قضايا متعددة نشرت أمام المحاكم في تونس حول الإعتداءات الجنسية بين الزوجين، منها زوجة رفعت شكاية على زوجها بسبب تخديرها والاعتداء عليها بالفاحشة، وعندما أفاقت، قامت بصده، إلا أنه أكمل ما كان بصدد فعله، وقد أكدت الزوجة في دعواها، أن عمليات الاعتداء بالفاحشة تكررت مرارا وتكرارا، مما أدى إلى إصابتها بالعديد من الأمراض. قضية أخرى عرضت على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس، أحيل فيها زوج من أجل الاعتداء بفعل الفاحشة، بناء على شكاية تقدمت بها زوجته متهمة اياه بأنه أساء معاملتها منذ الأشهر الأولى للزواج وبأنه أصبح يطالبها بتمكينه من مواقعتها من غير الموضع الطبيعي للعلاقة الجنسية، وأنه أمام رفضها مثل هذه التصرفات الشاذة، قام بتعنيفها من أجل إشباع حيوانيته الجامحة مشيرة الى أن اعتداءاته تواصلت على امتداد عامين وانه لم يكن أمامها من حلّ سوى الهروب إلى منزل والديها لكن دون ان تعلمهما بالامر حياء منها. امرأة أخرى قدّمت قضية اشتكت فيها زوجها الذي عاد إلى المنزل مخمورا في العديد من المناسبات وعنفها بشدة لرفضها تمكينه من نفسها، ثم اغتصبها. فتاة في مقتبل العمر، اكتشفت خيانة زوجها لها، الامر الذي دفعها إلى مشاجرته، وقيام الزوج «المزطول» بتعنيفها وشتمها ونعتها بأبشع الأوصاف، واغتصابها. ونساء أخريات اخترن عدم التوجه للقضاء، ومقاضاة أزواجهن الذين مارسوا عليهن شذوذهم الجنسي، بعد أن هتكوا كل معنى للحياة الزوجية، أو للعلاقة الحميمية القائمة على الرضا. جريمة إغتصاب ..... دون عقاب دخل الزوج على زوجته بغرفتها وطرحها على الفراش وشرع في مواقعتها غصبا، لكن الزوجة آثرت الصمت عن الحادثة، إلا أن الزوج أعاد نفس العملية وعندها رفعت الزوجة شكوى على زوجها متهمة إياه باغتصابها، قاضي التحقيق أًصدر قرارا بحفظ التهمة في حق الزوج، معتبرا ان الاتصال الجنسي الذي فرضه الزوج على زوجته يدخل في اطار الزواج. أما المشرّع التونسي فقد اعتبر ضمن مقتضيات الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية المنقح بالقانون عدد 74 المؤرخ في 12 جويلية 1993، أنه على الزوجة تمكين زوجها من مضاجعتها، بل و فرض على كل واحد من الزوجين القيام بالواجبات الزوجية، وذلك بصريح النص « على كلّ واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجّنب إلحاق الضرر به، ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة»، وقد اعتبر فقه القضاء التونسي أنه من بين ما يقتضيه العرف والعادة القيام بالعلاقة الجنسية، واعتبر أن من ابرز مقومات الزواج الواجبات المتبادلة بين الزوجين وتحقيق الاتصال بينهما، ومثلما يكون من حق الزوج مواقعة زوجته، كان من حقها ان تطالب قرينها بمواقعتها ولها ان تطلب الطلاق للضرر اذا امتنع من ذلك بدون عذر شرعي. وقد استقر فقه القضاء الفرنسي لسنين على مبدإ عدم معاقبة الزوج الذي يغتصب زوجته، إلا انه بعد تنقيح 23 ديسمبر 1980، قام بثورة حقيقية من أجل حماية المرأة، حيث أًصبح القانون الفرنسي يعاقب الزوج الذي يغتصب زوجته. إتفاقية سيداو المناهضة لكل أشكال العنف ضد المرأة أدانت بدورها بشدة، عمليات الإغتصاب التي تتعرض لها النساء، واعتبرت أن في مواقعة الزوج لزوجته غصبا، جريمة، يجب أن يعاقب عليها. أمّا التشريع التونسي فمازال متأخرا إلى اليوم، ومتخلفا إن صح التعبير، إذ اعتبر أن مواقعة الزوج لزوجته غصبا يأتي في إطار العلاقة الزوجية، وأن من حقه ممارسة الجنس معها، غصبا أو بإرادتها، متى شاء وأين شاء، وإلا ما الهدف من الزواج، واعتبر أن مقتضيات الفصل 227 من المجلة الجزائية والمنقح بالقانون عدد 23 لسنة 1989، المؤرخ في 27 فيفري 1989، والذي نص على أنه «يعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى بدون رضاها في غير الصور المتقدمة»، لا يستقيم ولا ينطبق على من واقع زوجته بالغصب، متناسين أن في ذلك انتهاكا لعرضها ولجسدها ولروحها، وتمزيقا للحياة الزوجية، وجوهر الزواج ومضمونه. شذوذ .... أقر الفصل 228 المنقح بالقانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995، أنه «يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من اعتدى بفعل الفاحشة على شخص ذكرا كان أو أنثى بدون رضاه»، أي أن القانون التونسي أقر صراحة العقوبة السجنية لكل من اعتدى على غيره بالفاحشة، والإعتداء بالفاحشة يختلف في مفهومه عن الإغتصاب، فالإغتصاب هو مواقعة أنثى غصبا، دون رضاها، من الموضع الطبيعي للعلاقة الجنسية، في حين أن الإعتداء بالفاحشة هو الإعتداء جنسيا على ذكر أو انثى، واتيان المعتدى عليه من خلف. فقه القضاء التونسي اعتبر ان مقتضيات الفصل 228 من المجلة الجزائية واجبة التطبيق على حالة الإعتداء بالفاحشة على الغير، حتى لو كان المعتدي هو الزوج نفسه، معتبرا أن مثل هذه العمليات تعتبر من قبيل الشذوذ الجنسي، ولا يدخل ضمن الواجبات الجنسية والزوجية التي نص عليها الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية، وهو ما ذهب فيه فقه القضاء الفرنسي في أحكامه.