الصّيد يتمسّك بمبدإ الكفاءة التونسية (تونس) تتواصل المشاورات حثيثة بين أحزاب الإئتلاف الحاكم ورئاسة الحكومة حول حركة الولاّة والمعتمدين الجدد التي ينتظر الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة. و لئن جاءت هذه التسريبات متوازنة نوعا ما مع الثقل الانتخابي والبرلماني والسياسي للأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم، فإنّ حركة الولاة تطرح أكثر من سؤال خاصة من جانب تفعيل المعادلة الصعبة بين معضلتيْ الكفاءة والمحاصصة الحزبية، بحكم أن الحكومة الحالية هي حكومة سياسية، وفي ضوء تواتر أنباء حول وجود أزمة صامتة صلب الإئتلاف الحاكم قد تخرج أسرارها للعلن قريبا. في هذا الإطار أشارت بعض الجهات إلى أن خلافات وتباينات طبعت كواليس المشاورات بين الأحزاب السياسية المكوّنة للرباعي حول نصيب كل طرف من قائمة التعيينات، فبين متمسك بضرورة توفر الكفاءة وحصوله على أكثر عدد ممكن من الأسماء وبين مشترط لأسماء معينة فقط لتمثيله في الجهات، وآخر يصر على تثبيت بعض الولاة الحاليين في مناصبهم، أو متمسك بأن تكون ولايات معينة تحت تصرف حزبه. نفس المعادلة الصعبة قد تتكرّر في الانتخابات البلدية التي ستشهدها البلاد خلال 2016 على أقصى تقدير. مسألة صعبة «التونسية» طرحت الملف على ممثلي الأحزاب الحاكمة وفي هذا الإطار، اعتبر القيادي في حركة «نداء تونس»، بوجمعة الرميلي، أن مسألة التسميات مسألة صعبة لأنها تتطلب الجمع بين الكفاءة والحياد، موضحا أن الملف يستوجب العمل والتشاور ولا يتنزل بالضرورة في خانة المحاصصة والتجاذب السياسيين. كما أشار الرميلي إلى أن «نداء تونس» قدم قائمة خاصة به حول تعيينات الولاة إلى رئيس الحكومة الحبيب الصيد، ملاحظا أن الصيد يتعامل مع الحزب بصفة رسمية بخصوص الملف المذكور. وتابع بأن حزبه وضع معايير وشروط معينة كضرورة توفر عنصر الكفاءة في حركة الولاة والمعتمدين الجدد، ليتم التثبت في ذلك من طرف رئاسة الحكومة لاحقا. و بيّن أنه لكل من «نداء تونس» ورئيس الحكومة توازناته الخاصة لأن خطة الوالي لا تمثل الحزب السياسي بل تمثل الحكومة. وبخصوص ما يروج حول فرض «نداء تونس» لأسماء معينة لتولّي خطط الولاة، قال الرميلي إن هذا الأمر لا أساس له من الصحة، ملاحظا أن الحديث عن الولاءات الحزبية لا معنى له في الوقت الحالي مقارنة بحكومة «الترويكا»، التي انبثقت عن المجلس التأسيسي الذي كانت مهامه منحصرة فقط في صياغة الدستور وليس في التعيينات والتسميات معقّبا بأن الوضع يختلف اليوم لأن الحكومة الحالية منتخبة لمدة 5 سنوات. أما بالنسبة للانتخابات البلدية، فقال القيادي في الحزب الحاكم إن «النداء» سيترشح بقائماته الخاصة لهذا الحدث، مبينا أن الترشح الحزبي الخاص مبدأ طبيعي في مثل هذه الاستحقاقات ولكنه من الوارد أن تجتمع بعض الأحزاب في كتلة للترشح في قائمة ائتلافية موحدة لخوض الانتخابات البلدية. «فيتو» «النهضة» من جهته، قال رئيس كتلة حركة «النهضة»، نور الدين البحيري، إن حزبه على اقتناع بأن تونس يجب أن تستفيد من كل كفاءاتها الوطنية ومع تعيين كفاءات تستجيب لمنطق التشاور والتعاون واتفق الجميع على جدارتها ونزاهتها وأكّدا أن «النهضة» ضد أية عملية تطهير للكفاءات الوطنية على أسس سياسية أو حزبية أو جهوية أو إيديولوجية وكذلك ضد أية تعيينات لا تقوم على الكفاءة ونظافة اليد وذلك بغض النظر عن الانتماء الحزبي. وعن ترشيح «النهضة» للقيادي الأمني بوزارة الداخلية في عهد علي العريض، اعتبر البحيري لدى «التونسية» أن هذا الأخير من خيرة الكفاءات الوطنية الشابة ومن المشهود لهم بالمصداقية مضيفا أن الاتهامات الموجهة لأسامة بوثلجة والصادرة عن جهات اعتبرها مسيسة غير صحيحة بالمرة مؤكدا أنه لا وجود لأية قضايا عدلية مرفوعة ضدّ هذا الأخير بالمحاكم متمنيا لو كان لتونس الكثير من أمثاله من حيث الكفاءة العلمية والإدارية. أخطاء الماضي أما القيادي في حركة «آفاق تونس»، رياض المؤخر، فأشار إلى أنه ليس بالإمكان إعادة نفس أخطاء الماضي بخصوص مسألة التعيينات مؤكدا على ضرورة تكوين جيل جديد من السياسيين لمجابهة التصحر الذي طبع الفترات السابقة. وأوضح في الإطار ذاته أن خطة الوالي هي خطة سياسية ولكنها يجب أن لا تلغي توفر شرطيْ الكفاءة ونظافة اليد مبينا أنه من الضروري ألّا تقوم تعيينات الولاة والمعتمدين الجدد على الولاءات الحزبية دون توفر الكفاءة والنزاهة، كما يجب أن لا يتم فيها إقصاء الأحزاب. وتابع المؤخر بأن الأحزاب الحاكمة قدمت مقترحاتها في الغرض إلى رئيس الحكومة مشددا على أن الصيد كان واضحا وأنّه ليس بمقدور أي حزب التأثير على خياراته في هذا الصدد وخاصة في ما يتعلق بشرط توفر الكفاءة في التعيينات الجديدة للولاة. وحول ما يروّج حول وجود أسماء تفتقر للكفاءة والنزاهة، بين المؤخر أن الحديث حولها سيكون بعد الإعلان عن التسميات. وبخصوص الانتخابات البلدية، أفاد المؤخر بأن الشعب هو من سيختار ممثليه وأن المحاصصة الحزبية لا أساس واقعي لها، مضيفا بأن الخوض في هذا الموضوع سابق لأوانه. الكفاءة الإدارية من جانبه شدد النائب بمجلس الشعب عن حزب «الاتحاد الوطني الحر»، طارق الفتيتي ، على ضرورة توفر عامل الكفاءة العلمية والإدارية ونظافة اليد في تعيينات الولاة والمعتمدين الجدد، إضافة إلى توفر شرط الإلمام بالعمل الإداري والتنموي من طرف أصحاب هذه المناصب حتى يكونوا في حجم التحديات التي تتطلبها هذه الخطط مؤكدا أن الوالي يجب أن يخدم الدولة لا الحزب الذي ينتمي إليه، حتى وإن كان المنصب سياسيا.