الإيقافات الأخيرة واقتحام دار المحامي: الدستوري الحر يُبدي موقفه    عاجل/ الممثل القانوني لإذاعة الديوان يتلقى استدعاء للمثول امام فرقة الأبحاث    رئيس الجمهورية يأذن بإحالة ملفات الشهائد العلمية المدلّسة على النيابة العمومية    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    قفصة: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    صادم: سائق 'تاكسي' يعتدي بالفاحشة عل طفل!!    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    كأس تونس: برنامج النقل التلفزي لمواجهات الدور ثمن النهائي    إتحاد تطاوين: سيف غزال مدربا جديدا للفريق    سرحان الناصري : ''تونس بلاد يطيب فيها العيش و دار المحامي ليست حصنا''    المحامي : تم حجز هاتف و حاسوب مراد الزغيدي    قرطاج: القبض على أجنبي من أجل التبشير بالديانة المسيحية    رئيس لجنة الصحة: مشروع قانون المسؤوليّة الطبيّة سيعرض قريبا على أنظار جلسة عامة    عاجل/ حادثة 'حجب العلم': توجيه تهمة التآمر ضد هؤلاء    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    الديوانة التونسية تضرب بعصا من حديد : حجز مليارات في 5 ولايات    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    بطولة فرنسا :تولوز يهزم باريس سان جيرمان 3-1    تصفيات أبطال إفريقيا لكرة السلة: الإتحاد المنستيري يتأهل الى المرحلة النهائية    مصر تسعى لخفض الدين العمومي الى أقل من 80% من الناتج المحلي    عاجل/ قوات الاحتلال تنفذ حملة مداهمات واعتقالات في عدة مناطق بالضفة الغربية..    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية تاريخية    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    صفاقس: فتح تحقيق اثر وفاة مسترابة لشاب بطينة    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    رئيسة لجنة الشباب و الرياضة : ''لم تحترم الوزارة اللآجال التي حددتها وكالة مكافحة المنشطات ''    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    طقس الاثنين: أمطار متفرقة بهذه المناطق    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر الضيفي (عضو مجلس النواب سابقا واللجنة المركزية ل«التجمّع» المحلّ) ل«التونسية»:أطالب بإعادة محاكمة «التجمّع»
نشر في التونسية يوم 25 - 04 - 2015


أطراف لا تريد النجاح لحكومة الصيد
«نداء تونس» ليس حزب الدستوريين
اختراق عائلتي بن علي والطرابلسية التجمّع وهم
حوار: أسماء وهاجر
هل حقق «النداء» أمل الدساترة والتجمعيين في ظل الصراع الدائر اليوم داخله بين شق المسار التصحيحي والشقّ الداعم لشرعية الهيئة التأسيسية وتواصل الجدل حول التوريث؟ وهل حقق أمل التونسيين في الاستقرار؟ ما حقيقة اختراق «نداء تونس» من طرف «النهضة» من إجل إضعافه؟ وهل مثّل «النداء» ملاذا للبعض بعد حلّ «التجمع»؟ ماذا عن خفايا الجلسة الأخيرة في البرلمان يوم 13جانفي 2014 وما دار خلالها من نقاشات ؟هل تخلى التجمعيون عن بن علي في لحظاته الأخيرة؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت موضوع حوار «التونسية» مع السيد الأزهر الضيفي، الناشط السياسي وعضو مجلس النواب السابق وعضو اللجنة المركزية ل«التجمع المحلّ» الذي كشف العديد من الحقائق داعيا كل من يتّهم الدستوريين التجمعيين بالفساد بالتوجه إلى القضاء، معتبرا أن تقييم رواسب الفساد يجب أن يشمل ما قبل 14 جانفي وما بعده، طالبا من الدساترة أن يقوموا بمصارحة في ما بينهم وأن يقيّمون ما كانت عليه تونس خلال فترة حكمهم وبعدها وتأثير الفساد على الأوضاع في المرحلتين.
