التونسية (تونس) بين الإيقافات العشوائية والاختفاءات القسريّة دون تهم ودون محاكمة في السجون العراقية ضاع مصير العديد من الشبان التونسيين بين صفقات سماسرة الإرهاب وتجار البشر ليظل اهاليهم يتجرّعون معاناة قد لا تنتهي ولم يبق لهم غير الرضوخ لابتزاز بعض الإطراف التي تستثري من بيع الأوهام لها أو الوقفات الاحتجاجية كوسيلة ضغط لإيجاد حل عبر القنوات الديبلوماسية. هذا الملف فُتح مجدّدا بعد أن اعتزمت عائلات المساجين والمختفين القيام بوقفة احتجاجية في غضون هذه الأيام عن طريق جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج من اجل كشف النقاب عن مصير أبنائهم. التهم عديدة وفي معظمها ارهابية على القياس ودون دليل وجيه حيث وجه الاحتلال الأمريكي لأحد التونسيين تهمة الدخول خلسة للعراق في 2003 ولم يتم احترام حقوق الدفاع لينال عقوبة بأربع وعشرين سنة سجنا. شاب آخر وهو جامعي التحق بالعراق منذ 2005 لتنقطع أخباره ولا يعرف إن كان حيّا أو ميّتا وهو نفس مصير شاب آخر التحق أيضا بنفس البلد سنة 2007 وظل مصيره مجهولا في حين بقي آخرون معلقين دون تهم واضحة إثر إيقافات تمّت لمجرد شبهة الإرهاب وهم يعانون من وضعيات صعبة جدا داخل السجون كسجن السليمانيّة أو سجن التاجي أو سجن الرصافة وغيرها مما يسمى بسجن أبوغريب أو بفروع غوانتنامو بالعراق في نطاق ما اصطلح على تسميتها بسجون «المالكي». ولعلّ أهم ما يشد الانتباه في قضية المساجين التونسيين بالعراق ظاهرة التعذيب حيث «كشف مركز بغداد لحقوق الإنسان، الثلاثاء الماضي، عن نقل تسعة سجناء من سجن الرصافة في بغداد إلى أحد المستشفيات من جراء التعذيب الشديد الذي تعرضوا له على أيدي مدير السجن وضابط الخفر والقوات الأمنية الموجودة في السجن». وأضاف البيان «أصيب المعتقلون بجروح بالغة جراء الضرب الشديد على مناطق الرأس والبطن والوجه واليدين والرجلين والظهر، بالعصي والمقابض الحديدية والبلاستيكية وأعقاب البنادق. ممّا سبب لهم نزيفاً حاداً وإصابات بالغة في مختلف مناطق الجسم حتى أغمي عليهم جميعاً من شدة الضرب، وعلى إثرها تم نقلهم إلى المستشفى». وأكد مصدر طبي من دائرة الإصلاح العراقية نقل معتقلين من سجن الرصافة إلى المستشفى الداخلي في مجمع الرصافات وهم في غيبوبة تامة، وتبدو عليهم «آثار الضرب واضحة في مناطق الرأس والظهر والرجلين واليدين والوجه». وأضاف المصدر «أن العاملين بسجن الرصافة الذين قاموا بنقل المعتقلين إلى المستشفى الداخلي أخبروهم بأن هؤلاء المعتقلين كانوا قد عادوا اليوم من محكمة الجنايات المركزية، وأنّ المحكمة أصدرت بحقهم أحكاماً بالإعدام، فاستقبلهم مدير السجن وضابط الخفر ومسؤول الشؤون الداخلية ومجموعة كبيرة من قوة الطوارئ والعاملين في السجن بالعصي والمقابض الحديدية والبلاستيكية والسلاسل الحديدية وأعقاب البنادق حتى أغمي عليهم جميعا وبدؤوا ينزفون من كل مكان في أجسامهم». واكد نفس البيان أن السنوات الماضية خلال الحكومتين السابقتين تميزت بانتشار ظاهرة تعذيب السجناء في المعتقلات العراقية بشكل مخيف دفع الكثير من المنظمات الإنسانية المحلية والعربية والدولية إلى المطالبة بالكشف عن حقيقة ما يجري في السجون العراقية. وفي سياق متصل بالموضوع اكد احد الحقوقيين أن «التعذيب أودى بحياة أكثر من 400 معتقل، تكتمت الحكومة على قضاياهم وأغلقت ملفاتهم»، وأضاف «هناك مئات آخرون لم نتمكن من توثيق حالاتهم نظراً للتكتم والتستر الشديد من قبل الحكومة». واضاف «أن ضباط الشرطة والجيش والقوات الأمنية الأخرى والسجانون يستخدمون مختلف وسائل التعذيب البشعة، كتكسير الأطراف وقلع أظافر الأرجل والأيدي بالكماشات الحديدية الخاصة بقلع المسامير، والضرب على الرأس بمقابض حديدية والصعق بتيار كهربائي عالي الشدة والضرب على المناطق الحساسة، وتكسير الأسنان والأضلاع والحرق بالمواد الحامضية وأعقاب السجائر وغيرها من الوسائل المثيرة للاشمئزاز». في نفس الإطار وثّقت منظمات إنسانية أخرى الآلاف من حالات التعذيب في السجون العراقية وتحدثت في إحصاءات نشرتها، تكشف أن المئات من المعتقلين ماتوا تحت التعذيب، وآخرين تم قتلهم بشكل جماعي من قبل عناصر الجيش والمليشيات داخل السجون. وأضاف في ذات السياق رئيس مركز (كَشْف) الإنساني إلى أن «الحكومة تتستر عن التعذيب داخل السجون العراقية وتغلق الباب أمام الصحافة، لكننا تمكنّا من توثيق حالات وفاة لمعتقلين وقعت في عدد من السجون، منها وفاة 97 معتقلا في سجن الكاظمية، توفوا من جراء التعذيب الشديد خلال الأشهر القليلة الماضية».مبينا «لموقع العربي الجديد»أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد المعتقلين المتوفين من جراء التعذيب نتيجة تستر الحكومة على هذه الجرائم، غير أن المئات من المعتقلين في سجون «جرف الصخر» و«ديالى» و«تلعفر» تم قتلهم من قبل القوات العراقية والمليشيات المرافقة لها بعد انسحابها من تلك المناطق إثر معارك مع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».هذه المعطيات سبق وأن أيّدتها صحيفة «لوس انجلس تايمز» فيما يعرف بسجن مطار المثنى حيث بينت أن هناك شكاوى اهالي المفقودين والمختطفين وبعض الادلة على وجود انتهاكات واسعة في زنازين مطار المثنى المهجور والواقع وسط بغداد. كل هذه المخاوف جعلت اولياء المساجين والمختفين يتحركون على أمل قائم في الحصول على تسليم ابنائهم ومعاقبتهم وفق محاكمة عادلة او كشف حقائق اختفائهم او تعيين محامين للدفاع عنهم وهم الموقوفين منذ سنوات بتهم خالية من اية ادلة.