هناك في كرة القدم كما في مختلف الرياضات بوادر ومؤشرات تسمح بإصدار الأحكام وقراءة مصير الأندية، وحين أكدنا منذ حوالي أسبوعين أن مستقبل الترجي الرياضي سيكون أفضل بكثير من حاضره فإن حكمنا كان مبنيا على معطيات ثابتة وواضحة أهمها وأبرزها وأولها التعزيزات الكبيرة التي قام بها رئيس النادي في الميركاتو الصيفي الأخير ودعم بها الزاد البشري حيث أصبحت مجموعة فريق الأكابر تضم عناصرا تملك من المؤهلات والإمكانيات ما يمكّنها من تقديم الإضافة وإحداث الفارق وبالتالي تطوير آداء الفريق وتحقيق النتائج الإيجابية. الترجي في بطولة هذا الموسم وعلى الرغم من الهزيمة التي بدأ بها المشوار - والتي كان يمكن تفاديها لو نجح الجويني في استغلال ضربة الجزاء - هو مغاير تماما لترجي كأس الإتحاد الإفريقي خصوصا من الجانب الهجومي الذي شهد تعزيزات هامة جدا منحته القوة والقدرة على مغالطة أي دفاع وهز شباكه. «الخنيسي» مزعج للدفاعات ... وناجع في منطقة الجزاء أبرز عنصر غيّر الكثير من هجوم شيخ الأندية التونسية هو بدون منازع طه ياسين الخنيسي الذي سجّل إلى حد الآن هدفين وسدد في مناسبتين على القائم مظهرا بالمناسبة نجاعة كبيرة في منطقة الجزاء ومانحا الترجي الرياضي العمق الهجومي الذي اشتكى منه مرارا وتكرارا في الفترة الأخيرة... فريق باب سويقة وجد رأس الحربة الذي كان يبحث عنه وكانت بالتالي عودة هذا المهاجم إلى حديقة الرياضة «ب» من ابرز الصفقات التي أقدم عليها الترجيون في الصائفة الفارطة... الخنيسي لا يتمتع فقط بالنجاعة في اللمسة الأخيرة وحسن التمركز عند استقبال الهجومات والتهيئ لإتمامها من خلال قراءة لا نجدها سوى لدى القناصين بل هو يتمتع أيضا بقدرة كبيرة على التحرك في دفاعات المنافسين وطلب الكرة باستمرار ومنح حلول لزملائه لتنظيم الهجوم بالصفة التي تخلق الخطر وتفتح الطريق نحو الشباك... هذا اللاعب يعتبر من أفضل لاعبي الترجي الرياضي في الجولات الأولى من بطولة الموسم الحالي بل كان أحد صناع الفوز الثمين الذي حققه الأحمر والأصفر يوم السبت المنقضي في واحد من أصعب التنقلات في هذا الموسم وذلك من خلال إنجاز فردي رائع في الهدف الأول الذي غيّر مجرى اللقاء بترويض كرة والتوغل سريعا في نفس الوقت مكناه من فك الحصار الذي ضربه عليه ثنائي محور الدفاع ثم الحصول على ضربة جزاء والتكفل بتنفيذها بنجاح... هذا ما كان ينقص الخط الأمامي للترجي الرياضي وهذا ما اضافه الخنيسي الذي يعد مثلما قلنا من أحسن لاعبي الأحمر والأصفر إلى حد الآن. حلول بالجملة نبقى مع هجوم الترجي الرياضي لنؤكد على معطى هام جدا يتمثل في الزاد البشري الوفير الموجود اليوم في فريق باب سويقة على المستوى الهجومي والذي تجلى على وجه الخصوص في لقائي نجم المتلوي واتحاد بن قردان... في المباراة الأولى كان الثلاثي الرجايبي وبغير وسيسوكو مصدر الخطورة إلى جانب ياسين الخنيسي طبعا وتمكن الرباعي من خلق العديد من الفرص السانحة للتهديف لكن اللمسة الأخيرة كانت غائبة خاصة على مستوى التأطير في التسديد، هذه المباراة أظهرت القيمة الفنية لهؤلاء المهاجمين وهذا ما يفسر احتفاظ المدرب عمار السويّح على نفس الإختيارات في لقاء بن قردان لكن لم يكن الآداء طيبا والسبب يعود على ارضية الميدان التي لا تساعد بالمرة لاعبين يعوّلون على فنياتهم هذا علاوة على بعض