اشتد الوجع واستبد بعشاق النادي الصفاقسي... فاشتعل الغضب واحتقن الوضع الى درجة توحي بأن المستقبل القريب للفريق مفتوح على كل الاحتمالات... اشتد الوجع ولهذا ما يبرره للمتيمين بحب قلعة الاباء والاجداد فالنتائج كانت كارثية بالجملة وعلى كل المستويات ولم تقتصر الخيبات فيها على الفريق الاول لكرة القدم وانما طالت فروعا اخرى ظلت لوقت غير بعيد مفخرة للكرة التونسية والعربية والافريقية ولا سيما فريق الكرة الطائرة الذي بعد ان حقق خماسية كبيرة قبل سنتين تراجع الى الوراء كثيرا وفرط في لاعبيه وانصرف الجمع وتشتت الشمل... بل حتى مفخرة الفريق في الموسمين الاخيرين ونعني بذلك الاصناف الشابة لكرة القدم التي كسبت التحديات وجلبت الالقاب ومولت خزينة النادي سواء بتاج البطولة او الكأس مثلما مولت مختلف منتخبات الشبان باللاعبين الجيدين فإنها تعاني الإهمال الشديد من جانب قيادة الهيئة المديرة وهو ما جعل نائب رئيس النادي المكلف بالشبان ومراكز التكوين سامي الحشيشة وأيضا رئيس فرع الشبان منذر الفخفاخ يقرران رمي المنديل والاستقالة من مهامهما وهي خسارة مضاعفة للنادي تضعف بصيص الامل في امكانية التدارك. غضب الانصار له ما يبرره فالفريق الاول لكرة القدم وهو قاطرة الفريق الذي انجب عمالقة ونجوم الكرة وكسب بطولاته وكؤوسه وألقابه بالتضحيات والعرق السخي وبعد ان حقق نتائج ممتازة محليا وقاريا بدليل تتويجه سنة 2013 بلقب البطولة ولقب الكنفدرالية وبدليل تمويله المنتخب الأول لكرة القدم بعديد اللاعبين المميزين امثال علي المعلول ومحمد علي منصر وفخر الدين بن يوسف والفرجاني ساسي ومن بعد الاخيرين طه ياسين الخنيسي وماهر الحناشي... وبدليل مشاركته لاول مرة في تاريخه في نسخة رابطة الابطال الافريقية لسنتي 2014 و2015 على التوالي... هذا الفريق القوي بطريقة ادائه وبنوعية لاعبيه اضحى اليوم شبحا هزيلا ومخيفا لما كان عليه فريق الامس القريب... نعم حقق الابيض والاسود حصيلة هزيلة جدا لا تستقيم مع ماضيه وتاريخه وامكانياته وقدراته... نعم وبسرعة البرق انقلب حال النادي من مراهن على لقب البطولة الى مصارع وبشق الانفس على المركز الرابع الذي كاد يفقده لصالح ترجي جرجيس واما الفارق في النقاط بينه وبين صاحب اللقب النادي الافريقي ووصيفه النجم الساحلي فإنه كبير وشاسع ولا فائدة في العودة الى الارقام في هذا الاطار... ولو اعتمدنا حصيلة مرحلة الاياب لوحدها في احتساب الموسم لكان النادي الصفاقسي لعب من اجل ضمان البقاء لا اكثر ولا اقل وهو الذي اضاع النقاط الثمينة داخل القواعد وخارجها مع مختلف المنافسين سواء منهم من كان من الوزن الثقيل او من كان من وزن الريشة ومن كان في وزن الذبابة (في رياضة الملاكمة)... اهدار النقاط لم يقل عنه اذلال راية الفريق قاريا فالفريق انسحب في الدور ثمن النهائي من رابطة الابطال الافريقية مع منافس ليست له تقاليد بالمرة في المنافسات الافريقية ونعني به شباب العلمة الجزائري والذي تأهل الى دوري المجموعتين من رابطة الابطال رغم انه نزل الى الدرجة الثانية في البطولة الجزائرية ... ولما تم الحاق الفريق بدوري المجموعتين من كأس الكنفدرالية وهي السابقة التي يعتبر الابيض والاسود فارسها الاول وكان الاحباء يأملون بأن يتدارك الفريق فيها خيباته ويعود الى صولاته وجولاته فإنه خيب الظن وبشدة... كيف