دخلت موجة الحرائق التي تشهدها جبال الكاف اسبوعها الثاني على التوالي مخلفة خسائر فادحة تقدر بمئات الهكتارات من المساحات الغابية علاوة على تضرر مجموعة من الاملاك الخاصة وكميات كبيرة من المحاصيل الفلاحية خاصة منها اكوام التبن. «التونسية» زارت عدة نقاط متضررة في قلب سلسلة جبال «ورغة» ووقفت على هول وفداحة الاضرار التي خلفتها هذه الحرائق... حرائق متزامنة ومتواترة لا يكاد ينطفئ حريق حتى تندلع ألسنة اللهب في مكان قريب... هكذا هي الحال في غابات سلسلة جبال «ورغة» الممتدة بين منطقتي ساقية سيدي يوسف والطويرف بالكاف. حرائق متواترة واخرى متزامنة تندلع في اوقات متقاربة وفي اماكن متجاورة مما يعزز الشكوك بوقوف اطراف مشبوهة وراءها. حرائق تجاوز عددها العشرين وانتشرت على كامل غابات جبال الكاف .. من يقف وراء هذه الحرائق؟ ترجح المصالح المختصة للحماية المدنية وإدارة الغابات اسباب اندلاع الحرائق بسلسلة جبال «ورغة» الى اربعة اسباب وعوامل رئيسية اولها القصف البري والجوي لمخابئ الارهابيين بهذه المناطق الوعرة وثانيها ارتفاع درجة الحرارة خلال الايام القليلة الفارطة مع هبوب رياح «الشهيلي» وثالث الاسباب هو تعمد بعض الاهالي حرق بعض المساحات الغابية لتغيير صبغتها من أراض غابية الى أراض فلاحية يمكن زراعتها والاستيلاء عليها تباعا ويعمد البعض من هؤلاء كذلك الى حرق هذه المساحات الشاسعة من الغابات للحصول على الفحم. ورابع الاسباب هو أن تكون هناك عناصر ارهابية تسعى الى اثارة البلبلة والرعب و زعزعة الامن عبر اشعال الحرائق في نقاط مختلفة من الغابة. استنفار أمني استنفرت مختلف الفرق الامنية التابعة لإقليمي الامن والحرس الوطنيين بالكاف مجهوداتهما لكشف الاطراف الخفية التي تقف وراء هذه الحرائق المتواترة والمتزامنة التي اضرت بنسيج الغابة هناك. وقامت هذه الوحدات باستدعاء مجموعة من الاطراف المشبوهة للتحقيق معها حول امكانية تورطها في اشعال هذه الحرائق. خلية مشتركة لمتابعة آخر التطورات امام تطور الحرائق وفقدان السيطرة على عدد من الحرائق تم مؤخرا بولاية الكاف تكوين خلية مشتركة تضم ممثلين عن ادارات الغابات والحماية المدنية و الامن والجيش مهمتها متابعة الوضع عن كثب وتنسيق مختلف التدخلات المشتركة لإكسابها النجاعة اللازمة... الاهالي غاضبون والحماية المدنية توضح عبر عدد من متساكني منطقة «البياض» و«الحزيم» و«الصعصاع» من عمادة «جرادو» بساقية سيدي يوسف ل«التونسية» عن غضبهم الشديد بسبب عدم تدخل فرق الاطفاء التابعة للحماية المدنية وادارة الغابات لإخماد الحرائق التي تحاصر منازلهم. واستغرب الاهالي من عدم تفاعل مختلف مصالح الحماية المدنية مع اتصالاتهم ونداءات الاستغاثة التي اطلقوها عبر مهاتفتهم المستمرة لرقم النجدة. من جهة اخرى نفى متساكنو هذه المناطق ما نسب اليهم من تهم حول امكانية تورط بعضهم في افتعال الحرائق بالغابات المجاورة لمساكنهم و مزارعهم بهدف توسيع اراضيهم الفلاحية على حساب الغابة. مصدر مأذون بالإدارة الجهوية للحماية المدنية بالكاف اكد ل«التونسية» ان مختلف الفرق تسعى جاهدة بما توفر لديها من امكانات لإطفاء كل الحرائق المندلعة في نقاط مختلفة من جبال الولاية. وأوضح مصدرنا ان تعزيزات في الاعوان والوسائل وصلت من الولايات المجاورة بهدف معاضدة مجهودات مختلف الفرق المحلية والإسراع بإطفاء الحرائق التي اشتدت وتيرتها مباشرة بعد عيد الفطر. الأضرار فاقت التوقعات أكدت مصادر من الحماية المدنية وإدارة الغابات ل«التونسية» ان الاضرار تعتبر كبيرة جدا ومؤلمة خاصة في ظل تواصل موجة الحرائق وهو ما لم يسمح للمصالح الفنية التابعة لهاتين الادارتين بضبط الاحصائيات الدقيقة حول الحجم الفعلي للخسائر والذي يتجاوز مئات وربما الآلاف من الهكتارات التي تضررت بالكامل جراء ألسنة اللهب. من جهة اخرى اصبحت بعض الحرائق تشكل خطرا كبيرا على سلامة متساكني المناطق الغابية (والمقدر عددهم بحوالي 35 الف نسمة بغابات جبل «ورغة») بعد اقترابها من منازلهم بشكل لافت.. ارتفاع كبير في درجة الحرارة نتيجة تعدد الحرائق وامتداد ألسنة اللهب الى الغابات القريبة من مدينة الكاف شهدت درجة الحرارة في هذه المدينة خلال اليومين الماضيين ارتفاعا ملحوظا كما غطت سحابة كثيفة سوداء سفح جبل «الدير» المطل على المدينة بالتوازي مع هبوب نسمات حارة لم يألفها متساكنو الجهة...