أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    بنزرت: ماراطون "تحدي الرمال" بمنزل جميل يكسب الرهان بمشاركة حوالي من 3000 رياضي ورياضية    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    هذا هو المهندس على بن حمود الذي كلّفه الرئيس بالموضوع البيئي بقابس    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    تونس تحتفي بالعيد الوطني للشجرة في ضوء جهود تشاركية لرفع نسبة الغطاء الغابي وحماية التنوع البيولوجي بالبلاد    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسن حسن (الخبير الاقتصادي والمالي ورئيس كتلة «الاتحاد الوطني الحرّ» في مجلس نوّاب الشعب) ل«التونسية»:لا يمكن تطوير الاستثمار في غياب نظام مالي سليم
نشر في التونسية يوم 22 - 04 - 2015

تراجع الإنتاجية يعني تدنّي تنافسية المؤسّسات والاقتصاد
التّوريد من أوّل أسباب ارتفاع الأسعار
لابدّ أن تقابل الزيادات في الأجور هدنة اجتماعية وخلق الثّروة
لا إصلاح للصناديق الاجتماعية دون الترفيع في سنّ التقاعد
حاورته: صباح توجاني
يتميّز السيد محسن حسن الخبير في دنيا المال والاقتصاد بقدرته على تشخيص الوضع الاقتصادي وتبسيط مفرداته التقنية بفضل إطلاعه الدقيق على المؤشّرات الاقتصادية بحكم تخصّصه واهتمامه بالإسهام في إيجاد حلول عملية للقطاعات الاقتصادية الحيوية التي ما انفكت تشهد انحسارا وتراجعا على مستوى لغة الأرقام.
ويربط ضيف «التونسية» بين عودة الاستثمار وتراجع المطلبية والإضرابات واستتباب الأمن ووضع استراتيجية واضحة لتنفيذ إصلاحات «موجعة ومؤلمة» وإعادة النظر في المنظومة التكوينية الشاملة بما يستجيب لحاجات السوق ويساهم في خلق مواطن شغل إضافية وبالتالي خلق موارد للثروة.
قال محسن حسن في بداية حواره مع «التونسية»:
«تعيش بلادنا وضعا اقتصاديا واجتماعيا حرجا على أكثر من صعيد حيث تتجسّد مظاهر هذه الأزمة من خلال عدة مؤشّرات:
أوّلا، التوازنات المالية للدولة، فهناك عجز على هذا المستوى ناتج عن ارتفاع نفقات الدولة، وفي المقابل تراجعت مواردها التي ولئن سجلت «تحسّنا بفضل الموارد الجبائيّة، فإن عائدات قطاع الفسفاط لا تزال دون المأمول، أيضا مساهمات المؤسّسات العمومية في تراجع كبير ومحيّر خاصة أنّ عجز الخمسة وعشرين مؤسّسة عمومية الأولى فاق 3500 مليار في حين أن النفقات لا تزال في ارتفاع سواء كانت على مستوى كتلة الأجور أو على مستوى ميزانية التصرّف.. بالتوازي مع تراجع نسبة الاستثمار التي تظل دون المأمول.
ثانيا على مستوى ميزان الدفوعات، فاليوم، وللأسف الشديد، تحول العجز في هذا الباب إلى مسألة هيكلية خطيرة على أكثر من صعيد، فالعجز اليوم قارب 14 مليار دينار والسبب هو ارتفاع الواردات من الطاقة أكثر من الصادرات. فعجز الميزان التجاري له خطورة كبرى لأن تمويله يتم بالعملة الصعبة عكس العجز في ميزانية الدولة...
وإذا أضفنا إلى العجز في الميزان التجاري تراجع عائدات السياحة وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتراجع تحويلات التونسيين بالخارج تكون النتيجة ضغوطات على ميزان الدفوعات وهو ما تسبّب في انزلاق الدينار التونسي وتقهقره أمام أهمّ العملات الأجنبية وخاصة أمام الدولار الأمريكي دون أن نتجاهل ارتفاع الدولار على المستوى العالمي مقابل الأورو.