أنتم متّهمون بالفساد في جميع مجالات الدولة باعتباركم من المسؤولين السابقين في عهد بن علي. ما ردّكم على هذا؟
على كل من يتّهم الدستوريين التجمعيين بالفساد أن يتوجّه للقضاء فهو الفيصل بين التونسيين. لكن قضايا الفساد يجب أن تشمل ما قبل 14 جانفي 2011 وما بعده ويجب تقييم رواسب الفساد ومخلفاته في كل مرحلة. لأنه من حق الشعب أن يعرف حلقات الفساد. وهنا المطلوب من الدستوريين ان يقوموا بمصارحة في ما بينهم وأن يقيّمون ما كانت عليه تونس خلال فترة حكمهم وتأثير الفساد المتهمين به. وأن يصدعدوا بالحقيقة ومن هو المسؤول عليه وابراز المكاسب التي حققوها لهذا الشعب ولهذا الوطن وتضحياتهم من اجل الاستقرار والأمن وتطور البلاد وتقديم تقييم جريء لما حدث لتونس بعد 14 جانفي. وكل من يعتقد أنّ التجمع الدستوري الديمقراطي اختُرق من طرف عائلة بن علي أو الطرابلسية واهم، بدليل أنّه أثناء مناشدة زين العابدين لرئاسية 2014 وجّه بلحسن الطرابلسي رسالة عن طريق الصحافة في 28 سبتمبر 2010 إلى أعضاء اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي للانعقاد في دورة عاجلة لترشيح بن علي لسنة 2014 باعتبار أنّ اللجنة لم تصدر أيّ بيان في هذا الشأن، لكن هذه الرسالة لم تجد صدى.
كنت، بصفتك نائبا، على علاقة بالبرلمان الأوروبي. كيف كان البرلمانيون الأوروبيون ينظررون إليكم في السنوات الأخيرة من حكم بن علي؟
مجلس النواب مرتبط بالبرلمان الاوروبي عبر لجنة تسمى لجنة المغرب العربي في البرلمان الاوروبي وكان آخر اجتماع في دورة مشتركة ببروكسال يوم 24 مارس 2010 التي تم فيها استعراض جوانب اقتصادية وسياسية لبرنامج بن علي من 2009 الى 2014. كان هناك استحسان للجانب الاقتصادي. واقتصرت التحفظات على بعض نقاط البرنامج السياسي فقط. وخلصت الدورة الى تدعيم الخيارات التونسية الاقتصادية ومتابعة المبادرات السياسية عن كثب.
وللعلم فقد تم امضاء اتفاقية شراكة بين كتلة «الحزب الشعبي الأوروبي»، صاحبة الأغلبية المطلقة والتجمع الدستوري الديمقراطي بمقر البرلمان الاوروبي في جوان 2010 إضافة الى انخراط التجمع الدستوري في الاشتراكية الدولية منذ سنة 1989 وكان التعاون معه دوريا وبدون أي تحفظ.
