مقترح قيس سعيد يعود إلى الواجهة منذ أكثر من 4 سنوات وملف رجال الأعمال التونسيين الممنوعين من السفر يراوح مكانه ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تسوية هذا الملف رغم تنبيه الاتحاد التونسي للصناعة والصناعات التقليدية في أكثر من مناسبة إلى خطورة تواصل منع رجال الأعمال من السفر على الإقتصاد التونسي. لكن يبدو أن النداء الذي توجهت به رئيسة منظمة الصناعة والتجارة وجد صداه هذه المرة لدى سلطة القرار بعد أن دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في الخطاب الذي ألقاه يوم 20 مارس الماضي بمناسبة الذكرى 59 للاستقلال إلى «رفع جميع القيود وتذليل العقبات أمام رجال الأعمال الممنوعين من السفر كي يستعيدوا نشاطهم بعد إبرام الاتّفاقيّات الضّروريّة وصدور أحكام القضاء في شأنهم». غير أن صيغة إجراء المصالحة مازالت تطرح العديد من الإشكاليات خاصة وأن ملفات رجال الأعمال المعنيين بقرارات المنع من السفر لا تزال بأيدي القضاء ولا يمكن قانونيا التدخل فيها. «التونسية» طرحت السؤال على بعض رجال الأعمال الممثلين في مجلس نواب الشعب لرصد تصوراتهم في طريقة إنهاء هذا الملف. المحاسبة أولا رجل الأعمال حافظ الزواري شدد على ضرورة محاسبة رجال الأعمال الفاسدين وعدم القفز على المصالحة الوطنية لإغلاق هذا الملف مشيرا إلى أن ميزانية الدولة تضررت من رجال الأعمال الذين استفادوا من تعاملهم مع النظام السابق وتهربوا من القيام بواجباتهم الجبائية. ولفت الزواري إلى ضرورة عدم الزج بهذا الملف في اللعبة السياسية والتعامل معه بشفافية حتى وإن كان الاقتصاد يحتاج عودة رجال الأعمال الواقعين تحت طائلة أحكام قضائية ، مؤكدا على أن يكون القانون صارما في هذا الشأن قائلا «لا يمكن وضع رجال أعمال ممن يعملون في كنف الشفافية وغيرهم من المتحيلين على القانون في خانة واحدة» فك الحصار ضروري في المقابل دعا رجل الأعمال محمد فريخة إلى فك الحصار عن رجال الأعمال والاستفادة من المصالحة بتشجيع المعنيين بهذا الملف ممن لهم أرصدة بنكية في الخارج على تحويلها إلى تونس وضخ هذه الأموال في الاقتصاد التونسي مقابل دفع رجال الأعمال المورطين في قضايا التهرب الجبائي للخطايا الموظفة عليهم مستشهدا بالتجربة المغربية في هذا المجال والتي وفرت للمغرب مليار دولار. وأعتبر فريخة أن مناخ الأعمال في تونس لا يشجع على الإستثمار ولا يخدم مصلحة الإقتصاد الوطني داعيا إلى مراجعة القوانين والإسراع بالمصادقة على مجلة الإستثمارات وبقية القوانين ذات الصبغة الإقتصادية المركونة على رفوف المجلس لفسح المجال أمام المستثمرين التونسيين أو الأجانب للإنتصاب في المناطق الداخلية . المساهمة في مجهود التنمية في السياق ذاته يرى منصف السلامي أن الدولة يمكنها أن ترفع تحجير السفر عن رجال الأعمال الذين تتعلق بهم قضايا ذات طابع جبائي مقابل تعهدهم بالمساهمة في مجهود التنمية وبناء مشاريع صحية أو طرقات لفائدة الدولة . وقال السلامي إن هذا الإجراء معمول به في العديد من دول العالم مشيرا إلى أن المصالحة مع رجال الأعمال ستمكن الدولة من موارد جبائية هامة وأن عودة رجال الأعمال إلى الاستثمار الداخلي سيقدم رسائل ايجابية للمستثمرين الأجانب الذين يترقبون ضمانات من الدولة للعودة إلى تونس. وأكد السلامي أن مثل هذه الوضعية طرحت في عهد بورقيبة وقد تم حلها بعد مطالبة رجل الأعمال المورط في تلك الفترة بتسوية وضعيته تجاه الدولة ببناء منشآت عمومية بقيمة الأموال المتخلدة بذمته. حلول قانونية للصلح مبادرة رئيس الجهورية الباجي قائد السبسي لحسم ملف رجال الأعمال أعاد إلى الذاكرة الحل القانوني الذي تقدم به أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد منذ قرابة 3 سنوات وذلك بإبرام صلح جزائي مع رجال الأعمال الممنوعين من السفر على أن يقع ترتيب رجال الأعمال ترتيبا تنازليا من الأكثر تورطا إلى الأقل تورطا ثم يتم إبرام عقود معهم في إطار صلح جزائي وذلك بإنجاز مشاريع في الجهات المحرومة ويتم ترتيب الولايات في تونس ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا ويتولى رجال الأعمال الأكثر تورطا بناء المشاريع التي تتطلبها هذه المناطق على غرار المساكن والمستشفيات والمؤسسات التعليمية . ويشار إلى أن قائمة رجال الأعمال التونسيين الممنوعين من السفر ضبطت بعيد الثورة إبان حكومة محمد الغنوشي بهدف تهدئة غضب الشعب التونسي حيث انطلقت القائمة ب 2000 رجل أعمال تم اتهامهم بقضايا فساد لينخفض العدد إلى 400 رجل أعمال وفي آخر التطورات أصبح عددهم بين 70 و 80 شخصا وهو ما يثير العديد من نقاط الاستفهام حول التسويات التي تمت سابقا.