التونسية (تونس) حرص المشرّع على تفادي الطّلاق قدر الإمكان، ولذلك أقر بالفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية ان حكم الطلاق لا يصدر إلاّ بعد أن يبذل قاضي الأسرة جهدا في محاولة الصّلح بين الزّوجين ويعجز عن ذلك. ويقوم قاضي الصلح بكل المحاولات الممكنة لإبرام الصلح بين الزوجين بمكتبه، ويقوم القاضي بجلسة صلحية واحدة في حال عدم وجود أطفال أو في صورة الطلاق بالتراضي، وتتكرر الجلسة الصلحية ثلاث مرات في حال وجود قاصر، على أن تعقد الواحدة منها 30 يوما بعد سابقتها على الأقل، ويبذل خلالها القاضي مزيدا من الجهد للتوصل إلى الصلح، ويستعين بمن يراه مناسبا في ذلك. وعلى قاضي الأسرة أن يتّخذ ولو بدون طلب كلّ القرارات الفورية الخاصة بسكنى الزوجين وبالنفقة وبالحضانة وبزيارة المحضون. ويمكن للطرفين أن يتفقا صراحة على تركها كلاّ أو بعضا، ما لم تتعارض ومصلحة الأبناء القصر، ويقدر قاضي الأسرة النفقة بناء على ما تجمع لديه من عناصر عند محاولة الصلح، وتنفذ القرارات الفورية على المسودة وتكون غير قابلة للاستئناف أو التعقيب ولكنها قابلة للمراجعة من طرف قاضي الأسرة، ما لم يصدر الحكم في الأصل، وتقضي المحكمة ابتدائيا بالطلاق، بعد فترة تأمل تدوم شهرين قبل طور المرافعة، كما تقضي في جميع ما يتعلق بآثاره وتحدد مبلغ الجراية التي تستحقها المفارقة بعد انقضاء العدة، وتبت في الوسائل المتأكدة موضوع القرارات الفورية الصادرة عن قاضي الأسرة. وقد أورد المشرع التونسي إمكانية الصلح بين الزوجين بعد صدور الحكم الابتدائي، وذلك أمام محكمة الاستئناف أو حتى لدى محكمة التعقيب. وتقضي المحكمة الابتدائيّة المتعهّدة بالقضيّة ابتدائيّا في دعوى الطّلاق، بعد فترة تأمّل تدوم شهرين قبل طور المرافعة، كما تقضي في كلّ ما يتعلّق بآثار الطّلاق من حضانة الأبناء وزيارتهم ونفقتهم، ونفقة العدة، والغرامة التعويضيّة لمن تضرّر من الزّوجين من الطّلاق. ويخضع حكم الطّلاق لإمكانيّة الطّعن بالاستئناف والتّعقيب مثل كلّ الأحكام الصّادرة عن القضاء المدني، ويمكن للزوجة مواصلة الدعوى القضائية للدفاع عن حقوقها بتقديم ما لديها من ملاحظات ومؤيدات إضافية، كما يمكن لها التراجع أساسا في دعوى الطلاق المقامة من قبلها والرجوع إلى مقر الزوجيّة، إن لم ير الزوج مانعا في ذلك، حيث يجري العمل حاليا على اعتبار أنّ دعوى الطلاق بالتراضي، سواء رفعت إلى المحكمة بعريضة مشتركة بين الزوجين حرّرها عدل تنفيذ، أو بعريضة من أحدهما وصادق عليها الثاني أمام قاضي الأسرة، تعتبر دعوى رضائية جمعت إرادتين، ولا يمكن بالتالي التراجع فيها إلاّ بنفس الشكل، أي أنّه لا يمكن ذلك من قبل طرف واحد، بل لا بدّ من الاتّفاق بين الطرفين معا على التراجع فيها، وتسجيل ذلك عليهما لدى هيئة قضائية، وقد قضت محكمة التعقيب في قرار لها أنّه «إذا اتفق الزوجان على الطلاق ووقع رفع الدعوى من أجله وثبت إصرارهما عليه بجلسة المصالحة وجلسة الحكم فوقع القضاء به ابتدائيا عملا باتفاقهما، فإنّ ما أظهرته الزّوجة بعد ذلك من النّدم واستئناف الحكم مدّعية الإكراه بشهادة البيّنة التي سمعتها محكمة الدرجة الثانية ولم تقدّر شهادتها وأقرّت الحكم الابتدائي، فإنّ ذلك الحكم يكون في طريقه ولا مطعن فيه». التعويض عن الضرر كما تجدر الإشارة إلى أنّ التّعويض عن الطّلاق يستحقّه من تضرّر من الزّوجين، لقاء ضرره المعنوي وضرره المادّي النّاتجين عن الطّلاق، وذلك في صورتي الطّلاق للضرر و الطلاق إنشاء (الفصل 31 من مجلّة الأحوال الشخصيّة). وأكد الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية أنّه في صورتي الحكم بالطلاق بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر، أو بناء على رغبة أحد الزوجين في الطلاق إنشاء، يقضى لمن تضرر من الزوجين بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجمين عن الطلاق، وبالنسبة للمرأة يعوّض لها عن الضرر المادي بجراية عمرية ما لم تختر التعويض لها عن الضرر المادي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة.، إلا أن الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية أقر ضرورة قيام القاضي قبل إصداره حكم الطلاق، بمحاولات صُلحيّة وُجوبيّة بين الزوجين. ويخصّص المشرّع التّونسي المرأة بامتياز إذ يرجع إلى المطلّقة حق اختيار التّعويض عن ضررها المادّي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة أو في شكل جراية عمريّة تدفع لها انطلاقا من انقضاء عدّتها (حيث يتوقّف حقّها في نفقة المعتدّة ثلاثة أشهر بعد صدور حكم الطلاق البات) وذلك بحلول كلّ شهر، وتقدّر المحكمة هذه الجراية بحسب ما اعتادته الزّوجة من مستوى عيش في ظلّ الحياة الزوجيّة (مأكل ومشرب وملبس وسكنى...). كما تراعي في تقديرها سن المطلقة، وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا وانخفاضا بحسب ما يطرأ على حياة المطلّقين من متغيّرات. كما تستمرّ إلى أن تتوفّى المفارقة أو يتغيّر وضعها الاجتماعي بزواج جديد أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية وتصبح هذه الجراية دينا على التركة في حالة وفاة المفارق وتصفّى عندئذ بالتّراضي مع الورثة أو عن طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة. أمّا التّعويض للمطلقة عن ضررها المعنوي، فيكون دائما في شكل رأس مال ويقدّر حسب ما حصل لها من ضرر يتمثل في الحسرة والألم وخيبة الأمل نتيجة الطلاق. إذا توفي الزوج أثناء نشر قضية في الطلاق فهل تعتبر الزوجة مطلقة أم أرملة؟ اعتبرت مجلة الاحوال الشخصية أن دعوى الطلاق دعوى شخصية، وبالتالي، فإنه في صورة وفاة أحد أطراف الدعوى أثناء نشر القضية، يتعذر مواصلة دعوى الطلاق من قبل الوارث وأنه ما لم يصدر حكم بات في القضية فإن العلاقة الزوجية تظل قائمة، وتبقى الزوجة غير مطلقة في هذه الحالة، ولا يمكن إدخال الورثة، وإتمام بقية الإجراءات.