صحيح أن الترجي الرياضي حرم أمس في قابس من هدف شرعي لا غبار عليه بقرار غريب من المساعد الثاني للحكم يوسف السرايري الذي ارتكب خطأ فضيعا يفتح باب التأويلات والتساؤلات على مصراعيه سواء في ما يتعلق بقيمة ومستوى مراقب الخط ومدى معرفته بقواعد وأبجديات التسلل وبالتالي جدارته بإدارة لقاء في بطولة الرابطة المحترفة الأولى أو بعدم اتعاظ المساعدين من الهفوات السابقة المماثلة في مقابلات أخرى، وصحيح أيضا أن هذا الهدف الذي سجله العكايشي عندما كانت النتيجة متعادلة بلا أهداف كان سيغيّر بشكل كامل مجرى المباراة ونتيجتها النهائية خصوصا وأن افتتاح النتيجة من طرف أبناء «الجليزة» جاء بعد دقائق قليلة من هذا القرار الخاطئ. لكن الثابت والأكيد كذلك أن الأداء الجماعي المتوسط لأبناء باب سويقة والمردود المتواضع والباهت لبعض اللاعبين الذين يؤكدون من لقاء إلى آخر محدودية إمكانياتهم وعدم قدرتهم على إفادة الفريق والهفوات القاتلة على العديد من المستويات دفاعا وهجوما وفي وسط الميدان والتي شكلت الأسباب الرئيسية والأساسية لتعثر الأحمر والأصفر في هذه الجولة الخامسة إيابا وبالتالي توقف سلسلته الإيجابية التي ميّزت مسيرته في بداية النصف الثاني من البطولة. لم تسلم الجرّة هذه المرّة لئن نجح الترجي الرياضي في تحقيق نتائج إيجابية في الجولات الأربع الأولى من مرحلة الإياب فإن كل هذه الإنتصارات لم يميّزها الإقناع على مستوى الأداء بل إن الفوز الأخير على النادي البنزرتي لم يكن مطمئنا بالمرة - وقد أكدنا على ذلك في أحد أعدادنا في الأسبوع المنقضي - حيث كاد زملاء بن شريفية أن يفرّطوا في هذا الإنتصار بالنظر إلى التراجع الذي سجلوه خلال الشوط الثاني والفرص العديدة السانحة للتهديف التي توفرت لأبناء عاصمة الجلاء... قبل ذلك بأيام اختطف الترجيون نقاط الفوز في المنستير في اللحظات الأخيرة من اللقاء بعد أن كان الإعتقاد سائدا أن المواجهة سنتهي بالتعادل ، ثم وبمناسبة الجولتين الإفتتاحيتين لمرحلة الإياب لم يحدث أبناء باب سويقة الفارق إلا بإنجاز فردي أو بتسديدة من خارج مناطق الجزاء سواء من المحيرصي في المباراة الأولى في حمام الأنف أو من إيدوك في المقابلة الثانية أمام شبيبة القيروان، وحسم كل هذه اللقاءات بأقل فارق ممكن بعد إهدار العديد من الفرص «لقتل» المقابلات الخروج بسلام من وضعيات صعبة كانت ستسمح لمنافسيه بتعديل النتيجة... إذن لم تكن كل مباريات الترجي الرياضي التي سبقت التحوّل إلى قابس مطمئنة وكان للحظ نصيب في اجتيازه تلك العقبات بسلام وكان لزاما على دي مورايس وأبنائه الإتعاظ بالهفوات المرتكبة وتفاديها غير أن ذلك لم يحصل فلم تسلم الجرّة هذه المرة وتكبّد فريق باب سويقة هزيمة قد تكون سببا في ضياع لقب البطولة عليه في هذا الموسم. وسط ميدان تائه السلبيات متعددة ومختلفة في الترجي الرياضي وكذلك متفاوتة من حيث الأهمية والخطورة وتأثيرها على أداء الفريق ونتائجه غير أن النقطة السلبية رقم واحد تكمن قطعا في وسط الميدان الذي لم يرتق مستواه بالمرة إلى الدرجة التي تحدث النقلة النوعية المطلوبة على أداء الفريق ككل. فهذا الخط له تأثير مباشر وكبير على الناحيتين الدفاعية والهجومية على حد السواء ويعدّ بالتالي محرار مردود الفريق ومصدر توازنه وعلى هذا الأساس فإن أي إخلال فيه يعرقل تطوّر الأداء ويتسبب في إخفاق كامل... نقائص وسط الميدان متعددة منها ما هو فردي يتعلّق بإمكانيات اللاعبين ومنها ما هو جماعي ويتعلق أساسا بالتمركز والتفاهم بين عناصر هذا الخط الذي يشكو نقصا كبيرا من حيث الزاد البشري وهو السبب الذي لم يمكّن المدرب دي مورايس من تجربة حلول أخرى والإستغناء عن العناصر التي يثبت فشلها من لقاء إلى آخر... الصعود البطيئ بالكرة من متوسطي ميدان الترجي الرياضي يجعل عنصر المباغتة مفقودا نظرا لغياب السرعة عن العمليات من هذا الخط ونادرا ما نسجل تمريرة حاسمة من لاعبي الوسط للمهاجمين إضافة إلى التمركز الخاطئ مما يحدث عدم توازن كبير واختلاط في الأدوار وهو ما يعيق تحسن مردود أهم خط في أي فريق. هذا علاوة على محدودية مؤهلات جل العناصر،خاصة من الناحية الهجومية، وتعدّد الكرات الخاطئة افي كل مباراة وعجزهم على المراوغة لإحداث الفارق... هذا هو المشكل الأكبر الذي يعاني منه الترجي الرياضي اليوم وقد زاد انعدام الحلول البديلة الطين بلة ولو أن دي مورايس مجبر الآن على منح الفرصة لعبود في أقرب وقت ممكن لأن التركيبة الحالية لا تلبي الطموحات ولن تضيف أي شيء لأداء الفريق ونتائجه. مشكل التواصل المشكل الجديد الذي لاح جليا في اللقاء الأخير ضد مستقبل قابس وكان له تأثير كبير على النتيجة هو عامل انعدام التواصل بين اللاعبين على الميدان والذي تجلى بشكل واضح في عملية الهدف الأول الذي قبله الترجيون بسبب عدم التفاهم بين الحارس بن شريفية والمدافع محمد علي اليعقوبي حيث كان من المفروض وبأبسط كلمة تفادي الهدف وترك الكرة لحارس المرمى... قائد الأحمر والأصفر تعرّض خلال تصريحه في أعقاب المباراة إلى هذا المشكل وأورده ضمن السلبيات والنقائص التي أثرت على اللقاء وعلى النتيجة النهائية وهو خير دليل على غياب التواصل على الميدان وهو أمر غير مقبول بالمرة في فريق كبير مثل الترجي الرياضي الذي كان بإمكانه أن يتفادى الهزيمة بمجرد وأبسط أبجديات التفاهم بين عناصره... مثل هذه الأشياء لا يلام عليها الإطار الفني بالمرة بما أن لاعبين أصحاب خبرة مطالبون بالقيام بهذه العمليات من تلقاء أنفسهم دون حاجة لتدخل من المدرّب وهذا ما يجب تدراكه بسرعة خاصة وأن الفريق يدخل غمار رابطة الأبطال الإفريقية في نهاية هذا الأسبوع.