حاورته صباح توجاني تحصل المعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب مؤخرا على جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الإماراتي لأحسن معهد طبي في العالم العربي. وقد تسلمها الأستاذ فيصل الهنتاتي رئيس قسم طب الأعصاب بالمعهد. «التونسية» التقته وتحاورت معه حول الأمراض العصبية الأكثر شيوعا في تونس وفي العالم العربي الى جانب الحديث عن أهم النجاحات التي حققها فريق البحث التابع للمعهد في عالم الإكتشافات التي ظلت الى اليوم مرجعا لأكبر دور صناعة الأدوية في العالم. وفي حديثه ل «التونسية» اشار الاستاذ فيصل الهنتاتي الى النقائص العديدة التي أصبح المعهد الوطني لطب الأعصاب يشكو منها منذ فترة وجيزة والحال أنه المؤسسة الإستشفائية الوحيدة المجهزة لعلاج امراض عصبية مستعصية... عبر الأستاذ فيصل الهنتاتي رئيس قسم طب الأعصاب بالمعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب، عن اعتزازه بجائزة الشيخ حمدان بن راشد ال مكتوم وزير المالية الإماراتي التي تحصل عليها المعهد مؤخرا بفضل الأبحاث التي اجراها المعهد في مجال علم الجينات والنتائج الباهرة التي وصل اليها الباحثون في هذا المجال مما مكن من استغلالها لتحسين علاج مرضى الأعصاب في تونس وفي الوطن العربي عموما. وعن الجائزة قال الأستاذ فيصل الهنتاتي « للتونسية»: « اقر سمو الشيخ حمدان بن راشد ال مكتوم وزير المالية احداث هذه الجائزة منذ عشر سنوات وخصصها للعلوم الطبية كل عامين. وهي جائزة تتفرع الى 3 جوائز في حقيقة الأمر، منها جائزة عالمية لأحسن اختراع علمي وجائزة عربية لأحسن كلية او معهد او مركز طبي في الوطن العربي بالإضافة الى عدة جوائز محلية. ولابد هنا من التذكير بان المعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب له صيت عربي وعالمي بفضل البحوث المشهورة التي قام بها الأطباء الباحثون في مخبر المعهد وابرزها البحوث الخاصة بالأمراض الجينية، حيث اكتشفنا هنا بالمعهد الى حد اليوم 15 نوعا من الجينات المسؤولة عن امراض عصبية تمس شريحة من الشعب التونسي من مختلف الأعمار على غرار امراض العضلات ومرض الترنح الذي يمس الأطفال والشباب ومرض «باركنسون» او ما يعبر عنه بالشلل الرعاش... ما هو حال امراض الأعصاب في تونس وماهي ابرز الإصابات التي يشكو منها اغلب التونسيين؟؟؟ تعتبرالجلطة الدماغية من أكثر الأمراض شيوعا في بلادنا وهي مشكلة صحية كبيرة في تونس، ومن المعروف انه منذ 15 عاما سجلت ثورة على مستوى علاج هذه الجلطة، وذلك بفضل تكوين وحدات علاج الجلطة عبر تقنية إذابة كويرات الدم المتجمدة، مما مكن من تعافي عدد كبير جدا من المصابين بالجلطة الدماغية...شرط أن يصل المريض الى المستشفى في ظرف 4 ساعات بعد الاصابة. اليوم حقق العالم تقدما ملحوظا على مستوى طب الأعصاب، ويمكن قياس تطور أية مؤسسة استشفائية ومن ورائها اية دولة اعتمادا على قياس عدد الوحدات المختصة بعلاج الجلطة الدماغية وعدد المرضى الذين بالإمكان علاجهم في الأربع ساعات الأولى التي تتلو الإصابة بالجلطة الدماغية، وهذا أمر يستوجب نظاما علاجيا قبل الوصول الى المستشفى وفي مرحلة الوصول والإستقبال الأول داخله وما يجب ان يرافق كل هذه العملية من حملات توعية للطاقمين الطبي وشبه الطبي بدقة التدخل الطبي في الساعات الأولى التي نعتبرها مصيرية وحاسمة في حياة المصاب. ماهي الإمكانيات المتاحة في تونس لعلاج الجلطة الدماغية ؟ صراحة نحن لا نملك في تونس سوى وحدة..وحيدة يتيمة ...تم انشاؤها عام 2000 وتتوفر بها 8 أسرة 4 منها جاهزة لإستقبال المصابين، فيما أصاب الشلل التام الأسرّة الأربعة المتبقية ولم تعد صالحة للإستعمال منذ فترة...بما يعني ان كامل مناطق الجمهورية تملك 4 أسرة فحسب..