي كان فيها ممثّل تونس دائما الافضل لكن الاشكال يكمن في ثقة اللاعبين في أنفسهم وفي يقينهم بحقيقة إمكانياتهم وفنياتهم... نهائي السوبر كشف مرّة أخرى ان بعض اللاعبين التونسيين لم يتخلصوا بعد من عقدة الاسماء ذلك ان الاهلي في نسخته الحالية لاح بعيدا كل البعد عن الاهلي الذي واجه الترجي في نهائي رابطة الابطال الافريقية في الموسم قبل الفارط بدليل نتائجه المتواضعة التي حققها في الدوري المصري العائد الى الواجهة بعد احتجاب ثلاث سنوات...الاهلي المصري خاض نهائي السوبر مدفوعا بتاريخه المجيد وبخبرة لاعبيه الذين شارفوا على عتبة سنّ اليأس الكروي ولم يكن له غير ذلك في حين اكتفى ممثلّنا بجسّ نبضه بكلّ استحياء خشية ردّ فعل قوي من الجانب المصري لم يكن له وجود سوى في مخيلة زملاء علي المعلول ومع أطوار المباراة اكتشف لاعبو النادي الصفاقسي بكثير من التأخير انّ الاهلي غير قادر على الترفيع في النسق فنيا وبدينا وان موازين القوى كانت متباينة بين الطرفين لكن مع ذلك أحكم الفرعون المصري قبضته على المباراة مستغلا سذاجة لاعبي دفاع الخصم الذين كانوا خارج الخدمة حيث ان الاهلي لم يخلق فرصا عديدة وكلّ الكرات التي وجّهت صوب الحارس رامي الجريدي عرفت طريق الشباك وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول مردود الخطّ الخلفي والتوليفة التي اختارها المدرّب حمادي الدو لمقارعة الاهلي... قد تكون بعض الهفوات التي وقع فيها محور دفاع السي آس آس عرضية وقد يكون ضغط النتيجة وقيمة الرهان أثّرا كثيرا في أداء الثنائي محمود بن صالح وبسام البولعابي لكن تكرّرالأخطاء بنفس الطريقة وبنفس الاسلوب يقيم الدليل على انّ الدفاع كان في حاجة للمراجعة ولرجّة تعيده الى الجادّة وهذا ما غاب عن المدرّب حمادي الدو الذي لم يقو على تجاوز منافسه المصري تكتيكيا واكتفى بمسايرة المباراة مستعينا ببعض التغييرات الكلاسيكية التي يقدم عليها ايّ مدرّب هاو وليس في مباراة في حجم السوبر المصري... حمادي الدو لم يتفطّن الى ان مصدر الحياة والخطر في تشكيل الاهلي هو الظهير أحمد فتحي الذي فعل ما اشتهى وأراد في دفاع السي آس آس وكان على الدو قراءة أكثر من حساب لخطورة هذا اللاعب ولدوره الحقيقي في أداء المصريين...الدو غفل عن القادمين من الخلف وركّز في قراءته للخصم على منطقة وسط الميدان التي كانت الحلقة الاضعف في أداء الاهلي كما أنّه صعّب المهمة على نفسه وعلى فريقه بما أنّه كبّل مهاجمه الاوّل فخر الدين بن يوسف بأدوار دفاعية حدّت من فاعليته في الخطّ الامامي كما أنّه أخطأ العنوان بإقحامه الوافد الجديد حمزة الشطبري في مباراة بهذا الحجم ولم يكن لزاما عليه التعويل على ثلاثي ارتكاز في وسط الميدان لانّ الاهلي لم يكن بتلك القوة التي تدفع منافسيه إلى توخي الحذر والحيطة بهذه الطريقة... إضافة الى ذلك افتقد التنشيط الهجومي لفريق عاصمة الجنوب حيوية العادة ولم نشاهد سوى بعض المحاولات الفردية من المتميّز بن يوسف الذي كان وراء هدفي فريقه في المقابل أحسن مدرّب الاهلي قراءة منافسه بالتركيز على اللعب في الرواقين مستغلا الصعود المتواصل لعلي المعلول وضعف الاداء الدفاعي للظهير الايمن ماهر الحناشي... بالنسبة للتغييرات تعويض محمد علي منصر كان خطأ فادحا بنفس فداحة التعويل على وجدي بوعزّي الذي دخل المباراة ليؤشر على خروجه من الباب الصغير...مدرّب النادي الصفاقسي لم يجتهد كثيرا خلال المباراة واعتمد رسما تكتيكيا مكشوف المعالم فانكشف معه حال الفريق وكانت النتيجة هزيمة مرّة لا لشيء إلاّ لانّ الصفاقسي أهدى اللقب لمنافسه على طبق من ذهب... مثل هذه المواجهات تتطلّب لاعبين من نوع خاص, يجيدون امتصاص الضغط وتنويم المباراة لصالحهم والترفيع في النسق متى أرادوا ذلك , ويجيدون المناورة والمحاورة على الميدان ويستطيعون فرض أسلوبهم على الخصم وهذا ما اقترب منه فريق عاصمة الجنوب لكن هذا لا يمكن أن يتحقق في ظلّ غياب مدرّب سوبر يكون من نفس معدن لاعبيه, مدرّب لديه مخزون تكتيكي كبير يتسلّح به عند الغصرات ويمكنه من قلب المعطيات إذا ما خذلته بعض الجزئيات وهذا للأسف ما لم يتوفّر في حمادي الدو الذي تعوزه خبرة هذه المواجهات وخانته كلّ الحسابات...صحيح ان الدو نجح في قيادة الفريق محليا قياسا بما تحقّق منذ رحيل الهولندي كرول لكن مباريات الصفّ الثاني لا تفرز الغثّ من السمين وفقط في الامتحان يكرم المرء أو يهان والدو تماما كخطّ الدفاع كان نقطة الضعف في فريق ال« CSS » وربّما لو اختلفت التسميات لكانت النهايات غير هذه النهايات... بطل تونس سيكون أمام تحدّ جديد هو الاهمّ ربما في مسيرته الحالية ونعني رابطة الابطال الافريقية بالنظر الى ما يشكلّه هذا الاسم من وقع في نفوس الاحباء لذلك فإن «يوفي العرب» مدعو الى تعديل خارطته الفنية والتكتيكية قبل احتدام المنافسة الافريقية والعتاد يجب ان يكون على قدر رقعة الجهاد...