شهدت صباح أمس معتمدية دوز الجنوبية التابعة لولاية قبلي هدوءا حذرا بعد تجدد المواجهات بين أهالى قرية غليسية ومنطقة دوز الغربي أول أمس مما أسفر عن وقوع العديد من الإصابات بين الطرفين. وذكر شهود عيان ان قوات الشرطة استعملت الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء من أجل تفريق أهالي المنطقتين وأن ذلك أدى الى جرح أكثر من 125 شخصا. ونتيجة تدهور الوضع الأمني بالجهة، أعلن رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي حالة الطوارئ بدوز الجنوبية. وذكر بيان الرئاسة أنّه «نتيجة للتدهور الخطير للوضع الأمني بدوز، قرر رئيس الدولة إعلان حالة الطوارئ بمنطقة دوز الجنوبية من ولاية قبلي بداية من 8 ماي إلى غاية 22 ماي 2014». كما أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها، مساء أول أمس، أن الوالي قرر فرض حظر التجول في المدينة منذ التاسعة ليلا إلى السادسة صباحا مشيرة الى أن قرار الوالي جاء تبعا لحالة الطوارئ التي أعلنها رئيس الجمهورية. وتشهد المدينة منذ أسبوع اضطرابات متصاعدة بسبب نزاع بين اهالي منطقة زعفران وأهالي منطقة دوز الغربي على ملكية أرض مخصصة للتنقيب على النفط بالمدينة، تعتزم الشركة النفطية الفرنسية «بيرانكو» استغلالها. اجتماع واتفاق وقد عقدت السلط المحلية أول أمس جلسة صلحية، بين طرفي النزاع من عمادة غليسية ودوز الغربي وممثلين عن عمادة زعفران وبحضور ممثلين عن المجتمع المدني. وقد تم الاتفاق في هذه الجلسة على فك الاعتصام الذي تنفذه مجموعة من أهالي عمادة زعفران أمام مقر الشركة البترولية وتعهد المحتجون من أهالي دوز الجنوبية بفتح الطريق للتلاميذ لاجتياز الامتحانات والتزام السلط الجهوية بإرسال ممثلين عن اللجنة العقارية لتحديد ملكية الأراضي المتنازع عليها. الصلح وتهدئة الخواطر في هذا الصدد، وصف أمس أنيس العزعوزي معتمد دوز الجنوبية الوضع بالجهة بالهادئ قائلا ل«التونسية» أن الهدوء عاد الى المدينة لكنه يبقى هدوءا نسبيا وحذرا الى حين التوصل الى اتفاق قانوني على الأرض المتنازع عليها » متمنيا تواصل هذا الهدوء معتبرا أن كل الأطراف تحاول تهدئة الأوضاع وتنفيذ بنود اتفاق الاجتماع الذي عقد في بلدية دوز وعنوانه «الصلح وتهدئة الخواطر» والذي حضره كل من المعتمد الأول وحكماء الجهة وممثّلي المجتمع المدني والأطراف المتنازعة . واعتبر العزعوزي أن اجتماع أمس كان له وقع كبير على منطقة دوز حيث حاولت كل الأطراف تهدئة الخواطر والتفاوض بطرق سلمية وهو ما مكن المدينة من استعادة هدوئها مؤكدا ان الجهة كانت أمام خيارين: إما الفوضى أو التهدئة وإنقاذ المدينة، مشيرا إلى أن كل الأطراف اختارت الحل الأمثل وهو الحفاظ على السلم الاجتماعي والجلوس إلى طاولة الحوار والاحتكام الى القانون ومنح اللجنة الفنية كل الظروف المناسبة للاشتغال على ملف الأزمة في مناخ سليم وقانوني للحصول على نتائج منصفة للطرفين. ليست لنا أجندات سياسية في المقابل، أرجع علي السويسي رئيس مجلس تصرف العذارى (غليسية وزعفران ونويل) أسباب المواجهات المؤسفة التي حصلت بين أهالي منطقة غليسية وأهالي منطقة دوز الغربي الى ضعف السلطة المحلية مؤكدا ان مطلب أهالي زعفران وغليسية هو تحديد الأرض، مطلب قانوني وشرعي وأنّ الجهات المسؤولة قابلت ذلك بالتسويف واللامبالاة معتبرا ذلك أمرا مؤسفا خاصة أن كل المراسلات والمطالب بقيت رهينة درج إدارة الولاية ولم تلق الاهتمام الكافي (عن قصد أو عن غير قصد) حسب تعبيره. وأضاف السويسي « ليست لنا أجندات سياسية مع أي طرف او ضد أي طرف آخر... نحن نريد فقط قيام المصالح المختصة بتحديد الأرض المتنازع عليها وتمكين كل طرف من حقه بالقانون.»