إمتنع الجنرال رشيد عمار القائد السابق للجيوش الثلاثة رئيس أركان الجيش الوطني سابقا عن الخوض في العملية الإرهابية التي استهدفت جنودنا مساء الأربعاء الماضي في هنشير التلة بجبل الشعانبي والتي راح ضحيتها 14 شهيدا و23 جريحا معبرا عن ألمه لهذه الخسارة الجسيمة مبديا تعاطفه مع أبنائه وزملائه في الجيش الوطني . وحين سألنا الجنرال عمار «ألم يحن الوقت لتتكلم؟» أجاب: « انا متدرب على قلة الكلام ، ومازلت ملتزما بالصمت». لم نترك الجنرال في حال سبيله، قلنا له إن التونسيين يريدون ان يعرفوا حقيقة ما يحدث ولماذا يموت جنودنا بهذا العدد وبهذه السهولة في مواجهة الإرهابيين ؟ حاول الجنرال التزام الصمت ولكننا لم نترك له مفرا، قلنا له إن عددا من وسائل الإعلام ترغب في استضافتك، الإذاعة الوطنية والتلفزة الوطنية وقنوات من خارج تونس ، نريد أن نفهم منك ماذا جرى وماذا يجري.. تكلم الجنرال قليلا، وقليل الجنرال كثير في هذه الظروف، ولكنه تحدث إلينا خارج إطار النشر أو التسجيل، ولم يكن أمامنا سوى ان نحترم رغبته ولكننا نستسمح الجنرال رشيد عمار لنكشف شيئا مما قاله لنا، إذ نبهنا إلى ضرورة التثبت من هيئة الإرهابي الذي قتله جنودنا ،هل هي هيئة شخص يعيش في جبل الشعانبي؟ وبالعودة إلى الصورة، نلاحظ ان القتيل عدنان الشرقي أصيل منطقة حي الزهور بالقصرين وأن والده كان قد أعلم السلطات الأمنية بإختفائه منذ ما يزيد عن السنة، حليق الرأس والذقن أي أنه يعيش بيننا وربما كان يشاهد بعد الإفطار «الكاميرا الخفية» ومسلسل «ناعورة الهواء» ولعله صادف سامي الفهري في «دليلك ملك» ... وفي إشارة الجنرال عمار غمزة ذكية للذين شككوا في تصريحه حين قال إنه تم تطهير جبل الشعانبي، فهؤلاء الإرهابيون غير مستقرين بالجبل بل ينتقلون إليه لتنفيذ عمليات محددة، وهنا يطرح أكثر من سؤال عن عشرات أعوان الغابات –يناهز عددهم الخمسين في محمية الشعانبي- وعن أعوان محطة الإرسال الإذاعي والتلفزي غير البعيدة عن مكان الحادثة الإرهابية الذين يتنقلون يوميا إلى موقع عملهم، ألم يلاحظ كل هؤلاء شيئا مريبا ؟ وردا على سؤالنا الجنرال عمار «لماذا قتل عدد كبير من جنودنا مقابل قتيل واحد من الإرهابيين ؟» همهم الجنرال ثم أضاف «لا يمكنني التعليق بشيء هناك قيادات ميدانية يمكنك أن تسألها». ومن اللافت أن الجيش الوطني كان يتقن الحفاظ على سلامة أفراده قبل مغادرة الجنرال عمار في جوان 2013 فحادثة الروحية شهدت إستشهاد عنصرين من الجيش الوطني مقابل قتيلين إرهابيين، وسقط قتيلان إرهابيان في بئر علي بن خليفة وجرح ثالث فيما جرح جندي واحد ، ويذكر أن الجيش الوطني لم يفقد سوى عنصر واحد برتبة رائد في أحداث سليمان الشهيرة –نهاية 2006 وبداية 2007- مقابل سقوط عشرة إرهابيين، وكان الجنرال عمار وقتها في قلب المعمعة ... طيلة المكالمة الهاتفية الطويلة التي جمعتنا بالجنرال عمار لم ينقطع الصراع بين رغبتنا في أن يتكلم وتمسكه هو بواجب التحفظ ، وأنهى الجنرال حديثه إلينا قائلا «لقد حذرت التونسيين من باب الواجب والنصيحة حين أعلنت مغادرتي لمهمتي وأوصيت بالحفاظ على المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية لأنهما دعامتا الحفاظ على بنيان الدولة فهل تراهم فعلوا ؟، ليس أمامنا سوى تنظيم الانتخابات في موعدها واحترام قرار الشعب التونسي ولكن على الذين سيتقلدون الحكم أن يدركوا أن مهمة جسيمة في انتظارهم لا تحتمل التأجيل إن كانت قلوبهم على تونس». وقبل أن ننهي المكالمة سألنا الجنرال عمار «هل سجلت إسمك للمشاركة في الانتخابات؟» فأجاب بحماس «نعم سجلت، وسأصوت خلال الإنتخابات لأول مرة في حياتي (يمنع العسكريون في تونس من المشاركة في الانتخابات) وأنا أدعو كل التوانسة الناخبين وخاصة «وليداتي وبنياتي» إلى الدفاع عن تونس بقيامهم بواجبهم الانتخابي وهذا يتطلب أولا التسجيل ...مضيفا «إذا كنتو خايفين على بلادكم سجلوا للانتخابات الجاية».