كيف يصل فرنسي وهولندي يقيمان في تونس إلى كل ذلك التوتر الذي كان يميّز علاقة رود كرول وسيباستيان دوسابر في الفترة التي شهدت إشراف الأول على أكابر كرة قدم شيخ الأندية التونسية ؟ ... هل جاء الرجلان بكل ذلك الجفاء الذي وصل إلى حد العداء معهما من بلديهما ؟ ... هذان السؤالان البارزان يفرضان نفسهما بشدة في حقيقة الأمر في شأن ما سمي بقضية دو سابر وكرول لأن عقلية المدربين الأوروبيين من المفروض أن تكون « نظيفة» وبعيدة كل البعد عن مثل هذه المتاهات والتفاهات. الإجابة على هذين التساؤلين بسيطة جدا وواضحة وضوح الشمس في عز « قيلولات أوسّو» ولا تستدعي بحثا أو تحليلا ولا تفكيرا عميقا ، فكرول ودوسابر لا يعرفان بعضهما قبل الحلول بحديقة الرياضة «ب» ولم يتقابلا قط ولا يكنّ أحدهما للآخر حقدا أو ضغينة وهما بالتالي لم يصلا إلى تلك الوضعية العدائية الغريبة والعجيبة من تلقاء نفسهما بل إن « أولاد الحلال » هم الذين تولوا مهمة أو بالأحرى جرم جرّهما إلى ذلك «بالتكمبين والتفتين وتكبير النفوس» والفتنة وهي أشد من القتل... الهدف من ذلك ليس خدمة مصلحة الترجي الرياضي أو إيمانا بمستوى وإمكانيات الهولندي أو الفرنسي ، أبدا ، لا هذا ولا ذاك ، وإنما الهدف الأساسي بل الوحيد هو المصلحة الشخصية لهؤلاء الأشخاص الذين يحذقون جيدا بث الخلافات والبلبلة وهي مهام تستوجب التودد والتقرب وربط علاقة صداقة مع أحد الرجلين و« النفخ في صورته» مما يمنحهم الحصانة والرضاء وكذلك التقرب من رئيس النادي وما ينجر عن ذلك من امتيازات وتسميات ومهام ومسؤوليات. صاحب الإختصاص رفض النقد ... امتنع دو سابر خلال الندوة الصحفية التي نظمها الترجي الرياضي يوم الإثنين المنقضي لتقديم مدربه الجديد عن انتقاد سلفه رود كرول والحديث عن الفترة التي قاد فيها الهولندي الفريق فنيا مكتفيا بالنظر إلى الأمام والتركيز على ما هو قادم... هذا التصرف يحسب للفرنسي حيث تعالى دو سابر على سلوكيات وتصرفات هابطة وغير لائقة واحترم زميله وفي ذلك احترام لنفسه على الرغم من أنه من أهل الإختصاص فنيا ومؤهل بالتالي إلى تحليل فترة كرول وانتقادها والتطرق إلى سلبياتها وأخطائها. في المقابل ظهر بعض المسؤولين ممن لم يرتدوا في حياتهم تبانا رياضيا ولا يفقهون شيئا في أبجديات وأصول كرة القدم وليسوا بالتالي مؤهلين للحديث عن الميدان والفنيات وانهالوا على كرول نقدا وإساءة وذبحوه من الوريد إلى الوريد وجعلوا منه مدربا فاشلا ماسحين فيه كل هفوات وسلبيات الفريق والوضعية التي وصل إليها الترجي الرياضي في مغامرته الإفريقية... ممارسات غريبة عوّدنا الترجي الرياضي على شكر وتكريم مدربيه بعد إقالتهم أو على الأقل الإلتزام بالصمت والإنكباب على العمل والنظر إلى الأمام والتركيز على ما هو قادم لكن هذه المرة تغيرت المعطيات – وسبحان مبدل الأحوال – حيث خرج من يمثل الأحمر والأصفر ليوجه النقد والسهام نحو كرول ويهاجمه بطريقة شديدة وغريبة في الآن نفسه... هي ممارسات دخيلة على الأحمر والأصفر لكنها كشفت مدى الحقد والكراهية التي يكنها « هذا المهاجم الشرس» ومن وراءه للهولندي وتفسر كذلك نسبة العداء الموجودة في قلوب أطراف مسؤولة في فريق باب سويقة كانت تخطط من زمان لهذا اليوم وسعدوا بحلوله ومثل بالنسبة إليهم يوم عيد ولم يفوّتوا بالتالي الفرصة لسلخ ضحيتهم بعد الإجهاز عليها. هذا السلوك غير الحضاري بالمرة وغير التلقائي ليس من عادات فريق باب سويقة ولا من تقاليده ولا يشرف قط العائلة الترجية ولا يليق بها وهو مرفوض وغير مقبول من طرف كل الترجيين الحقيقيين دون استثناء لكن مقابل ذلك كشف لنا مستوى