مع كل ما ذكرتموه لماذا إذن اندلعت الثورة من سيدي بوزيد؟
القضية تنموية بالأساس ولا علاقة لها بأي بعد سياسي. وهذه هي الأدلة: ففي سنة 2005 وقع ادراج ثلاث معتمديات من سيدي بوزيد في برنامج المعتمديات ذات الاولوية ومن بين عناصر هذا البرامج التشغيل في القطاع العمومي. وتم التوفّق في ذلك في كل من معتمديتي سوق الجديد و المكناسي. أما في معتمدية منزل بوزيان فقد وقع التخلف عن تشغيل سبعة شبان من جملة أربعين ضمن القائمة التى اختارتها اللجنة الخاصة وفق مقاييس مضبوطة رغم تواصل الانتدابات في القطاع العمومي. وهؤلاء الشبان قاموا بأولى الاحتجاجات وأولى الاعتصامات بسبب إقصائهم بلا موجب تذمرا من المحسوبية في التشغيل بالجهة. ودامت احتجاجاتهم ثلاث سنوات متتالية ممّا خلق حركية احتجاجية على السلطة من طرف حاملي الشهائد العليا العاطلين عن العمل. واثناء انتخابات 2009 التي عرفت اشكالات عديدة في اختيار القائمة بسبب عدم اعتماد الاستشارة الجهوية الخاصة بقائمة «التجمع» في البداية ثم الرجوع إليها نتيجة الضغوط المحلية. برزت تحركات الشباب العاطل عن العمل أثناء الحملة الانتخابية. وأثناء الانتخابات البلدية لماي 2010 ظهر تصدّع بين «السلطة والتجمع » علنا جراء تعيين رؤساء البلديات من بين الثلث المعين للترشح بالقائمة والحال انه تم الاتفاق جهويا على تعيين رئيس البلدية من الثلثين المنتخبين داخليا من منخرطي «التجمع» ليكونوا المرشّحين للقائمة البلدية. واستفحل هذا التصدّع بمناسبة تجديد هياكل «التجمع» بالجهات ابتداء من جويلية 2010 حيث شهد عزوفا عن الترشح لهياكل «التجمع» وأفقد ذلك انتخابات الشُعب الدستورية الإقبال والتنافس خاصة في المناطق الريفية. وهو ما جعل السلطة تفقد مساندة الحزب الحاكم في صمت وبلا ضجيج، وكانت أول صفارة انذار هي العريضة الممضاة من 436 شخصية بين تجمعيين ونقابيين ومستقلين وسياسيين ومعارضين بمعتمدية الرقاب يوم 2 أكتوبر 2010 حول اشكالات عالقة تتعلق بالأمن والتشغيل والماء الصالح للشرب والصحة والطرقات والفلاحة. ولأول مرة تلتقي الأطياف السياسية بما فيها المحظورة في هذه العريضة. ورغم ابلاغ كل ذلك للسلط الجهوية وكذلك إلى أعلى مستوى في الدولة فقد تم تجاهل هذه العريضة. وخلال شهرَيْ نوفمبر وديسمبر 2010، ارتفعت نسبة الجريمة بالجهة نتيجة بيع الخمر خلسة كما تفاقمت حالات الانتحار في صفوف الشباب من اصحاب الشهائد العليا بصفة متزامنة وكان من الطبيعي ان تندلع انتفاضة في اول حدث يقع في مكان عمومي ومن ذلك كانت قضية البوعزيزي. وجاء أوّل بيان صادر عن المجتمع المدني بعد اندلاع الشرارة في اجتماع بالاتحاد الجهوي للشغل يوم 18 ديسمبر تضمن تأكيد ا للأسباب التي أدّت إلى حالة الغليان والاحتقان والمتمثلة أساسا في التهميش والاقصاء الذي طال الجهة بصفة عامة وتفشي البطالة وغياب المشاريع التنموية وضعف مساهمة الدولة في دفع الاستثمار وتدهور البنى الأساسية للمنشآت الصحية والتربوية والثقافية وتهميش المجتمع المدني في صياغة البرامج. وطالب البيان بالتعامل بجدية وحكمة مع الاسباب الحقيقية للأحداث.
بصفتك كنت رئيس لجنة التخطيط والمالية بالمجلس الجهوي بسيدي بوزيد كيف تفسر تهميش الجهة؟
تُعّد لجنة التخطيط والمالية بالمجلس الجهوي ميزانية للاعتمادات المحالة وفق حاجيات الجهة وعادة ما تقع المصادقة على نصفها ويتم اقتراح برمجة المشاريع في لجنة تحضرها كل الأطراف الادارية والسياسية بمختلف الجهات والجماعات المحلية من بلدية ومجلس قروي وتضبط الاولويات في اطار توافق. وما ان تتم مصادقة السلطة المركزية على ما تيسر من مشاريع.. تنطلق الجهة في التنفيذ لكن هناك صعوبات عديدة في استهلاك كل الاعتمادات المرصودة في ظرف السنة المالية اذ لا تتجاوز 70 بالمائة نتيجة بعض الاشكالات العقارية وتغيير وجهة بعض البرامج وعدم جدوى الدراسات وعدم قدرة الادارة الجهوية على انجاز طلب العروض. لكن في السنوات الاخيرة انتهجت الحكومة آنذاك خيار المشاريع التشاركية بمعنى تشريك المنتفعين في تصور ومتابعة انجاز المشاريع العمومية وأذكر هنا بالخصوص مشروع ممول بتمويلات سعودية شمل 43 عمادة من سبع معتمديات وكانت النتيجة إيجابية. لكنه كان خيارا متأخرا ويا حبّذا لو يقع اعتماده من جديد لكن بطرق موضوعية وبعيدا عن التجاذبات الحزبية.
