عاجل/بعد تحصن سنية الدهماني بها: أول رد لرئيس الدولة على ما أثير من ضجة حول "اقتحام" دار المحامي..    هذا فحوى لقاء سعيد بوزير الداخلية..    رئيس الدولة يكلف بنرجيبة بإبلاغ سفراء احتجاج تونس على التدخل في شوؤنها    التمويلات الأجنبية لعدد من الجمعيات أبرز محاور لقاء سعيد بوزيرة المالية    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا وتوقعات بنجاته    طقس الخميس: أمطار ضعيفة والحرارة تصل الى 41 درجة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..هكذا ستكون درجات الحرارة..    رئيس الجمهورية يركّد على ضرورة انسجام العمل الحكومي    لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي تبحث تنقيح قانون التعليم الخاص    نمو مستمر للإسلام في فرنسا    عاجل: بطاقة إيداع بالسجن في حق المحامي مهدي زقروبة ونقله إلى المستشفى    يوميات المقاومة .. تحت نيران المقاومة ..الصهاينة يهربون من حيّ الزيتون    عقارب: أجواء احتفالية كبرى بمناسبة صعود كوكب عقارب إلى الرابطة المحترفة الثانية.    متابعة سير النشاط السياحي والإعداد لذروة الموسم الصيفي محور جلسة عمل وزارية    بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. حالة رئيس وزراء سلوفاكيا خطيرة    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    الطقس يوم الخميس16 ماي 2024    الكشف عن شبكة لترويج المخدرات بتونس الكبرى والقبض على 8 أشخاص..    دعوة الى إفراد قطاع التراث بوزارة    أولا وأخيرا .. «شي كبير»    البنك الاوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقّع انتعاش النمو في تونس    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    المحامي غازي مرابط: سنطالب بعدم سماع الدعوى في حق مراد الزغيدي    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الديوانة تطلق خدمة التصريح بالدخول الخاص بالإبحار الترفيهي    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلطات    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    وزير الرياضة في زيارة تفقديّة للملعب البلدي بالمرناقية    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    اليوم إياب نصف نهائي بطولة النخبة ..الإفريقي والترجي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ عادل كعنيش ل «التونسية»: لا وجود لأحزاب تدعم الإرهاب في تونس
نشر في التونسية يوم 01 - 09 - 2014

«نداء تونس» جبهة أكثر منه حزبا بداخلها سمات ضعفها
تحوّل رجال أعمال الى نوّاب خطر على القرار السياسي
الاسلام في تونس هو اسلام عقيدة لا اسلام شريعة
مطلوب مدوّنة سلوك تمنع أيّ حزب من شيطنة الآخر
قانون الارهاب يكفي وزيادة
الغرب يسعى لإشعال فتنة في كل قطر عربي
حوار: أسماء وهاجر
كيف يبدو الوضع في تونس على ضوء التغييرات الجيوسياسية في العالم والمؤامرات التي تستهدف العالم العربي؟ وماهي حقيقة اللعبة السياسية في تونس على ضوء القطبية الثنائية «النهضة» والنداء واي حظوظ للدساترة في خضم التقلبات والاحداث في الانتخابات الرئاسية والتشريعية؟ وهل نجحت الاحزاب في وضع برامج عملية لمعالجة الاوضاع والارث الثقيل من العجز الذي تتخبط فيه البلاد؟ عيّنة من الأسئلة التي أجاب عنها الدكتور عادل كعنيش المحامي والناشط والمفكر السياسي والحقوقي من ابرز المدافعين عن قضايا التعذيب ايام كان الكلام صعبا في حوار «التونسية» معه.
كيف تقيم الوضع السياسي العربي العام الداخلي والخارجي؟
اعتقد ان ما يحصل حاليا في العالم العربي هو أمر خطير للغاية فقد استغل الغرب حالة الاحتقان التي كانت موجودة باغلب البلدان العربية نتيجة لانعدام اي نفس ديمقراطي ليدخلها في دوامة من التوتر وهكذا تحول الامر في اكثر من قطر عربي الى حرب اهلية شاملة. لو نظرنا الى ما يحدث في العراق وسوريا وليبيا وحتى مصر وتونس لتبيّن ان الغرب يريد اشعال فتنة حقيقية في كل قطر وهو يقوم بتقسيم الادوار اذ يتولى تقديم الدعم للشقين المتقابلين في كل قطر حتى لا يكون هناك منتصرا ولا مهزوما والمهم ان يستمر التوتر.
