تمكنت مختلف الوحدات الامنية خلال الايام القليلة الفارطة من ايقاف عدد من العناصر الارهابية الخطيرة في نجاحات لافتة توجت مسيرة ثلاث سنوات من العمل الدؤوب وأكدت مدى الاستفاقة الأمنية في الاونة الاخيرة بعدما استعادت المؤسسة الامنية نجاعتها المعهودة. وتأتي هذه النجاحات قبل اسابيع قليلة من أول استحقاق انتخابي يوم 26 اكتوبر المقبل وهو موعد الانتخابات التشريعية المقبلة. ولرصد مختلف هذه التطورات المستجدة في الحرب المستمرة على الارهاب تفرد صحيفة «التونسية» قراءها في هذا العدد بمجموعة من المعطيات الجديدة في هذا الاطار. أكثر من 8000 ناخب مسجلون بمراكز اقتراع في عمق غابات ورغة تتميز غابات الشمال الغربي التونسي بأنّها غابات آهلة بالسكان حيث تعد غابات جبال ورغة الممتدة بين ولايتي الكافوجندوبة عشرات الالاف من المتساكنين سيتوجه أكثر من ثمانية الاف منهم يوم 26 اكتوبر القادم الى مراكز اقتراع تقع في قلب الغابة لممارسة حقهم الانتخابي. وتطرح مسألة تأمين مراكز الاقتراع هذه وهي عبارة عن مدارس ابتدائية ستتحول يوم الانتخاب الى فضاء للانتخاب هاجسا حقيقيا لدى الجهات الامنية والعسكرية نظرا للخطر الارهابي بهذه المناطق واحتمال استهداف عناصر ارهابية مراكز الاقتراع. فالجميع امام معادلة تبدو صعبة اذ لا يمكن حرمان نحو 8000 الاف من حقهم في الانتخاب كما أن تأمين الانتخابات بهذه المناطق النائية وخاصة عمليات الفرز التي يمكن ان تتواصل لساعات متأخرة من الليل امر مكلف وصعب يتطلب مجهودات اضافية من المؤسستين الأمنية والعسكرية لحماية هذه العملية. ولوضع خطة أمنية محكمة لتأمين مختلف مراكز الاقتراع خاصة بالمناطق التي يرتفع بها منسوب خطر الارهاب بدأت مختلف مصالح وزارات الداخلية والدفاع والهيئات الفرعية للانتخابات في وضع برنامج لدراسة طبيعة هذه المراكز وانتشارها وكيفية توزعها وسبل توفير الحماية لها. ورغم التهديدات الارهابية الجدية التي تخيم على سير العملية الانتخابية وفق ما أكده منذ ايام وزير الداخلية السيد لطفي بن جدو بناء على اعترافات الارهابيين الموقوفين مؤخرا فان بلادنا تبقى قادرة على إنجاح هذه المحطة التاريخية الهامة وهو ليس بالبدعة خاصة اذا نظرنا الى تجارب دول كليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق والتي نجحت في تنظيم انتخابات(تباينت المواقف بخصوصها) رغم ظروفها الامنية المتردية جدا مقارنة بالوضع الامني التونسي المستقر. عقب الاطاحة بعدد من القيادات الارهابية، سلسلة النجاحات الأمنية تتواصل تواصل مختلف الوحدات المسلحة تعقّبها للعناصر الارهابية الناشطة بسلسلة جبال ورغة الممتدة بين الكافوجندوبة. وفي هذا الاطار تمكنت مختلف الاجهزة الامنية مؤخرا من ايقاف عدد من العناصر الخطيرة المتواطئة مع الارهابيين والمتهمة بتزويدها بالمؤونة. كما شملت الايقافات عددا من متساكني المناطق الريفية المتاخمة لسلسلة جبال ورغة ممن اعترفوا بتزويدهم للخلية الارهابية المختبئة بغابات ومغاور الجهة بالغذاء والدواء والأمتعة .كما تمكنت دورية تابعة للحرس الوطني بالكاف مساء الجمعة الماضي من ايقاف عنصر مصنف بالخطير اصيل معتمدية ساقية سيدي يوسف وتحوم حوله شبهة الانخراط في شبكة لاسناد وتمويل خلية ورغة الارهابية وتم نقل الموقوف للتحقيق معه بمقر فرقة الوحدة الوطنية لمكافحة الارهاب.