لو طلب منك استحضار ما حدث في آخر جلسة برلمانية قبل خروج بن علي؟ ما هي النقاشات التي دارت يومها؟
شهد مجلس النواب جلسة استثنائية يوم 13جانفي 2014 وهي جلسة دعا اليها رئيس الجمهورية في اطار ما اتخذه من قرارات لمعالجة الوضع. حضرها كل النواب وكان صخر الماطري من أول المتدخلين حيث فاجأ الجميع بنقده اللاذع لطريقة التعاطي الإعلامي مع الأزمة ولمردود بعض هياكل الدولة خاصة في مجال التنمية علاوة على تعبيره عن مساندته لرئيس الجمهورية وغادر القاعة ويبدو أنّه كان على سفر. وتواصلت الجلسة بين مساند للرئيس ومنتقد له. وأمام تطور الاحداث وبشكل عنيف واثر تدخل محرج للغاية لنائبة من القصرين ونائب من سيدي بوزيد و خاصة نائب من قابس ونائبة عن المعارضة، كلفت كتلة التجمع نائبا من بنزرت بدعوة الجيش الوطني للتدخل لمسك زمام الأمور بسرعة نظرا لتدهور الوضع والارتباك في مواجهة الاضطرابات وشعور النواب ببوادر انهيار النظام.
وماذا عن جلسة 7 فيفري 2011؟
هذه الجلسة جاءت بطلب من الوزير الأول لتفويض بعض المجالات لاعتماد المراسيم لمعالجة الوضع الطارئ للبلاد وتيسير الانتقال من مرحلة إلى أخرى خاصة أن الأمر يتعلق بانتخابات رئاسية في ظرف 60 يوما ورأى مجلس النّواب في ذلك تيسيرا للأمر لاتخاذ الاجراءات العاجلة دون المرور بالإجراءات التشريعية التي تتحكم فيها آجال وتراتيب في مستوى قبول القوانين وعرضها على المجلس الدستوري قبل النظر فيها وإحالتها على اللجان والمصادقة عليها وهو ما يتطلب اسبوعين كحد أدنى. وفي هذا الاطار ومساهمة من النواب في تيسير معالجة الأوضاع الطارئة والعاجلة تم التفويض وفقا لأحكام الدستور. ولم تطرح مسألة حل مجلس النواب بعد تشكيل حكومة جديدة بمشاركة مختلف القوى السياسية والاعلان عن انتخابات رئاسية. ومهما يكن من أمر فقد كان النواب على استعداد للانخراط في أي مسار سياسي يمر بالبلاد إلى وضع جديد و يدركون ان انتخابات تشريعية واردة بطبيعتها اثر الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أجل 60 يوما. وكنا قد عبرنا عن استعدادنا لتنقيح سبعة فصول من الدستور للاستجابة للوضع الجديد دون اللجوء إلى دستور جديد. وفعلا، لو حصل ذلك، لتجنبت البلاد كل المآسي التي حصلت من أهمها الانفلاتات المتعددة والارهاب والتدهور الاقتصادي وإهدار المال العام في مزايدات ابتزازية وارتفاع التداين الخارجي المفرط.
لكن يبقى مجلس النواب من المؤسسات الدستورية التي دفعت ضريبة الدم في هذا التحول السياسي رغم حلها بطريقة لا تستند الى منطق قانوني اذ وقع حرق الشهيد منعم الشعباني ليلا وهو نائب عن جهة القصرين بهجوم ما يزيد عن 20 فردا وتوفي بمعهد الحروق ببن عروس يوم 6 فيفري 2013 متأثرا بحروقه كما توفي البرلماني الجيلاني الدبوسي بعد إيقافه ومرضه بالسجن و إطلاق سراحه ساعات قليلة قبل وفاته وهو الذي أودع بالسجن لقضية متعلقة بالصفة المنتخب من اجلها بعدما احرقت أملاكه ومكتسباته.
