تعيش عائلة حسن الخليفي معاناة حقيقية منذ حوالي عامين إثر اختفاء طفلها محمد خليل الخليفي وهو تلميذ من مواليد 9 مارس 1998، في لغز لا يزال مستمرا ومعه تكبر معاناة عائلته يوما بعد يوم. القصة الكاملة والمحيّرة لإختفاء الطفل محمد خليل رواها والده بكلّ حرقة وألم ل«التونسية»،يقول السيد حسن الخليفي مهندس في الشركة التونسية للكهرباء والغاز فرع بوسالم من ولاية جندوبة انّ ابنه محمد خليل خجول جدا، وأنه كان يدرس في إعدادية «بوعوّاد» الواقعة بمنطقة بوسالم من ولاية جندوبة. وأضاف محدثي أنّ المأساة إنطلقت في شهر رمضان 2013 ، مضيفا انه بحكم الأجواء التي تميّز الشهر المبارك من سهريات وزيارات عائلية ،فقد اصطحب ذات ليلة طفله إلى المقهى الواقع بالحي، وأنه بعد يومين أخبره طفله ان الأجواء لم ترق له كثيرا في المقهى وأنه يخيّر اللعب في الحي مع أصدقائه، مضيفا ان محمد خليل لم يتعوّد الخروج ليلا وأنه تمّ السماح له بصفة إستثنائية نظرا لشهر رمضان مضيفا أن ابنه كان يخبر والديه بأدق التفاصيل وتقريبا بكل ما يحدث له، من قبيل أنه إشترك رفقة أترابه في شراء قارورة مشروبات غازية، وكيف مرحوا ولعبوا ،مبينا ان ابنه تعوّد عدم التأخرّ خارج البيت. اختفاء غامض... وأضاف حسن: «يوم الواقعة انتظرنا عودة محمد خليل كالعادة ولكنه لم يعد إلى البيت ممّا أثار الهلع في نفوسنا وبحثنا تقريبا عنه في الحي وفي كلّ مكان ولكن جلّ أصدقائه أكدوا لنا أنهم لم يلعبوا معه ليلتها مكتفين بأنهم شاهدوه في المقهى بصدد ترشف فنجان قهوة وأنه سرعان ما غادر ...؟». وأضاف حسن انّ شكوكه حامت مباشرة حول مشتبه به من الحيّ ملاحظا أنه شخص ذو مستوى تعليمي محدود ويرعى الأبقار ويهتم بفلاحة والده، مؤكدا ان هذا الشخص كان قد خطب ابنته وان هذه الأخيرة رفضته. وأشار حسن إلى أنه أوضح صراحة لهذا الشخص أنه غير مرغوب فيه لعدة أسباب تتعلق بسوء الخلق والسلوك على حدّ تعبيره . وكشف السيد حسن أنه أب ل9 أبناء وأن خليل جاء بعد إنجابه 7 بنات وأنه لذلك كان ابنه مدلّل من قبل العائلة ،واعتبر حسن أن لديه عدة أسباب تجعله يوجه أصابع الإتهام إلى هذا الشخص الذي يظلّ في نظره مشتبها به إلى أن تثبت إدانته أو براءته، وكشف أنه سبق أن سرق لهم كبش العيد انتقاما من رفض العائلة له الى جانب أفعال أخرى. أدلة ولكن ؟ وأضاف السيد حسن انّ طفلة من الحيّ كانت في المستوصف رفقة جدتها ذكرت لخالة خليل أنها شاهدته ليلة اختفائه مع المشتبه به بالقرب من مقر عمل خياطة. وقال السيد حسن إن عملية إستنطاق المشتبه به لم تكن بالكيفية المطلوبة وأنه سرعان ما أطلق سراحه لمجرد أنه انكر معرفته بمصير محمد خليل. وذكر الوالد الملتاع انه بعد 15 يوما من إختفاء إبنه تلقى اتصالا هاتفيا من مركز عمومي للإتصالات بجهة فرنانة، وأن المخاطب الذي كان قد غيّر صوته حسب كلام السيد حسن ان ابنه سيعود وأنه بخير، وأكدّ السيد حسن انه ميز جيدا ذلك الصوت لأن هناك عبارات لا يمكن ألاّ يميّزها مهما غيّر الشخص الصوت، وقال انه إتصّل بالجهات الأمنية في الجهة وأنها نصبت كمينا لمعرفة هل ان ذلك الشخص غادر الجهة وقصد فرنانة أم لا ؟ وأضاف السيد حسن: «بحكم خبرتي عرفت أنه سيعود فعلا إلى بوسالم خاصة أن هناك مفترقين فقط للعودة لأتأكدّ من شكوكي»، مبينا أن المشتبه به كان فعلا في فرنانة وقدم يومها مع والده وشخص آخر وأنهم ذكروا للأمن أنهم كانوا بصدد شراء رأس غنم. وكشف حسن انه بعد فترة إلتقى بالمرافق الثالث وأن هذا الأخير أخبره ان المشتبه به غادرهم فعلا لإجراء مكالمة من محلّ «تاكسفون» ولاحظ السيد حسن أنه مع ذلك لم يتم استنطاقه. وكشف محدثنا أنه بعد حوالي 40 يوما من إختفاء ابنه تلقى اتصالا هاتفيا آخر من رقم هاتفي كان يتصل ويغلق السماعة أو يبعث برسائل فارغة فارتاب من الأمر واتصل بالرقم ، وقال انّ هذا الأخير أخبره أنه من جهة «المرازقة» بالحمامات وأن طفلا إعترض سبيله وطلب منه تمكينه من هاتفه الجوال ليتصل بوالده وكشف له عن ملامح الطفل ولباسه مؤكدا أن المواصفات التي قدمها له المخاطب تنطبق على ابنه. غموض ورحلة بحث مضنية... وقال الأب إنه أمام الحيرة التي تملكته توّجه إلى جهة الحمامات والتقى بصاحب المكالمة الأخيرة ملاحظا: «تعمّدت لقاء هذا الشخص في مقهى فتمسك بأنه لا يعرف إبني وأنه مجرّد عابر سبيل»، وكشف السيّد حسن انه بعد ذهاب هذا الشخص سأل عنه في المقهى، فاكتشف أن الهوية التي أدلى بها والعمل الذي قال انه يمتهنه غير صحيحين مضيفا أنه توصل الى حقائق تفيد ان مخاطبه من أصحاب السوابق العدلية. وقال حسن انه رغم الإستنطاق وتعهد الفرق الأمنية بالبحث والتحقيق مع ذلك الشخص فإنه تمسّك بعدم معرفته محمد خليل رغم تقديمه لروايات متضاربة في مناسبتين. وكشف السيد حسن ان إختفاء ابنه لا يزال يشكلّ لغزا كبيرا، وقال انه ظهر في برنامج «المسامح كريم» على قناة حنبعل ووجه نداء لكي يعود ابنه، وأنه إثر ذلك تهاطلت عليه عديد المكالمات الهاتفية وأن بعضهم كان يريد التحيّل طالبين منه فدية ومالا... نداءات عديدة لم تسفر عن حل اللغز رحلة البحث عن محمد خليل جعلت الأب الملتاع يجوب مختلف مناطق الجمهورية من الشمال إلى الجنوب وقد قال في هذا الصدد: تقريبا منذ سنة و5 اشهر و20 يوما وأنا أبحث عن محمد خليل ولذلك قطعت آلاف الكيلومترات وأخذت إجازة مطوّلة للتفرغ ولكي أبحث عن محمّد خليل، كنت أتأمّل الوجوه وأتنقل من مكان إلى آخر أقضي ليالي وأسابيع وأنا أطوف بسيارتي من مكان إلى آخر...». وقال إنه وجه عدة نداءات عبر صفحات التواصل الإجتماعي، وأن من أغرب الإتصالات التي وصلته كانت من فتاة أخبرته انها تعرف جيدا ابنه وانه محتجز لديهم في غرفة، وطلبت مبلغا كبيرا من المال، وقال انها أمدته بأوصاف ابنه وأنها عندما طلب منها إلتقاط صورة حديثة له انقطعت الإتصالات، مؤكدا انّه تم التحقيق مع الفتاة وأنها تمسّكت بكونها متحيّلة وأنها تريد المال فقط. إحساس أب وأكدّ حسن خليل انه يشعر ان ابنه لا يزال على قيد الحياة، وأنه يرجح فرضية أنه في مكان معزول إما في جبال فرنانة أو جندوبة وأنه لا يمكنه الإتصال بهم أو طلب النجدة. واعتبر ان هناك عدة تساؤلات حول لغز إختفاء ابنه وأن هناك بطئا في التحقيق حول اختفاء ابنه مضيفا: «رغم مضي كل هذه الفترة فإن قناعتي لم تتغير يوما تجاه المشتبه به خاصة أنّي تتبعته لفترة وعرفت انه من مدمني «الزطلة» وله عدة سلوكات مشبوهة وأنا شبه متأكدّ من أنه لو يتم إستنطاقه بجدية فإنه سينهار ويعترف ويكشف مصير ابني ولكن للأسف المشتبه به لا يزال حرا طليقا». «أريد منه فقط أن يعود ابني إلى حضني»... هكذا ختم السيد حسن كلامه بلوعة، مبينا أنه كلما سمع عن وجود جثة أو قتيل في مكان ما يسارع للمعاينة وللإطلاع على هوية الضحية؟.