تقسيم الادوار يؤمنه حاليا الغرب عن طريق بعض البلدان الخليجية بحيث يقوم كل بلد بدعم شق على حساب آخر كما ان دول الطوق الامني مثل إيران وتركيا أدمجت في هذا المخطط الرهيب فاذا بتركيا التي علقنا عليها آمالا كبيرة تقف باستمرار لمناصرة الشق الذي لا يحظى بدعم ايران وهكذا تواصلت الاحداث دامية في العراق وسوريا وليبيا وتجري اليوم المحاولات الخطيرة لاختراق الجزائر التي يمكن القول انها الدولة العربية الوحيدة التي مازالت تمتلك عناصر القوة. فهنالك تحركات في مالي وليبيا لاستهداف الجزائر وتستعمل تونس كبوابة لتحقيق هذا الاختراق. لذلك فان الوضع السياسي في العالم العربي لا ينبئ باي خير. الغرب يريد تفكيك العالم العربي لمزيد السيطرة عليه وكل ذلك تستفيد منه بطبيعة الحال اسرائيل التي انفردت بالفلسطينيين.
امن تونس واستقرارها مرتبط الى حد كبير بأمن واستقرار الدول المجاورة لذلك فان الرأي العام الداخلي مدعو الى الانتباه للمخاطر الحقيقية التي تهدد البلاد والتي ساهمت الى حد كبير في غلاء الاسعار وانتشار الفوضى وبروز الارهاب بهذا الشكل المخيف.
كسب الرهان الذي نعيشه اليوم اهم من ان ينتصر حزب أو حركة سياسية على حساب اخرى في الانتخابات المقبلة. يجب على التونسيين مزيد الالتفاف حول بعضهم البعض وتجنب اية محاولة لتقسيم الشعب التونسي الى فئتين الاولى اسلامية والأخرى علمانية.
لقد شاهدنا وللاسف الشديد بعض الاطراف التي فجرت خلافاتها مع «النهضة» وحولتها الى خلافات تتعلق بعناصر الهوية معتبرة ان تونس ليست بالضرورة عربية اسلامية. هذا التوجه خطير للغاية لان خلاف الاحزاب المدنية مع «النهضة» لا يمكن ان يكون حول عناصر الهوية بل هو يتعلق بالاساس بمواصلة او عدم مواصلة النهج الحداثي الذي اتبعته الدولة منذ الاستقلال. ان اغلب التونسيين متشبثون الى حد النخاع بالبعد العربي والاسلامي فالاسلام يطبع حياة كل فرد منذ الولادة الى الوفاة مرورا بالزواج ولكن غالبية التونسيين متمسكين بالحداثة ويعتبرون ان المدرسة الاجتهادية التي ارساها محمد الفاضل بن عاشور تقوم دائما على الملاءمة بين النص القرآني وحاجات المجتمع فهي اذن مقاربة حضارية حداثية تصطدم مع القراءة السلفية التي يتمسك بها بعض الاسلاميين وهذا هو موطن الخلاف.
ان حركة «النهضة» لا يمكنها ان تحتكر موضوع العروبة والاسلام فهي عناصر تشترك فيها مع غالبية التنظيمات السياسية بما فيها الدستوريون الذين يتشبثون منذ ان قامت الحركة الدستورية سنة 1920على يد المرحوم عبد العزيز الثعالبي بعناصر الهوية ولكن ما يفرقهم على «النهضة» هو انتهاجهم منذ مؤتمر قصر هلال لسنة 1934للنهج الحداثي الذي ارساه الزعيم الحبيب بورقيبة الذي مازج بين الهوية والحداثة ولو انه ارتكب بعض الاخطاء التي لا تساوي شيئا امام ما حققه لهذه البلاد من مكاسب.
