محمد ميلاد - مونريال - كندا أدى السيد مصطفى بن جعفر زيارة رسمية إلى كندا لأكثر من خمسة أيام التقى خلالها عددا من ممثلي السلطات الكندية في العاصمة أوتاوا من برلمان وحاكم عام لكندا. كما التقى عددا هاما من الوجوه السياسية والاكاديمية الكندية في جامعة ماك غيل العريقة بمونريال وكذلك جامعة أوتاوا أين ألقى محاضرتين عن تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس. والتقى السيد مصطفى بن جعفر يوم السبت الماضي أفرادا من الجالية التونسية بفضاء «دار التونسي» حيث استمع إلى شواغل المهاجرين وهمومهم وجملة مواقفهم من المشهد السياسي في تونس. وكان السيد بن جعفر قد قدم إلى كندا عبر رحلة مباشرة من تونس أمنتها شركة «سيفاكس آيرلاينز» ومرفوقا بعدد من رؤساء الكتل النيابية في المجلس التأسيسي ورجال أعمال قدموا إلى مونريال للمشاركة في المنتدى الاقتصادي التونسي الكندي الاول والمعرض الدولي حول المنتجات الغذائية. «التونسية» حضرت لقاء السيد بن جعفر مع الجالية التونسية في بداية رده على أسئلة الحاضرين والتي تمحورت أساسا حول الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية التي تعرفها البلاد والفصل 15 وضرورة اقصاء التجمعيين من العملية السياسية تطرّق السيد مصطفى بن جعفر إلى ما وقع في تونس منذ 17 ديسمبر. و قال بن جعفر إنّ تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس قد تكون فريدة من نوعها في العالم وأنه عاين ذلك خلال حديثه مع البرلمانيين والسياسيين الكنديين الذي أعربوا عن انبهارهم بهذه التجربة. و أوضح بن جعفر أن الهدف يبقى تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة الاجتماعية وتوفير مواطن الشغل والعيش الكريم للمواطنين موضحا في ذات السياق أن هناك طموحات وآمالا معلقة إلا أنه لا يمكن تحقيق كل شيء في ظرف وجيز. تصفية أعداء الثورة حاز موضوع الفصل 15 على الجزء الاهم من هذا اللقاء وقال بن جعفر إن قضية تصفية أعداء الثورة تستدعي الكثير من الصبر والتروّي لأنه ثبت تاريخيا أن التعامل مع هؤلاء يتم إما «بضربة واحدة بعد اندلاع الثورة ونجاحها ممّا يعني الدخول مباشرة في المحاكمات الشعبية والتصفية...» والحل الثاني كان على الطريقة التونسية على اعتبار عدم وجود قوى ثورية فتم اللجوء إلى الرجل الثاني في النظام السابق ليدير البلاد طيلة شهرين. وقال بن جعفر إن هذا ما أعطى ميزة للثورة في تونس التي لم تكن عفوية لانها نتيجة تراكم جهود كبيرة من المناضلين من جميع التيارات السياسية ومنذ بداية دولة الاستقلال من يوسفيين وشيوعيين وقوميين وإسلاميين وكل القوى المنادية بالدولة الديمقراطية والعدالة والحرية وأنّ الثورة التونسية فاجأت التونسيين وكل القوى الوطنية والغرب من حيث التوقيت. و عبر بن جعفر عن عظيم اندهاشه من وجود وجوه سياسية تجمعية مازالت قادرة على الحديث عن الديمقراطية وتمجيد الحقبة الدكتاتورية وقال بالحرف الواحد: «ثمة ناس ما تحشمش على أرواحها مازالت تمد في وجوها في التلافز وتحكي وتتقزدر وكأنوا لم يحدث شيء... هؤلاء استغلوا مناخ الحرية والتسامح الذي عرفته تونس لكي يعودوا ويتصدروا المشهد ... أنا أقول لهؤلاء لن نقبل أن تذهب تضحيات القوى الوطنية والتقدمية ودماء الشهداء الذين سقطوا برصاص المستبد هباء وكيما نقولوا « بهيم وقدم قرعة...» هذا لاسبيل إليه وهناك قانون انتخابي وهناك عدالة انتقالية لابد أن تأخذ مجراها. هذه الطريق ليست بالسهلة ونعرف أننا قمنا بأخطاء في بداية الطريق لكننا لن نسمح بعودة من طردهم « الشعب من الباب لكي يعودوا من الخوخة كما يقول المثل العامي التونسي». بن جعفر فتح النار أيضا على التجمعيين وقال إنّ هؤلاء ليس لهم أية ثقافة ديمقراطية وأنه في حال فوزهم في الانتخابات ستعود تونس كما كانت. وقال بن جعفر «نحن لم نأت