شدّد أمس عبد القادر اللباوي رئيس الإتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة على ضرورة إلتزام الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات والإدارة العموميّة بجملة من الشروط التي تجعلها محايدة وذلك لضمان إنتخابات نزيهة وشفافة مؤكّدا انّ هذه الشروط التي حدّدت بموجب ميثاق تتمثل أساسا في أن تكون هيئة الانتخابات وتوابعها مستقلة تنظيميا عن السلطة التنفيذية وان تنحصر مسؤوليتها في مبادئ الإدارة الرشيدة إضافة إلى أن تتمتّع بصلاحية رسم السياسات واتخاذ القرارات بشكل مستقل في إطار الحدود القانوني. وأشار اللباوي في ندوة «الإنتخابات وحياد الإدراة» التي حضرتها ثلّة من قادة الأحزاب في تونس إلى أنّ الإدارات والمؤسسات العمومية ذات الصلة المباشرة بالإنتخابات كالبلديات والمحاكم وغيرهما هي من المحدّدات الرسمية للعملية الانتخابية وأنّه بقدر حيادها والتزام مسؤوليها بالحياد تكون الانتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وأقل كلفة على جميع المستويات. الحكومة ملتزمة من جانبه قال أنور ين خليفة ممثل الحكومة إنّ الحكومة ملتزمة في الوقت الراهن بوضع استراتيجية من شأنها أن تضمن إجراء انتخابات نزيهة موضّحا انّ هذه الإستراتيجية تنقسم إلى قسمين أولا تقديم جميع المستلزمات للهيئة وثانيا تقديم دعم للهيئة وللهياكل المتدخلة تحت غطاء دستوري مؤكّدا انّ حياد الإدراة هو مطلب من مطالب خارطة الطريق وأنّ الحكومة ملتزمة بمراجعة التعيينات الواردة بالخارطة بطريقة منظّمة وعقلانية حتّى لا يتمّ إصلاح الخطأ بخطإ. «الإدارة أغرقت بالإنتدابات الحزبية فترة الترويكا» من جانبه شدد رئيس حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي على ضرورة تحييد الإدارة خصوصا في فترة الانتخابات، معتبرا أن الإدارة في فترة حكم «الترويكا» لم تكن محايدة بسبب إغراقها بالانتدابات الحزبية مشيرا إلى أنّ هذه الأخيرة مكّنت الدولة من المرور نسبيا بسلام من الخراب الذي لحق بها عقب الثورة والمتمثل في عمليات حرق ونهب والسجون المفتوحة التي هرب أغلب معتقليها إلى إيطاليا . وأضاف السبسي أنّ حياد الإدارة في الفترات الانتقالية كان شيئا أساسيا لكن بعد الانتخابات تصوّر من تسلّم السلطة أنه تسلّمها بصفة دائمة ولم يلتزم ببعض النقاط الشيء الذي جعل حياد الإدراة غير مضمون حيث وقعت عديد التسميات حدّدها بالآلاف موضّحا انها تعيينات شملت من سيطبّق سياستهم داعيا إلى ضرورة مراجعتها منتقدا تعاطي الحكومة مع هذه المسألة واصفا إياها بالتراخي وبالتباطؤ قائلا: «لا أظنّ انّ الحكومة متحمسة بدّلت أمورا أما تبديل فيه وعليه لكن مازال عندهم الوقت لضمان حياد الإدارة... يلزمها تفيق وإلا ستصبح الإنتخابات في موضع الشك...». «راجعوا 50 سنة من الفساد واجتنبوا الاجتثاث» من جانبه اعتبر رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي أنّ الحكم على نجاح الإدارة يبقى نسبيا، مشيدا بدورها خلال الثورة داعيا إلى ضرورة إصلاحها من الفساد الذي لحق بها طيلة خمسين سنة من الحكم في ظل حكومات اتسمت بالفساد. و دعا الغنوشي إلى ضرورة تطوير هذا المرفق العام الذي مسّه فساد استوجب قيام ثورة داعيا إلى مراجعة 50 سنة من الفساد الإداري لا فترة زمنية بعينها في إشارة إلى فترة «الترويكا» التي عيّنت بضع مئات فصلت البعض منهم فيما بعد لعدم كفاءتهم في حين أن الإدارة تزخر بآلاف الموظّفين والأعوان مؤكّدا أنّ ذلك سيكون في سبيل تحييد كامل للإدارة وبعيد عن منطق الاجتثاث باتباع أساليب تطبّق على الجميع بلا إستئناء. وأضاف الغنوشي أن البلاد لن تشهد إصلاحا إلا في ظلّ سلطة شرعية وإدارة محايدة تعزز كل منهما الأخرى لأنّ في إدارتنا على حدّ تعبيره بطءا وتعقيدا وعطالة ومحسوبية تستوجب الإصلاح الذي من شأنه ان يضمن نزاهة الإنتخابات وشفافيتها. «لا بدّ من حماية العون العمومي» أمّا زياد الأخضر ممثل «الجبهة الشعبية» فقد انتقد بطء الحكومة في التعامل مع ملف تحييد الإدارة موضّحا انّ كمّا هائلا من التعيينات تمّ في مفاصل حسّاسة من الدولة كانت لها انعكاسات سلبية. وفي ردّه على كلام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قال الأخضر إنّ الأمر لا يتعلّق بالاجتثاث لانّ المرحلة الحالية تقتضي بذل جهد اكبر والتطرّق إلى مسألة الإدارة التي سمحت لحركة «النهضة» بالحصول على أغلبية الأصوات في إنتخابات 23 أكتوبر متوجها بسؤاله إلى الغنّوشي قائلا له: «هل تقبل أن تجرى الإنتخابات القادمة بالإدارة نفسها التي اجريت بها انتخابات 23 أكتوبر؟». من جهته اكّد قاسم عفيّة عن الإتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة مراجعة التعيينات التي وضعت على أساس المحاصصة الحزبية قصد توظيفها لغايات إنتخابية والتي شملت العمد والولاة والمعتمدين والنيابات الخصوصيّة داعيا إلى ضرورة حلّ رابطات حماية الثورة وتطهير المساجد من الدعاة الخارقين للقانون لضمان انتخابات نزيهة. و شدّد عفيّة على ضرورة توفير الضمانات اللازمة لحماية العون العمومي ليتمكّن من التشهير بالمخالفات والوقوف ضدّ كلّ ما من شأنه ان يسيء للإدارة وحياديتها مطالبا بتحسين وضعيته لحمايته من بيع ذمّته والسقوط في فخّ المال السياسي. ليلى بن إبراهيم