كيف تبدو لكم الانتخابات المقبلة وهل لكم قراءات حول ما ستؤول اليه نتائجها؟
ينقسم الرأي العام في تونس الى اربعة محاور سياسية فهناك الاسلاميون وهناك اليسار وبينهما يتموقع «نداء تونس» والحركات الدستورية.
حركة «نداء تونس» علّق عليها المتابعون للشأن السياسي آمالا كبيرة لاحداث التوازن. لكن هذه الحركة كانت عبارة عن جبهة وليست حزبا سياسيا فهي تحمل في داخلها سمات ضعفها اذ ان هناك اربع تيارات داخلية صلبها المستقلون واليساريون والنقابيون والدستوريون. وقد برزت رغبة من طرف المستقلين واليسار داخل الحركة في الوصول الى مجلس نواب الشعب اعتمادا على القواعد الدستورية وهذا امر لا يقبله غالبية الدستوريون وهو ما يفسر الخلافات الكبيرة التي عرفها «نداء تونس» بمناسبة اعداد القائمات الانتخابية مع ملاحظة شخصية اذ انني أؤمن ان رجال الاعمال مدعوون الى الابتعاد عن المسؤوليات السياسية. اذ يمكنهم دعم مرشح معين اما ان يتحولوا الى نواب فهو امر خطير للغاية على مجريات القرار السياسي. كما ان اهمية رجل الاعمال تكمن في البقاء في مؤسسته عوض ان يتحول مكانه الى اروقة ومقاعد مجلس نواب الشعب فبقاؤه بالمؤسسة انفع بالنسبة اليه وبالنسبة للوطن بصفة عامة.
اما بالنسبة للدستوريين فقد غلبت على البعض منهم نزعة الانانية واعتقد أنهم يتمتعون بميزة على حساب الاخرين وربما نفخ في جرابهم الغير لحسابات معينة ففشلت محاولات التوحيد وهو ما يشكل مصيبة كبرى على مستقبلهم على المدى المتوسط.
اما حركة «النهضة» فتبدو انها تحاول الاستفادة من التجربة القصيرة التي قضتها في الحكم وتحاول استبدال بعض العناصر المتطرفة بعناصر اكثر اعتدالا وهو ما يرجّح الا تعرف الانتخابات المقبلة تغييرا كبيرا في المشهد السياسي.
اما بالنسبة للانتخابات الرئاسية فان الامر مختلف تماما اذ يبدو أن «النهضة» تتحاشى ترشيح شخصية اسلامية معينة لانها تعتقد وان كان من شبه المؤكد انه سيمرّ للدور الثاني انه لا يمكن ضمان نجاحه في هذا الدور لان الاصوات سوف لن تؤول بالضرورة اليه لذلك فهي تبحث الى حد الان عن مرشح وفاقي لتضمن انتقال الاصوات في الدور الثاني اليه.
اما حركة «نداء تونس» فأعتقد أن الكاريزما التي يتمتع بها الباجي لا تضاهيها كاريزما أيّة شخصية اخرى في الوقت الحالي.
أمّا الدستوريون فمازالوا يتخبطون في اختيار مرشح لهم واغلب الظن انهم سوف لن يتفقوا على مرشح واحد.وامام هذا التشتت فانه يصعب التكهن بالشخصية التي تفوز في آخر الامر.
ما رايك في النظام الانتخابي المطبق بالبلاد؟
سيتم اعتماد نفس الطريقة لانتخاب اعضاء مجلس نواب الشعب وهي طريقة الاقتراع على القائمات مع اعتماد التمثيل النسبي وطريقة اكبر البقايا. هذه الطريقة تؤدي الى وجود تنافس داخلي في مستوى كل حزب. فحظوظ مَن لا يوضع على رأس القائمة في الفوز ستكون ضعيفة. وللخروج من هذا الاشكال هناك طريقة واحدة تتمثل في اقناع الشبان بان المسؤولية السياسية تاتي بالتدرج فاليوم يقبل الشاب ان يكون في المرتبة الثالثة او الرابعة او حتى الثامنة بالقائمة على أساس انه سيتقدم في الترتيب في الانتخابات المقبلة وخاصة الانتخابات البلدية مع التاكيد ان المهم في حياة الحزب هو وصول منخرطيه الى التواجد بالمجلس النيابي بقطع النظر عن اشخاصهم لان الاحزاب تقوم على البرامج وليس على الاشخاص لكن في الوقت الحالي فان البرامج الحزبية لا تكاد تذكر اصلا وحتى ان وضعت فانه لا يقع الاهتمام بها. فكل شخص لا يقع ترشيحه من قبل الهيئة المركزية في المواقع المتقدمة من القائمة الانتخابية نجده يعلن عن عزمه تشكيل قائمة مستقلة او الاستقالة من الحزب.
