التونسية (تونس): فاجأت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الرأي العام والأوساط السياسية بسقوط العديد من الأسماء الكبرى من السباق الإنتخابي، أسماء كانت لها طوال الثلاث سنوات الماضية صولات وجولات في المجلس الوطني التأسيسي والحياة العامة، في المقابل تسير مشاريع نجوم جديدة بخطى حثيثة نحو قبة البرلمان لتؤثث المشهد السياسي للسنوات الخمس القادمة بعد أن أفرزها الصندوق. «الجمهوري» في صدارة المغادرين هزيمة الأسماء الكبرى مست تقريبا كل ألوان الطيف السياسي حيث أسقط الصندوق من قائمات الحزب الجمهوري الأمينة العامة للحزب السيدة ميّة الجريبي ( دائرة بن عروس) التي يشهد لها بنضاليتها في سنوات الجمر حتى لقبت بالمرأة الحديدية. وقد كان للجريبي طلية فترة المجلس الوطني التأسيسي العديد من المواقف الصارمة التي حددت توجه الكتلة الديمقراطية ولا سيما خلال مناقشة الفصول المتعلقة بالحريات في الدستور وبمسألة التناصف ومكانة المرأة . في «الحزب الجمهوري» لم يتمكن أيضا عصام الشابي من الصعود في دائرة أريانة رغم أن هذا القيادي كان حاضرا بكثافة طوال الفترة النيابية السابقة في وسائل الاعلام وسوّق بشكل جيد لمواقفه ومواقف حزبه في الفترات الصعبة التي مرت بها البلاد وأثناء الحوار الوطني. انسحاب نجوم «المسار» الصندوق لم يرحم أيضا نجوم «المسار الديمقراطي» و«التحالف من أجل تونس» فلم يتمكن أمين عام المسار سمير الطيب من المحافظة على مقعده في دائرة تونس 1 رغم الشعبية التي يتمتع بها واعتدال مواقفه وقدرته على التماسك حتى في أشدّ المواقف استفزازية سواء في وسائل الاعلام أو في المجلس التأسيسي ، ولم يشفع للطيب أيضا إصراره خلال «اعتصام الرحيل» على إيقاف أشغال المجلس التأسيسي الذي أدى في النهاية إلى خروج حكومة «الترويكا» وتغيير المعادلة السياسية في البلاد. زميله في «الاتحاد من أجل تونس» العميد فاضل موسى أجبره أيضا صندوق الاقتراع على مغادرة قبة البرلمان وهو الذي كان يحظى بشعبية كبيرة في دائرة أريانة وله من المصداقية ما جعل العديد من المراقبين للشأن السياسي يتكهنون بفوزه. القيادية في المسار الديمقراطي سلمى بكار ستمنعها نتائج الانتخابات التشريعية من العودة أيضا إلى قبة البرلمان بعد أن فشلت في الحفاظ على مقعدها في دائرة بن عروس التي تعد من أصعب الدوائر نظرا للحضور الكبير لقطبي السياسة (النهضة والنداء) في هذه الدائرة مما حال دون فوز العديد من الأسماء التي تحظى بالشعبية وثقة فئات هامة من الناخبين . ثلاثي «التحالف الديمقراطي» يغادر البرلمان نتائج الانتخابات التشريعية كانت قاسية أيضا على ثلاثي «التحالف الديمقراطي» فأسقطت كلا من الأمين العام للحزب وصوت العقل في المجلس التأسيسي محمد الحامدي الذي هزم في عقر داره بدائرة مدنين بعد أن ابتلعت حركة «النهضة» جل المقاعد ، كما حرم الصندوق أيضا النائب محمود البارودي من العودة إلى المجلس التشريعي رغم أنه يحظى باحترام جل مكونات الطيف السياسي وكانت له تصريحات مدوية ( جمهورية الموز) جعلت منه نجم «التأسيسي» الأول في فترة من الفترات . المفاجأة كانت أيضا في بنزرت بإقصاء رئيس النادي البنزرتي والنائب ب «التحالف الديمقراطي» مهدي بن غربية وقد كانت هذه النتيجة صادمة للعديد من الأطراف نظرا لشعبية بن غربية في الأوساط الرياضية والسياسية في مسقط رأسه بالإضافة إلى حسن إدارته للحملة الانتخابية للحزب . وزراء «المؤتمر» يسقطون رغم أنهم كانوا في مواقع حكومية متقدمة مكنتهم من الظهور الإعلامي المكثف لم يتمكن نجوم ووزراء حزب «المؤتمر» من «أجل الجمهورية» من الظفر ولو بمقعد واحد في البرلمان فشملت الهزيمة البرلمانية كلا من وزير التجارة الأسبق عبد الوهاب معطر مرشح المؤتمر على دائرة صفاقس 2 ووزير أملاك الدولة سليم بن حميدان مرشح المؤتمر في دائرة أريانة . الصندوق أقصى أيضا في حزب «المؤتمر» سمير بن عمر المهاجم الشرس لرموز النظام السابق وحامل لواء الثورية في المحاضر الاعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي. ضمن