أعلن صباح أمس مهدي جمعة رئيس الحكومة أن هيئة الحقيقة والكرامة ستعقد أول اجتماع لها يوم 17 جوان الجاري، مؤكدا عزم الحكومة على تمكين الهيئة من كافة مستلزمات العمل وعلى مساعدتها على إعداد ميزانيتها واتخاذ كافّة التدابير للانطلاق في إنجاز مهامّها. وشدّد رئيس الحكومة خلال كلمة ألقاها في المؤتمر الدولي الذي خصص لتركيز هيئة الحقيقة والكرامة بمقر وزارة العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية بحضور رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي وفؤاد المبزع رئيس الجمهورية السابق وعلي العريض رئيس الحكومة السابق ومجموعة من الوزراء ورؤساء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وممثلي دول أجنبية وهيئات مستقلة وشخصيات الوطنية على أن كافة مصالح الدولة والهيئات والمؤسّسات ملتزمة بتيسير مهامّ الهيئة ومدّها بكلّ ما يتوفّر لها من معطيات بما يمكّنها من أداء مهامّها وممارسة صلاحيّاتها على أفضل وجه معلنا أن رئاسة الحكومة ستضع على ذمّة الهيئة مقرّا مؤثّثا حتّى تنطلق في أعمالها بصفة فوريّة وتتمكّن من تركيز جهازها التنفيذي وإعداد ميزانيتها وبرامج عملها على حد تعبيره . وأوضح مهدي جمعة أن المرحلة تقتضي إصلاح مؤسّسات الدولة ومنظومتها القانونيّة ومنع انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان من خلال معالجة أسباب ظهور القمع والفساد والإستبداد معتبرا أن طي صفحة الإنتهاكات والمظالم مسؤولية الجميع من سلطة وهيئة ومجتمع مدنيّ. تصاعد الشعور بالضّيم من جهته اقر منصف المرزوقي خلال كلمته أن رئاسة الجمهورية ستضع جميع ملفاتها تحت تصرف الهيئة بداية من أمس داعيا الحكومة إلى تمكينها من كافة الإمكانيات المادية الضرورية وكل التسهيلات الإدارية. وتحدث المرزوقي عن وجود العديد من المؤشرات الدالة على تصاعد الضيم والإحباط في صفوف المواطنين نتيجة ما يشهدونه يوميا على الساحة السياسية قائلا «بعد أكثر من ثلاث سنوات على الثورة لم نر تراجعا في الشعور بالظلم لدى شعبنا بل بالعكس الكثير من المؤشرات تدل على تصاعد الشعور بالضيم وبالإحباط أمام ما تشهده يوميا على الساحة السياسية وقد عايشنا جميعا نوبات الغضب الشديد من الأحكام التي صدرت بخصوص شهداء الثورة». وأشار رئيس الجمهورية الى أن العدالة لا تتحقق إلا من خلال مكونين أساسيين وهما تعويض الضحية ومعاقبة الجاني وتابع في هذا الصدد « كلنا نعرف أنه بقدر ما ترفع نسبة العقاب وتنخفض نسبة التعويض بقدر ما نحن أمام عدالة انتقامية ومن ثمة أمام عدالة من الصنف البدائي وعلى العكس بقدر ما ترتفع نسبة التعويض وتقل نسبة الانتقام بقدر ما نحن أمام الصنف المتحضر من العدالة وذروتها العدالة الانتقالية ولا نريد في هذا البلد عدالة انتقامية وإنما عدالة انتقالية». أما مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي فقد تحدث في كلمته عن استقلالية هيئة الحقيقة والكرامة المالية والإدارية قائلا بأنها تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري وتعمل في إطار الحياد التام ولا يمكن التدخل في أعمالها أو التأثير على قراراتها على حد قوله. وأشار بن جعفر إلى أن هذه الهيئة ثمرة عمل طويل وتحقيق لأحد استحقاقات الثورة ولانتظارات التونسيين معتبرا أن نجاح مسارها يرتبط بكشفها للحقيقة. من جهته اعتبر حافظ بن صالح وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أن مدة 6 أشهر المحددة لهيئة الحقيقة والكرامة قبل مباشرة عملها فعليا ستمكّنها من وضع نظامها الداخلي داعيا أعضاءها للانفتاح على الخبرات وشباب الثورة في رصد الانتهاكات. إشعاع لتونس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال في رسالة لأعضاء هيئة الحقيقة والكرامة إن تركيزها بصفة رسمية يعد مصدر إشعاع جديد لتونس من جهتها عبرت هيلين كلارك مديرة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي عن دعمها لهذه الهيئة. و في حديث ل «التونسية» اقر عضو هيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي أن يوم 17 جوان الجاري سيكون تاريخ الاجتماع الأول لأعضاء هيئة الحقيقة والكرامة وانه سيتم خلاله توزيع المسؤوليات واختيار الرئيس ونائبه قائلا «أمامنا ستة أشهر لتركيز الإدارة المركزية والمكاتب الجهوية والجهاز التنفيذي وسننطلق بعد ذلك فعليا في العمل بقبول ملفات الضحايا وكل من له علاقة بمسار العدالة الانتقالية ونحن لم نحدد بعد الملفات المستعجلة لكننا سننظر خلال اجتماعنا المرتقب في ما إذا كنا سنعتمد التسلسل التاريخي أي بداية من جويلية 1955 إلى حين صدور القانون أو اعتماد مدى أهمية الملفات المتعلقة بالانتهاكات. واذكر في هذا الإطار أن الفصل الثامن من القانون يحدد الانتهاكات الجسيمة مثل القتل العمد والاختفاء القصري وتزوير الانتخابات والفساد المالي وكلها ملفات سننظر فيها خلال اجتماعنا». وتلت الكلمات الرسمية للمتدخلين جلسات مختلفة تخللتها مداخلات عدة لرؤساء واعضاء لجان الحقيقة لعرض تجارب دولية اضافة الى اقرار مجموعة من الورشات تناولت موقع لجنة الحقيقة ودورها في تجاوز ثقافة الدكتاتورية ودور المجتمع المدني في مسار العدالة الانتقالية. غادة مالكي