وقد بدأ البعض يتناقل أن بعض الاشخاص الذين قبلوا الترشح في القائمات في مواقع متاخرة اصبحوا يلوّحون بالمطالبة بمقابل مادي واتمنى ان تكون مثل هذه الأخبار من قبيل الاشاعات لان السياسة ان صحت هذه الاشاعات ستصبح ملوثة بشكل كبير بالمال السياسي.
لقد جرّبنا اذن طريقة التمثيل واعتقد انه من الافضل ادخال تنقيح على نظام الاقتراع مستقبلا حتى يكون الاقتراع على الافراد في دورتين وليس على القائمات لان طريقة الاقتراع على القائمات بهذا الشكل لا تحقق المبتغى وتساعد على تضخم عدد الاحزاب وانعدام الانضباط السياسي.
هل ظهرت حسب رايكم برامج عملية للاحزاب المترشحة؟
أعتقد أن الرأي العام في تونس شديد الحساسية للوضع الاقتصادي ومع تقديري للدور الذي تقوم به المنظمات والاحزاب التي تحسب على اليسار فان الوقت الحالي يفرض على اية حكومة ان تنتهج النظام الليبرالي لكن الاهم هي المقاربة الاجتماعية فتونس لا تحتمل نظاما ليبيراليا بالمفهوم الواسع بل ان الدولة مدعوة الى مزيد من العناية بالطبقة الضعيفة وحتى الطبقة المتوسطة التي انهارت بالكامل واتمنى ان تكون الحملات الانتخابية المقبلة مناسبة للاحزاب لتقدّم مقارباتها خاصة في ما يتعلق بصندوق الدعم والتجارة الموازية والاصلاح الجبائي والاستثمار الداخلي والخارجي وتاهيل المؤسسات المصرفية. كما ان هنالك مواضيع على غاية من الاهمية لا بد من طرحها بعمق وتتعلّق بفتح الاستثمار الاجنبي امام الانشطة المتعلقة بالبعث العقاري والقطاع الفلاحي ونظام الخدمات عن بعد. كما اعتقد ان الوقت حان لاعادة النظر في مجلة الصرف التي تشكل عرقلة كبيرة امام الاستثمار الاجنبي.
انها مواضيع تحتاج الى مزيد من التعمق حتى تكون برنامج عمل مستقبلي.
هذه بعض التصورات التي يمكن ان تستقطب الحوار حولها والمهم قبل كل شيء ان تدور الانتخابات في كنف الهدوء وان نتجنب العنف اللفظي والمادي وهنا يكمن دور الاعلام من أجل تلطيف الاجواء وعدم الانسياق وراء سلوكات تؤدي الى تسميم الاجواء وهنا أشير الى ضرورة اقرار مدونة سلوك بين الاحزاب حتى لا يقوم أي حزب بشيطنة حزب آخر لأن ذلك سيؤدي أحببنا أم كرهنا الى مزيد من العنف. المهم ان نلتزم جميعا بانجاح المسار الديمقراطي والتصدي للارهاب والمحافظة على استقلال القرار السياسي ورفض أية هيمنة أو وصاية اجنبية على البلاد فاذا توفقنا في ذلك نكون قد وضعنا البلاد على المسار الصحيح حتى نترك الباب مفتوحا لتشكيل حكومة ائتلاف وطني قادرة على مجابهة الوضع السياسي والاقتصادي الذي يتسم بالصعوبة والتعقد.
