لا يزال ملف الأملاك المصادرة للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وعائلته وأصهاره وأقاربه مُعلّقا إلى حد الآن بعد أربع سنوات من الثورة ولم يقع تحقيق تقدم كبير في المجال بعد ان تعاقبت على البلاد خمس حكومات منذ سنة 2011 فشلت وبشهادة الملاحظين والخبراء في التعامل مع هذا الملف الحارق. وأكبر دليل على صحة كلامنا هو الوضعية المزرية التي ألت إليها السيارات الفارهة والفاخرة بعد الفشل الذريع في بيعها بتعلة أن السعر المقدم لا يتماشى وقيمتها الرمزية (لكونها على ملك المخلوع) باعتبار ان هناك سيارات يصل سعرها إلى أكثر من مليون دينار (المايباخ).والآن تراجعت قيمة هذه السيارات وأضحت عبئا ثقيلا يصعب التخلص منه هذا دون التغافل عن قصر سيدي الظريف وقصر سيدي بوسعيد الذي كان على ملك صهره صخر الماطري واللذين عجزت السلطات التونسية عن بيعهما نظرا لأنّ السعرين المعروضين لا يناسبان قيمتيْ القصرين. وإلىجانب المؤسسات والشركات المصادرة التي تحولت من مؤسسات مربحة إلى مؤسسات مفلسة وأصبحت عبئا ثقيلا على الدولة مع تفاقم إشكالياتها الاجتماعية والمالية. يمكن اعتبار أن ملف الأموال والأملاك المصادرة حجر عثرة ونقطة الفشل المشتركة لدى الحكومات المتعاقبة التي لم توفق بشهادة المختصين والمتابعين في إنهاء ملف المصادرة بطريقة جذرية والتعاطي معه بشكل جدي. وباستثناء توصل حكومتيْ الجبالي والعريض إلى بيع الشركات الكبيرة ولا سيما شركات بيع السيارات التي كانت على ملك عائلة بن علي وكذلك بعض المساهمات في بعض المؤسسات الرابحة، فإن الحصيلة في هذا الملف تظل هزيلة ومحبطة بالنظر إلى ما يمكن تعبئته من موارد مالية للدولة علّها تساهم في حل جملة من الإشكاليات التنموية العالقة والتقليص من تفاقم التداين الخارجي. فشل ذريع ومع مرور الوقت يتزايد ضغط الخبراء الاقتصاديين والماليين والمجتمع المدني على الحكومات المتعاقبة بخصوص الإسراع بالتفويت في المؤسسات المصادرة وتوظيف عائدات التفويت لخدمة أغراض التنمية في الجهات لا سيما أن الميزانية التكميلية لسنة 2012 مثلا استهدفت تعبئة 1200 مليون دينار من المؤسسات المصادرة، لتعجز الجهات المعنية بعد ذلك عن بلوغ هذا الهدف. ومع كل حكومة جديدة يتم رسم هدف جديد لتعبئة عائدات مالية جراء الأموال والشركات المصادرة لتأتي حكومة أخرى لتراجعه على غرار ما قامت به الحكومة السابقة من مراجعة هذا المبلغ من ألف مليون دينار رسمته حكومة العريض إلى حوالي 300 مليون دينار لم يقع تحقيقها في ظل غياب أرقام ومؤشرات رسمية في الغرض. ممتلكات بلحسن الطرابلسي في صدارة القائمة وبالرجوع إلى قائمة المؤسسات المصادرة تحصلت «التونسية» على قائمة المساهمات الراجعة بالنظر إلى الدولة من المؤسسات المصادرة وعددها 105 مؤسسات في جميع القطاعات والمجالات الاقتصادية، وتجدر الملاحظة في هذا السياق أن بلحسن الطرابلسي يمتلك مساهمات في 27 مؤسسة (تتراوح بين 0.0066٪ و 99٪) يليه فهد محمد صخر الماطري ب 24 مساهمة (تتراوح بين 0.001٪و99.99٪).وبدرجة أقل سيرين بن علي التي تملك مساهمات في 7 مؤسسات بحصص تصل أقصاها إلى 99.99%، والغريب في قائمة هذه المساهمات المصادرة غياب بن علي الذي لا يمتلك أية حصة في أيةّ شركة. ووفق المعطيات التي استقيناها فإن أعمال اللجنة الوطنية للأملاك المصادرة على مستوى وزارة المالية استندت لمصادرة الحصص والأسهم، إلى مجلة الشركات التجارية وإلى النصوص الخصوصية كالقانون المنظّم للسجل التجاري والقانون المتعلّق بإعادة تنظيم السوق المالية. وقد أسفرت أعمال الجرد عن إحصاء أكثر من 300 شركة حسب تصاريح الجهات المعنية كالمتصرفين القضائيين والمؤتمنين العدليين والبنك المركزي والبنوك والشركات والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومصالح وزارة المالية وتصاريح الدائنين بصفة عامة والعرائض المختلفة. وتتطلّب إجراءات مصادرة المساهمة في الشركة تحديد شكلها القانوني وطبيعة نشاطها ثم تفكيك هيكلة رأس مالها بهدف ضبط المساهمات المباشرة للأشخاص الطبيعيين المعنيين بالمصادرة، كما تستوجب تفكيك هيكلة رأس مال بقية الأشخاص المعنويين المشاركين التي قد تكشف عن مساهمة الأشخاص المصادرة أملاكهم فيها فتشملها أعمال المصادرة ويتم ضمّها. وأفرزت معالجة ملف المساهمات عن عجز جزء من الشّركات عن توفير بعض الوثائق الضّروريّة المتضمّنة للبيانات والمعطيات اللاّزمة (مضمون السجل التجاري، معطيات قانونية محيّنة...). ولتجاوز هذا العجز اشترطت اللّجنة توفّر الوثائق المذكورة سابقا مدعمة بشهادة محيّنة في ملكية الأسهم أو الحصص يمضيها المتصرف القضائي أو وكيل الشّركة. وأفضت أعمال اللجنة إلى مصادرة المساهمة في رأس مال 105 شركات.