مع خليفة الجبالي: «ما شئت الا ماشاءت الاقدار وأحكم فأنت الواحد القهار» هذا بيت شعر مدح به الشاعر ابن هاني الاندلسي الخليفة المعز لدين الله الفاطمي غير ان المقام يجعله مطابقا للمصاب الجلل الذي ألم بالعائلة الرياضية في تونس عامة وفي النادي الافريقي خاصة بعد رحيل ال «Golden Boy» الجناح النفاثة المغفور له باذن الله الطاهر الشايبي هو مطابق لمشيئة الله في خلقه، وفي قدرته على جلب من يريد بجواره. العظماء والمشاهير: آلام وعيش مرير لو نتصفح تاريخ النجوم في الفن والرياضة نجد دفاترهم يملؤها الحزن والالم والمعاناة، اكثر مما نعثر عليه في عالم الافراح والسعادة.. ونقتصر لضيق المجال على مقارنة واحدة وتتعلق بالعندليب الاسمر عبد الحليم حافظ. فالطاهر الشايبي رحل في سن الثامنة والستين قضى اكثر من نصفها في مصارعة المرض.. بل ان معاناته انطلقت وهو مازال في ميادين اللعب (بداية السبعينات).. ومع ذلك لم يشتك ابدا ولم يخل بواجباته وهو يتألم.. العندليب عاش قرابة الخمسين سنة، قضى اكثر من ثلاثين منها وهو يصارع المرض ويعاند الموت.. ولم ينكث عهده مع الجماهير حتى وهو ينزف على الركح.. هكذا كان العظماء وهكذا كانت حياتهم!! جمل لا تفي حق الرجل مهما كتبنا، ومهما روينا، فليس بوسعنا ايفاء المرحوم حقه في الانجازات التي اتاها طيلة مسيرته الكروية مع الافريقي والمنتخب.. وشخصيا تابعته في اخر مراحل مشاركته (بداية السبعينات) ولكني قرأت وسمعت وشاهدت اشرطة (بالابيض والاسود) لابداعاته طيلة الستينات. فيكفي ان يكون قد ارتقى الى صنف الاكابر في سن 16 عاما ولمصاف المنتخب في سن 17 .. ويكفي انه لعب في كل مراكز الوسط والهجوم (من 6 الى 11) ويكفي انه «فلق» كرة على العارضة ضد اسبانيا في العاب المتوسط تونس 1967. ويكفي انه كسر الخشبة الافقية للمرمى ضد ايطاليا في نفس التظاهرة لما سدد تسديدة صاروخية من مسافة بعيدة ويكفي انه ثقب الشباك في مرمى يوغسلافيا بمناسبة العاب المتوسط ازمير تركيا 1971. ويكفي انه سجل هدفا اخترق الشباك وراحت الكرة للمدارج ولم يحتسبه الحكم فتأهلت المغرب بالقرعة بعد التعادل الظالم في مرسيليا في اللقاء الفاصل الى مونديال المكسيك عام 1970.. يكفي انه قهر كل المدافعين والحراس في تونس وفي العالم واولهم الراحل «علال» حارس المنتخب المغربي. شهادات لا تخدع عندما يقول الشتالي إن الطاهر الشايبي لو عاش عصرنا هذا، لكان في ال «ريال» او «البارصا» او «مانشستر» فلم يكن يرمي الورود.. عندما يصيح طارق ذياب عاليا بأن الطاهر هو قدوته وانه احق منه بجائزة لاعب القرن ولولا غياب الارشيف، لنا لها الراحل بسهولة.. ألم يحمد عتوقة ربه على ان الشايبي لم يكن يلعب لفريق منافس والا لعانى منه الامرين.. الشهادات عديدة ولا يمكن حصرها في كلمات ومن المؤكد ان من عاصروه يحفظون انجازاته بالتدقيق والتفصيل المملّ. غمزة في زمن الطاهر «Boy» كان لعب الكرة مدعاة للعار والسخرية ورمزا «للتزوفير والهملة» ورغم هذا الكبت والحرمان و«البلّوشي» فقد تألق المرحوم ورفاقه. أما اليوم فرغم الاموال الطائلة والتحفيز وتشجيع الأب والأم والاخوة والاقارب والاحباب والجيران والدولة ايضا، فإننا لم نظفر ولو ب «شبه»لاعب.. رحمك الله يا «Boy» وأسكنك فراديس جنانه ورزق اهلك وذويك والعائلة الرياضية جميل الصبر والسلوان. «وإنا لله وإنا اليه راجعون».