ولهذا التراجع الكبير في قيمة الدينار تأثيرات على المالية العمومية لأنّ قيمة الدَّيْن ترتفع في هذه الحالة من جهة، وله انعكاسات تضخمية لأن أسعار المواد المورّدة ترتفع ولأن تنافسية المؤسّسة تتراجع باعتبار أنّ أسعار المواد الأوّلية والتجهيزات تسجّل أيضا ارتفاعا ملحوظا وبالتالي فإنّ كلفة الإنتاج تتضاعف أيضا...
ثالثا، تراجع نسبة النموّ، والنموّ المسجّل لا يفي بالحاجة لا من حيث خلق موارد الرزق ولا من حيث توفير موارد مالية للدولة.. واليوم تراجع الاستثمار والتصدير وتقلّص المقدرة الشرائية للطبقة الوسطى، كلها مؤشّرات تتسبّب في تدحرج النمو إلى مستويات ضعيفة وخطيرة في آن واحد وغير قادرة على خلق فرص عمل بالمرّة... وهو ما ساهم في تأجّج الوضع الاحتجاجي ومزيد تأزّم الوضع الاقتصادي.
إلى ما يُعْزَى حسب رأيك كخبير اقتصادي ومالي هذا التراجع الخطير لمؤشّراتنا الاقتصادية بصفة عامّة؟
- هذا التراجع على مستوى محرّكات النموّ يعود إلى أسباب متعدّدة، تتمثّل في مناخ الأعمال الذي لم يعد جذّابا بل أصبح أكثر سلبية حيث هناك نظرة سيئة اليوم لتونس كوجهة استثمارية،، ثم إنّ القطاع البنكي، وهنا مربط الفرس، في وضع حرج للغاية من حيث ضعف الحوكمة وارتفاع نسبة الديون المصنّفة وتردّي الخدمات وغياب سياسات تسويقية، ومن حيث ضعف التكوين للموارد البشرية، وهو وضع خطير جدّا لأنه لا يمكّن القطاع البنكي من القيام بدوره الكلاسيكي المتعلّق بحشد الادّخار وتنمية الاستثمار..
فإذا أضفنا إلى مسألة التمويل ضعف النظام المالي وعرفنا أنّ سوق السندات وشركات رأس المال المخاطرة ليس لديها إمكانات وبالتالي لا تقوم بدورها كما ينبغي نرى أنّ منظومة تمويل الاقتصاد عموما هي منظومة قد تآكلت ويلزمها عملية جرالحية عاجلة وتستوجب بذل جهد كبير على مستوى التشريع والرسملة وتكوين الرأسمال البشري وانفتاحها على الخارج.
دعوت في حوارات سابقة إلى ضرورة إيلاء عناية خاصة بآليات وسبل الرفع من الإنتاجية... هل بمقدورنا القول بأنّ إنتاجيتنا تحسّنت اليوم؟
- بالعكس ما نلاحظه اليوم، للأسف، هو تراجع رهيب في نسبة الإنتاجية، فالمستثمرون الكبار عندما يحدّدون وجهتهم ينظرون بعين الاعتبار إلى المردودية المحتملة ونسبة الإنتاجية المسجّلة في القطاعات الحيويّة، واليوم تشير آخر إحصائية للبنك الدولي إلى أنّ إنتاجية العامل التونسي في القطاع الصناعي والصناعات المعملية قاربت مستوى الإنتاجية في القطاع الفلاحي، واقتصاديا هذا مؤشّر خطير.
ولا ننسى في باب الإنتاجية أحد أسباب تدهورها وأقصد الإضرابات والاعتصامات والمطلبية الملحّة، أضيفي إلى ذلك انتشار الفساد والرشوة وغياب منظومة تشريعية للاستثمار وفق مجلة تشجيع الاستثمارات لعام 1993 في حين أن الدول المنافسة طوّرت تشريعاتها مرّات ومرّات وجدّدت ميزاتها التفاضليّة...
