عقد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي ندوة صحفية تحت قبة باردو، أكّد خلالها توقيعه على مشروع القانون الانتخابي، وعلى اقتراب إعلان القائمة النهائية لتركيبة هيئة الحقيقة والكرامة المزمع عرضها في الأيام القادمة على الجلسة العامة للمصادقة عليها تمهيدا للشروع في تفعيل منظومة العدالة الانتقالية. وفي مستهل اللقاء الإعلامي، أوضح مصطفى بن جعفر أنّ مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على القانون الانتخابي يجعل الكرة في ملعب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مشيرا إلى أنّ الهيئة مطالبة الآن بتقديم مقترحات للمجلس الوطني التأسيسي تتعلّق بموعد إجراء الانتخابات للنظر فيها، على أن يتم تحديد موعدها قبل موفى السنة الحالية عملا بما جاء به في أحكام الدستور الجديد داعيا الأحزاب السياسية الى احترام مقرّرات القانون الانتخابي والتركيز على البرامج الاقتصادية والاجتماعية خلال الحملة الانتخابية وابتعادها عما يمكن ان يتسبّب في التجاذب السياسي الذي كلّف اضاعة الكثير من الوقت حسب تعبيره، ملمحا إلى أنّ مسألة اقصاء التجمعين من عدمه سيكون عبر الصندوق وارادة الشعب. اهتزاز المجلس وبيّن بن جعفر أنّ الأجواء العاصفة والمتشنجة التي شهدتها قاعة الجلسة العامة وأروقة المجلس الوطني التأسيسي خلال المراحل الأخيرة للحسم في النقاط الخلافية الجدلية الهامة وأساسا منها العزل السياسي والتناصف، هي أجواء طبيعية ومتواجدة بكثرة في أرقى ديمقراطيات العالم، ملمحا الى أنّ صورة المجلس قد اهتزت بشدّة يوم المصادقة على مشروع القانون الانتخابي جرّاء سلوك بعض النواب غير المسؤول قائلا أنه أحيانا يقع تجاوز غير مقبول حينما يمس بالشكل أو بالجوهر بحقوق المرأة ومكانتها في المجتمع، مشددا على أنه سيتابع ما جدّ من أحداث بكل انتباه. أمّا في السياق المتصل بالعدالة الانتقالية فقد أكّد رئيس المجلس أنّ انتقاء أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة سيتم على أساس الخبرة والكفاءة والاستقلالية، مضيفا أنّ المجلس الوطني التأسيسي يتحمل مسؤولياته كاملة تجاه قضية شهداء الثورة وجرحاها وتجاه القطع مع منظومة الاستبداد، مبينا أنّ المصالحة لا تعني الافلات من العقاب، معبّرا عن رفضه الشديد للعقوبة الجماعية التي دعت بعض الأحزاب والتيارات الى ضرورة اقرارها عبر القانون الانتخابي لتحصين الثورة بدل منظومة العدالة الانتقالية. العدالة الانتقالية ومن المقرر أن تضم هيئة الحقيقة والكرامة 15 عضوا، يتم اختيارهم من قبل المجلس الوطني التأسيسي؛ حيث يتم فرز المترشحين لعضوية الهيئة من قبل لجنة خاصة تابعة للمجلس، يرأسها رئيس المجلس أو أحد نائبيه. ومن المرتقب أن تختص الهيئة بجمع المعلومات ورصد انتهاكات حقوق الإنسان، خلال الفترة التي توصف ب «الحقبة الدكتاتورية»، وتبدأ من جوان 1955، وتمتد حتى إصدار القانون المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، منتصف ديسمبر من السنة الماضية وستسعى الهيئة من خلال ذلك إلى إحداث قاعدة بيانات وسجل موحد لضحايا تلك الانتهاكات، ويتواصل عملها مدة أربع سنوات، تبدأ من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة. ويعتبر ملف العدالة الانتقالية من أهم المطالب الشعبية التي رفعها التونسيون أثناء ثورة 14 جانفي 2011 حيث يقضي مضمونها بمحاسبة رموز النظام السابق والمتورطين في جرائم الفساد والتعذيب في «حقبة الدكتاتورية» وفق المحاكمات العادلة الضامنة لحقوق الإنسان.