المناخ يأثر على النفسية: تحذيرات وهؤلاء هم الأكثر تضرّرًا    الحكومة السورية تندد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس    سعيد : '' الأحداث التي تتواتر هذه الأيام بشكل تشير الدلائل كلّها على أنها غير طبيعية بل مرتّب لها ''    همس الموج .. شاطئ «السلّوم» ببوفيشة .. جمال طبيعي ساحر    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    معالم من بلادي: مقبرة النصارى بتيبار.. شاهد على الحرب العالمية    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    رئيس الجمهورية:هناك ملفات لابد ان تفتح ، ومن حق الشعب التونسي ان يطالب بالمحاسبة    كرة اليد – كأس العالم للشباب تحت 19 سنة: على أي قناة وفي أي وقت يمكنك مشاهدة مباراة تونس والدانمارك ؟    الجوّ اليوم في تونس: سحب، شوية ريح، والحرارة طالعة    طقس السبت.. الحرارة في ارتفاع طفيف    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    البحر الأزرق    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    على ركح مهرجان الحمامات الدولي 2025: الشاب مامي أمير الراي في تجربة راكمت 45 عاما من العطاء الفني    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    طارق ذياب يغادر بين سبور نحو وجهة جديدة    أخبار النادي الإفريقي... الصرارفي يعود وشواط يقود الهجوم    احذر البطاطا المقلية: خطر الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 20%    أحمد الجوادي: هدفي القادم تحطيم رقم قياسي عالمي والتتويج الأولمبي    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    عاجل: سوسة: الاحتفاظ بشخص اعتدى على كلب بآلة حادّة    وزيرة الصناعة تؤدي زيارة عمل الى المركز الوطني لقيادة النظام الكهربائي    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    عاجل/ مصر: "المنطقة لن تنعم بالأمن"..    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    سوسة: يعتدي على كلب جاره مسبّبا له شللا كاملا ومواطنون يتمسّكون بتقديم شكاية    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    بسبب المحتوى الخادش للحياء: أحكام سجنية ضد مشاهير على "تيك توك".. #خبر_عاجل    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    كلغ لحم العلوش يتجاوز 60 دينارا..!    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ ردود أفعال دولية على قرار إسرائيل احتلال غزة..    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    محكمة رابعة تمنع أمر ترامب حظر منح الجنسية بالولادة    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    مباراة ودية: التعادل يحسم مواجهة نادي حمام الأنف ومولودية الجزائر    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    الدكتورة لينا الطبال تكتب ل«الشروق» : هذا السلاح لا يمكن أن يُسلّم    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث في الوطن:وزير المالية.. والإحراج
نشر في التونسية يوم 27 - 03 - 2015


بقلم: فؤاد العجرودي
سطعت مؤخرا العبقرية الفذّة لبعض النخب السياسية والمدنية التي ألحت إلحاحا شديدا على الدلو بدلوها في مسألة حساسة ومعقّدة هي «الإصلاح الجبائي» بخطاب «فولكلوري» فوت علينا فرصة التعديل في الوقت بدل الضّائع من «ركلة جزاء» عبر قذف الكرة عاليا في المدرجات.. بدل المرمى!
ألم أقل سابقا أكثر من مرة أنّ أكبر خطر على هذه البلاد هو سطوة الخطاب الشعبوي المقزز والآثم والماجن والعائد بشراسة بعد 14 جانفي ليحيلنا إلى «التماس» ويدفعنا إلى العيش على هامش التاريخ في خضم عالم لا يرحم النطيحة والعرجاء.. وما خلف الضّبع!
بل إنّ لفيفا من تلك الشخصيات الفذّة التي يفترض بحكم موقعها أن تكون شريكا أساسيا في نحت مسار التقدّم ودفع الحكومة إلى عدالة اجتماعية حقيقيّة «قامت وقعدت لتكتشف الحلول السحرية الملائمة عبر حصر الإصلاح الجبائي المنشود في تدعيم استخلاص الأداءات المستوجبة على متعاطي المهن الحرّة مثل المحامين والأطبّاء والخبراء المحاسبين.. إلخ.. أو الحدّ من «الديون الجبائية المثقلة» أي التي لم يتسنّ تحصيلها في السنة المالية المعنية والتي ولئن كان من المتاح تحسينها نسبيا فإنها تظلّ قائمة لعدة أسباب منها ما يتعلّق بطبيعة مناخ الأعمال ذاته وما إذا كان مجزيا بالقدر الكافي أم لا؟
بالمحصلة لقد توجّهت تلك الأصابع إلى ما يمكن اعتباره بمثابة «قطرة ماء» في كأس من الحجم الكبير الذي يستعمل لأغراض معروفة يتعارض المقام مع ذكرها. ولم تلج إلى جوهر الموضوع باعتبارها توقفت عند نزر قليل قد لا يغني أو يُسمن من جوع وأهملت آلاف المليارات التي تتبخر سنويا في «الطبيعة» أي لا يتسنّى لخزائن الدولة التقاطها لا لشيء إلاّ لأنّ المطالبين بدفعها مازالوا إلى حدّ الآن بمثابة «الأشباح».