فالميزات التفاضلية لبلد ما، لا يجب أن تظل جامدة لسنوات متتالية، كنا في السابق نعتمد على الرأسمال البشري أي اليد العاملة كميزة تفاضلية والآن هذا غير ممكن في ظل هذا الوضع،،
إذن بالإضافة إلى المنظومة الجبائية التي تظل مصدر قلق وغياب العدالة الجبائية رغم الخطوات التي قُطِعَتْ، هناك مسألة بطء الإجراءات الإدارية التي تشكّل إعاقة حقيقية لدعم الاستثمار... فمن غير المعقول أن تظل آجال خروج شاحنات التوريد أو التصدير من ميناء رادس من أبطإ الاجال في العالم بأسره وذلك مقارنة بدول منافسة.
هناك معطى آخر يتعلّق بضعف البنية التحتية الاتصالية خاصة في المناطق الداخلية، فكلفة الاتصالات في بلادنا تصل إلى 20 مرّة ضعف كلفة الاتصالات الخارجية بتركيا...
ولا ننسى أنّنا نفتقر إلى يد عاملة ذات تكوين جيّد ومُتعدّد، فمنظومة التربية والتكوين هي منظومة مُهترئة وضعيفة وغير ناجعة... فمراكز التكوين المهني تخرّح كل عام كفاءات لا تحتاجها سوق الشغل، هناك هوّة حقيقية وشاسعة بين ما تنتجه الجامعات التونسية ومراكز التكوين وما تحتاجه السوق المحلية... إلى جانب الأسباب الأمنية التي لا تخفى على أحد كتكرّر الأعمال الإرهابية وخاصة منها عملية المتحف الوطني بباردو واستهداف السياح الأجانب.
فالشرط الأساسي لتطوير مناخ الأعمال هو توفّر عامل الاستقرار الأمني الذي يحارب الإرهاب ويمكّن المستثمر والفاعلين الاقتصاديين من التعامل والتعاطي بكل أريحية..
هذا تشخيص شامل للوضع الاقتصادي الذي نشهده منذ سنوات، ولكن الوضع ازداد تأزّما بعد واقعة باردو...
- تداعيات العملية الإرهابية بباردو على الاقتصاد الوطني، وبالرغم من أنّني من دعاة تفادي إرباك المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي المحلّي ومن أكبر المطالبين باستثمار هذه العملية الجبانة إيجابيا من منطلق إيماني بضرورة النظر إلى النصف الملآن من الكأس ووجوب الاستناد إلى سياسة اتصالية تقوم على أساس تحويل هذه المخاطر إلى فرص لا تمنع من تجاهل تأثيرها على سياحتنا واقتصادنا عامة. وتفاؤلي لا يمنعني من أن أكون واقعيا وأن أقول إن للعملية عواقب وخيمة على السياحة مثلا، فهو قطاع هش ويعاني من إخلالات ظرفية وهيكلية على مستوى تداين القطاع والهشاشة المالية للمؤسّسات التي لا تترك لأصحاب الشركات هامش تحرّك يُخوّل لهم النجاح في إدارة هذه المخاطر وتجاوزها.
فهذا القطاع الذي يعاني من خسائر على مستوى باب منظمي الرحلات وضعف السياسة التسويقية وقلة تنوع المنتوج السياحي مقارنة ببلدان منافسة لنا، وتهرّؤ منظومة التكوين السياحي وعدم نجاعة برنامج التأهيل السياحي الذي انتهى وقد زادته ضربة باردو الإرهابية هشاشة ولكن الأمل لا يزال قائما شرط إرساء سياسة اتصالية واقعية تحوّل هذه المخاطر إلى فرص حقيقية أسوة بإسبانيا التي عرفت منذ سنوات عديدة عمليات إرهابية خطيرة ولكنها أصبحت الوجهة السياحية الأولى في العالم بفضل حنكة واضعي سياستها التسويقية.
أيّة حلول للنهوض بالقطاع السياحي الذي يشكل مصدر رزق مئات الآلاف من التونسيين ومورد مداخيل أساسية لاقتصادنا؟
- حلول عديدة أوّلها سياسة اتصالية تسويقية ثم التركيز على السياحة المغاربية والداخلية لإنقاذ الموسم الذي نقف على أبوابه.
