أكثر من 300 جمعية أوروبية وإفريقية في مسيرة دفاع عن حقوق المهاجرين عاد ملف المهاجرين التونسيين المفقودين في ايطاليا ليلقي بظلاله مجددا على سطح الأحداث حتى انه أصبح الشغل الشاغل لأغلب مكونات المجتمع المدني والجمعيات الأوروبية والإفريقية الناشطة بأوروبا. وفي هذا الإطار كشف عماد السلطاني رئيس جمعية «الأرض للجميع» المتواجد حاليا بإيطاليا في اتصال هاتفي ب«التونسية» ان جمعية الأرض للجميع شاركت رفقة أكثر من 300 جمعية أوروبية في مسيرة ضخمة سيرا على الأقدام ،مؤكدّا انّ هذه المسيرة انطلقت مؤخرا من «سترازبورغ» على أمل الوصول إلى «بروكسال» في 30 جوان وأنّها ستقطع حوالي 600 كلم . وقال السلطاني انّ هذه المسيرة سترّكز على أوضاع ومشاكل المهاجرين غير الشرعيين، وأنّها تأتي للتنديد بسوء المعاملة التي يتعرّض إليها المهاجرون غير الشرعيين، مؤكدا انّ الجمعيات الأوروبية كانت قد تحصلّت على ترخيص من الإتحاد الأوروبي للقيام بهذه المسيرة الضخمة. وأضاف انّ جمعية «الأرض للجميع» تحمّل السلطات الإيطالية مسؤولية الغموض الذي رافق ملف المفقودين التونسيين في ايطاليا وكشف انه التقى خلال هذه المسيرة بنائبة من الإتحاد الأوروبي وتحديدا في «سترازبورغ» وأنّه طرح عليها ملف الغموض الذي يلفّ فقدان نحو 501 تونسي في ايطاليا وملابسات كارثة 9 جوان2012 وتقصير السلطات الإيطالية في نجدة مركب «الحارقين» مما أدّى إلى هلاك 80 تونسيا، واعتبر انّه رغم تأخرّ النجدة فإن 56 تونسيا فحسب كتبت لهم النجاة بواسطة مجهوداتهم الشخصية، مؤكدا انه رغم الإتّصالات الهاتفية المكثفة التي أجراها البعض منهم فإنّ السلطات الإيطالية تعمّدت غضّ الطرف وعدم تقديم المساعدات، وقال انه بعد عمليات التدقيق لم يعد هناك أي مجال للشك في انّ ال80 تونسيا قد لقوا حتفهم بعرض البحر وان المركب غرق آنذاك ملاحظا انه تم ترحيل الناجين الذين أجروا أغلب الإتصالات الهاتفية طلبا للنجدة لكي لا تصل الفضيحة إلى الإعلام. وأكدّ انه التقى بأحد المهاجرين المرّحلين في تونس وتمّ التثبت من كشف المكالمات المجراة في ايطاليا والتي تحمل التوقيت والتاريخ . وكشف انّ تونس لم تثر هذا الموضوع مع الحكومة الإيطالية للحفاظ على المصالح والعلاقات الديبلوماسية ملاحظا أنّه بإمكان المجتمع المدني فتح هذا الملف الشائك وكشف الحقيقة ورفع القضايا . وأكدّ انّ هناك قضية جارية لدى المحكمة الإيطالية حول التقصير الذي قامت به الحكومة الإيطالية وعدم إنقاذ عديد الأرواح البشرية ،وقال ان إيطاليا مورّطة بنسبة كبيرة في هذا الملف، مؤكدا انه ومن حسن الحظ أنّه أصبح بإمكان المجتمع المدني بعد الثورة مقاضاة بلدان أوروبية والمطالبة بحقوق التونسيين المسكوت عنها. وقال محدّثنا إنّ الجمعية طالبت بالكشف عن جميع المستجدات والملابسات التي رافقت حادثة 9 جوان 2012 على الأقل لكي تعرف أمّهات المفقودين حقيقة ما حدث. وأضاف انه متواجد حاليا بالتراب الإيطالي لإتمام بعض الإجراءات والوقوف على بعض الملفات في هذا الخصوص وأنه سيعود يوم 17 جوان إلى بروكسال للإلتحاق بالمسيرة التي ستصل يوم 20 جوان ،وقال انّ هذه المسيرة ستّتوج يومي 26 و27 جوان بندوة حول الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين، وأنّ كل جمعية ستطرح ملفاتها بهذا الشأن. وأكدّ السلطاني انّ هناك معطيات جديدة في خصوص بعض الحارقين المفقودين في 2010 اي قبيل الثورة التونسية ،وقال انهم توصلوا مؤخرا إلى معطيات مفادها انّ البوليس الإيطالي حقق مع تونسيين متهمين بالإرهاب ،مضيفا انه تم العثور على ابن السيدة «منيرة الشقراوي» وأنه تمّ الاتصال بها لإتمام بعض الإجراءات وعبرّ عن تفاؤله بخصوص هذا الملف مرّجحا ان ابنها على قيد الحياة وأنّه موقوف على ذمة هذه القضية. وحول جديد مراكز الإيقاف بإيطاليا قال السلطاني انّ سوء المعاملة مستمر باغلبها، مؤكدا ان البوليس الإيطالي يعامل المهاجرين غير الشرعيين حسب أهوائه وكشف انهم وقفوا على إخلالات بالجملة جعلتهم لا يصدقون ان دولة ديمقراطية تقدم على مثل هذه المعاملات. وأضاف السلطاني أن ايطاليا أصبحت تتاجر بهذا الملف وتتحصلّ على ارباح خيالية على كل مهاجر غير شرعي يصل الى ترابها، مضيفا انها تتلقى مقابل الشخص الواحد مبلغا يتراوح بين 80 و100 دولار وأنها تتحصل على نحو 100 مليار سنويا وكشف أنها تنفق اقل من 30 دولارا على «الحارق» وأنّ مراكز الإيواء تفتقر إلى الظروف اللاّئقة . وقال انّه يرجح وجود نحو 3 ألاف تونسي حاليا بمراكز الإيقاف الإيطالية، مؤكدا ان بعضهم قد يمكثون حوالي سنتين هناك ملاحظا انّ الأغلبية منهم يرفضون العودة إلى تونس، وأكّد السلطاني ان الجمعية قامت بعديد المحاولات للحصول على المعطيات الدقيقة في خصوص عدد التونسيين المتواجدين بمراكز الإيقاف لكن مطلبها جوبه بالرفض. واعتبر انه في غياب تمثيلية تونسية قوية تقف على ملف التونسيين «الحارقين» فإن المعاملات لا يمكن أن تتغيّر. وكشف ان ألف افريقي وصلوا مؤخرا إلى «لامبيدوزا» قادمين من ليبيا على متن مركب واحد مشيرا إلى أنّ السواحل الإيطالية تستقبل يوميا عددا هاما من «الحارقين» وقال ان التدفق يأتي حاليا من ليبيا في حين تقلّص العبور عبر الحدود التونسية.