الكنيسة الأرتودوكسية اليونانية هي تلك البناية التي لا تكاد تلاحظ في اول شارع روما بالعاصمة بل إن مجاورتها للكنيسة الكاتوليكية المعروفة بشارع بورقيبة جعل الكثيرين يعتقدون أنها تابعة لها. ورغم عراقة الوجود الأرتودوكسي ببلادنا والذي يعود إلى القرن السابع عشر فإننا لا نعرف الكثير عن هذه الجالية والتي تضاءل عددها من 3000 نسمة في القرون الماضية إلى حدود 50 نسمة حاليا. وقد قام أمس البابا تيودور الثاني بطريرك الإسكندرية وكامل انحاء افريقيا بزيارة لهذه الكنيسة أين احيا قداسا بحضور الجالية الارتودوكسية بتونسوالجزائر والمغرب. كما قام بتكريم مجموعة من الشخصيات تقدمهم الرئيس منصف المرزوقي والعميد الحبيب الكزدغلي ويوانيس بورقلو رئيس الجالية اليونانية بتونس. ومنذ ساعات الصباح الأولى توافدت أعداد من الجالية اليونانية بتونس ومن بعض البلدان الأوروبية كفرنسا وألمانيا ومن مختلف بلدان المغرب العربي باستثناء ليبيا التي لا تقيم بها جالية يونانية. وقد تلا البابا تيودور الثاني الصلوات وأقام الطقوس الكنسية باللغة اليونانية وهي عبارة عن ترانيم دينية قديمة لم يقع تعريبها على غرار الكنيسة القبطية رغم قدم إقامة اليونانيين بمصر بل حافظوا عليها بلغتهم الأم. تكريم إعترافا من الأب تيودور الثاني بطريرك الإسكندرية وكامل أنحاء إفريقيا بمجهودات الدكتور الحبيب الكزدغلي عميد كلية الاداب بمنوبة العلمية في إماطة اللثام عما كان مجهولا من تاريخ الأرتودوكس اليونانيين بتونس إذ قام بعدة أبحاث في هذا الشأن قام الأب تيودور الثاني بتوسيمه بالأسد الذهبي الوسام الأكبر للكنيسة الأرتودوكسية وقد شكره العميد على هذا التشريف معتبرا أن التكريم يتجاوز شخصه ليكون تكريما للجامعة التونسية التي كانت دائما منفتحة على كل مجالات البحث بلا إقصاء ديني أو مذهبي أو سياسي. و كان التكريم الثاني من نصيب رئيس الجالية اليونانية بتونس يوانيس بودرقلو لما يبذله من مجهودات في الاحاطة بالجالية الأرتودوكسية بتونس في مهمة هي بالأساس إجتماعية إذ يعتني بالجالية من النواحي الحياتية والتعليمية وكل ما يخص حياتهما اليومية وهي جالية تتميز بالتكافل بشكل كبير. تنصيب الأب اليكسوس ميتروبول قرطاج وكناس المغرب العربي وقع خلال هذا المحفل تنصيب اليكسوس ميكروبول قرطاج مسؤولا عن كنائس المغرب العربي في الجزائر والمغرب وموريتانيا إضافة إلى تونس وهو ما يعتبر تكريما للكنيسة الأرتودوكسية بتونس وقد قام البابا تيودور بتلاوة الصلوات لمباركة هذا التنصيب. تكريم الرئيس منصف المرزوقي لم يفوت الرئيس منصف المرزوقي هذا المحفل الذي يخص احدى أقليات المجتمع التونسي ليكون حاضرا تعبيرا عن إعتراف تونس بهذه الأقلية العرقية الدينية فقام البابا تيودور الثاني بتقليده رمز الكنيسة الأرتودوكسية بالإسكندرية وكامل أنحاء إفريقيا معتبرا أن كنيسة قرطاج ستبقى دائما رمز الحب والتسامح بتونس وبدوره عبر له الرئيس عن سعادته بهذا التكريم مؤكدا أن تونس ستبقى دائما رمز الحب والإخاء بين مختلف الديانات وأن حرية المعتقد مكفولة لجميع التونسيين على إختلاف أعراقهم وأديانهم وثقافاتهم. آراء بعض الحاضرين لاحضنا وجود الدكتور عبد الحميد الأرقش أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة تونس فسألناه عن سر وجوده فقال: «وقعت دعوتي لحضور هذا الموكب بصفتي جامعي أشرف على الأبحاث التي تخص الأقليات الدينية والتعدد الثقافي الذي تميزت به تونس منذ قرون وترك آثارا مادية ولا مادية في حياتنا وحضرت أيضا بصفتي صديق للعميد الحبيب الكزدغلي الذي تم تكريمه لما قدمه من خدمات علمية للحفاظ على ذاكرة الأقلية اليونانية التي استقرت بالسواحل التونسية والعاصمة وقدمت بمهاراتها الكثير لهذه البلاد. اذن فالموكب في جانب منه علماني (لا ديني) انساني بالاساس فهو تكريم للعلم ولقيم يجب أن نحافظ عليها وننتصر لها وباعتباري مدير مخبر البحث والتراث ومختص في التاريخ الاجتماعي والثقافي لا يمكن أن أفوت هذه المناسبة التي تعكس الثراء والتنوع الثقافي ببلادنا». إيمان أحد أفراد الجالية اليونانية بتونس سألناها ماذا تمثل لها هذه المناسبة فقالت: «إنها مناسبة لا تتكرر كثيرا وهذه أول زيارة للبابا منذ عشر سنوات وقد جئت لأعبر له عن عظيم شكري لعطفه اللامتناهي على الجالية الأرتودوكسية في أكثر من 48 كنيسة بكامل انحاء إفريقيا باعتبار أن وظيفة البابا ليست فقط دينية وإنما إجتماعية أيضا فهو يوفر الدعم المادي والمعنوي لكل اليتامى والفقراء كما ينفق كذلك على التعليم والمستشفيات وغيرها من المرافق الضرورية. يوانيس برقلو رئيس الجالية اليونانية بتونس سالناه عن مدى تاقلم الجالية اليونانية مع المجتمع التونسي فقال: «الأرتودوكس اليونانيين بتونس هم الأكثر تأقلما مع مجتمعهم في العالم ونحن تونسيون بالأساس ورغم أن عددنا تضاءل من 3000 في ما مضى إلى حدود 50 حاليا فإن ذالك لا يعود الى سوء تأقلم وانما الى ظروف إقتصادية كما نعتبر ان زيارة البابا تيودور الثاني لتونس فرصة لابراز خاصية التسامح في المجتمع التونسي. تغطية: عبد الرزاق بالرجب