ثم هذه مناسبة لفتح الملفات الحقيقية للقطاع السياحي، خاصة أنّ الكفاءات والخبرات موجودة إلاّ أنّ الجرأة السياسية هي الركيزة وهي المنطلق لدفع العارفين بالقطاع نحو البحث عن حلول عاجلة وأخرى آجلة لسياحتنا، بالتوازي مع انطلاق برنامج وطني لتأهيل القطاع بما في ذلك وكالات الأسفار.. وهذا البرنامج يمكن أن يبدأ العمل به اليوم ويشمل جوانب مالية وأخرى غير مالية.
المستوى الثاني لتداعيات الضربات الإرهابية يتعلق بالاستثمارات الخارجية في تونس والتي زادت في التراجع، الحل يكمن في ضرورة توفّر الجرأة السياسية الحقيقية لاعتماد إصلاحات قد تكون موجعة ومؤلمة لإعادة هيكلة الوضع الاقتصادي وإنقاذه.. والهدف هو تحقيق التوازنات المالية واعتماد نمط تنموي جديد يقوم على الاستثمارات الحقيقية في القطاعات ذات المحتوى التكنولوجي المتطوّر وذات التوجه التصديري والتشغيلي المرتفع، وهو نمط يتطلّب وفاقا وطنيا واسعا وسياسات قطاعية جديدة وواضحة... وهو ما نفتقر إليه صراحة...
ولابدّ من إصلاح مناخ الأعمال، فلا يمكن أن نضع أهدافا لتطوير الاستثمارات الداخلية والخارجية في ظل غياب نظام مالي ومصرفي له مرتكزات سليمة.. ولا يمكن إصلاح مناخ الأعمال في ظل غياب منظومة تشريعية مناسبة.. لابدّ من شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والقطاع العمومي.. لابدّ من أن تكون لدينا صناديق اجتماعية متوازنة وغير خاسرة ولابدّ أن تكون للحكومة الجرأة لتقول بأن إصلاح الصناديق الاجتماعية يمرّ بالضرورة بالترفيع في سنّ التقاعد إلى 62 عاما على الأقل...
سوف لن أملّ من تكرار دعوتي إلى إعادة الاعتبار لقيمة العمل، فنحن شعب ينقصه حبّ العمل وتقديسه حتى ترتقي مردودية مؤسّساتنا وتتضاعف إنتاجيّتها لترتفع بذلك المزايا التفاضلية لبلادنا ويعود المستثمرون للانتصاب هنا وتزدهر مؤشّراتنا الاقتصادية وتنمو ويبتعد عنّا الكسل والتراخي واللهث وراء المطلبية.
اليوم كلّ المؤشّرات الاقتصادية تدلّ بما لا يدع مجالا للشك أن هناك تراجعا محيّرا للإنتاجية في تونس بما يعني تدنّي المقدرة التنافسية للمؤسّسة وللاقتصاد الوطني وهو ما يدلّ أيضا على تراجع المقدرة الشرائية للمواطن وبالتالي المزيد من تآكل الطبقة الوسطى والكثير الكثير من الصعوبات الاقتصادية واختلال التوازنات المالية، وهذه الوضعية نحن جميعا متضرّرون منها.
ما الحلّ إذن ؟
- الحلّ الأمثل في اعتقادي هو القبول ولو بزيادات رمزية ولكن لابدّ من العودة إلى العمل وتحقيق هدنة اجتماعية لا تدوس على حقوق العامل وضعاف الحال وفي الأثناء تعود الإنتاجية وخلق النموّ والثروة التي نتقاسمها بعدل بين كافة أفراد الشعب التونسي.
أمّا الآن، وطالما أنّ نسبة الإنتاجية متدنّية وضعيفة، فسنظلّ نتقاسم الفقر والخصاصة.