نفس العائلة لم يتمكن أيضا أزاد بادي عن حركة «وفاء» من اقتلاع مقعد في المجلس التشريعي الجديد بعد أن منيت قائمته بالهزيمة في دائرة بن عروس. نجوم «التكتل» يغادرون سباق «التشريعية» منع أيضا نجوم حزب «التكتل» من العودة إلى قبة باردو بعد فشل كل من خليل الزاوية عن دائرة تونس1 ولبنى الجريبي عن دائرة تونس 2 وحتى النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي العربي عبيد مرشح الحزب عن دائرة منوبة في الحصول ولو على مقعد واحد في البرلمان الجديد. نجوم قادمة الأسماء التي صنعت الحدث في المجلس التأسيسي غادرت لتفسح المجال أمام مشاريع نجوم قادمة بعد أن أفرز الصندوق أسماء سبق صيتها الفوز في الانتخابات أمثال النقابي عدنان الحاجي الملقب بأسد المناجم (مرشح مستقل بدائرة قفصة) الذي وقف ضد نظام بن علي أثناء انتفاضة الحوض المنجمي في 2008 واستبسل في الدفاع عن حق أهالي الحوض المنجمي في التنمية ونصيبهم من ثروات الجهة في الفسفاط وفي التشغيل إلى جانب السيّد عبد الرزاق شريّط المستثمر في القطاع السياحي والذي نجح عن قائمة «لمجد الجريد». ضمن نفس الدائرة تمكن أيضا القيادي ب «الجبهة الشعبية» عمار عمروسية من كسب ثقة الناخبين بعد مسيرة نضالية طويلة في الميدان السياسي والإجتماعي صلب «حزب العمال» و«الجبهة الشعبية» مما جعله عرضة للتهديدات بالتصفية الجسدية ما دفع وزارة الداخلية الى وضعه تحت الحماية الأمنية في شهر مارس الماضي. القيادي في «الوطد» منجي الرحوي الذي صنع الحدث في التأسيسي في مناسبات متعددة جعلت منه نجما من نجوم اليسار تمكن هو الأخر من الحفاظ على مقعده بدائرة جندوبة ليجدد العهد مع العمل التشريعي على إمتداد خمس سنوات . دائما ضمن جبهة اليسار يعد فوز مباركة عواينية أرملة الشهيد محمد البراهمي الذي ظل مقعده بالمجلس التأسيسي شاغرا حدثا هاما في الانتخابات التشريعية الجارية حيث ينتظر العديد من المراقبين للشأن السياسي أن تكون أرملة الشهيد نجمة المجلس التشريعي خاصة أنها ستجد نفسها أمام خصوم طالما اتهمتهم صراحة بدم زوجها . القوميون أيضا سيكون لهم نجوم في المجلس الجديد بعد فوز «حركة الشعب» بثلاثة مقاعد ستجعلها ممثلة في كل من رئيس الحركة زهير المغزاوي الفائز في دائرة قبلي ووزير التربية الأسبق سالم الأبيض الذي اقتلع مقعده في دائرة مدنين ورضا الدلاعي الذي صعد عن دائرة باجة . نجوم المال في البرلمان سيكون في البرلمان الجديد وجوه أيضا صنع عالم المال والأعمال صيتهم ومنهم مَن دخل معترك السياسية لأول مرة من باب التشريعية حيث سيضم البرلمان القادم المنصف السلامي رئيس مجلس إدارة مجموعة «وان تاك» القابضة ثاني أكبر مصدّر صناعي في تونس برقم معاملات يفوق 440 مليون دينار والذي سبق له أن ترأس النادي الرياضي الصفاقسي في الفترة التي مر بها الفريق بظروف صعبة. ويحسب للرجل السبعيني (73سنة) مواقفه المشرفة التي أنقذت النادي من الأزمة المالية الخانقة التي كان يتخبط فيها وهو ما جعله يفوز بسهولة في دائرة صفاقس 2 عن حركة «نداء تونس». في البرلمان الجديد سيكون أيضا محمد الفريخة صاحب شركة» تالنات» ومدير عام «سيفاكس آير لاينز» ومرشح حركة «النهضة» عن دائرة صفاقس 2 الذي لم يكن له نشاط سياسي سابق قبل أن يعلن تقاربه مع الحركة وإيمانه ببرنامجها السياسي والاقتصادي مؤكدا إعجابه بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي . مجموعة اللومي (شكيرة) إحدى أكبر المجموعات الإقتصادية في تونس الناشطة في مجال الصناعات الإلكترونية ومكونات السيارات ستكون هي الأخرى حاضرة في قبة البرلمان ممثلة في رئيسة قائمة «نداء تونس» في نابل 1 سلمى اللومي الرقيق التي تمكنت قائمتها من حصد ثلاثة مقاعد في هذه الدائرة. حافظ الزواري الفائز عن حزب «آفاق تونس» بدائرة سوسة سيكون أيضا نائبا في البرلمان الجديد وهي أول تجربة سياسية له بعد دخوله المبكر لعالم المال سنة (1984) ما جعله يستأثر حاليا ب٪35 من نشاط النقل البري للمحروقات والوكالة الرسمية لسيارات «SsangYong» الكورية والماهندرا.