بين ضرورة اقتناء «الفينيات» والخوف من التعرّض إلى خطايا مالية خاصة في ظل غلاء المعيشة، وجد أمس المئات من أصحاب السيارات الزوجية أنفسهم مُجبرين على الهرع منذ الساعات الأولى للصباح للوقوف في طوابير أمام القباضات المالية بالعاصمة لتسديد معلوم الجولان في يوم حدّد كآخر أجل قبل تعرّضهم لمشاكل مع دوريات المرور. طوابير انتظرت مكرهة آخر يوم بعد أن تدبّر أصحابها أمورهم المالية للتخلّص من كابوس أرّقهم طويلا خاصة أنّ السيارة أو الشاحنة أصبحت ضرورة للتنقّل أو للعمل. «التونسية» تنقلت أمس في جولة بين القباضات المالية بالعاصمة لرصد مدى إقبال التونسيين على تسديد معلوم «الفينيات» واستمعت إلى انطباعاتهم ومشاكلهم وشكاواهم. زياد بوبكر (موظّف) أكد وهو يشير إلى علامات الجولان ذات اللون الأخضر التي كان يضعها بين مجموعة من الأوراق وهو بصدد الخروج من إحدى قباضات المالية أن قلة قليلة من المواطنين لا يقومون بالخلاص وأن أغلبهم يحترمون القانون وأن ظروفه المادية مثله مثل عديد المواطنين حكمت عليه باقتراض 60 دينارا من أجل سداد معلوم الجولان. «حقّ البلاد علينا» محمد لسعد (موظّف) استند إلى الحائط ليريح جسده الذي أنهكه الوقوف وطول الانتظار أمام شباك القباضة قال لنا وهو يمسك بين يديه البطاقة الرمادية وبعض الأوراق النقدية أنه قدم باكرا إلى القباضة المالية لشراء «فينيات» ب120 دينارا نظرا لأنّ سيارته ب7 أحصنة. وشدّد على ضرورة خلاص الأداءات قائلا إنّ ذلك «حقّ بلادنا علينا» مشيرا إلى أنّ من لا يقوم بخلاص معلوم الجولان يعد مخالفا للقانون وأضاف أن أغلب المواطنين يقومون باستخلاص هذه الأداءات وأنّ فئة قليلة تعجز عن ذلك بسبب كثرة المصاريف. أما هشام وهو يعمل نادلا بمطعم فقد أوضح أنه ورغم صعوبة الظّرف ورغم غلاء الأسعار فإنّ التونسي يبقى ملتزما ويحترم القانون وأشار إلى أنّ البعض يعيش ظروفا مادية صعبة إلاّ أنّ احترام القانون يعتبر من الأولويات عندهم. وأضاف أنّ للضرورة أحكام مشيرا إلى أنه فوجئ عند قدومه صباحا للقباضة لأنه وجد خطايا مرورية بقيمة 240 دينارا في انتظاره وأكد أنه اضطر للتداين من الأًصدقاء لتسديد معلوم «الفينيات» والخطايا المرورية. 120 دينارا ليس كثيرا من جهتها شدّدت السيدة «وسيلة» على ضرورة تسديد معلوم الأداءات بصفة عامة وذلك لتمويل نفقات الدولة خاصة وأنّ البلاد تمرّ بظروف اقتصادية صعبة للغاية. وأضافت أنها معتادة على استخلاص فواتير الكهرباء والماء والهاتف في اليوم الأخير من الأجل المُحدّد للخلاص مشيرة إلى أنّها ادّخرت معلوم «الفينيات» رويدا رويدا منذ مدّة لأنّ السيارة تعدّ من الأولويات بالنسبة لحياة الإنسان. وأضافت أنّه لابدّ من الدّفع وأنّه إذا كان الفرد عاجزا عن الخلاص وجب أن تسعى الدولة إلى إيجاد صيغة من شأنها أن تخفّف العبء الجبائي الكبير على الموظّفين بجميع أصنافهم، حسب قولها. أمّا مختار بوعلاق (مهندس) فقد أكّد أن مبلغ 120 دينارا في السنة ليس كثيرا مقارنة بغلاء سعر لتر البنزين والوقود. وأشار إلى أهمية قيمة الأداءات في دعم الاقتصاد التونسي والنهوض به، ودعا الإدارات التونسية إلى تيسير المعاملات وتحسين مستوى الخدمات من أجل سرعة قضاء شؤون المواطنين نظرا لطول الطوابير. أهمية الأداءات بدوره أكّد طاهر الزموري (تاجر) أنّ مبلغ 120 دينارا ليس باهظا وشدّد على ضرورة دفع الأداءات لأن خزينة الدولة تمرّ بظروف صعبة وكذلك خزينة الشركات التي يتهدّدها الإفلاس وأضاف أنه في صورة عدم الدفع يتم سحب البطاقة الرمادية لكلّ سيارة لا تحمل «فينيات» إلى جانب مضاعفة المعلوم. أما يوسف (موظّف) فقد أكّد أنه قدم لتسديد معلوم الجولان في آخر يوم قبل انقضاء الأجل المحدّد لأنه لم يجد وقتا سانحا نظرا لكثرة مسؤولياته وشدّد على ضرورة دفع الأداءات للمساهمة في الحفاظ على ديمومة الدولة. وأضاف أن الحكومة غير مهتمّة بتدنّي المقدرة الشرائية وأنّ تذمّرات المواطنين غير مسموعة. وأشار إلى ضرورة تدخّل منظمة الدفاع عن المستهلك من أجل مجابهة غلاء الأسعار. «كل شي يقلك هات» من جهته أكّد رمزي (موظّف) أنّ «الدنيا غلات» وأن المستوى المعيشي تدنّى جدّا نظرا أيضا لكثرة الأتاوات والأداءات والضرائب وأشار إلى أنّ معلوم الاستهلاك على السيارة يتراوح بين 10 و88 دينارا و18 دينارا كأداء على القيمة المضافة إلى جانب 80 أو 100 دينار لاستخراج البطاقة الرمادية ومعلوم 60 أو 120د على «الفينيات» ينضاف له معلوم 150د بالنسبة لسيارات المازوط إضافة إلى الأسعار المشطة للتأمين قائلا: «كلّ شي يقلك هات». 90 بالمائة من التونسيين ... من جانبه أكّد قابض بإحدى القباضات فضّل عدم ذكر اسمه أنّ التونسي ملتزم بخلاص المعاليم على الجولان وأنّ قلّة لم تبادر بذلك مفسّرا ذلك بقلّة الوعي وأكّد أنّ ٪90 من المواطنين يقومون باستخلاص معاليم الجولان وأنّ ذلك يمكن أن يفسّر بعودة المراقبة وأشار إلى أنّ هناك إقبالا من المواطنين على خلاص معلوم الجولان رغم صعوبة الظّرف المادي للعديد منهم. وأضاف أن التزام المواطنين بخلاص الأداءات يساهم في المحافظة على مداخيل الدولة ويدعم استمرارية الدّورة الاقتصادية. مروى الساحلي