كما تمكنت في نفس الليلة وحدات الامن الوطني التابعة لمنطقة الامن الوطني بالكاف من ايقاف عنصر مفتش عنه مصنف بالخطير كان مختبئا طوال الاسابيع الفارطة وتم تحويله الى العاصمة للتحقيق معه. وفي ولاية جندوبة المجاورة تمكنت وحدات الامن الوطني منذ أيام من ايقاف عنصرين ارهابيين احدهما افريقي الجنسية.. من جهة اخرى مثلت عملية ايقاف الرجل الثاني في خلية ورغة الارهابية مكرم المولهي ضربة قوية لهذه المجموعة خاصة في ظل ما قدمه من اعترافات تفضح مسالك تهريب الاسلحة والمؤونة في اتجاه العناصر المحاصرة على الحدود التونسيةالجزائرية. ويتزعم هذه الخلية الارهابية عنصر جزائري خطير يدعى انس العاتري أصيل منطقة بير العاتر من ولاية تبسة الجزائرية. ووفق معطيات أمنية فان الارهابي الجزائري العاتري يعتبر الأكثر تشددا والأخطر ضمن هذه المجموعة الدموية. ووفق ذات المصادر فإن أمير خلية ورغة لم ينل نصيبا من التعلم والقراءة بل شب في منطقة ريفية معزولة وامتهن رعي الغنم منذ نعومة اظافره وحين بلوغه سن السابعة عشر التحق بعدد من العناصر الارهابية بالجبل وتتلمذ على يد عدد من اخطر القيادات الناشطة في تنظيم القاعدة على غرار عبد الملك درودكال وأبو يحيى الجزائري وتورط في عدة عمليات دموية في الجزائر ثم في تونس خاصة في عمليتي ورغة الاولى والثانية في شهر رمضان الفارط واللتين أسفرتا عن استشهاد 6 جنود من جيشنا الباسل. ولازال هذا الارهابي يزرع جهله وتطرفه في عقول عدد من الشبان المغرر بهم ممن التحقوا بهذه الخلية الارهابية.. الاستنفار الأمني والعسكري جفف منابع الارهاب وقد أسّرت مصادر امنية رفيعة ل «التونسية» أن ما بات يعرف ب «القاعدة السلفية المبشرة في بلادنا (على حد عبارة ابي بكر ناجي في كتابه ادارة التوحش) والتي تمثل جيش الاحتياط لخلايا الارهابية لم تتمكن طوال الاشهر القليلة الفارطة من الدفع بعناصر ارهابية مستجدة بخلايا الارهاب الناشطة في جبال ولايات الشريط الحدودي الغربي مع الجزائر وهو أمر وفق مصادرنا يعود الى ثلاثة اسباب رئيسية: أولها الوقفة الامنية والعسكرية الصارمة التي أغلقت كل منافذ مسالك التهريب وثانيها عدول اعداد كبيرة من المنتسبين لهذه التيارات المتشددة عن فكر الجهاد عبر ممارسة الارهاب والالتحاق بالجبل وثالث الاسباب هو رفض العناصر التونسية المتواجدة وسط الجبال التغرير بعناصر مستجدة حيث جاء في محاضر عدد من الموقوفين ان شبّانا اتصلوا بعناصر قيادية ارهابية تونسية لمعرفة امكانية الالتحاق بهم الا أن هذه العناصر رفضت ضم عناصر مستجدة نظرا للمعاملة المهينة للشبان التونسيين من قبل القيادات الارهابية الاجنبية التي لا تتوانى في الاعتداء على هؤلاء واهانتهم وتكليفهم بمهام شاقة تنزل بهم الى درجة العبيد والخدم، وأحيانا تصل التجاوزات الى حد الاعتداء الجنسي عليهم. وفي هذا الاطار ووفق افادة احد الموقوفين فانه رفض اصطحاب شبان مستجدين الى الجبل لانه لا يقدر أن يرى شقيقه أو جاره أو صديقه في وضع مزر كأن يتعرض الى فعل الاعتداء بالفاحشة امام عينيه من قبل الأمراء والقيادات الاجنبية دون أن يقدر على فعل شيء... إفادات الارهابيين الموقوفين تورط «أبا عياض» وتكشف مخططهم لزعزعة الامن بالبلاد قبل الانتخابات ووفق ما أكدته مصادر مطلعة ل «التونسية» فان إفادات الارهابيين الموقوفين أكدت وقوف زعيم تيار «أنصار الشريعة» المحظور في تونس أبو عياض وراء كل المخططات الدموية الارهابية التي حيكت وتحاك لاستهداف أمن بلادنا خاصة خلال فترة ما قبل الانتخابات. كما كشفت التحقيقات الاولية مع الموقوفين عن اسماء عناصر جديدة متورطة في الارهاب في تونس خاصة في نقل وخزن الاسلحة وتهريبها من ليبيا في اتجاه الشعانبي عبر ولايات الوسط التونسي. كما كشفت مسالك التهريب خاصة عبر ولايتي سيدي بوزيد والقيروان أن العناصر الارهابية اختارت العبور عبر مسالك تشق هاتين الولايتين لتفادي الرقابة الأمنية المشددة على طول ولايات الشريط الحدودي والتواجد الامني المكثف على الطرق الساحلية..