والأكثر سوءا في المسألة انه الى حد يوم الناس هذا لم يقع تنظيم عمليات توعية وتحسيس لمرحلة ما قبل الوصول الى المستشفى وهو ما أعتبره شخصيا نقطة ضعف كبيرة جدا ولابد ان تتفطن اليها الوزارة في أقرب وقت حماية لأرواح التونسيين وصحتهم. فالمعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب يواجه يوميا حالات مستعصية لمصابين بالجلطة الدماغية حيث يقصدنا يوميا ما بين 15 و20 مريضا جديدا بالجلطة، لا يمكننا قبول سوى اثنين أو ثلاثة منهم بالرغم من خطورة الإصابة وحاجة المرضى للرعاية الطبية التامة والدقيقة،،، إلا أن الأربعة أسرة المتوفرة هنا والصالحة للإستعمال لا تفي بالحاجة للأسف الشديد...ونحن كأطباء وكطاقم شبه طبي نعاني الأمرّين ونحن نتابع حالات لا يمكن قبولها بالنظر الى ضعف الإمكانيات كنا نتمنى ان نحيطها بالعناية والرعاية اللازمة... كما أن التونسيين يعانون ايضا من الأمراض العصبية الوراثية التي صار بمقدورنا اليوم والحمد لله تشخيصها بصفة روتينية رغم صعوبة تقنيتها ودقتها . الى جانب انه اصبح بامكاننا تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية صلب العائلات المصابة فضلا عن علاج بعض الحالات القابلة للشفاء كمرض الترنح المصاحب لنقص فيتامين «او» ....الذي وقع اكتشافه في مخبر المعهد الوطني لأمراض الأعصاب وهو اكثر مرض وراثي انتشارا في بلادنا. كما يعاني شق كبير من التونسيين من مرض التصلب اللّوحوي المتعدد، حيث يوجد في تونس حوالي 3 آلاف مريض يتطلبون علاجا خاصا ورعاية لصيقة. كيف هي أوضاع امراض الأعصاب على مستوى العالم العربي؟ لابد من الإشارة هنا الى التطور الحاصل على مستوى دول شمال افريقيا واقصد تونس والمغرب والجزائر في مجال تشخيص امراض الأعصاب وعلاجاتها المختلفة. أما في الخليج العربي ، فالأمر يشبه بل ويتجاوز في بعض الدول ما يسجل في الدول الغربية من نجاحات وتطور خاصة في مجال علاج الجلطة الدماغية حيث يتعافى اكثر من نصف المصابين وهي نسبة ممتازة جدا .. علما ان مراكز بحوث كثيرة تم انشاؤها خلال السنوات الأخيرة خاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر واستقطبت علماء وباحثين من مختلف دول العالم ووضعت على ذمتهم امكانيات تقنية وبشرية ومالية مهولة من اجل انجاز بحوثهم. والعالم باسره في انتظار مفاجأة سارة قريبا تهم اكتشافات جديدة في مجال الأمراض الجينية الوراثية مما سيحدث ثورة طبية حقيقية في هذا المجال ويعيد الأمل لآلاف الحالات المستعصية وهي قفزة نوعية عملاقة في المجال الطبي عامة. عموما دول العالم العربي لم تتوفق الى حد اليوم الى تحديد الجينات المسببة لبعض الأمراض الجينية بالرغم من اجتهاد الباحثين العرب. لا حظت ان هناك تسيبا كبيرا وفوضى عارمة في المستشفى الذي كان لؤلؤة بأتم معنى الكلمة فصار اليوم يشكو من الأوساخ وتدهور البنية التحتية وترهل وسائل العمل، فماذا يجري هنا؟؟؟ صحيح لقد لاحظنا أن شكاوى المرضى وعائلاتهم تضاعفت منذ مدة قصيرة حيث تم إهمال البنية التحتية المتآكلة ممّا ادى الى تراجع مستوى الخدمات المسداة للمرضى. كما ان تراجع ظروف العمل أثر سلبيا على الجو العام فعمت الفوضى وتكاثرت الأوساخ بسبب تراخي خدمات المناولة.... وتعددت التشكيات ولكن لا مجيب... فهل يعقل ان يعمل مستشفى بلا ارشاد للمرضى ومرافقيهم؟؟؟ وكيف يتنقل الجميع والسلالم بها أعطاب قد تعوق الحركة؟؟؟ وكيف نقبل نقل المرضى في كراسي لا تمشي ؟؟؟ فكراسي المعهد اضحت هي الأخرى معاقة ولا عزاء للمعاقين ... لماذا لا يقع اصلاح النوافذ المهشمة والتي تشكل مصدر اصابات خطيرة للمقيمين بالمستشفى خاصة في فصل الشتاء البارد ؟ لقد طالبنا وطالبنا ادارة المستشفى منذ أشهر بضرورة ايلاء سلامة المرضى الأهمية القصوى ولكن لا مجيب... هذه أولويات قصوى،،،فهل يعقل أن نعالج مريضا من جلطة دماغية خطيرة ويصاب قبل شفائه بتعفن في الرئتين جراء مجرى الهواء المتأتي من بلور النوافذ المهشم..؟؟؟ وعليه فاننا نطلب من الوزير الجديد تكليف فريق مراقبة بزيارة المعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب ومعاينة النقائص واعداد تقرير مفصل حول الحالة المزرية التي وصل اليها المستشفى في ظل إدارة تأبى الإستماع الينا... المستشفى يستغيث ويطلب التدخل العاجل... تصوري ان مؤسسة استشفائية مسؤولة عن علاج الحالات الإستعجالية...تطلب هي ذاتها التدخل الإستعجالي حتى تتمكن من مواصلة أداء عملها بشكل طبيعي...»