سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«التونسية» تفتح الصندوق الأسود لمنظومة الدعم في تونس:شركات عمومية وأغنياء ومطاعم وناقلات نفط يتمتّعون سنويا ب4100 مليار والطبقات الهشّة والأجراء ب1300 مليار فقط
كشفت مصادر مطلعة ل «التونسية» أن ملف صندوق التعويض أو ما يصطلح عليه بمنظومة الدعم سيكون أحد الملفات الحارقة التي سيفتحها الفريق الحكومي الحالي بقيادة مهدي جمعة وسيكون محل توافق كافة الأطراف الاجتماعية. هذا الملف سيكون الأصعب في الفترة القادمة ونكشف هنا عن السيناريوهات الممكنة والتي سيتم تداولها في المؤتمر الوطني للاقتصاد الذي سينعقد متوسط شهر ماي القادم. وتكشف المعلومات التي تحصلنا عليها أن منظومة الدعم في تونس تكلف ميزانية الدولة سنويا 5400 مليون دينار تتوجه منها 1300 مليون دينار فحسب لفائدة الفئات الفقيرة والمتوسطة. أما البقية فتتوجه نحو الفئات الغنية وإلى بعض الشركات العمومية وخاصة تلك العاملة في تكرير النفط و«الستاغ» والمطاعم والمحلات التجارية وناقلات نفط أجنبية وبواخر وغيرها من الأطراف غير المعنية بالدعم . وحسب تقديرات مصادرنا أن جميع التقارير تكشف أن الدعم الموجه للمحروقات غير منصف، إذ أن 70 ٪ منه يتوجه لفائدة الأغنياء في حين لا يتمتع الفقراء والفئات الشعبية والمتوسطة إلا ب 20 ٪ منه. وبيّنت مصادرنا أن نفقات الدعم الموجه للمحروقات وللمواد الغذائية ارتفعت من 1٪ من الناتج الداخلي الخام بين 2000 و2004 لتصل إلى حدود 5 بالمائة سنة 2012. وكشفت مصادرنا عن الصندوق الأسود والمنظومة الخفية للدعم الموجه للمنشآت العمومية وأساسا للشركة التونسية لصناعات التكرير والشركة التونسية للكهرباء والغاز مشيرة إلى أن كلفة هذا الدعم الخفي بلغت سنة 2012 حوالي 2,2٪ من الناتج الداخلي الخام. وبذلك، تصل الكلفة الجملية للدعم بتونس إلى قرابة 30٪ من الناتج الداخلي الخام مما يفوق ما هو منصوص عليه بالميزانية، أي 7 ٪ من الناتج الداخلي الخام. وكشفت مصادرنا أن جميع المتابعين لملف صندوق التعويض أصبحوا على قناعة بضرورة إصلاح منظومة الدعم لإرساء منظومة حماية اجتماعية محكمة وموجهة، تضمن عدم إقصاء أي كان حتى يمكن تخصيص الموارد المدخرة التي تحققت من إصلاح منظومة الدعم لتغطية التحويلات اللازمة لحماية الأسر ضعيفة الحال وتمويل الاجراءات الاقتصادية اللازمة. وكشفت مصادرنا أن إصلاح منظومة الدعم سيتطلب إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي قصد حماية الأسر الضعيفة من الآثار التي قد تترتب عنها هذه الإصلاحات وبينت أن عملية الإصلاح داخل منظومة الدعم ستسير بالتوازي مع جملة من التدابير الاجتماعية المخففة التي من شأنها حماية الفئات الفقيرة والهشة مع اعتماد مساعدات وتحويلات موجهة إلى بعض القطاعات وإعفاءات جبائية وأسعار تفاضلية للطاقة ودعم لتشغيل العملة ذوي الوضعيات الصعبة. وعلمت «التونسية» ان الاصلاحات ستتوجه نحو توفير مساعدات وتحويلات مالية وترفيع في الأجور وفي ال «سميغ» للأجراء حتى تساهم مثل هذه التدابير الاجتماعية من الحد من انعكاسات الإصلاحات على الأسر. كل هذه التدابير والأفكار ستتمّ مناقشتها في المؤتمر الوطني للاقتصاد وخاصة كيفية توجيه الدعم إلى مستحقيه وعدم توجيهه لجهات تستغله لتحقيق مكاسب مادية على حساب المجموعة الوطنية.