ما هي خفايا قضية حل «التجمع» خاصة أننا علمنا أنّكم بصدد إثارة موضوعها من جديد للتاريخ؟
«التجمع» وقع حله استنادا إلى الفصول 2 و12 و15 و16 و19من قانون الاحزاب لسنة 88 وذلك بسرعة رهيبة. وتضمن الحكم اخلالات بالجملة. والحال أنه كان من الأنسب أن تكون هذه المحاكمة محاكمة القرن لأنها محاكمة 90 سنة من تاريخ تونس. منها 54 سنة حكم بالإضافة الى ان قضية «التجمع» هي قضية تشمل كل التنظيمات السياسية والمهنية والاجتماعية منذ الاستقلال وحتى قبله. بالتالي أنا أنادي بإعادة محاكمة التجمع لإعادة كتابة تاريخ البلاد الصحيح وتحميل مسؤولية كل طرف في الانجاز أوفى الهدم. وأنّ الاخلالات في هذا الحكم عديدة أوّلها ما جاء بالفصل الثاني من قانون الاحزاب السياسية الخاص بالسيادة الشعبية والمقصود بها الانتخابات. اذ ان هناك قضية عدلية في شأن تزوير الانتخابات ولم يتم البت فيها الى اليوم ان لم نقل أنّ البحث فيها توقّف. لان المجلة الجزائية لا تنص على جريمة الانتخابات. ولأن لجنة الانتخابات للإحصاءالعام بالولاية يترأسها الوالي وقاض معين من وزير العدل وبالتالي أعتقد أنه على القضاء ان يراجع نفسه في هذه العملية قبل توجيه التهم الى الحزب ورغم ذلك أقرّت المحكمة بمسؤولية «التجمع» في ذلك قبل صدور أحكام القضية المنشورة. أما في ما يخص الفصل 12 فقد كان حريا بالمحكمة ان تثبت الاخلال بهذا الفصل بالنسبة لكل الاحزاب وكان حريا بمسؤولي «التجمع» آنذاك اثبات عكس ذلك لو كانت لهم حرية النفاذ الى وثائق التجمع للاستظهار بها. وللعلم ان المحكمة برّأت «التجمع» والتجمعيين من استعمال العنف في الاحداث كما ان عدم قيام المكلف العام بنزاعات الدولة بهذه القضية يوحي بعدة اشكاليات منها عدم رفعه للقضية وعدم تكليفه محام والحال ان وزير الداخلية هو عضو حكومة وقضايا الحكومة يتعهد بها المكلف العام بنزاعات الدولة. علما أنّ قضية تمويل «التجمع» التي أدين فيها واعتمدت في حكم حلّه كانت محور قضية عدلية على حدة شملت عديد الأمناء العامين للتجمع وتم إيقافهم ثم أطلق سراحهم دون الحكم في القضية الى الآن. فكيف يقع اعتماد هذه التهمة والحال أن القضاء لم يحسم فيها بعد؟
أما الفصل 15 الذي يطالب بإشعار وزارة الداخلية في صورة تحوير بقيادة الحزب فالسؤال المطروح، من اتخذ قرار طرد بن علي وبعض أعضاء الديوان السياسي ومن حل الديوان السياسي؟ وهل اتخذت هذه القرارات وفق النظام الداخلي للحزب حتى يحاسب عليه أم هو قرار فوقي بتعلة الثورة؟ وبالتالي هذا القرار لا يلزم الحزب ولا يتحمل مسؤولية الاخلال بإجراءاته بل يعود لمسؤولية من اتخذه، خاصة أن عددا هاما من أعضاء اللجنة المركزية طالبوا بإصلاح الأمر واتخاذ القرارات والقيام بالإجراءات القانونية لكنّهم منعوا من ذلك من قبل الأمين العام آنذاك، وهل كان ذلك بتوافق مع أطراف اخرى ليبقى حزب «التجمع» خارجا عن الإطار القانوني حتى يتسنّى حلّه؟
بصراحة هل تخليتم في هذا اليوم عن بن علي وانت تعلم أن الجميع تبّرأ منه إبّان الثورة؟
ليعلم التونسيون ان الدستوريين هم آخر من التحق بمسار التغيير مع بن علي في فيفري 1988 بعد حركة «النهضة» و«الحزب الديمقراطي التقدمي» والاحزاب المعارضة الاخرى وكان ذلك في قرار اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري في 27 فيفري 1988 تاريخ اتخاذ مشروع قرار تحويل الحزب الاشتراكي الدستوري الى التجمع الدستوري الديمقراطي ريثما يبت فيه المؤتمر. وجاء ذلك بعدما أعطى بن علي مهلة للدستوريين بأن يختاروا الموقف السياسي الذي يناسبهم خاصة أمام دعوة بعض الأطراف الملحّة لإحداث حزب رئاسي.
