جدل كبير وردود فعل عنيفة رافقت لقاء القمة بين النجم الساحلي والترجي الرياضي تمحورت أساسا حول مردود الحكم الدولي سليم بلخواص والتشنج بلغ ذروته لدى أوساط النجم الساحلي الذين رأوا في عدم إعلان بلخواص عن ضربة جزاء لفائدة يوسف المويهبي ضربة موجعة للفريق قد تقلّل من حظوظه في الظفر بلقب البطولة. ومردود سليم بلخواص لم يرتق إلى مستوى الامتياز وكان في بعض الأحيان متذبذبا ولكنه لم يكن كارثيا فإعلانه عن ضربتي جزاء لم يكن صائبا وتغافله عن ضربة جزاء لفائدة النجم لم يكن في محله خصوصا وأنه كان قريبا من العملية ولكنه أساء التقدير وهذا جائز في مباراة كرة قدم حتى وإن كانت عواقبه وخيمة كما أنه لم يقص لاعب النجم فرانك كوم بعد اعتدائه على هاريسون أفول أمام عينيه في حين يبقى عدم إقصاء اليعقوبي في مخيلة محللي التلفزات لأنه لم يكن آخر مدافع. هذه الأخطاء لا ينكرها سليم بلخواص الذي اختار الصمت ورفض التعليق على تصريحات مسؤولي النجم وقال في هذا الصدد : « ليس لي ما أصرح به فأنا منضو تحت لواء إدارة التحكيم وجامعة كرة القدم وإذا لزم الأمر أن أتحدث فذلك لا يكون سوى للهياكل التي أعود لها بالنظر». إننا لا ندافع عن سليم بلخواص بقدر ما ندافع عن مبدإ وهو أن مستوى التحكيم التونسي ليس سوى مرآة ناصعة لمستوى كرتنا ولاعبينا ومدربينا ومسؤولينا فنحن لنا الحكام الذين نستحقهم. فهل نطلب من حكامنا أن يكونوا ممتازين ولا يرتكبون أخطاء والحال أن مستوى كرتنا رديئ جدا من جميع النواحي تنظيميا وفنيا وأخلاقيا وإداريا ؟ الحل في عودة « الاستعمار» ؟ في خضم ما جرى فإن اللاعب المهاجر الدولي السابق منجي بن ابراهيم الذي كان شبه متأكد أن الحكم أراد إنهاء اللقاء بالتعادل، وجد الحل ونصح به إدارة التحكيم والجامعة ويتمثل الحل في الاعتماد على الحكام الأجانب رغم اعترافه أنهم قد لا يكونون أفضل من الحكام التونسيين. بعد أربع سنوات من إقصائهم من بطولتنا ها أن بعض الأصوات تنادي بعودة الأجانب إليها وإعادة الاستعمار بالرغم أن الجميع يشهد أنهم عاثوا في كرتنا فسادا في السابق ولكن يبدو أن ذاكرة بعضهم ضعيفة. إن عودة الأجانب هي دعوة لعودة الاستعمار وهي دليل على مركب النقص لدى التونسيين الذين يعتقدون أن «المستورد» أفضل من المحلي ويعود ذلك لعدم الثقة بالمحلي، فالتونسي متهم حتى تثبت براءته والأجنبي بريء حتى تثبت تهمته. من سنختار من الأجانب ؟ لعله يكون ذلك الحكم الذي حرم نادي موناكو من ضربة جزاء ضد جوفنتوس في لقاء ربع النهائي لكأس رابطة الأبطال الأوروبية ؟ هل شاهدتموه كيف غض الطرف عن عرقلة مهاجم موناكو في عملية أوضح من عملية المويهبي ؟ هل قامت الدنيا ؟ أبدا. على الجميع أن يعي أنه في مثل هذه الظروف والمتشنجة والعصيبة فإنه لا أحد سيكون قادرا على إرضاء جميع الأطراف والجامعة تدرك ذلك جيدا وهو ما يجعلها ترفض الرضوخ ولا تفكر أبدا في عودة «الاستعمار» التحكيمي لأن مرض كرتنا ليس في التحكيم بقدر ما هو متأصل في العقليات البالية والمتخلفة. لجنة المتابعة تتصرّف بحكمة المهاترات الحاصلة إثر اللقاء لم تؤثر على لجنة المتابعة التابعة لإدارة التحكيم حيث لم تبدو على عجلة من أمرها وتستعدّ لإعداد قرص خاص بالمقابلة والتثبت من كل الحالات التحكيمية الخاصة بها وتتخذ ما تراه صالحا من إجراء سواء بدعوة الحكم لتوضيح بعض اللقطات إن كانت تشوبها شائبة أو طي الصفحة إن رأت أنه ليس هناك ما يستدعي مثول الحكم للإدلاء بتوضيح وهي رسالة مشفرة على كونها تقف إلى جانب حكامها وليست سيفا مسلطا عليهم فيكفي ما يلقوه من تهجّم من قبل كل من هب ودب. هل كان تقديم لقاء الإفريقي والشبيبة سبب البلية ؟ إن فوز النادي الإفريقي بصعوبة على شبيبة القيروان قبل يوم من لقاء النجم والترجي وما صاحبه من تذمّر الشبيبة قبل وبعد المقابلة حول مختار دبوس ( لماذا يصرّ معلقو التلفزة على تسميته بودبوس ؟ ) كان سببا غير مباشر في توتر الأجواء حيث وضع فريقي النجم وبدرجة أقل الترجي أمام حتمية الانتصار وقد ثبت «بالمكشوف» أن ضربة الجزاء التي منحها دبوس للإفريقي صحيحة ولم تكن هدية وتصريح البلجيكي الذي شاءت الأقدار أن يدرّب فريقا عريقا مثل الشبيبة أشعل الأجواء وأجّج المشاعر وبالتالي نتفهّم حالة الشعور بالاستهداف التي كانت لدى فريق النجم. فلو دارت المقابلتان في نفس التوقيت لكان الضغط أقل بكثير على جميع الأطراف.