لا والفريق لم ينتصر في أي مقابلة بدوري المجموعتين بل انه لم يتعادل سوى في مناسبة وحيدة ايضا وبداخل قواعده مقابل انهزامه في 4 مقابلات مع الزمالك المصري واورلندوبيراتس الجنوب افريقي ذهابا وايابا والحصيلة من النقاط كانت نقطة وحيدة فقط من 15 نقطة ممكنة وهذه فضيحة بكل المقاييس للفريق الذي لطالما شرّف الجهة والوطن قاريا... ومع خسارة النقاط فإن اداء الفريق تكتيكيا كان مهزوزا الى ابعد الحدود بأخطاء دفاعية كبيرة اثمرت عديد الاهداف في الشباك وبخط وسط ميدان بلا فاعلية وبخط هجوم بلا مخالب لم يتمكن من التسجيل في دوري المجموعتين سوى في مناسبتين من ضربتي جزاء... لقد اختفت الكرة السليمة والواقعية التي كان ينتهجها النادي الصفاقسي وظهر التخبط وبان الاخفاق... واختيارات اللاعبين كانت تنم عن الضعف الشديد في قراءة قدراتهم وفي استشراف القادرين منهم على الفعل والافادة ولو بالحد الأدنى... من هنا أصبح أداء النادي الصفاقسي بلا طعم ولا روح ولا لياقة بدنية تحفظ الحد الادنى من ماء الوجه... ويشترك في تحمل هذه المسؤولية الاطار الفني واللاعبون وبدرجة كبيرة جدا الهيئة المديرة التي لم تعرف كيف تحافظ على استقرارية الفريق وإطاره الفني واكثرت من التغييرات غير المدروسة. كما انها فرطت في ركائز النادي في توقيت غير مناسب ومن دون ان تجهز البدائل التي تخفف من تأثير غياب المغادرين... كما لم تقم بالانتدابات المدروسة وفي المراكز المطلوبة حيث لجأت الى الانتدابات الكمية للاعبين في نهاية عقودهم او في نهاية مشوارهم الكروي او المحدودين في العطاء... او انتدبت لاعبين ثقيلي الميزان وهؤلاء عوض ان يخدموا الفريق اصبح الفريق هو الذي يخدمهم ويقلص من اوزانهم ويصبر على شح عطائهم ثم حينما ينادي المنادي «كش مات» يتم إلغاء عقود هؤلاء وبالملايين ايضا مثلما دخلوا الفريق أمنين وبالملايين ولا عزاء للأحباء سوى البكاء وذرف الدموع حزنا على ما آل اليه الفريق من واقع سيء ومصير مظلم الى حد الآن... هذه الانتدابات حصلت ايضا بتأخير كبير في التوقيت والبعض الاخر تم الترويج للتقاعد معهم ولم يأتوا امثال الجزائري محمد امين عبيد كما جاء البعض ولن يستكملوا معهم اجراءات التعاقد مثل هنري بال وجوبينهو واخرين واما اسماء اخرى تونسية اوصى بها البعض مثل خالد العياري وايهاب المساكني واخرين فإنهم لم يجدوا هوى لدى المكلفين بالانتدابات. كما فشل المشرفون على الفريق في ضمان تمديد عقد المهاجم طه ياسين الخنيسي الذي عاد الى الترجي الرياضي وأيضا قلب الدفاع محمود بن صالح رغم حاجة الفريق الى خدماتهما. وإلى حدّ الآن فإنّ التخبط هو الذي يميز عمل من يتحركون في الهيئة المديرة وتحركاتهم غير مدروسة وهو ما دفع الانصار الى اطلاق صيحة فزع كبيرة من اجل انقاذ قلعة الاباء والاجداد من التهميش والتآكل الذي يحصل من الداخل وبأكثر بكثير من الخارج. تابعنا المقابلات السابقة والاخيرة للفريق مثلما واكبنا التمارين وكنا ندرك جيدا ان الوضع الداخلي يغلي كالمرجل مع كثرة النفخ في النار... وبدا لنا المسؤولون وكأنهم في غيبوبة عما يجري للنادي وهذا ما يفسر تماديهم في العناد وغيابهم عن مواكبة تمارين الفريق ومقابلاته وغيابهم عن الانصات لمشاغل اللاعبين والاطار الفني... وكلنا يتذكر كيف سارعت الهيئة المديرة الى الاتصال بالمدرب باولو دوارتي