أما التخلي عن بن علي بعد ظهور بوادر الانهيار، فإنّ التجمعيين الدستوريين هم آخر من تخلّى عنه عند خروجه من تونس رغم الهنّات وتهميش المناضلين الدستوريين بالجهات وبوادر الصراع بين السلطة والتجمع.. لأن خروجه كان صدمة واعتبروا أنه تخلى عن البلاد في لحظات حرجة وتركها لمصير مجهول في حين كان حريا به أن يغادر الحكم بالاتفاق مع مناضلي التجمع لإعداد انتقال ديمقراطي سلس يحقن الدماء.
هل كان حزب «نداء تونس» بديلا ل«التجمّع» وأملا للدساترة ولرجال عملوا مع بن علي؟
عندما أعلن الباجي قائد السبسي عن بعث حزب تمت دعوته من طرف مجموعة من الدستوريين عرفت بمجموعة ال22 وهي التي طالبت بإصلاحات ضرورية في «التجمّع» قبل الاعلان عن إيقاف الحزب عن النشاط بما في ذلك استدراك الشغور الحاصل وتعديل النظام الداخلي وعقد مؤتمر لانتخاب رئيس حزب. هذه المجموعة استقبلت السبسي يوم 4 أفريل 2012 وتساءلت عن موقع الدستوريين في هذا الحزب. فكان موقفه إيجابيا وأكد أن حزبه منفتح على كل الوطنيين و في مقدمتهم الدستوريون شريطة ألاّ يكونوا محل تتبع قضائي وهو ما فتح باب الأمل لإيجاد فضاء سياسي جديد يجمع الطيف الدستوري خاصة بعد تعثر مبادرات التوحيد و الفشل في انتخابات أكتوبر 2011، و قد شرع البعض من الدستوريين في التعبئة والهيكلة. لكن إثر ما شهده هذا الحزب من تجاذبات داخلية استنكف البعض من الدستوريين على الالتحاق به رغم انخراط عدد هام منهم فيه وذلك ريثما تتوضح غايات هذه التجاذبات. وإن بقي «النداء» في فترة معينة حزبا منفتحا على الدستوريين فإنّه لم يكن حزب الدستوريين. وأمام ما عشناه من ارهاصات في الحملة انتخابية في 2014 اختار الدستوريون في معظمهم ان يصوتوا للباجي ولحزبه إيمانا منهم بضرورة ارساء مقومات الاستقرار والأمن في تونس. لكن ما يحدث اليوم من صراعات لا يعكس البتة خلاف الدستوريين مع الروافد الاخرى بل أن الخلاف أصبح بين الدستوريين في «نداء تونس» بحكم معادلة بسيطة.شق منهم في مسار تصحيحي بمعية يساريين ومستقلين والشق الاخر منهم مع شرعية الهيئة التأسيسية وقع انتخابهم بالمكتب السياسي ضمن قائمة تجمع نقابيين ودستوريين ويساريين. وهو ما ادخل الارباك في صفوف الدستوريين الذين صوتوا للباجي ولحزبه ويبقى الحل في هذا الخلاف داخل «نداء تونس» رهين توحيد الصف الدستوري.
