«أبو سهمين» وجماعته أحالوا البلاد على العناية المركّزة حاوره: فؤاد مبارك يرى البعض أنّ نجاح المسار الانتقالي في تونس رهين تطورات الوضع في الشقيقة ليبيا،كما نبهت الى ذلك بعض المواقف الحكومية التونسية الداعية إلى ضرورة مراقبة الوضع عن كثب، خاصة أنّ شبح الحرب الأهلية يحوم في سماء الجارة الليبية وهو ما قد يكون له انعكاسات غير محمودة العواقب على وضعنا الامني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي. في لقاء مع «التونسية» تحدّث محمد بوزيد الدرسي رئيس «حزب الكفاءة الديمقراطي الليبي» عن مجريات الأوضاع في الشقيقة الليبية. ومحمد بوزيد الدرسي هو أيضا عضو مؤسس ائتلاف 17 فبراير في بنغازي وعضو مؤسس أول مجلس حكماء في ليبيا الحرة ببنغازي وهو أيضا ناشط سياسي وحقوقي ومحلّل سياسي ومؤسس ورئيس تحرير صحيفة «منبر الحرية» التي لم يصدر منها غير عددين قبل احتجابها بسبب ظروف مالية صعبة. وفي ما يلي نصّ حوار «التونسية» معه: كيف تقيمون الوضع في ليبيا اليوم؟ وماذا تحقق بعد حوالي 3 سنوات من اندلاع الثورة؟ كل ما تحقق اننا اطحنا بنظام الدكتاتور معمر القذافي..منذ 3 سنوات ثار الشعب الليبي على نظام معمر القذافي طالبا العدالة لا الإسلام الذي يطالب به البعض متناسين اننا مسلمون ولا دين في ليبيا غير الإسلام وإن اختلفت اللهجة من منطقة الى أخرى، ولا يمكن ان يشكك في اسلامنا غير الذي يعاني من مرض نفسي ويشتكي من عقدة النقص ،فحتى معمر الذي ثرنا عليه لم يكن علمانيا أو امبرياليا فكيف يدعي بعضهم أننا ثرنا من اجل فرض الإسلام على ليبيا والحال أنّ إسلامنا من تحصيل الحاصل؟ لقد تحولت ليبيا بعد الثورة إلى مرتع للمخابرات الأجنبية من كل دول العالم تقريبا ما عدا الاستخبارات الليبية التي تحاول حفظ ماء وجهها، قبل أن يأتي بعد ذلك طبعا مؤتمر الشغب العام الذي زاد الطين بلّة على بلّة وأحال الدولة على غرفة الإنعاش. مؤتمر الشغب العام؟؟ أقصد به المؤتمر الوطني الليبي الذي صارت ذكرى انتخابه في 7 جويلية 2012 ما نسميه نحن الليبيين ذكرى شؤم على ليبيا وكل الليبيين خاصة أنه ادخل البلاد في متاهة لا اول لها من آخر بسبب نهم نوابه الذين لم يعيروا الوطن أي اهتمام أمام مصالحهم الشخصية الضيقة ،لقد عمل نواب «مؤتمر الشغب» العام على تنفيذ أجندات أسيادهم في الداخل والخارج وهم الذين كانوا السبب في ما وصلت إليه ليبيا اليوم من صراع واقتتال وتوتر سياسي ... في الايام القليلة الماضية حمل المؤتمر الوطني الليبي الذي تتحدث عنه كلّا من مصر والإمارات مسؤولية الغارات الجوية على مواقع الإسلاميين في شرق ليبيا وقرر غلق سفارتي ليبيا بهاتين الدولتين على الرغم من نفيهما التورّط في أيّة عمليات عسكرية بالأراضي الليبية، فكيف تعلقون على ذلك؟ وهل يمكن أن يكون لمثل هذه القرارات انعكاسات على طبيعة العلاقات بين ليبيا وبقية الدول العربية المجاورة لها؟؟ طبعا لن يكون لمثل هذه القرارات أي تأثير على صفو العلاقات مع جيراننا العرب، أولا لأن هذا المؤتمر الوطني ليس له أيّة شرعية ليتخذ مثل هذه القرارات أو يفعّلها، وثانيا لان الشعب الليبي لا يصغي لما يصدر عن هذا المؤتمر ولا يعيره أي اهتمام ليقينه بان مؤتمر النوري أبو سهمين لا يهدف إلا لتقسيم البلاد وقطع علاقاتها مع دول الجوار، أما السبب الثالث وهو الأهم فهو أن علاقتنا مع دول الجوار الشقيقة والصديقة أمتن وأوطد من أن تؤثر عليها مثل محاولات التشويش هذه. وماذا عن الزيارة الرسمية التي أداها نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني الليبي الى السودان وتمثيله للدولة الليبية هناك؟؟ لا نلوم في ذلك أبو سهمين بقدر ما نلوم السودان التي سنسائلها عن كيفية تعاملها مع هذا المؤتمر غير الشرعي. ومن جانبكم، هل تساندون التدخل العسكري العربي في ليبيا؟؟ علينا أن نميز أولا بين المساندة المادية والمعنوية وبين التدخل العسكري. وما تبذله الدول العربية تجاه ليبيا لم يتعدّ المساندة المادية والمعنوية ولم نر منها إلا كلّ خير.. ندرك جيدا ان الجار يتأثر لجاره وأن تفجر الأوضاع في ليبيا يعني الانفجار في بقية الدول المجاورة لها، ولذلك فإننا نرحب بكل مساعدة تقدمها لنا الدول العربية ولو كره الكارهون. وكيف تقيمون قرارات البرلمان الليبي الجديد المتعلقة بحل الميليشيات والمطالبة بتدخل دولي في ليبيا؟؟؟ لا بد من التعامل مع هذه الملفات الحساسة بالكثير من الحكمة والديبلوماسية، كما ان اختيار المصطلحات في مثل هذه الحالات جد ضروري، فمن غير المعقول مثلا ان يصف البرلمان الجديد الثوار بالكتائب أو الميليشيات فقد تفهم ذلك خطأ ويكون رد فعلها عكسيا. أفهم من كلامك انك غير راض عن قرارات البرلمان الجديد وتعتبرها قرارات خاطئة؟؟ قطعا لا، قراراته ليست خاطئة ولكنها تفتقر الى التعامل الديبلوماسي وينقصها القليل من التهذيب لتبليغ المعنى المراد منها... وأي قرار يفتقر للديبلوماسية عادة ما يجانب الصواب لذلك ننتقده. وكيف يمكن اليوم احتواء التوتر في الحدود الليبية مع الدول المجاورة خاصة فى ظل وجود ميليشيات لا تؤمن بشرعية الدولة ولا بالقوانين؟؟ لا يمكن احتواء التوتر الا بمساهمة كل دول الجوار في تركيز قواتها على حدودها معنا ومساعدتنا على تامينها والتصدي خاصة الى ظاهرتي الهجرة غير الشرعية وتهريب الاسلحة والمواد غير المرخص لها ... ما تقييمكم لأداء الهيئة التأسيسية الليبية لصياغة الدستور؟؟ كل ما نطلبه في الوقت الحالي من الهيئة التاسيسية الليبية لصياغة الدستور هو أن تطرق الحديد وهو حام أي ان تواصل المعركة الدستورية الى الاخير وألاّ تؤجل النظر في مرتكزات البيت الديمقراطي من نظام حكم ولغة وراية... ما دامت المعركة التأسيسية قائمة فلتواصل، فاما نتفق او فليذهب كل منا في حال سبيله. وهل تثقون في نجاح الهيئة التأسيسية في انجاز المهام الملقاة على عاتقها على أحسن وجه؟ نأمل ذلك طبعا، وإن كان المجلس مجرد تمثيل شكلي لانه ليس لنا قيادات سياسية محنكة مثل التي نراها في تونس ومصر محنكين... ولكن ما قد يجعلنا متفائلين هو ما يميز ليبيا في الوقت الحاضر وهو أنّ شعبها اكثر وعيا من سياسييها، الفرق الوحيد بين الليبي الوطني وغير الوطني هو ان ليبيا تسكن قلب أولهما –أي الوطني- اما الثاني فيكتفي بدور ساكنها . لذلك يبقى أملنا معلقا على كل رجال ليبيا الوطنيين المخلصين للقيام بما عليهم القيام به. وما حقيقة بسط الجماعات الارهابية على غرار «داعش» وتنظيمي «القاعدة» و«أنصار الشريعة» نفوذها في ليبيا؟ أين تتمركز هذه الجماعات الإرهابية بالتحديد؟ وما هي مخططاتها؟ مجرد وهم لا اكثر . ماذا؟ نعم ان الحديث عن تمركز «داعشي» أو «قاعدي» أو تنظيمات ارهابية في ليبيا هو محض وهم وتهويل لا غير، فليس لنا حد الساعة أي تقرير استخباراتي ليبي صادر عن أمنيين ذوي خبرة واختصاص يؤكد تمركز تنظيمات ارهابية في ليبيا،زد على ذلك أن أطراف الصراع الدائر في ليبيا اليوم معروفة وهم الثوار المدنيون من جهة والجيش والامن من جهة اخرى. ولكن الكلّ يتحدّث اليوم عن تواجد عدد من قيادات التنظيمات الارهابية المحظورة على غرار ابو عياض ومختار بلمختار المكنّى ب«الأعور»؟ هذا صحيح هناك بعض الفارين منهم الى ليبيا مستغلين فرصة تدهور اوضاعها الامنية وتواجد السلاح فيها بكثرة ويريدون عقد تحالفات مع نفس الفكر الذي يتبنونه ضد دولهم ولكنهم في الاخير قلة قليلة لا تجد تجاوبا من ابناء ليبيا وشبابها وليس لهم أي تاثير على مجريات الاوضاع لا في ليبيا ولا في غيرها من الدول.