نريد قضاء دولة لا قضاء نظام وصلتني 6 رسائل تهديد بالقتل حاورته : رحمة الشارني ولد عبد الرؤوف العيادي في 12 فيفري 1950وعمل محاميا لدى محكمة التعقيب بتونس وهو حاليا رئيس الهيئة التأسيسية ل «حركة وفاء» المنشقة عن «المؤتمر من أجل الجمهورية». وعرف العيادي بنضاله ضد نظام الاستبداد خلال فترتي حكم بن علي والحبيب بورقيبة الأمر الذي جعله محل التتبعات الامنية والمضايقات السياسية وكان من ابرز المدافعين عن حقوق الإنسان والمناضلين السياسيين وقضى 6 سنوات ونصف في السجن منها 5 سنوات ونصف إثر المحاكمة الكبرى سنة 1974 كما عانى من الاعتقالات المتعددة والمراقبة المستمرة وحتى الاختطاف في ظل نظام زين العابدين وكان من بين الاعضاء المؤسسين لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» في 24 جويلية 2001. لتتمّ إقالته من مهامه إثر تصريحاته المتعارضة مع مبادئ الحزب والقرارات المتخذة وذلك دون استشارة المكتب السياسي فحلّ محله هيثم بلقاسم ككاتب عام بالنيابة ثم تمّ تكوين حزب جديد «حزب الوفاء» صحبة مجموعة من المنشقين عن حزب «المؤتمر». في لقاء مع «التونسية» فتح المحامي عبد الرؤوف العيادي قلبه للحديث حول جوانب من برنامجه الانتخابي وقراءته للوضع الحالي ولنتائج الانتخابات التشريعية الى جانب مسيرته السياسية في ظل نظام بورقيبة وبن علي فكان معه الحوار التالي : أسباب ترشحك للانتخابات الرئاسية ؟ أولا أنا ابن الشعب ومنذ وقت طويل وانا منخرط في الهم الوطني بمعناه الكبير وشاركت بصفة فعالة في إنجاح الثورة خاصة عندما كتبت مقالا يوم 25 ديسمبر2010 بعنوان « النظام يدخل في مرحلة عدم استقرار المؤذنة بنهايته» ونشر في موقع «كلمة» الالكتروني وبعد ذلك نشرته «الجزيرة» وتضمن المقال ان بن علي جاء للحكم لقمع انتفاضات المدن وهذا ما حصل سنة 1978 ليتحوّل الى ضرب المناطق المهمشة والاحزمة الحمراء للفقر والتهميش وقلت ان نظام بن علي هو نظام اجهزة قمع. وقلت ان حالة غليان الشعب واحتقانه لن تبقى في الأرياف وأنها ستتحول الى المدن والعاصمة ولن يستطيع بن علي مواجهتها لينهار الحكم. كما لم تكن لمنظومة بن علي شرعية في عيون المواطن نظرا لتغلغل الفساد في كامل مفاصل الدولة لأن السلطة الحقيقية هي قوة تضاف اليها الشرعية .. هذا ما أوضحته وترشحي اليوم للرئاسية ليس حبا في المناصب، أنا زهدت في كل ما هو مناصب وكراس لأنني أبحث دائما عن برامج وأفكار ومصالح تخدم الشعب وذلك سبب خلافي في «المؤتمر من أجل الجمهورية». ..كما كان لي تقرير مكتوب لدى الامن في عهد بن علي اني ساندت العراق ضد الحصار وأسست لجنة لمقاومة التطبيع ونددت بالعدوان على العراق سنة 1998 وخصصت مكتبي لتعاطي السياسة. كما رافعت عن العديد من الجهات والوجوه البارزة منهم ابناء حركة «النهضة» وحمة الهمامي ومحمد الكيلاني ومصطفى بن جعفر ومحمد المنصف المرزوقي ومحمد مواعدة وخميّس الشماري وأم زياد وعدد من السلفيين ...فالمحن والآلام والتعب الذي عاشوه هؤلاء عشتها معهم لحظة بلحظة وعن قرب في الوقت الذي يهرب فيه الكثيرون خوفا من النظام وبكل تواضع أرى أنني قد تجرأت على نظام بن علي اكثر من أي سياسي حينها حتى أنني في فترة من الفترات بقيت وحيدا . كما تقدمت بشكوى في حق عماد الطرابلسي سنة 2007 بخصوص سرقة يخت ولي في ذلك حكم برفض الدعوى وتقدّمت بشكاية مشتركة بيني وبين راضية النصراوي سنة 2009 ضدّ بن علي تتهمه بتجاوز سلطته والقانون تعرضت بعدها إلى التعنيف الشديد وتم حرق مكتبي بجميع محتوياته. يبدو أنك غير راض عمّا أفرزته صناديق اقتراع الانتخابات التشريعية؟ سبقت الانتخابات التشريعية العديد من الأحداث لاعتبرها صفحة من صفحات الانقلاب الناعم الذي حصل في صائفة 2013 بعد اغتيال المرحوم البراهمي والدعوة الى «اعتصام الرحيل» وحل مؤسسات الدولة وتكوين جبهة الانقاذ وكان ذلك في سياق اقليمي تميز بتأثير «الانقلاب على السلطة في مصر». وبدأنا نشعر ان هناك حركة دولية واقليمية تحاول محاصرة «الربيع العربي» أو توجيهه نحو اتجاهات أخرى اذ أفرز «اعتصام الرحيل» اعادة توازنات في البلاد ليس من خلال الصندوق ليصبح هناك ما يسمى بالحوار الوطني وهو بمثابة تكتل لمجموعات لم تشارك في انتخابات2011 ك«نداء تونس» أو الحزيبات التي ليس لها نصيب كبير والتي تعرف بالصفر فاصل لتطبخ كل التوافقات داخل الرباعي الراعي للحوار ليوافق عليها المجلس لاحقا لتحجيم دوره ولتصبح كتلة الحوار هي الفاعلة وليصبح الإشكال ان السلطة لم تعد بيد من انتخبوا بصفة فعلية وشرعية وانما اصبح هناك تعددا لمراكز القوى وهذه المحاصصة الجديدة هي التي تم في ظلها الرجوع الى المنظومة السابقة من خلال اخراج من هم في المحاكم وعودة المنفيين على حساب القانون وتغول الفساد والمال السياسي الفاسد فالانتخابات جاءت تحت غطاء اقتحام عودة المنظومة القديمة للصناديق في اطار دولي من خلال محادثاتهم مع سفارات الدول الاجنبية . هل تعني أنّ الحملة الانتخابية ل «النداء» شابها مال سياسي فاسد ؟ الظاهر انه مال جبار خاصة وان المال العمومي لم يصل بعد للمترشحين ل «الرئاسية» ونداء تونس يضمّ مجموعة قدمت الى الحكم لتشكل حليفا للمنظومة الغربية التي أرادت الالتفاف على الثورة باعتبار بعدها المساند لفلسطين والمعادي للغرب . صعود «نداء تونس» يدعمه الغرب ؟ رجوع المنظومة السابقة تحت غطاء «نداء تونس» إلى المشهد السياسي الحالي يدعمه الغرب وقارنوا بين الانتخابات الأولى والثانية اذ لم يكن هناك مال بهذا الشكل الكبير ليصبح لنا حريري آخر في تونس له الثروة والحزب والحضور في حين الذي له البرامج والأفكار لم يجد حظوظه. كما حدثني بعض المسؤولين واجزموا بأن أموالا طائلة دخلت الى تونس في فترة الانتخابات وأنه تم حجز حتى شيكات بأموال طائلة جاءت من الخارج وتقديمها للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهكذا فإن ميزة هذه الانتخابات جاءت تحت عنوان الانقلاب الناعم الذي أعاد المنظومة السابقة. بعد ما أفرزته صناديق الاقتراع كيف تقرؤون الوضع المستقبلي للبلاد؟ أرى انه من الضروري بناء المجال السياسي الوطني لأنه قبل الثورة لم تكن لنا سياسة كان لنا حزب إداري يشتغل بالأجهزة وخصّص ديكورا تعدّديا لنكتشف لاحقا ان زوجة أحد الأحزاب الكرتونية التي صنعها نظام بن علي لها ضيعة في احدى جهات نابل ومن المفروض ان تتكون لنا بعد الثورة حياة سياسية لكننا لم نشهد تكوين هذه الحياة السياسية بل شهدنا صراعات مرجعيات لتنتهي بالمحاصصة التي تحدثنا عنها (الحوار الوطني) في ظل متغيرات اقليمية ودولية ..نحن اليوم بلا رصيد سياسي والتحالفات التي يمكن ان تكون هي استجابة لضغط خارجي. ألا تراها استجابة لمصلحة وطنية؟ مصلحة تونس هي حماية ثورتها وجعل هذه الثورة منطلق بناء مشروع وطني كبير لاصلاح القضاء والامن والاقتصاد والتربية في حين وجدنا خريطة طريق لا تضمّ سوى المواعيد والاستحقاقات دون مناقشة جوهر القضية. وفي رأيي سياستنا ستُبنى عندما يصبح لنا حوار حول البرامج المستقبلية لنستغل هذه الثورة من اجل الارتقاء بتونس من خلال بناء المؤسسات وانا متخوف على الديمقراطية في تونس من المنظومة السابقة المدعومة من الغرب ومن عودة البوليس السياسي لأنني أرى أن الحزب الإداري قد رجع بقوة. نظرتك للقضاء التونسي ؟ أكبر مشكلة في تونس هي القضاء والحلّ في اعادة هيكلته ليصبح قضاء دولة وليس قضاء نظام، نحن في حاجة الى قضاء قادر على بسط سلطة القانون على الجميع ثم يقع تأهيل القضاء باعتبار استفحال ظاهرة الفساد، نحن في حاجة الى قضاء يقدر على القضاء على لوبيات الفساد ويستطيع ارجاع قوة الاقتصاد وتنظيفه من الاقتصاد الاجرامي. كما ان في البرنامج الانتخابي ل «حركة وفاء» نقطة هامة تتمثل في تعزيز المحاكم التونسية ب1000 قاض اضافي باعتبار ان الألفي قاض المتواجدين حاليا لن يسدوا احتياجات 11 مليون تونسي ولا ننسى ان هناك قضاة متورطون في الفساد ويجب ان يخرجوا من المنظومة بأكملها وهنا نتحدث عن 300 قاض. كيف تقيّمون الحكومات المتتالية بعد الثورة؟ حكومات لم تفهم المرحلة التي تقتضي في اجل قصير كشف الأرشيف وفتح الملفات وتأهيل القضاء لبداية حكم جيد. هل ترى ان لك حظوظا لاعتلاء كرسي قرطاج؟ لا تهمني الكراسي بل أتصور ان صحة الطرح والمقاربة هي الأجدى ...نحن كنا محاصرين والى حد اليوم نحن محاصرون. تقصدون انكم تتعرضون للمحاصرة الى حد اليوم؟ نحن عشنا فترة هرسلة ونعيشها الى حد اليوم...نحن مستهدفون ..وصلتني الى غاية اليوم ست رسائل تهديد بالقتل . من الأطراف التي تحاصركم؟ هي التي لا تريد المحاسبة وتخاف منها.. وعندما أرى أشخاصا على دراجات نارية أو في سيارات خارج تونس وداخلها يقومون بتمزيق معلقات حركة «وفاء» وبترديد شعارات منافية للأخلاق ضد تواجد الحركة أدرك أننا مستهدفون. أولويات برنامجك الانتخابي؟ هناك اولوية سياسية وهي حماية الحقوق والحريات وتأمين عمل المؤسسات الديمقراطية من مجلس وحكومة ومحكمة دستورية لكي لا نعود الى منظومة الحزب الواحد... حزب الإدارة. وسنعمل على معالجة تردي الاوضاع الاقتصادية من خلال مراجعة الشراكة مع أوروبا في اتجاه يمكننا من تحسين موقعنا في ميزان المبادلات التجارية ثم البحث عن شركاء دوليين والبحث عن أسواق أخرى . ومن أولوياتي كذلك اعادة هيكلة القضاء الذي من شأنه أن يعود بالخير على كافة المجالات الأخرى. موقفك من الإرهاب؟ ان كان لنا قضاء قائم بدوره كان بالإمكان أن نبتعد عن الإرهاب لأن هناك من هو محلّ تتبع ويتواجد بيننا وملف الارهاب ملف متشعب وخطير وفيه بعد دولي مما يحتم ان يكون لنا قضاء يقوم بوظيفته. أبرز منافسيك السياسيين؟ شخصان أو ثلاثة أشخاص على أقصى تقدير يستطيعون ان يناقشوني نقاشا سياسيا واضحا من بينهم الكاتب الصحفي الصافي سعيد لأن له دراية بالاستراتيجيات والبقية مزيج بين الحقوقي والسياسي والعقائدي الإيديولوجي. تعليقك على زيارة برنار هنري ليفي الى تونس؟ لم تكن زيارته الاولى بل هناك صور تثبت انه قد جاء الى تونس وحضر سهرة ب «دار الجلد» بالعاصمة رفقة رئيس حزب معروف و«ستروس كان» و«بيس موث» ...وهم ليسوا ابرياء هم اناس لهم اجندات ومصالح وميولات صهيونية واضحة ويبحثون عن مصالح الكيان الصهيوني. فاز «النداء» في التشريعية وفي صورة فوزه في «الرئاسية» ما تعليقكم؟ بإمكان الثورة المضادة تحقيق مكاسب باعتبارنا عشنا حالة فوضى. ماذا تقول لمن يطالبك بشهادة طبية؟ هذا تخريف... وقلة حياء... وانا رجل قانون ولي دراية كبيرة بالمبادئ الأساسية للقوانين خاصة ان العمل السياسي يفترض ان يكون من حسن النية والسلامة . كلمة الختام؟ دعوة للشباب الى دخول غمار العمل السياسي ولا يجب ان يبقى على سلبيته وعليه الانخراط ليبني حياته ومصيره ومستقبله والثورة بما طرحته من آفاق يمكن ان تكون قوة مثل ما حصل بعد الثورتين الفرنسية والايرانية .