يقال ان هناك تردّدا بين الدستوريين في الاقبال على الحزب بسبب إشاعات التوريث؟
المقصود بالتوريث هو نجل الباجي قائد السبسي .لكن هل هو يمثل حقا الشق الدستوري؟ هل كان حافظ السبسي دستوريا قبل احداث «نداء تونس»؟ وهل يقبل الدستوريون داخل «نداء تونس» وخارج «نداء تونس» زعامة حافظ السبسي لهم؟ اعتقد أنّ الأيام القادمة ستحسم هذه المسألة.
وهل أنّ «نداء تونس» في رأيكم مخترق من «النهضة»؟
أظن أنّ «النهضة» لها علاقات متينة مع أطراف من «نداء تونس». وهذا أمر لا يفسد للود قضية. أما أن تكون قد اخترقته من أجل اضعافه فاسألوا من عارض من «نداء تونس» تعيين الحبيب الصيد رئيسا للحكومة.
هل استرجع الباجي هيبة الدولة؟
اعتقد ان الباجي أوّل المؤهلين لاسترجاع هيبة الدولة وهو المحور الاساسي الذي انتخبه الشعب من أجله. لكن الوضع الاجتماعي والأمني لا ييسر هذا المسعى في الوقت الحالي وتبقى هذه الهيبة المنشودة الشغل الشاغل للسلطة التنفيذية.
ما تقييمك لأداء حكومة الصيد؟
هناك أطراف لا تريد النجاح لما افرزته الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014. للأسف، هذه الحكومة اعترضتها مشاكل جمّة منذ تكوينها و لم تتجاوز إشكالاتها إلى اليوم من اضطرابات جهوية واهتزاز الأمن وتفاقم التهريب والارهاب الموجع وانفلات في الحراك الاجتماعي... فالمخرج صعب وموارد الدولة مهتزة والتداين الخارجي يزداد وبشروط مجحفة والحوار متعطل في الأحزاب ذاتها وبين الأحزاب والسند الشعبي لن يرتقي الى ما تتطلبه الأوضاع... وضع صعب وللبلد ربّ يحميه.
كيف ترون المصالحة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية؟
ما فهمته ان المصالحة ستخص بالأساس الجانب الاقتصادي وهو مهم جدا. أما المصالحة بين فئات وأطياف المجتمع التونسي من قديم وجديد فيجب ان تخضع الى خيارات يفرضها واقع اليوم خاصة أن قانون العدالة الانتقالية لا يولي أهمية للمصالحة الوطنية. وتعمّد نبش التاريخ مع توجيه تهمة للنظام القديم دون الايحاء بمحاسبة الجميع من أطراف سياسية متعددة الالوان ومن تنظيمات اجتماعية ومدنية عبر عقود بعد الاستقلال.لأنّ للكل مسؤولية في النجاحات والاخفاقات وان التآمر على الدولة وتصلّب الدولة مسؤولية جماعية عاشتها تونس في عدة مناسبات بعد الاستقلال. اما الشأن الداخلي للدستوريين قبل الاستقلال والذي نصّت عليه العدالة الانتقالية فلا أرى فيه إلّا إثارة نعرات اجتماعية وسياسية تجاوزها أصحابها اذ ان المصالحة بين اليوسفيين والبورقيبيين تمت في عهد النظام السابق بكل المقاييس المطلوبة من ارجاع رفاة صالح بن يوسف وتكريمه سياسيا وشعبيا. واطلاق انهج باسمه بمدن مختلفة من الجمهورية واطلاق اسمه على الشعب الدستورية للتجمع الدستوري الديمقراطي في كل معتمدية والعديد من المؤسسات الثقافية والتربوية وحظيت عائلته برعاية من التونسيين سلطة وشعبا ومن التجمعيين الدستوريين قيادة ومنخرطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.