باعتبارك محام ومعني بقانون الارهاب هل تعتبر أن قانون 2003 غير صالح ولا يستجيب لقواعد الانصاف والعدالة؟
لا يمكن لاي احد ان ينكر انه خلال العشرين سنة الماضية حصل تضخم تشريعي كبير في البلاد فوقع سن العديد من القوانين التي تهم مختلف الجوانب الحياتية بتونس فتخلصت البلاد نهائيا من تبعات التشريعات الفرنسية التي ظلت مطبقة حتى بعد الاستقلال في عديد المجالات كما ان بروز تيار العولمة منذ التسعينات أتى بقوانين انموذجية تمّ اقرارها بشكل متشابه في عديد البلدان.
وقانون 2003 المتعلق بالارهاب يندرج في هذا الاطار فهو يستجيب لمتطلبات المرحلة وكان بالامكان الابقاء عليه دون اي ضرورة لصياغة قانون جديد فقانون 2003 يفي بالحاجة وزيادة واذا كان هناك حرص من بعض الحقوقيين على توفير اكثر ضمانات للمحاكمة العادلة في جرائم الارهاب فان هذا الحرص يمكن اخذه بعين الاعتبار من خلال ارساء سلوكات جديدة لدى الباحث الابتدائي ولدى القاضي المكلف بالتحقيق ولدى القاضي الذي يتعهد بالمحاكمة اما التخلي عن قانون 2003 واللجوء الى سن قانون جديد فانه اجراء كان بالامكان الاستغناء عنه
لقد وقفنا على صعوبة صياغة نص قانوني جديد يجرم الارهاب ولاحظنا ان هناك تجاذبات كبيرة قائمة بين نواب من المجلس التاسيسي والحكومة التي قدمت المشروع الجديد ووصل الامر الى اسقاط بعض الفصول مما يجعل التشريع الجديد في صورة التصويت عليه لا يفي بالحاجة.
ان التنقيحات التي ادخلت على المشروع جعلته غير منسجم في احكامه وقد يكون من الانسب العدول عن هذا المشروع والابقاء على قانون سنة 2003 وفي اقصى الحالات تعديل بعض الاحكام من هذا القانون دون ضرورة صياغة قانون جديد.
ما رأيك اليوم في وجود «محامين للارهابيين» كما يرى عديد الملاحظين بقطع النظر عن علوية الحق في الدفاع هل من المنطقي ان يوجد للدواعش مدافعين؟
ان يتحول المحامي الى مناصر للارهاب فهذا امر خطير للغاية وهنا يجب الوقوف عند نقطة مفصلية هامة وهو ضبط الحد الفاصل بين مهمة الدفاع والمشاركة فالمحامي الذي يجند نفسه للدفاع عن الارهاب ويقدم النصح والدعم للمتطرفين يضع نفسه كشريك في جريمة خطيرة
انا من الذين يتمسكون بأن السرّ المهني في قطاع المحاماة هو مبدا لا يمكن التنازل عنه والاّ فإن مهنة المحامي سوف تندثر نهائيا لكن اذا بلغت الى علم المحامي معطيات حول عمليات وترتيبات لها علاقة بالارهاب فانه مدعو فورا للتبليغ عنها والا فانه يصيّر نفسه حتما شريكا.
المحاماة في تونس آمنت بدورها في الدفاع عن كل اصناف المتهمين مهما كانت خطورة اعمالهم وحساسية الظرف الذي ارتكبت فيه جرائمهم وهذا الموقف يعتبر وسام شرف للمحامين التونسيين عبر مسيرة تواصلت لمدة فاقت القرن والنقطة السوداء الوحيدة في تاريخ المحاماة التونسية تتمثل في موقفهم من المحاكمة التي حصلت في بداية سنة 1963 في قضية المؤامرة التي عرفت بمؤامرة لزهر الشرايطي فقد سقط جيل المحامين الذين كانوا يمارسون المهنة آنذاك في فخ الخوف والرهبة ورفضوا الدفاع عن سائر المتهمين مما جعل المحكمة تلجأ الى آلية التسخير فعينت 5 محامين تولوا الدفاع عن المتهمين وكانت مصالح بعض المتهمين تتضارب مع المتهم الاخر فوقع الدفاع عنه من طرف نفس المحامي فلم تتوفر ادنى شروط المحاكمة العادلة.
