لا حديث داخل الأوساط الرياضية الصفاقسية هذه الأيام سوى عن ملف تجديد عقود بعض اللاّعبين المؤثرين في تشكيلة الفريق... الكلام ينسحب هنا على نجم السي آس آس فخر الدين بن يوسف والقلب النابض للفريق الفرجاني ساسي إضافة الى علي معلول و رامي الجريدي والمهاجم طه ياسين الخنيسي وإذا كان الأوّل قد عبّر صراحة عن رغبته في الرحيل واختار خوض تجربة احترافية خارج الملاعب التونسية فإنّ الأماني مازالت قائمة بشأن ترويض الفرجاني وإقناعه بالبقاء... موجة الهجرة الجماعية التي قد تكون العنوان الأبرز في ميركاتو الصفاقسية تبدو حقيقة مؤجّلة التنفيذ على اعتبار انّ فريق عاصمة الجنوب بات عاجزا بلغة الارقام عن سداد حاجيات لاعبيه المادية والمعنوية في ظلّ وفرة العروض داخليا وخارجيا وخاصة هاجس الإغراءات الذي يطارد توقيع أكثر من لاعب... وإذا كان من حقّ اللاعبين تأمين مستقبلهم الإحترافي والبحث لهم عن حاضنة رياضية تؤمّن لهم امتيازات مادية تستجيب لطبيعة المرحلة التي صدّرتهم نجوما على الورق وترقى الى مستوى انتظاراتهم وطموحاتهم فإنّ منطق المصلحة الممزوجة جشعا وطمعا لا يستقيم مهما كانت التبريرات خاصة إذا كان الفضل في تصاعد أسهم هؤلاء يعود لفريق آمن بإمكانياتهم ومنح لهم الوقت والفرصة الكافيتين للتألق والبروز... لذلك كان لزاما ان يكون الجزاء من صنف العمل وقليل من المال «الكثير» مع كثير من الاحترام أفضل بكثير من مال وفير وذنب غير مغفور... نقول هذا الكلام لأننا لمسنا في ردود فعل جماهير الصفاقسي شعورا بالظلم و «الحقرة» والحنقة من ممارسات بعض خصومه التقليديين لأنّه لا يعقل أن يكون الفريق في كلّ مرّة ضحيّة منافسيه المباشرين على اللقب وتسحب من تحت قدميه تأشيرة العبور الى «البوديوم» بمفعول المال الذي يبقى شئنا أم أبينا قوام الاعمال...جماهير الصفاقسي ساءها كثيرا «تحقير» فريقها وتطاول البعض عليه وافتكاك لاعبيه الواحد تلو الآخر... اليوم وبعد ان طوينا صفحة الهولندي رود كرول وما خلفته من تبعات سلبية كادت تشعل حربا بين جماهير الصفاقسي والترجي يعود الحديث مرّة أخرى عن تحويل وجهة الفرجاني ساسي الى مركب الحديقة «ب»... ساسي وعد بأنه لن يغدر بفريق عاصمة الجنوب وقال ان «يمين البكوش في صدرو» لكن ثبت على ما يبدو ان «يمينو» كان في «مكتوب» الترجي فالتأكيدات القادمة الينا من كواليس الاحمر والاصفر تفيد بژأن اللاعب بات قاب قوسين أو أدنى من تعزيز صفوف الفريق وهذا ما أثار حفيظة الصفاقسية الذين لم يزعجهم هروب الفرجاني المرتقب بقدر ما أفزعهم جبروت الترجي... بلغة المنطق وبقانون السوق الذي يجمع بين ثنائية العرض والطلب, من حقّ الفرجاني ان يعرض خدماته حيث شاء ولمن شاء ومن حقّ الترجي كذلك ان يتسّوق حيث يطيب له وبما أنّ «سلعة الصفاقسية مشكورة» لا حرج في الانتقاء وهذا ليس «غورة»...ثمّ ان نواميس الاحتراف لا تتعارض مع سياسات الترجي بل يمكن القول إنّ فريق باب السويقة كان دائما سبّاقا في تكريس هذه النواميس الجديدة في بطولتنا المحترفة بشكل جعل الجار النادي الافريقي يتعلّم الدرس و يلتحق بركب المزايدين وهذا ما سنكتشفه في قادم العناوين... يبقى السؤال الذي يطّل برأسه بلا حياء ولا استحياء وأسوة بما يردّده الصفاقسية حاليا هو هل يمكن القول إنّ العقلية الرياضية في تونس باتت جاهزة لاستعاب وتقبّل منظومة الاحتراف بسلبياتها قبل ايجابياتها أمّ أنها لازالت تعتبر سلوكات الترجي انحرافا عن الروح الرياضية وتعديّا على ميثاق اللعبة على الاقلّ من زاويته الاخلاقية...؟؟؟