بجديد فإقصاء التجمعيين كان مطلبا ثوريا وقد تم اقراره في 2011 أي قبل حكومة «الترويكا» وقبل المجلس التأسيسي علاوة على كون حزب «التجمع» تم حله ومن غير المعقول والقانوني أن يعود هؤلاء تحت مسميات أخرى. الديمقراطية التشاركية السيد مصطفى بن جعفر تطرق كذلك إلى الديمقراطية التشاركية التي تعرفها تونس أو ما يعرف بالتوافق بين الفرقاء السياسيين مشيرا إلى أنّ ذلك أعطى الثورة والتجربة التونسية زخما وجعلها محل إحترام من قبل كل المتابعين وقال بن جعفر إن الامور ليست بالهينة وأنّ التونسيين اليوم «قاعدين يجربوا وينجحوا نسبيا في هذه الديمقراطية التشاركية التي لم تأت من فراغ بل بعد ماراطون من المشاورات والاحتجاجات الاجتماعية. وقال بن جعفر إن تونس في المرحلة القادمة ستكون في حاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية في الامن والقضاء والاعلام والادارة وأكد أن تكلفة هذه الاصلاحات ستكون كبيرة لأن هذه القطاعات كانت عماد الدكتاتورية. وأضاف بن جعفر: «هذه المرحلة لابد « نعديوها» بأقل التكاليف تونس نجمت توصل للانتخابات واليوم نجموا نمشيوا للانتخابات الجاية اللي فيها برشة خدمة وبرشة إصلاحات...هذه الفترة حساسة ولابد من أن تدار من قبل القوى الديمقراطية المؤمنة بقيم الحرية والعدالة والديمقراطية لا أن تدار من قبل من كانوا أكبر أعداء الديمقراطية وأنصار الحزب الواحد...». وفي ردّه عن سؤال ل«التونسية» حول إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة أوضح بن جعفر أن الوقت لم يحن للحديث في هذا الموضوع لأن المهام في المجلس أخذت الكثير من وقته وأنه لابد من العودة إلى الحزب والمناضلين داخله لترتيب البيت واتخاذ القرار اللازم الذي لن يكون إلا داخل الاطر الحزبية في «التكتل» وأن هذا الموضوع سيُطرح على طاولة النقاش. وفي خاتمة حديثه دعا السيد مصطفى بن جعفر التونسيين في الخارج إلى أن يكونوا أحسن سفراء لبلدهم وأن يعملوا على دعم بلادهم وهذه الديمقراطية الحديثة. لقاء السيد مصطفى بن جعفر مع الجالية التونسية كان بحضور السفير التونسي في كندا السيد رياض الصيد والسيد نهرو العربي قنصل تونسبمونريال والنائبة مبروكة مبارك والنائب محمد صالح شعيرات في حين غاب عن هذا اللقاء السيد الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة «النهضة». هوامش قام السيد مصطفى بن جعفر بالتوقيع على عشرات النسخ من الدستور التونسي لفائدة الحاضرين. البرلمان الكندي قام برفع العلم التونسي عند زيارة السيد مصطفى بن جعفر لمقر البرلمان. وقد أمضى بن جعفر اتفاقية تعاون مع البرلمان الكندي الهدف منها الاستفادة من التجربة الكندية. كان لبن جعفر لقاء مع وزير الخارجية الكندي الذي عبر له عن دعم كندا للتجربة التونسية. خلال لقاءاته بالاكاديميين الكنديين والطلبة التونسيين تم التعرض إلى الدستور التونسي وكذلك إلى جملة النضالات التي أدت إلى صياغة هذا الدستور كما تم التعرض إلى اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي. تم التطرق إلى التجربة التونسية الرائدة في ما يتعلق بالمجتمع المدني والنقابات وحرية المرأة. الحكومة الكندية قدمت وعدا بدعم تونس في مجال استرداد الاموال المنهوبة. كما تلقى بن جعفر وعدا من الحكومة الكندية بمضاعفة عدد الطلبة التونسيين في كندا. السيد مصطفى بن جعفر أعطى إشارة انطلاق مجلس الاعمال التونسي الكندي. حث السيد بن جعفر المستثمرين الكنديين على الاستثمار في تونس في الصناعات الغذائية والاعلامية والقطاع السياحي. سفير تونس في كندا قال ل«التونسية» إنّه من المزمع أن تعقد جامعة وكالات الاسفار في كندا مؤتمرها لاول مرة خارج كندا (في تونس). موضحا أن الخط المباشر بين تونسومونريال سيدعم التعاون الثنائي بين البلدين ويزيد في عدد الوفود السياحية الكندية.