بمعنى آخر وعلى خلفية أنّ الإصلاح الجبائي هو مسار تتكامل حلقاته وتمهّد كلّ واحدة منها للأخرى فإنّ رهانه الجوهري اليوم هو سحب «المظلة الجبائية» على كلّ النشيطين... أي كل من يحقّق ربحا.. وأساسا عبر نفض «المظلة الاجتماعية» حتى يتساقط عشرات وربما مئات الآلاف عن المتشبّثين بتلابيبها دون وجه حقّ.
لقد انطلق الإصلاح الجبائي عام 1991 عبر إرساء الأداء على القيمة المضافة قبل تحرير نشاط التجارة الخارجية من خلال إزالة العراقيل الإدارية أولا ثم الحواجز الجمركية عبر شبكة من اتفاقيات التبادل التجاري أهمّها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.. ثم مراجعة عدد المستفيدين بالنظام التقديري بصفة تدريجية لم تكتمل بعد.
إن الضغط الجبائي أي مجمل الموارد الجبائية للدولة يعادل نحو ٪21 من الناتج الداخلي وهي نسبة تبدو ظاهريا معقولة لكنها لا تخلو من إخلالات تستوجب المرور إلى طور أعمق من الإصلاح يقوم على توسيع قاعدة المطالبين بالأداء والحطّ في النسب الموظّفة على الاستهلاك والاستثمار بما يحقّق المعادلة بين تنمية الموارد الجبائية للدولة وتخفيف الضغط على الذين يدفعون حاليا بشكل يسهم في إنعاش الدّورة الاقتصادية وتحسين جاذبية مناخ الأعمال حتى يكون مجزيا للإبداع والتجديد والمجازفة لا مشجعا على الهروب إلى «الأروقة السوداء».
وأوّل رهان لهذا الإصلاح هو التوجه رأسا لأولئك «الأشباح» أي مجهولي «الهوية الجبائية» عبر إدماجهم في منظومة الجباية ليدفعوا على قدر أرباحهم التي لن يعجز جهاز الأبحاث الجبائية عن رصدها واحتسابها بالمليم.. وهنا يتقوقع موطن الدّاء لجهة عدم الحسم في ما يعرف بالمعرف الاجتماعي الوحيد الذي ظلّ لنحو عام ونصف العام ك«الكرة» بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية رغم قصر المسافة بينهما؟
بمعنى آخر إنّ الإصلاح الجبائي المنشود بوصفه تتويجا لمسار يحتاج إلى إرساء منظومة متطوّرة لحصر المداخيل تمكن لا فقط من إدماج كثير من المستفيدين من الاقتصاد التحتي تحت مظلة الجباية على قاعدة «الدفع على قدر الربح» وحصر الطبقات الضعيفة التي ستحتاج إلى الإعفاء من الأداء وترشيد بعض الآليات الاجتماعية على غرار نفقات التعويض وربما حدود مجانية بعض المرافق عبر توجيهها إلى مستحقيها دون سواهم. وبالتالي إيقاف «الحيف الحاصل» نتيجة اختفاء الكثير من المطالبين بالأداء تحت عناوين كثيرة مثل «عاطل عن العمل» و«عامل يومي» و«لا شيء» والذين يستفيدون من سخاء الدولة أكثر من الغلابى و«فاقدي الحيلة».
لكن الصّورة لن تكتمل في غياب إصلاحات موازية أخرى منها إزالة كلّ العراقيل الإدارية واللوجستية أمام النشاط الاقتصادي وتحسين شروط النفاذ للقطاع المنظم بما في ذلك تفكيك الكثير من «احتكارات الدولة» إلى جانب الحدّ من الهشاشة المالية للمؤسّسات بفعل اللجوء المفرط للتداين البنكي عبر جعل البورصة رافدا أساسيا لتمويل الاقتصاد لا مجرد «مغازة صغيرة» أو «صالون مقامرة» وكذلك وهو الأهم تدعيم آليات الوقاية من الإفلاس.
فالواضح هنا أنّ قانون 1995 لإنقاذ المؤسّسات التي تمرّ بصعوبات قد تجاوزته الأحداث ويحتاج إلى مراجعة جذرية بالتوازي مع حزمة من الآليات التي تحجر الإفلاس صراحة على غرار سائر الدّول التي تعتمد آليات السوق وذلك عبر تدخل الدولة في الوقت الملائم لتغيير المستثمر في حال وجود سوء تصرّف أو تغيير النشاط في صورة توفّر جملة من المؤشّرات الموضوعية منها تعرّض نشاط ما لمنافسة أجنبية حادة لا يمكن أن يجاريها.
بالمحصلة ينبغي أن يتوجه الإصلاح الجبائي اليوم إلى «الأروقة والدهاليز السوداء».. وأرجو ألاّ تستنفر تلك الأصوات التي تطالب اليوم بالإصلاح الجبائي.. لتحبط عزائم الحكومة عندما تتحرك «الحيتان الكبيرة» لقطع الطريق أمام هذا الإصلاح باستعمال «الصغار».. وهو سيناريو أكثر من متوقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.