قال الاستاذ الجامعي فتحي الشامخي المختص في قضايا المديونية والناطق الرسمي باسم جمعية «التجمع من اجل بديل عالمي للتنمية» (رايد) ان عددا من الجمعيات التونسية تخوض حاليا معركة حقيقية من اجل تغيير مضامين القرض الذي سيمنحه الاتحاد الاوروبي لتونس والبالغ قيمته 300 مليون اورو (حوالي 600 مليون دينار تونسي). وكشف الشامخي أنّ هذا القرض الذي وصفه ب«الهديّة المسمومة» يتضمن شروطا مجحفة على تونس من اهمها مزيد السماح بتغوّل رأس المال الاجنبي في البلاد وربط كل قسط من القرض بخارطة طريق معينة عليها ان تحترمها وتطبّقها على غرار ما فعله صندوق النقد الدولي. وطالب المختص في قضايا المديونية مؤخرا خلال «الملتقى المواطني لمقاومة دكتاتورية المديونية» تحت شعار «إحنا أولى بفلوسنا» بضرورة ادخال تعديل على شروط هذا القرض من خلال ترك تونس تتصرف فيه بكل حرية ودون املاءات خارجية. ولأجل ذلك تجندت حسب رأيه حركة تضامنية داخل البرلمان الاوروبي ليقع ادراج تعديل على القرض وذلك قبل 31 مارس الجاري. ولفت الشامخي الانتباه إلى أنّ عددا من المنظمات والجمعيات التونسية تحركت عن طريق الأحزاب الممثلة في البرلمان الأروروبي من اجل طلب إدخال تعديل على هذا القرض لإلغاء الشروط المجحفة. وتابع أن للحصول على التعديل يتعين الحصول على 77 صوتا في البرلمان الاوروبي (750 نائبا) مشيرا إلى انه تمّ إلى حد الآن الحصول على موافقة 35 صوتا من كتلة اليسار الموحد وأن هناك آمالا معلقة على بقية الاحزاب الاخرى على غرار «حزب الخضر» الذي يملك 58 صوتا والاشتراكيين الذين لهم 82 مقعدا مؤكدا على ان هذه الاحزاب تتعاطف مع تونس في قضية تعليق ديونها الخارجية لاسيما أنّ الاتحاد الاوروبي اعترف في 12 ماي 2012 بان ديون بن علي «كريهة». وعبّر الأستاذ الجامعي عن اسفه من تصرفات بعض الاحزاب التونسية التي لم توظف علاقاتها بالأحزاب المماثلة في الاتحاد الاوروبي من أجل الضغط على تعليق ديون تونس والتدقيق فيها. وشدّد الشامخي على أن المديونية ليست حلّا في نهاية الأمر بل هي إشكال حقيقي واصفا إياها ب«السمّ للشعوب، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة الإسراع بتعليق ديون تونس والتدقيق فيها وخاصة «الديون الكريهة» منها. وقال الشامخي إن تونس اقترضت في الثلاث سنوات الأخيرة بعد الثورة حوالي 23 مليار دينار 85 بالمائة منها خصّصت لسداد ديون نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مستدلا على ذلك بما تضمنه باب النفقات خلال الميزانيات الثلاث الأخيرة حيت تم سداد زهاء 18 مليار دينار بعنوان القروض الخارجية. وأبرز المتحدث أن ديون بن علي غير ملزمة لتونس مشيرا إلى أن المخلوع اقترض حوالي 41 مليار دينار طيلة 23 سنة وأن تونس أعادت 48 مليارا بعنوان هذه القروض مع الفوائض ولاحظ ان البلاد حتى بعد الثورة ظلت تسدد قروض بن علي. وأفاد فتحي الشامخي أن تعليق الديون ليس بالجريمة وفق رأيه موضحا أن دولا مثل الأرجنتين والاكاوادور اتخذت قرارا سياديا أحادي الجانب بتعليق سداد ديونها إلى حين التدقيق في الديون الكريهة والدخول في مفاوضات مع الجهات المانحة لطرح هذا النوع منها. وأوصى الشامخي بضرورة أن تسارع تونس في انجاز ثورة جبائية والقيام بإصلاح جبائي شامل وعميق يحقق العدالة الجبائية المنشودة. وأكد على أن ثلاثة أرباع الأجراء والطبقات الاجتماعية يتحملون لوحدهم الأعباء الجبائية معتبرا أن هذه المسائل تعدّ حيفا اجتماعيا. كما بيّن أن الإصلاح الجبائي يشكل عاملا هاما لمعالجة تفاقم المديونية والحد من تأثيراتها على التوازنات المالية العامة للبلاد. وكشف ان دراسة صدرت عن جامعة ماساسوتش الامريكية اظهرت ان اثرياء تونس حوّلوا اموالا الى الخارج بقيمة 34 مليار دولار اي ما يعادل 54 مليار تونسي دينار منتقدا تعاملهم هذا مع وطنهم مشيرا إلى أنّهم يتعاملون مع تونس وكأنّهم مستثمرون أجانب يقومون بتحويل اموالهم الى الخارج. من جهته جدّد الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي خلال الملتقى المذكور دعوة الجبهة إلى تعليق ديون تونس والتدقيق فيها كخطوة أولى معتبرا المديونية وثاقا وليست وسيلة تنمية اقتصادية واجتماعية. وانتقد الهمّامي طرق الدول المتقدمة في منح القروض والهبات وربطها بشروط تكرّس التبعية وتجعل الدول التي تحصُل عليها تدخل في دوامة يصعب الخروج منها. وبيّن حمّة الهمّامي أنّ المطالبة بإلغاء الديون معركة سياسية واقتصادية بالأساس وجب أن تبدأ بتعليق سداد القروض والتثبت من الديون الكريهة. ودعا حمة الهمامي إلى ضرورة كسب ثقة الشعب وتشكيل رأي عام وطني حول قضية المديونية في البلاد.