استمعت أمس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي إلى هيئة الاتصال السمعي البصري حول جملة المقترحات التي قدّمتها الهيئة بخصوص القانون الانتخابي وعن طبيعة الإجراءات التي ستتوخاها أثناء الفترة الانتخابية وضمان بقاء وسائل الإعلام على نفس المسافة من الأحزاب السياسية والقائمات المستقلة طيلة مرحلة الاستحقاق الانتخابي. وأبدى أغلب النوّاب في مستهل جلسة الاستماع لأعضاء الهيئة الذين كان يتقدّمهم رئيسها النوري اللجمي جملة من التخوفات حول عديد المسائل المرتبطة بالشأن الاعلامي والتي مازال بعضها ضبابيّ المعالم ولم يحسم في أمره خلال مناقشة القانون الانتخابي في الفترة الماضية، خصوصا تلك المتعلّقة بعمليات سبر الآراء التي تفتقر لقانون يحدّدها من حيث الرّقابة، وما يمكن لها أن تصنع من المعجزات حسب رأي سعاد عبد الرحيم رئيسة لجنة الحقوق والحرّيات، ناهيك عن مسألة تغطية المحفل الانتخابي من قبل وسائل الاعلام الأجنبية المتواجدة في تونس، وهي مخاوف قلّل من شأنها أعضاء «الهايكا» حين أكّدوا للنوّاب أنّ هناك طرحا لإمكانية منع سبر الآراء طيلة الحملة الانتخابية مع وضع آلية رقابية أثناء تحليلها والتعمق فيها في المنابر الاعلامية، مشيرين الى أن الإعلام الأجنبي سيخضع لنفس الاجراءات التي تنطبق على المؤسسات الوطنية والخاصة. اجراءات هيئة الاعلام وفي تصريح أدلى به ل «التونسية» اوضح النوري اللجمي رئيس هيئة الاتصال السمعي البصري أنّ الهيئة حريصة كل الحرص على ضمان تغطية اعلامية في المستوى المطلوب خلال كامل الفترة الانتخابية، يحترم فيها مبدأ التعدّدية والانصاف والشفافية مع تجنّب ما قد يحدث من خروقات، حتى تكون الحملة الانتخابية في مستوى ديمقراطي طيب على حدّ وصفه. وأضاف اللجمي أنّه في الأسابيع القليلة المقبلة سينطلق تركيز «المرصد الاعلامي» والعمل فيه استعدادا للاستحقاق الانتخابي، ملاحظا أنّ هيئة الاعلام وبالتعاون مع هيئة الانتخابات ستحاول تأسيس وضبط كلّ الضمانات التي ستؤدّي الى ضمان حملة انتخابية في مستوى يرتقي الى المعايير الدولية في الدول الديمقراطية. كما بيّن اللجمي أنّ كرّاس الشروط التي سيتم اعتمادها من قبل وسائل الاعلام السمعية البصرية قد احتوت معطى جديدا لخصّه في «الوسيط الاعلامي»، طلب رئيس «الهايكا» من وسائل الاعلام اعداد خطّة لها واعتمادها يكون فيها «الوسيط الاعلامي» على حدّ قوله مسؤولا عن الانضباط واحترام أخلاقيات المهنة، كما يكون أيضا وسيطا مع قاعات التحرير والجمهور حتى تتحمّل وسائل الاعلام مسؤولياتها في ترشيد طريقة الاعلام، وتستجيب لمطلب مهم لدى الجمهور ألا وهو المعلومة الصحيحة والشافية على حدّ قوله. دعوات لوقف الانفلات الاعلامي من جانبه عبّر النائب اسكندر بوعلاقي ل «التونسية» عن تحفظه الشديد من تعامل هيئة الاعلام مع ما وصفها بحالة الفوضى الاعلامية التي تعيشها تونس، مؤكدا في ذلك على ضرورة أن تستعجل الهيئة لإيجاد صيغة تجبر القنوات العمومية والخاصة التي تبث من تونس توفير أبسط ضمانات الحياد والتعدّدية، عبر تمكين مختلف التيّارات السياسية والأحزاب من فترات زمنية كافية ومتساوية الى حين صياغة قوانين صارمة تضبط الظهور الاعلامي حتّى موعد اعلان نتائج الانتخابات، مبيّنا أنّ تواصل حالة الانفلات الاعلامي في التلفزة الوطنية وبعض القنوات الخاصة والتي تحوز نسب مشاهدة عالية في تونس قد يرسّخ للاستقطاب الثنائي على حساب الأحزاب الصغيرة والرؤى السياسية الأخرى، وقد يتسبّب في تدمير مسار الانتقال الديمقراطي بأكمله، مشيرا الى أن ما يلاحظ في الفترة الأخيرة على حدّ قوله من خلال الاستطلاعات وسبر الآراء التي تقوم بها جهات معيّنة تحفّظ عن ذكر اسمها هو لخدمة أطراف سياسية دون الاستناد لمقياس علمي. ولتبيان ما وصفها بالمظلمة الاعلامية التي تتعرّض لها بعض الأحزاب السياسية، أكّد بوعلاقي أنّ «تيّار المحبّة» يمنع للشهر العاشر على التوالي من الظهور في القناة الوطنية الأولى، مشيرا الى أنّ ذلك أمر مستغرب، خاصة أنّ تيّار المحبّة (العريضة الشعبية سابقا) كان التيّار السياسي الفائز بالمرتبة الثالثة في انتخابات 23 أكتوبر 2011، ولا يتعامل معه اعلاميا حسب قيمته عكس أطراف سياسية أخرى مقاعدها تعدّ على أصابع اليد وتكتسح المنابر الاعلامية والبرامج الحوارية بنسبة 40 بالمائة في نفس القناة، وكأنّه فرض بالقوة لتيار أو فكر سياسي معيّن، على حساب ما وصفها بالإرادة الحرّة للناخب. الإعلام العمومي وأيتام النظام السابق هذا الموقف لم يختلف كثيرا عن موقف النائب رفيق التليلي عن كتلة حركة «وفاء» الذي أوضح بدوره ل «التونسية» أنّ وسائل الاعلام العمومية مختطفة من قبل مَن أسماهم ب «أيتام النظام السابق»، وعوض أن تكون هذه القنوات عمومية بالأساس، فقد أضحت منذ مدّة طويلة خاصة، تستضيف من تشاء وتقصي من تشاء. وكمثال عن ذلك، أشار التليلي إلى أنّه حين تصنع «حركة وفاء» أو أحد نوّابها الحدث داخل الجلسة العامة أو في مقرّها المركزي، فانّ ذلك لا يكون محل تغطية ومتابعة من قبل وسائل الاعلام العمومية التي وصفها بالاجرامية، موضحا في ذلك أنّه للمرّة الخامسة تعقد حركة وفاء ندوة صحفية حول الوضع العام في البلاد وترسل ببرقية للقناة الأولى لحضورها، ورغم الاعلام فهي دائمة التغيّب دون أن تشرح الأسباب.