بعد تقديم سليم مسلٌم استقالته من رئاسة جمعية جربة عمٌت الحيرة صفوف الأحباء – إن كان لها فعلا أحباء بالمعنى الحقيقي للكلمة – فتعيين تاريخ الجلسة العامة الخارقة للعادة الانتخابية لن يزيد الوضع سوى غموضا فمن سيتولى تصريف الأعمال لحد ذلك التاريخ مع العلم المسبق أنه من غير المتوقع أن يتقدم أيّ شخص لتحمل مسؤولية تبدو صعبة جدا حتى لا نقول مستحيلة ؟ هل هي الهيئة الحالية والتي ستضطر للقيام بالانتدابات والقيام بتعهدات قد تعجز الهيئة القادمة عن الإيفاء بها ؟ هل يقع تشكيل لجنة إنقاذ مثلما حصل في الصائفة الماضية وماذا عساها تفعل ميدانيا ؟ هل يعدل رئيس الجمعية المستقيل عن الاستقالة إذا وجد الدعم الضروري ؟ هذا السيناريو وارد ولكن ما هو غير وارد هو أن يدخل من يسمون أنفسهم بالأحباء أيديهم لجيوبهم ولدفع «ما تيسر» من المال. إن المشكل الحقيقي في جربة هو الدعم المالي وجمعية جربة لن يمكنها أن تكون أبدا من ضمن الكبار لقلة الموارد المالية ومكانها الطبيعي جدا هو الرابطة 2 في أحسن الأحوال ففي جربة لا توجد مناجم فسفاط ولا معامل كمياوية ولا معامل فولاذ أو تكرير النفط أو اسمنت إلى غير ذلك من المؤسسات الكبرى التي تنفق أموالا طائلة على الفرق المنتسبة للجهات المتموقعة بها. المؤسسات الاقتصادية بجربة هي سياحية بالأساس فنادق ووكالات أسفار وإذا كان إحقاقا للحق البعض منها يقبل إيواء الفريق ليلة المباريات مجانا فإن البعض الآخر يطالب مقابل الإقامة وعند الذروة الخلاص مسبقا وهناك وكالات أسفار تعين الفريق ولكن الأغلبية الساحقة لا تعترف بوجود الجمعية أصلا وفي بعض الأحيان تعجز الهيئة عن توفير وسيلة نقل للشبان خاصة. إذن الحديث عن مساهمة المؤسسات السياحية في دعم الفريق هو هراء فأغلب تلك المؤسسات على ملك مستثمرين أحباء فرق أخرى من خارج الجزيرة يتهافتون عليها عند حلولها بالجزيرة مبدين استعدادهم لتقديم كل التسهيلات لتوفير كل ظروف الراحة. ولا يمكن لأي كان أن يطالب هؤلاء المستثمرين بضرورة الدعم للجمعية. فمن أين سيأتي الدعم إذن ؟ من أهالي الجزيرة المقيمين خارجها من الميسورين يقول البسطاء الذين يعتقدون أن الجرابة أغنياء والغني الله ويمكنهم دعم الفريق. هذه الأسطوانة المشروخة نستمع لها منذ عقود وهي وهم صحيح أنه يمكن لهم الإعانة ولكن المثل الفرنسي يقول « من يريد أن يفعل يمكنه ذلك» والإرادة غير موجودة وقد لخٌص مختار التليلي على قناة « تونسنا » مؤخرا تلك الإرادة ومثلما قال لو يخصص أثرياء جربة الذين يدعمون الفرق الكبرى بمئات آلاف الدنانير نسبة بسيطة لا تتجاوز 10 بالمائة لكانت الأمور عال العال. هؤلاء يجب توعيتهم والاتصال المباشر بهم وهذا عمل ليس بالبسيط بل يتطلب استراتيجية كبيرة. لنعد الآن للوضع الذي توجد عليه الجمعية. الفريق يحتل المرتبة الأخيرة صحبة مستقبل قابس والكل يعلم السبب الرئيسي في ما آلت إليه الجمعية ولئن كان الواقع يفرض عدم الرجوع إلى الوراء فإن مجريات الأحداث تلزمك بذلك فرغم ثقل التركة جاء أناس شجعان تنقصهم حتما التجربة في التسيير ( لا أحد يولد عارفا بالتسيير) قبلوا المهمة في ظروف عسيرة كلّما حاولوا التقدم خطوة إلى الأمام إلا ووجدوا حاجزا أمامهم يجبرهم على العودة خطوتين إلى الوراء وفي هذا الصدد صرح الرئيس المستقيل ل«التونسية» بما يلي: «الوضع صعب وتحملت المسؤولية طواعية ولكن اتضح أنني أواجه مشاكل الموسم الماضي أكثر من مشاكل الموسم الحالي. فهل أن الهيئة ستتولى الانتدابات وتوفير ظروف الراحة لللاعبين لضمان البقاء أم أنها تقضي وقتها في حل إشكاليات لاعبي ومدربي الموسم الماضي ؟ الأحباء يريدون أن نقوم بالانتدابات ويطلبون أن تكون من الحجم الثقيل فهل يتطلب ذلك أموالا أم الانتدابات ستكون هبات ؟ وآ خر ما صدر هو منع الفريق من الانتدابات فكيف يمكن لنا مواصلة العمل في مثل هذه الظروف. صراحة عجزنا عن المواصلة وبالتالي أفضل التخلي عسى أن يأتي شخص آخر وهيئة أخرى بمقدورهم تحدي كل هذه الصعاب». يقول الفرنسيون : « لا يجب البحث عن منتصف النهار على الساعة الثانية بعد الظهر ». الحقيقة المرٌة والتي يجب أن يدركها الجميع هو أن كرة القدم وإن كانت تستهوي العديد فإنها آخر اهتمامات السلطة المحلية فماذا تنتظرون من بلدية عجزت عن حل مشكلة «الزبلة» أن تقدم للشباب من وسائل ترفيه رياضية وثقافية؟ إن من يزور ملعب حومة السوق يتساءل هل أنه ملعب حي أم لفريق بالرابطة المحترفة 1؟ فهو لا يستجيب لأي مواصفات. وعندما نعرف أن بلدية سبيطلة تقدم مثلا لفريق كرة القدم وهو في الموسم الماضي في القسم الثالث منحة ب120 ألف دينارا وبلدية حومة السوق لا تعطي أكثر من ثلثها فعلى الدنيا السلام. ماذا تنتظرون عن أحباء لا يدفعون ثمن تذكرة الدخول ويحاولون «الترسكية»؟ وهؤلاء الأحباء الذين يتسببون كل أسبوع في خطية مالية بسبب الشماريخ ما هو موقفهم عندما يعلمون أنّه لولا تلك الخطايا بسببهم لكان الفريق في المرتبة الأولى في الروح الرياضية والتي تقدر جائزتها ب100 ألف دينارا؟ الجميع في جربة ينظٌر والجميع يطالب ولكن «عندما يجدٌ الجدٌ لا تجد أحد». إنها وضعية جمعية جربة التي ربما يؤول بها المصير إلى ما آل إليه وضع العديد الفرق التي انتمت للنخبة ثم اندثرت.