اذا المحامي مدعو الى تحمل مسؤوليته كاملة فليس هناك اشكال في ان يتولى الدفاع عن متهم بالارهاب فهذا امر يدخل في صميم مهامه والمحكمة ملزمة بتسخير محام للدفاع عن المتهم بالارهاب لان حضور المحامي ليس امرا ثانويا بل هو شريك في اقامة العدالة اذ يشكل جزءا هاما من المحاكمة فيسهر على ان تتم الاستنطاقات والمكافحات ويقوم بابداء وجهة نظره القانونية وينتهي دوره عندما تختلي المحكمة للمفاوضة والتصريح بالحكم.
فالمحامي حينئذ هو عنصر ضروري في أي محاكمة سواء تعلقت بالارهاب او بغيره لكن ان ينصّب المحامي نفسه كمنبر للدفاع عن الارهاب والتنظير له وان يفتخر بانه محامي الارهابيين فان ذلك امر يشكل انحرافا خطيرا بالسلوكيات والقواعد التي تقوم عليها هذه المهنة.
اذا ما ثبت ذلك فانه سيحول نفسه من محامي الى شريك فاعل في ارتكاب الجريمة الارهابية وهذا ما لا نتمناه لاي زميل في المهنة.
على فرض انتصار الاحزاب الدينية ألا ترون ان من شأن ذلك تهديد مدنية الدولة وحداثتها؟
تونس أحببنا أم كرهنا بلد الاعتدال والتسامح وتونس جسر بين الشرق والغرب فقد كانت عبر تاريخها الطويل ملتقى تفاعلت فيه حضارات متعددة لتخلق شخصية متميزة للفرد التونسي فهو ينبذ التطرف والانغلاق وهو لا يعتبر نفسه مشرقيا ولا غربيا. ولقد طبق الاسلام في تونس طيلة خمسة عشرة قرنا على اساس انه اسلام عقيدة وليس اسلام شريعة فوقع الغاء اقامة الحد منذ منتصف القرن السابع عشر كما وقع الغاء العبودية بصفة مبكرة واعطيت للمراة حقوقها السياسية للمشاركة في الانتخابات منذ سنة 1957 قبل العديد من الدول الاوروبية بما فيها سويسرا فلا يمكن ان تكون تونس محضنة للارهاب او التطرف.
اعتقد ان الاحزاب التي يشار اليها بانها داعمة للارهاب غير موجودة مطلقا على الساحة السياسية وانني انزّه حركة «النهضة» ومناضليها عن اية علاقة بما سمّي «فلسفة الدواعش» وسوق النخاسة النسائية. اليوم اصبحت حركة «النهضة» جزءا من الواقع السياسي في البلاد وهي حركة تحظى بتاييد شريحة هامة من المجتمع التونسي فيجب على الجميع ان يتقبلوا ذلك وان يساعدوا كي تتخلّص هذه الحركة نهائيا من بعض العناصر التي تتسم مواقفها بالتطرف حتى يكون ابناء هذه الحركة جميعا على درجة كبيرة من المسؤولية والاعتدال وهذا الامر سرنا فيه اشواطا كبيرة وعلى الاعلام ان يساهم في ازالة الاحتقان والتباغض والعداوة بين مختلف العائلات السياسية.
المهم ان يتصدى كل التونسيين سواء كانوا اسلاميين او علمانيين الى كل اشكال التطرف حتى نحمي البلاد من الانغلاق ونحافظ على استقلاليتها وعلينا ان ننتبه الى ان هناك محاولات لاختراق المجتمع التونسي من طرف جهات اجنبية لذلك وجب التصدى لهذه المحاولات من اجل حماية استقلال القرار السياسي. كما أنه على كل فرد منّا أن يراجع مواقفه الشخصية وان يقدم من جديد على مزيد البذل والعطاء وتحسين مردوديته في الشغل أو الدراسة حتى ننهض بالبلاد كما يتوجب على الجميع تاجيل العديد من المطالب الاجتماعية الى ما بعد اذ ليس بامكان البلاد في الوقت الحاضر تحقيق المطالب الاجتماعية المتعددة الصادرة عن مختلف شرائح المجتمع. اذا وفّقنا في ذلك تنوك قد وضعنا البلاد من جديد على طريق الامان والا فان الوضع سيزداد سوءا وتعقيدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.