بوصفك رئيس الكتلة النيابية لحزب «الاتحاد الوطني الحرّ»، المشارك في الحكم، ما هي أولويات حكومة الحبيب الصّيد من منطلق مقترحات الاتحاد في المجال الاقتصادي؟
- أوّلا أولوية الحكومة العمل على المستوى الأمني لأنه لا يمكن الحديث عن الاستثمارو لا عن خلق النموّ ما لم يتحقٍّ الحدّ الأدنى من الاستقرار الأمني والنجاح في محاربة الإرهاب وهو أمر يقتضي توفّر وإرساء الوحدة الوطنية، يقتضي التجميع لا التفرقة.. كما يقتضي الأمر إعطاء أولوية مطلقة على مستوى نفقات الدولة لدعم قواتنا المسلحة وقوات الأمن الداخلي.. وهذا أكثر من ضروري.. إذن دور الحكومة هو دعم الجهاز الأمني حتى يستتبّ الأمن.
التحدّي الثاني هو على مستوى الاستقرار الاجتماعي أو السلم الاجتماعي الضروري دون إفراط ولا تفريط.. اليوم تدفع الحكومة والمجموعة الوطنية بزيادات في الأجور وفي المقابل لابدّ أن تطالب بهدنة اجتماعية لسنوات متتالية حتى نتمكّن من العودة إلى العمل ومن التركيز على خلق الثروة.
ثالثا على مستوى الأسعار وهي أولوية مطلقة أيضا خاصة أن ارتفاع الأسعار من أسباب تراجع المقدرة الشرائية وتآكل الطبقة الوسطى وما قامت به الحكومة في هذا الباب إلى اليوم هو أمر جيّد ولكنّه يظلّ حلاّ على المدى القصير والحلّ الأمثل والأنسب هو أن نحقّق استقرار الأسعار من خلال الحلول التالية: أوّلا الترفيع في الإنتاج وتوفير المزيد من العرض استنادا إلى قانون العرض والطلب، والضرب على أيدي المحتكرين وتأهيل مسالك التوزيع وتجريم البيع عبر المسالك غير الرسمية، والسعي إلى التحكم في كلفة الإنتاج خاصة على مستوى المواد الفلاحية.. فلابدّ من دعم مياه الري وأسعار البذور وأسعار المحروقات لفائدة الفلاحين والتخفيض في الكلفة... والقضاء نهائيا على معضلة التهريب والحدّ من التوريد الذي قد يحلّ المشكل نسبيال ولكن ونظرا لتراجع قيمة عملتنا الوطنية فإنّ التوريد أضحى من أوّل أسباب ارتفاع الأسعار ببلادنا...
الأولوية الرابعة، الانطلاق بكل سرعة وجرأة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تحدّثت عنها سابقا.
فحكومة الحبيب الصيد هي نتاج انتخابات نزيهة قال الشعب كلمته من خلالها، عليها اليوم أن تنطلق في تنفيذ الإصلاحات، ولذلك أدعو كل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلى دعم هذه الحكومة ومنحها فرصة للعمل وتنفيذ إصلاحاتها الهيكلية والظرفية لأنه بدون هذا الدعم من طرف القوى الفاعلة في البلاد ستتواصل نفس المشاكل، ولذلك لابدّ من منحها الفرصة خاصة أنّها حكومة تضمّ كفاءات عديدة في مجالات مختلفة نعتزّ بها.
هل ندمت اليوم بعد أن قدمت طلب الإعفاء من تكليفك بوزارة السياحة؟
- لقد طلبت إعفائي من الإشراف على وزارة السياحة صلب حكومة الحبيب الصيد الأولى سعيا منّي إلى تسخير وقتي وجهدي لتطوير العمل الحزبي صلب «الاتحاد الوطني الحر»... ولكن أقولها صراحة أنّني تمنّيت أن أكون ضمن الفريق الحكومي للحبيب الصّيد على أمل أن أقدّم الإضافة لبلدي بكل الصدق والوطنية اللذين أحملهما في داخلي... عموما أنا على اقتناع بأنه مهما كان الموقع، فإن الأهم هو خدمة البلاد والعباد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.