أعلن منذ قليل الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية حالة الطوارئ في كامل تراب البلاد لمدة 30 يوما، وفقا لقانون 26 جانفي سنة 1978، مع اتخاذ كافة التدابير للتوقي والتصدي للارهاب ، ملاحظا ان هذا القرار اتخذ بعد التشاور مع الحبيب الصيد رئيس الحكومة ومحمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب، مؤكدا على ان تفعيل حالة الطوارى يأتي في ظل المخاطر الجسيمة التي تواجهها البلاد وما يلاحظ في دول الجوار من ارتداد لظاهرة الارهاب. وأوضح رئيس الجمهورية في كلمة توجها بها الى الشعب ان حصول حادثة مماثلة لضربة سوسة الاخيرة سيؤدي لانهيار الدولة، مشددا على أن الخطر مازال قائما وعلى أنه لابدّ لتونس من اتخاذ كل الوسائل المناسبة للتصدي الى ذلك، وانها في حالة حرب تستدعي خوضها بما يلزم من معدات وعتاد خاصة من تعبئة شعبية، معتبرا ان الشعب لم يكن في مضى مستعدا كما يلزم لمثل هذا النوع من الأخطار. وأشار الباجي قائد السبسي الى ان القوات الامنية والعسكرية كانت وستظل في حالة استنفار قصوى ولكن ذلك لا ينفي وجود بعض نقاط الضعف التي بات من الواجب مراجعتها وتداركها حتى يكون التصدي ناجعا. وأشاد رئيس الجمهورية بالتعاون والتنسيق الامني مع الدول الصديقة والشقيقة لمواجهة الارهاب على غرار فرنسا والولايات المتحدةالامريكية والمانيا وخاصة الجزائر والدول التي اعلنت عن استعدادها لمساعدة تونس تقنيا للتصدى لهذه الافة التي تتربص بالبلاد واصفا إيّاها بالعابرة للحدود، مبرزا في المقابل أنّ هذا التعاون يفتقر الى مزيد التنسيق ولخطة موحدة وتابع قائلا: «تونس الدولة العربية الوحيدة التي انتهجت الديمقراطية وارست دستورا توافيقا يحظى بتأييد كبير ولا يتخذ أيّ مرجعية له سوى النظام الجمهوري..ولما نفكر في ناس تقاومنا انطلاقا من الشقيقة ليبيا وهي «داعش» التي تطمح لاقامة الخلافة فان ذلك يشكل انقلابا في الاوضاع..». وأقر رئيس الجمهورية بأن الخلايا الارهابية غيرت من توجهها ومن مواقع المواجهة وأنّها نزلت الى المدن بعد ان كانت تتحصن في الجبال مشددا على ان الوحدات العسكرية نجحت في محاصرة الارهابيين في الجبال وتحقيق انتصارات عدة وتابع قائلا: «صارت لنا عدة حوادث وتعودنا على مقاومة الارهاب بالجبال غير ان خصومنا خرجوا من الجبال وتوجهوا الى المدن وكنا نعتقد ان عملية باردو هي الاخيرة لكن جاءت فاجعة سوسة .. ».. وبيّن رئيس الجمهورية ان اغلب الخطر الداهم هو من الحدود الشرقية التي تمتد على 500 كلم أغلبها صحرواي مع الشقيقة ليبيا معتبرا أنه تصعب مراقبة هذا الحيز الجغرافي بالتقنيات التي تمتلكها تونس، وأنّ ذلك ما يستغله الارهابيون لتهريب السلاح والافراد واضاف في هذا الشأن: «لا نعلم ان كان من حسن الحظ أو سوئه أن تملك تونس حدودا مع ليبيا التي تعاني من غياب الدولة وسيطرة الجماعات المتطرفة.. إضافة الى غياب التنسيق لتأمين الحدود المشتركة..».كما اشار الى تداعيات تداخلات عديد البلدان الغربية والعربية في ليبيا التي تشتغل كل واحدة منها وفقا لاجندتها الخاصة مشيرا إلى أنّ ذلك زاد في تأزيم الاوضاع. كما عرج الباجي قائد السبسي على التحديات التي تواجهها البلاد ولاسيما الاقتصادية التي تستوجب توفير المناخ الملائم لجلب الاستثمار الاجنبي، في ما انتقد بشدة تواتر الاضرابات ومظاهر تعطيل الانتاج والعمل من خلال قطع الطرقات مضيفا في ذات السياق: «اليوم اصبح شعار البعض يا إمّا أن أشتغل أو لا أحد يشتغل.. كثير من الاضربات بعضها مشروع واغلبها غير مشروع وتربك الحكومة.. والبعض يقطع الطريق لمنع مرور المنتوجات المنجميعة عبر نصب الخيام ..هذا الامر فيه عصيان مدني ولابد من مواجهته بكل الطرق حتى لا تتأزم الاوضاع أكثر...». وختم رئيس الجمهورية بتحميل كل الاطراف السياسية مسؤليتها كاملة حاثا الجميع على الوقوف صفا واحدا والتجند للتصدي الى هذه المخاطر بعيدا عن المزايدات بالوطنية، مجددا التمسك بالحريات والحقوق التي يكفلها الدستور والقانون وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير.