أنهى أمس نواب المجلس الوطني التأسيسي إيداع جملة من العرائض لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في خصوص عدد من فصول القانون الانتخابي والتي أثار بعضها جدلا واسعا قبل وخلال المصادقة على المشروع برمته في غرة ماي. فبعد استيفاء مهلة الأسبوع المحدّدة لفتح باب الطعون في مشاريع القوانين الأساسية، وبعد أدائهم لليمين أول أمس أمام رئيس الجمهروية المؤقت، ينتظر أن يشرع اليوم أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في البت في احترام الشروط الشكلية والإجرائية التي رافقت المصادقة على فصول القانون الانتخابي، والحكم في ظرف 48 ساعة على مصداقية الطعون المقدّمة لها من النواب، ومدى تعارضها مع نص الدستور. التناصف الأفقي والمساواة وفي هذا الجانب، أكّدت لبنى الجريبي النائبة عن حزب «التكتل» ل«التونسية» أن نواب «التكتل» أودعوا عريضة للطعن في دستورية عدد من الفصول، من ضمنها أحكام الفصل 24 المتعلق بمبدإ التناصف والفصل 173 المتعلق بتمثيلية التونسيين بالخارج من القانون الإنتخابي لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. وأوضحت الجريبي أنّ اقرار التناصف العمودي وحده في القانون الانتخابي دون التناصف الأفقي لا يضمن للمرأة تواجدها كعنصر فاعل ومؤثر ومتساو مع الرجل في المجالس المنتخبة، معتبرة أنّ عدم تصويت زملائها النواب على هذا المبدإ خلال رفض ادماجه في الفصل 24 من القانون الانتخابي يوم التصويت على المشروع برمته يتعارض جملة وتفصيلا مع ما ورد في الدستور، وهو الدافع الذي دعا قرابة الثلاثين نائبا من كتلة التكتل والكتلة الديمقراطية الى الطعن في عدم دستورية الفصل، مستندين في عريضتهم على الفقرة الأولى من توطئة الدستور التي أقرت بتمسّك شعبنا بالقيم الانسانية ومبادئ حقوق الانسان الكونية السامية ومن بينها المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات، وعلى الفصل 21 من الدستور الذي يضمن المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات أمام القانون بلا تمييز ويقر بأن الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، بالإضافة إلى ما ورد بالفصل 34 من الدستور الذي ينص على أن الدولة تعمل على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس النيابية وما إقتضاه الفصل46 من الدستور الذي يحمل الدولة واجب السعي لضمان تكافؤ الفرص بين المرأة والرّجل في تحمّل المسؤوليات وفي جميع المجالات وتحقيق التناصف بين المرأة والرّجل في المجالس المنتخبة، ناهيك عن تذكير مضمون العريضة لعلوية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المراة (سيداو)، اللتين صادقت عليهما تونس وشدّد عليهما في الفصل 20 من الدستور كمعاهدات أعلى من القوانين وأدنى من الدستور. تمثيلية التونسيين بالخارج وبخصوص الطعن في الفصل 173 المتعلّق بتمثيلية التونسيين بالخارج، اعتبرت الجريبي أن عدد المقاعد للدوائر الانتخابية في الخارج، وتمثيل التونسيين في الخارج عموما (في عدد المقاعد) يعتبر هزيلا و يتناقض مع مبدإ المساواة بين المواطنين والمواطنات التونسيين والتونسيات كمبدإ دستوري، مشيرة إلى أنّ تحديد مقعد واحد للجالية التونسية في بعض الدوائر بالخارج يتعارض شكلا ومضمونا مع مبدإ التعددية الذي يعتبر خيارا لنظام الاقتراع في القانون الانتخابي، مستندة كمثال عن ذلك لوضعية التونسيين في ألمانيا أين اقتصرت القائمة على مقعد واحد حسب قولها. الرئاسة والشرط المالي وبدوره أكد النائب هشام حسني رئيس «الحزب الشعبي التقدمي» ل«التونسية» إعداده وإيداعه لعريضة للطعن في الفصل 42 من القانون الانتخابي والذي ينص محتواه على الشرط المالي ب10 آلاف دينار على كل مترشح لرئاسة الجمهورية. وشدّد رئيس «الحزب الشعبي التقدمي» في تصريحه أنّ جوهر الفصل 42 من القانون الانتخابي يتناقض ويتعارض مع الفصل 74 من الدستور الذي لم يتضمن هذا الشرط، قائلا إن الدستور حين تحدث عن شروط الترشح كان صريحا ولم يخل بمبدإ المساواة بين المترشحين كما نصت على ذلك مبادئه العامة، ملمحا في ذات الصدد أنّ اعتراضه سيلقى تجاوبا ايجابيا من الهيئة، خاصة أنّ النص الدستوري قد أكّد على أنّ «الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الاسلام. يشترط في المترشح يوم تقديم ترشحه أن يكون بالغا من العمر خمسا وثلاثين سنة على الأقل. واذا كان حاملا لجنسية غير الجنسية التونسية فانّه يقدّم ضمن ملف ترشحه تعهدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية. تشترط تزكية المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو الناخبين المرسمين حسب ما يضبطه القانون الانتخابي.».