تفكير وتصرف بعض الأشخاص الذين منحت لهم مهام ومسؤوليات في صلب النادي وهم في الحقيقة دخلاء عنه وفاشلون في صلبه ويقودونه إلى الوراء في كل شيء ... إن ما حصل لكرول لم يعرفه أي مدرب مر بالترجي الرياضي فمثل هذا الهجوم من قبل بعض المسؤولين في وسائل الإعلام ونظرات وابتسامات « الشماتة» من جهة والسعادة والسرور من جهة أخرى هي دليل قاطع عما كان يتعرض له الهولندي من عراقيل في الفريق وما كان يحاك ويخطط للإطاحة به ، وحصول كل هذا في فريق مثل الترجي الرياضي أمر مؤسف جدا لأن المسؤولين لا يمكن أن يتعدوا بعض الخطوط وأن ينزلوا بالمستوى إلى هذه الدرجة. فضيحة ترفع دو سابر عن الحديث عن سلفه يؤكد أن الرجل زج به زجا في الخلافات مع رود كرول وأنه ليس من هواة هذه المشاكل والإنشقاقات ولا يرغب في مثل هذه التفاهات التي ينتهجها من أوكلوا لأنفسهم مهمة الدفاع عنه وتلميع صورته وضرب الهولندي وترصد هفواته للقضاء عليه ... الفرنسي ليس غاية في حد ذاته لأن البعض لا تهمهم مصلحة الترجي الرياضي بل هو وسيلة يضمن لهؤلاء تسلق سلم المسؤوليات صلب النادي وبلوغ سدة القرار في فريق أكابر كرة القدم لا أكثر ولا أقل ، لذلك فليكف هؤلاء الحديث عن حب الترجي الرياضي والإنتماء إليه والدفاع عن لونيه وخدمة مصالحه بعد أن بانت نواياهم وحقيقة أهدافهم من جهة وبعد فشلهم الذريع في كل شيء وخاصة ماديا من جهة اخرى وهو مجال لو رفع عنه رئيس النادي يده فإن الفريق سينهار بصفة كلية وكاملة وسنتطرق قريبا إلى فشل المشاريع بكل التفاصيل وإلى تكبد حمدي المدب المصاريف بمفرده دون إعانات من أصحاب الفشل والسابحين ضد التيار. محاولات الرفع من شأن دو سابر دون علمه وصلت بالبعض ممن يظنون أنهم يخدمون مصلحة الفرنسي فعلا وتلميع صورته إلى حد التبجح ببرامج التمارين والحصص التدريبية في وسائل الإعلام ... نعم هكذا وصل المستوى بالبعض والحال أن مثل هذه البرامج موجودة حتى في الفرق الهاوية والأمر «موش فال» ولا يعد ميزة يمكن أن ينفرد بها فريق على الآخرين وهي طريقة عادية ينتهجها كل المدربين في كل الأندية، ولذلك فإن الحديث عنها في وسائل الإعلام والتبجح بها من طرف مسؤول في شيخ الأندية التونسية يعتبر فضيحة ... المؤسف أن البعض يعتقد أنها طريقة جديدة في العمل ويتضاعف الأسف ليبلغ حد الكارثة والفضيحة حين يصدر مثل هذا التصرف عن مسؤول في الترجي الرياضي وأكيد أن مثل هذه التصرفات تسيء لدو سابر نفسه. حماية «دوسابر» الآن وبعد أن كشفت كل الأوراق واتضحت النوايا وخبث البعض ومستوى تفكيرهم وتصرفهم فإن مصلحة الترجي الرياضي تقتضي حماية المدرب سيباستيان دو سابر من عصابة الفتنة و«التكمبين» داخل الترجي الرياضي ومن الحلف الذي زج به فيه مكرها لا بطلا لأسباب واعتبارات لا تعنيه قط ... الفرنسي لا يمكنه البقاء في مثل هذه الأجواء ووسط هؤلاء الأشخاص الذين سيشوّشون على عمله « بتنبيرهم» ونصائحهم التي لا تهمها مصلحة الأحمر والأصفر بتاتا ولا تسمح للمدرب بالتركيز في مهمته وتحقيق أهدافه... هذا الشحن وهذه الإنشقاقات والإنقسامات والأجواء لم يعد لها مكان في فريق باب سويقة وأكيد أن رئيس النادي حمدي المدب سيقضي على مثل هذه العوامل والعناصر التي تعرقل مسيرة الأحمر والأصفر وسيحمي مدربه من مثل هذه الممارسات والأفكار المسمومة التي ستعمل على تسيير الفرنسي حسب أهوائها ومصالحها ... المدب لن يترك البعض يرتعون كما يشتاهون في حديقة الرياضة «ب» ويشوهون صورة النادي بسلوكياتهم الهابطة مما يرفض اتخاذ قرارات حاسمة منتظرة في أقرب وقت لتخليص النادي من كل هذه المشاكل وضمان مسيرة موفقة له في المستقبل.