صادق أمس المجلس الوطني التأسيسي في جلسة عامة ترأستها محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس وحضرها محمد صالح بن عمّار وزير الصحة في حكومة مهدي جمعة على مشروع قانون أساسي يتعلّق ببروتوكول اتفاق مبرم في 28 سبتمبر 2012 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية الصين الشعبية حول ارسال فرق طبية صينية الى البلاد التونسية. وكاد المشروع أن يسقط في الماء بعد أن تمّ التوافق المبدئي حوله أثناء مرحلة التصويت النهائية نتيجة غياب ما يناهز المائة نائب، وعدم توفر النصاب الكافي من الأصوات اللازمة لتمرير القانون الأساسي والمحدّدة حسب فصول النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي ب109 أصوات كانت قد عكسته اللوحة الالكترونية، وهي نتيجة تلقتها محرزية العبيدي رئيسة الجلسة باستغراب شديد ووصفها مقرّر الدستور الحبيب خضر بالعبث التشريعي، قبل أن تحسم المسألة بطريقة الاسعاف عبر رفع عدد قليل من النواب لا يتجاوز تعدادهم أصابع اليد، ومنهم حتى من رفع يده وهو يدخل القاعة متأخرا كحال النائبة آسيا النفاتي، وهو قرار لم يعجب البعض واعتبره شق من النواب مناقضا للاجراءات المتبعة في التصويت، ووصفه النائب هشام حسني رئيس الحزب التقدمي بالتزوير المفضوح من خلال تمرير قانون أساسي بالقوة. فحوى المشروع ويتضمن بروتوكول الاتفاق وفق لجنة الشؤون الاجتماعية التي درست المشروع جملة من الأحكام الرّامية إلى إرسال أربعة فرق طبية من الصين تتكون من خمسة وأربعين شخصا من أساتذة مكلفين بالتدريس والعلاج ومن أطباء رؤساء وأطباء علاج في مختلف الاختصاصات ويتولى الفريق المقيم بتونس وبالتعاون مع كليات الطب القيام بالتدريس النظري والتطبيقي للوخز بالابر والمساهمة في تكوين مختصين تونسيين في هذا المجال. وقد أوضح أعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية خلال تلاوتهم لتقرير المشروع، أنّ وزير الصحة قد عبّر لهم أثناء لقائهم به والتطرّق لفحوى المشروع أنّ الأطباء الصينيين يعملون في تونس منذ عدة سنوات وفي عديد الاختصاصات الطبية من بينها طب النساء والتوليد والطب العام والوخز بالابر، مشيرا الى أنّ ما تمّ مؤخرا من اجراءات هو التمديد في مدة التعاقد لهؤلاء الأطباء الموزعين على عديد المؤسسات الاستشفائية في أربعة مواقع مختلفة من البلاد من بينها ولاية تونس. وفي اجابة عن بعض تساؤلات النواب حول نجاعة تدخلات الفرق الطبية الصينية في معالجة الحالات المرضية ومدى كفاءة هذه الاطارات الطبية وصعوبة التواصل بين الفرق الصينية والمرضى بتونس، أكّد الوزير أنّ الأطباء الصينيين على غرار الأطباء الحاملين لجنسيات أخرى والعاملين في تونس خضعوا لشروط ومعايير معينة للعمل في المؤسسات الاستشفائية التونسية أهمها الخبرة والتميّز في الاختصاص، مع حدّ أدنى من إتقان اللغات المتداولة في بلادنا، مشيرا الى أنّ مستوى الخدمات الصحية المقدمة من قبل هذه الفرق لم يسجل على اثرها وجود تشكيات لدى وزارة الصحة من قبل المواطنين، مفيدا أن مسألة التواصل بين الأطباء والمرضى لا تحدوها أيّة عوائق وأن حاجز اللغة في التعامل بين كافة الأطراف لا يمثّل أي اشكال، وأنّ الامتيازات المسندة الى هذه الفرق الطبية لن تشكل عبئا كبيرا على الدولة. مكاسب المشروع هذا وقد بيّن عدد من النوّاب لدى التطرّق لمشروع القانون قبيل تمريره أنّ بروتوكول الاتفاق يحقّق مكاسب للشعب التونسي وخاصة لسكّان المناطق الداخلية وانه شكل من أشكال التعاون البنّاء بين الطرفين التونسيوالصيني وانه بفضله ستقدم نخبة من الكفاءات الصينية في المجال الصحّي والطبي من أطباء معالجين وأطباء مدرسيين خدمات نوعية في مختلف الاختصاصات من علاج وتكوين، خاصة في اختصاص الوخز بالابر وستمكن بفضلها الاطارات التونسية من اكتساب خبرات مهمة تحتكرها معرفيا الاطارات الصينية دون اعتبار للمنافع التي ستقدمها للجهات الداخلية والتي تشهد نقصا حادّا في أطباء الاختصاص نتيجة عزوف الأطباء التونسيين عن العمل بها، اضافة الى الانعكاسات الايجابية لهذا الاتفاق من حيث الكلفة المالية على الخزينة العمومية باعتبار مجانية انتداب الفريق الطبي الى جانب توفير الأدوية اللازمة بصفة مجانية، داعين في ذلك الى مزيد تفعيل التعاون مع الجانب الصيني وتوسيعه الى مختلف المجالات الأخرى، كون الاتفاق يطغى عليه طابع الديبلوماسية أكثر منه منافع ستعطى للأطباء الصينيين والتي سبق وأن وصفها وزير الصحة بالرمزية، وقال عنها بالحرف الواحد «الدولة ماهيش باش تخسر عليهم برشة فلوس».