للاحتجاج على تصريحاته التي قالها ذات ندوة صحفية نهاية الموسم وكيف سارعت الى ترتيب ندوة صحفية ثانية بلمح البصر وسرعة البرق لكي يقول خلالها البدوي ودوارتي ان تصريحات المدرب تم فهمها بشكل خاطئ باعتباره لا يتقن الفرنسية ومن هنا اساء التوصيف وتم ترتيب الندوة الصحفية الثانية لتعديل الاوتار والصورة في وقت يعرف فيه الجميع ان ما جرى كان للالتفاف على تصريحاته الاولى التي ازعجت رئيس النادي ومن الى جانبه من مسؤولين... ولأن الهيئة لم تبحث عن تنفيس الضغط ولا عن التقليل من منسوب الغضب المتراكم في صدور عشاق الابيض والاسود فإن الهزيمة المذلة والفضيحة الاخيرة مع الزمالك المصري وبثلاثية افقدت ابناء النادي بقية صوابهم فاشتعل الغضب لديهم واحتقنت الاجواء التي تنذر بأن القادم من الايام مفتوح على كل الاحتمالات... ولئن نال البدوي نصيبا من الانتقادات والشتائم من الانصار مثله مثل رئيس النادي لطفي عبد الناظر وتحميلهما مسؤولية الاخفاقات فإنه سارع الى تقديم استقالته الثانية في ظرف اشهر قليلة لحفظ ما تبقى من ماء وجه في حين اخفى اعضاء الهيئة المسؤولون عما يجري للفريق وجوههم ولم يتجرأ أي منهم على التحدث الى الاعلام لتوصيف ما يجري وطبيعة الخطوات القادمة وحتى اجتماع ما يسمى باللجنة الفنية اول امس الاثنين فإنه لم يتطرق الى استراتيجية العمل المطلوب او مخطط الانقاذ وانما كان اجتماعا استعراضيا تم فيه التطرق الى قبول استقالة المدير الرياضي الناصر البدوي وايضا انهاء العمل والتجربة مع المدرب البرتغالي باولو دوارتي في انتظار ايجاد صيغة تراضي لفسخ العقد والارتباط. كما تم الحديث بخصوص بديل دوارتي عن التوجه الى المدرسة التونسية وخلال الاجتماع تم التطرق الى 3 اسماء وهي عمار السويح وشهاب الليلي ولسعد الدريدي على اساس ان يتم الحسم مع احدها ظهر امس الثلاثاء وهذا ما لم يحصل لتبقى الامور مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها عودة بعض الاسماء الاخرى على غرار لوك إيماييل مدرب الشبيبة السابق ويوسف الزواوي الى جانب حديث عدد اخر عن اهمية عودة التعامل مع ابناء الجمعية من امثال حمادي الدو او نزار خنفير وفتحي الدرقاع... الامور لا زالت ضبابية والاكيد ان الفريق حسب الانصار والغيورين لن يتغير حاله بمجرد تغيير المدرب البرتغالي وبقية اطاره الفني وانما الامر يحتاج الى اعادة بناء باستراتيجية جديدة وبوجوه جديدة متحمسة تنقذ الموقف وتحسن التواصل مع كل مكونات النادي وتعيد الاعتبار لهيبة الفريق التي طالتها يد التشويه ومعاول التحطيم... ويعتقد الكثير من الغيورين ان عملية الاصلاح ليست سهلة وتحتاج الى الانطلاق من نقطة الصفر وعلى انقاض رماد فشل الموسمين الاخيرين مع الاتعاظ من الاخطاء واعادة تقييم الرصيد البشري وتخليصه من اللاعبين الذين لا يمكن ان يوفروا الاضافة للفريق والذين لا ينظرون الى النادي سوى على اساس انه بقرة حلوب وغربلة الرصيد هذه تفترض ايجاد صيغة لفك الارتباط مع عديد العناصر ومنها بعض من تم انتدابه خلال الميركاتو الصيفي الحالي الى جانب منح الثقة لعديد الشبان الصاعدين والواعدين باعتبار ان اصناف الشبان تعج باللاعبين المتميزين كما ان لاعبين أمثال حازم مبارك من ذوي الطموح يمكن ان يكونوا اوراقا رابحة تنفض الغبار عن ركام موسمي الفشل الأخيرين. وللحديث بقية.