(تونس) تطرق، أول أمس، مجلس إدارة البنك المركزي في بداية مداولاته إلى آفاق تطور الاقتصاد العالمي خلال السنة الحالية حيث ينتظر أن يتدعم نسق النمو سيما في البلدان المصنعة وكذلك في البلدان الصاعدة والنامية مستفيدا خاصة من تواصل سياسات التيسير النقدي لأهم البنوك المركزية وهو ما أضفى مناخا من التفاؤل على الأسواق المالية العالمية. ونظر المجلس في مستجدات الوضع الاقتصادي والمالي بالبلاد من خلال تحليل آخر المعطيات حول النشاط الاقتصادي والمؤشرات النقدية والمالية، مسجلا تراجع نسق النمو في سنة 2013 إلى حدود 2,6٪، حسب تقديرات المعهد الوطني للإحصاء، وهي نتيجة تعكس تراجعا هاما لحراك النمو الاقتصادي مقارنة سواء بالتوقعات المحيّنة بالميزان الاقتصادي أو بما تم تحقيقه في سنة 2012 (3٪ و 3,6٪ على التوالي) وذلك بسبب تفاعل عوامل سياسية وأمنية سلبية جدت خاصة خلال النصف الثاني من السنة المنقضية وأدت اضافة الى تباطؤ النشاط الاقتصادي إلى الضغط على التوازنات المالية الداخلية والخارجية. ولدى النظر في تطور مؤشرات القطاع الخارجي في بداية سنة 2014، سجل المجلس تواصل الضغوط على مستوى المدفوعات الخارجية حيث شهد العجز التجاري خلال شهر جانفي الماضي توسعا ليبلغ 0,6٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 0,3٪ في نفس الشهر من سنة 2013 وذلك نتيجة تعمق العجز التجاري خاصة بالنسبة لميزاني المواد الغذائية والطاقة. وبالرغم من ذلك، تُسجّل الموجودات الصافية من العملة استقرارا في حدود 11.621 مليون دينار أو ما يعادل 106 أيام من التوريد بتاريخ 24 فيفري الجاري. أما بخصوص تطور الأسعار، فقد أشار المجلس إلى الانفراج النسبي للضغوط التضخمية، حيث تراجع الانزلاق السنوي لأسعار الاستهلاك إلى 5,8٪ في شهر جانفي 2014 مقابل 6٪ في شهر ديسمبر المنقضي، كما تباطأ نسق التضخم الأساسي (6,3٪ مقابل 6,6٪ في ديسمبر 2013). ومع ذلك يرى المجلس أن مخاطر استمرار التضخم في مستويات مرتفعة مازالت قائمة وتستدعي تكثيف الجهود للتحكم في عوامل ارتفاع الأسعار لا سيّما المتعلقة بتحسين العرض وترشيد مسالك التوزيع. و على المستوى النقدي، سجّل المجلس استقرار حاجيات البنوك من السيولة في شهر فيفري الحالي لتبلغ عمليات السياسة النقدية التي قام بها البنك المركزي لتعديل وضعية السوق 4.711 ملايين دينار بتاريخ 24 فيفري الحالي مقابل 4.981 م.د في جانفي المنقضي لتنخفض نسبة الفائدة إلى 4,69٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,71٪ في شهر جانفي 2014. وفي ما يتعلق بالنشاط المصرفي، لاحظ المجلس تراجعا ملحوظا في نسق تطور الإيداعات في بداية السنة الحالية (+0,2٪ في شهر جانفي مقابل +1,4٪ في ديسمبر 2013 و+4,7٪ بالنسبة لكامل سنة 2013) نتيجة انخفاض الإيداعات تحت الطلب وتباطؤ نسق حسابات الادخار. كما عرف حجم تمويل الاقتصاد مسارا مماثلا (0,2٪ مقابل 1,6٪) بالعلاقة مع تقلّص القروض قصيرة الأجل واستقرار القروض متوسطة وطويلة الأجل. وبخصوص تطور سعر الصرف، أبرز المجلس تواصل ارتفاع قيمة الدينار مقابل أهم العملات الأجنبية منذ بداية السنة بعد الانخفاض الملموس الذي عرفته خلال السنة الماضية، وذلك بالعلاقة مع تحسن العرض على سوق الصرف خلال الفترة، لتبلغ أسعار صرف الدينار يوم 24 فيفري الحالي مستوى 1,5848 دينار للدولار الأمريكي (أو زيادة ب 3,9٪) ومستوى 2,1756 دينار مقابل الأورو (أو ارتفاع ب 4,2٪). وعلى ضوء هذه التطورات، أشار المجلس إلى أن بروز بداية انفراج الظرف الاقتصادي العالمي يمثل عاملا إيجابيا لابد من استغلاله لدعم العمل لاستعادة نسق نمو مقبول وللتخفيض من حدة اختلال التوازنات المالية ابتداء من السنة الحالية ودعم بوادر استرجاع الثقة لدى المتعاملين الاقتصاديين، وقرر الحفاظ على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بلا تغيير.