رغم ما قيل عن جرائم التعذيب داخل السجون ايام بن علي فإن العقول قد تعجز أحيانا عن استيعاب حجم الاضرار التي لحقت بالمساجين والتي ان لم تؤد الى الموت فإنّها غالبا ما خلّفت لهم أمراضا يستعصي الشفاء منها وتظل تنخر ما تبقى من جسد صاحبها حتى تودي به إلى الهلاك والأمثلة على ذلك عديدة لكن ضعف الذاكرة الشعبية قد تجعل من هذه المآسي ألما خاصا بصاحبها أو مجرد وثيقة تاريخية. في هذه الأيام الأخيرة لشهر ديسمبر والعدالة الانتقالية تدخل في منعرج حاسم بعد سنوات عجاف من الثرثرة السياسية واللفظية اعادتنا وفاة السجين السابق محمد الجندوبي توفي بتاريخ 8 ديسمبر إلى المربع الأول للتساؤلات التي تكاد لا تنتهي: من سيمسح دموع الضحايا قبل فوات الأوان؟ لماذا تواصل اهمال هذه الحالات؟ ألا يعد ذلك جزءا من سياسة التعذيب؟ ألا يشكل التواطؤ جريمة اخلاقية بكل المقاييس؟ هذا السجين السياسي عاش أهوال التعذيب كغيره من الثائرين على الطغاة حيث سجن في عهد بورقيبة بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وأدين بسنة سجنا ثم ومن اجل نفس التهمة ادين بسبع سنوات خرج على اثرها منهوك القوى وقد نالت منه عديد الأمراض المزمنة التي كانت سببا في وفاته حسب مصدر طبي التقرير الطبي اثبت أن الوفاة هي نتيجة لما تعرض له من تعذيب اثناء تواجده بالسجن . فمن وضعية الدجاجة يُعلق على شاكلة الدجاجة المصلية حيث يربطون يدي السجين ورجليه ويقومون بتعليقه بشكل مقلوب وعندما يكون السجين معلقا بهذه الطريقة يقوم الجلادون بضربه على الخصيتين، كما يقومون بجذب جهازه الذكري بخيط مما يشكل له ألما بالغا فضلا عن الألم النفسي، كما يتم حرق السجين في أماكن مختلفة من جسده بأعقاب السجائر وأحيانا وتنكيلا به لا يتردّدون عن ثقب بعض الأماكن بجسده ب «الشينيول» أو إخضاعه لعملية «البانو» وهو إناء كبير مملوء بماء وسخ فيه مختلف القاذورات، ويتم ربط السجين بشكل مقلوب حيث يربط من القدمين ثم يتم تغطيس السجين في الإناء القذر وهي طريقة تشبه الإيهام بالغرق حيث يبقى رأس السجين لعدة دقائق في المياه القذرة، ثم يرفع لوقت قصير لكي يتنفس ولا يموت، والتنكيل يتواصل حتى وإن قدم السجين اعترافات. كلها طرق تعذيب نالت من جسد الهالك السجين محمد الجندوبي الذي بعد صراع مرير مع المرض حسمت اثار التعذيب في حياته وتوفي وسط صمت اعلامي .