التونسية (تونس) يستعد النشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي لإطلاق حملات مماثلة لحملة «وينو البترول» تستهدف هذه المرة الإصلاح الضريبي والديواني لمطالبة الحكومة بكشف هذين الملفين المثيرين للريبة حسب الصفحات الناشطة على «الفايس بوك». وتعد هذه النوعية من الحملات شكلا من أشكال التعبير الاجتماعي الذي يعكس الحالة النفسية للمجتمع في علاقة بالواقع السياسي والاقتصادي . ويعتبر المختص في علم الاجتماع الاتصالي «سامي نصر» أن حملة «وينو البترول» أو الحملات المشابهة التي يطلقها نشطاء على شبكات التواصل تنبني عادة على إشاعة يتم تصديقها وتبنيها حتى تتحول إلى حقيقة ثابتة للمنخرطين في هذه الحملات . ويؤكد نصر ل«التونسية» أن هذه الحملات لا تنتقي شرائح اجتماعية معينة باعتبار وأن المنخرطين فيها يمثلون عادة كافة الشرائح العمرية والاجتماعية كما تشمل أيضا وبنسبة كبيرة المثقفين . ويفسّر سامي نصر هذه الظاهرة من الناحية السوسيولوجية بأنها ردّة فعل على الواقع السياسي والإقتصادي الذي يعيشه التونسيون حيث يختار المنخرطون في الحملة التصديق والعيش في وهم يخلقونه بأنفسهم كنوع من الهروب من الواقع الاجتماعي الذي يتسم عادة بكثرة الضغوطات الإجتماعية والمادية الناجمة عن الظرف الإقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد . ويشير المختص في علم الإجتماع الإتصالي إلى أن ثقافة الوهم متنفس لكل المجتمعات والأفراد الذين يعانون من ضعوطات مؤكدا على أن لهذه الثقافة محاسن في امتصاص التشنج رغم أنها مبنية عادة على أشياء زائفة . ويضيف سامي نصر أن لهذه الحملة بعدين بعد تلقائي وبعد مفتعل مشيرا إلى أن البعد التلقائي نتج عن حالة الغموض التي تحوم حول الثروات الطبيعية للبلاد وعجز الحكومة على سن سياسة إتصالية تسمح للمواطن بالحصول على المعلومة الصحيحة والدقيقة التي تحميه من الانخراط في الحملات الواهية المبنية على وهم الثروة التي قد تنزل من السماء والإستثراء السهل في ظل استفحال البطالة وغلاء المعيشة . ردة فعل على النتائج الانتخابية في ما يتعلّق بالجانب المفتعل من هذه الحملات يقول المختص في علم النفس الاجتماعي إنّ جلّ من يقودون هذه الحملة ويسوّقون لها تعرضوا في فترة حكم «الترويكا» إلى انتقادات كبيرة بسبب «فشلهم» في إدارة بعض الملفات رغم محاولاتهم المتعددة للنجاح . ويعتبر سامي بن نصر أن المتأمل في خارطة التحركات الاحتجاجية يلاحظ أن أغلب التحركات تتمركز في المناطق التي لم تصوت للحزب الفائز في الانتخابات وحلفائه وهو ما يؤكد أن هذه الحملات تندرج في إطار ردة الفعل على حملات التشكيك والنقد التي تعرضت لها الحكومات السابقة وقياديوها . ويشير بن نصر إلى أن رغم وجود العديد من النصوص التشريعية التي تمكن المواطن من حق النفاذ إلى المعلومة والاطلاع على الملفات التي يمكن أن يحوم حولها الشك على غرار ملف المحروقات والطاقة فإنّ الاجراءات الإدارية تمنع المواطن العادي من الحصول على مبتغاه مؤكدا على أنّ المشرع يبدع في وضع نصوص قانونية المتعلقة بحق الحصول على المعلومة ويلجمها لاحقا بالموانع التي تحول دون ذلك. وحول طريقة تعامل الجهات الرسمية مع الحملات «الفايسبوكية» وغيرها قال سامي بن نصر إنّ الحكومة تشكو من نقص كبير في سياستها الإتصالية منتقدا اكتفاءها بعكس الهجوم على هذه الحملات دون تقديم أيّة إيضاحات أو معلومات مفيدة وهو ما يمثل مناخا جيدا لانتشار الإشاعة وثقافة الوهم على حد تعبيره.