التدخلات القوية التي تعرض لها كل لاعبي الترجي الرياضي تقريبا في هذه المواجهة، إذن قلنا أن مردود الثلاثي بغير والرجايبي وسيسوكو لم يكن طيبا في بن قردان فجاءت التغييرات التي شملت هؤلاء اللاعبين وأقحم الإطار الفني المحيرصي والعونلي والرقيعي الذين صنعوا الهدف الثاني الذي اطمأن بفضله الترجيون على الفوز، الأول بتسجيل الهدف والثاني بالحصول على مخالفة خطيرة بفضل فنياته ومرواغة أحد المدافعين والثالث من خلال تنفيذ محكم مما صعب على الحارس التصدي للكرة وأجبره على إعادته وفي مكان استغله المحيرصي كما يجب... الإستنتاج هو أن الحلول متوفرة بشكل كبير في هجوم الترجي الرياضي وبإمكان المدرب عمار السويّح الإستغناء على أي لاعب في أي لقاء دون أن يتأثر الفريق وقد جاءنا الدليل القاطع في المقابلتين الأخيرتين اللتين تغيب عنهما بن يوسف وتمكن الخط الأمامي من القيام بالواجب وصنع فوزي الفريق. «كوليبالي» و«الجلاصي» الثنائي القار في الوسط نعود إلى مباراة الترجي الرياضي الأخيرة في بن قردان لنشير إلى أن فوسيني كوليبالي كان مع الخنيسي من أفضل لاعبي الترجي الرياضي وبان بالكاشف أن الإيفواري يستحق فعلا مكانه كأساسي في وسط ميدان الأحمر والأصفر وينتظر الترجيون عودة الياس الجلاصي لمشاهدة هذا الثنائي جنبا إلى جنب واكتشاف التركيبة الجديدة والقارة التي ستعيد لخط الوسط قوته وخاصة نجاحه في تأمين المهمتين الدفاعية والهجومية على حد السواء وهذا ما يمكن لهذا الثنائي القيام به بفضل فنياتهم وكذلك لياقتيهما البدنية... لقد تغيّر اليوم دور «البيفو» في كرة القدم وأصبحت القدرة على تصعيد الكرة من الخصال الأساسية التي يجب أن يتحلى بها هذا اللاعب خاصة في الأندية «الكبرى» التي تتنافس على البطولات والكؤوس، وعلى هذا الأساس أصبحت الفنيات عنصرا هاما للغاية لنجاح الخط بأكمله وتأمين السرعة أولا والدقة ثانيا في خروج الكرة من المناطق الخلفية ووصولها إلى الأمام لأن السرعة والدقة العنصران بل هما الشرطان الأساسيان لمباغته المنافس وفتح الثغرات في دفاعاته وهذا ما ينقص الترجي الرياضي وهذا أيضا ما يجب ان يكون عليه وسط الأحمر والأصفر حتى يحقق النقلة النوعية التي يخطط لها رئيس النادي من جهة والتي يصبو لها كل الترجيين من جهة أخرى... وعلى ذكر الجلاصي فإنه انضم إلى المجموعة وهو الآن على ذمة الإطار الفني مما يجعل عودته إلى التشكيلة في المقابلة المقبلة ضد الهمهاما مؤكدة. «هلال» كامل الأوصاف لا يمكن الحديث عن انتصاري الترجي الرياضي أمام نجم المتلوي وخاصة أمام اتحاد بن قردان دون إعطاء حق حارس المرمى سامي هلال الذي تميّز بتدخلات ناجعة مائة بالمائة منح بفضلها الثقة لزملائه المدافعين وكذلك لكل أنصار الأحمر والأصفر، حيث تصدّى للتسديدات من كل المسافات وفي الكرات العالية خرج لقص النزاع والخطر وفي الكرات الطويلة في عمق الدفاع لعب دور «الليبيرو» بامتياز ، إذن لا غرابة ولا صدفة ولا حظ في محافظته على عذارة شباكه في اللقائين الأخيرين وكان بالتالي أحد صناع النتيجتين الإيجابيتين اللتين تدارك بهما الترجي الرياضي هزيمته في المرسى. هلال سيكون موجودا يوم الجمعة القادم في مرمى فريق باب سويقة لأنه يستحق ذلك أولا وقبل كل شيء ولأن معز بن شريفية سيخضع غدا إلى كشوفات طبية ستكون نتائجها حاسمة لتحديد موعد انضمامه إلى المجموعة.