، مشيرا إلى ان كل أهالي الجهة مع تهدئة الوضع وتحكيم العقل وأنه لا يمكن التغافل عمّن يريد الإضرار بمصالح المواطنين قائلا «كيف يطلبون منا التفاوض والطريق مغلق ومصالح الأهالي معطلة وأبناؤهم لا يستطيعون الذهاب الى معاهدهم، هل يعقل هذا «، محملا السلطات المحلية مسؤولية تعميق الأزمة من خلال بطئها في تقديم الحلول مؤكدا ان رد المسؤولين كان صادما «حلّو الاعتصام ...توا هوما يحلو الطريق» مشيرا إلى أن الاعتصام (في الصحراء) لم يضر بمصالح المواطنين ولم يوقف الدروس. ودعا السويسي كل الإطراف الى تحكيم العقل والتفاوض بطرق قانونية والابتعاد عن منطق الجهويات والعروشية والإضرار بمصالح المواطنين مؤكدا أن كل الأطراف المتنازعة عازمة على تنفيذ بنود الاتفاق قائلا « نحن مع التهدئة والحوار لكن بالطرق القانونية وبلا ضغوطات». أيادينا ممدودة للصلح في المقابل، دعا محمد بن سالم رئيس مجلس تصرف دوز الغربي إلى تهدئة النفوس طالبا من كل الأطراف وخاصة عقلاء العذارى وحكماءها إلى التدخل وتهدئة الأهالي وتحكيم القانون لفض النزاع واحترام أحكامه مهما كانت النتيجة مؤكدا ان استعراض العضلات وحرق الممتلكات لن يستفيد منه أي طرف بل سيدخل الجهة في دوامة الفوضى غير محمودة العواقب. وأضاف بن سالم ان أهالي دوز الغربية راضون بأي حكم وسيتجاوبون معه ايجابيا شرط ان يكون القانون هو الفيصل وسيد الموقف رغم اعتباره أنّ الأرض المتنازع عليها من حق أهالي دوز الغربي قائلا « أيادينا ممدودة للصلح والحوار والتفاوض لكن بالقانون وليس بالاحتكام الى قوة الشارع». وذكر بن سالم ان الأرض المتنازع عليها، حسب الرائد الرسمي، تابعة لدوز الغربي، وأنه تم إبرام عقد منذ ثمانية أشهر مع شركة التنقيب عن البترول الفرنسية لكن بعد ذلك تم اكتشاف خلل في العقد من حيث تقدير قيمة الأرض وأنهم لذلك قدموا للشركة المذكورة ، عن طريق المعتمد الاول، طلبا في مراجعة العقد مشيرا إلى أن الشركة وافقت وأنه تم تعيين خبير لتقدير قيمة الأرض مرة أخرى لكن أهالي العذارى قاموا بتقديم اعتراض للوالي وطالبوا بتحديد الأرض المقام عليها المشروع كما قرروا الاعتصام في الصحراء وتعطيل عمل الشركة . وأضاف بن سالم قائلا :« خيرنا عدم التدخل لتجنب الفوضى وطالبنا السلطات المعنية بحل الأزمة ورغم تدخل الوالي عديد المرات فلا نتيجة تذكر». واكد بن سالم انهم اقترحوا على وجهاء العذارى حلا وقتيا يتمثل في ترك الشركة تعمل (حوالي 400 عامل ينتظرون بداية الأشغال) ووضع قيمة كراء الارض (حوالي 45 مليون في السنة) عند احد المحامين الى حين فض النزاع بالقانون مشيرا إلى أن هذا الاقتراح قوبل بإعلان اعتصام على الأرض المتنازع عليها. ودعا بن سالم كل أهالي دوز الغربي وزعفران والغليسية الى تنفيذ بنود الاتفاق الذي حرر اول أمس في محضر الجلسة وتجنيب المنطقة حالة الفوضى.